قوس القذح السوري….

 سمير  صادق  ,مها  بيطار :

فن الفسيفساء | Wiki | DIY عربي Amino     لم يطرأ على نوعية فئات الشعب السوري ومواقفهم الكثير من التغيير الجوهري في المئة سنة الأخيرة , أغلب الظن أن نوعية  هذه الفئات وتلك المواقف كانت موجودة بشكل كامن أو متمظهرة بمظاهروقعت  تحت عتبة ادراك البعض لها ,الجماعات    تتطور   بشكل لايمكن  ملاحظته  او  اكتشافه   دائما ,    خاصة  تطور القيم   المتجذرة منذ   القدم  في وجدان الناس , العقود الأخيرة بلورت ورسمت حدودا أوضح بين   تلك  الفئات المتباينة قيميا ,اخلاقيا ونفسيا , فالرفض والاقصاء تواجد  منذ   زمن   بعيد  , ولكنة تمظهر مؤخرا بشكل أوضح , ضعف ظاهرة المجتمع عند الجماعات   العشائرية   القبلية , التي  وجدت نفسها فجأة في  قيادة  مشروع دولة, لم   يكن   عندها    التأهيل لرعايتها وتطويرها  ,  أصبح مؤخرا   واضحا   جدا   , احد  مظاهر الاستمرارية  كان انتقال   الفساد  بقضه وقضيضه من غنائم حروب البدوية الى تعفيش العصر الحالي …وهكذا ..

يمكن   تشبيه    الوضع   السوري   بقوس   القذح   المتضمن  لألوان   مختلفة , أحد   الألوان كان منذ   عشرات   القرون تلك   النمطية   الدينية المحددة للأقلية   والأكثرية   , وعلى   أساس   هذه   النمطية  تمت ممارسة السياسة ,  حيث  تحولت الحدود العشائرية الدينية الى حدود سياسية, وكان الفشل متوقعا ! , اذ لايمكن لخواص شعبية اجتماعية تمت الى مرحلة ماقبل الدولة أن تصنع دولة , عاشت البلاد في جمود مؤسس على عدم تمكن الفرد من التحول الى عضو في الأكثرية بعد أن كان عضوا في الأقلية , فالحدود المذهبية لاتسمح للفرد بأن يعبرها الى فئة مذهبية أخرى , ولما كان الأمر كذلك , حاولت أقلية كسر هيمنة الأكثرية المذهبية   العددية  عن طريق البحث عن امكانية المعاوضة , والمعاوضة كانت عن طريق العسكر والبندقية ,وبالتالي  الديكتاتورية ,اذ  لا  يمكن للعسكر والبندقية سوى افراز الديكتاتورية ؟
الفئة الثانية في قوس القذح كانت الفئة المتدينة المحافظة ,التي  تسببت    أصلا  بالتفكير بالمعاوضة وأطلقت بشكل غير مباشر عملية البحث عن المعاوضة العسكرية , التي تأسست في ظروف انقلابية وكبلت الجميع بالسلاسل والقيود , حاولت هذه الفئة كسر الغلائل الذي كبلها العسكر بها , و المحاولة تمت عن طريق الدواء الذي سبب الداء أصلا , والدواء كان مزيدا من الاستقطاب المذهبي الذي تطلب مزيدا من المعاوضة وبالتالي مزيدا من العسكرة ومزيدا من الديكتاتورية الى أن وصلت الأمور الى حالة حرب طائفية حدود جبهاتها تطابقت مع حدود المذاهب .   
لتوسيع قاعدة مذهب معين كان لزاما على هذا المذهب أن يتطور الى مذهب يستطيع احتضان مجموعة أوسع من الشعب , وهكذا تحولت   ماسميت   الطائفة   الكريمة   الى أسدية تضم في صفوقها سنة ودروز   وغيرهم ,فالأسدية هي علوية مضافا اليها البعض من أفراد الطوائف الأخرى , والأسدية ضبطت بشكل حازم وضعها الداخلي عن طريق تصنيف  يرتكز على   وضع   ابن   الطائفة  في المقدمة وابن   الطائفة   الأخرى  في المؤخرة , هذه التشكيلة ضبطت الوضع  , وآلة الضبط كانت بالدرجة الاولى الانتماء المذهبي والعائلي , وبالدرجة الثانية الامتيازات , فمن غير المعقول أن تتساوى امتيازات ابن الخال مع امتيازات المشتبه بوفائه , هرمية الامتيازات بدأت بمراتب المكاسب بين مئات الألوف من الدولارات للمراتب الدنيا وانتهت بمئات الملايين للمراتب الأعلى وبالمليارات للمراتب العليا , وذلك حسب سلم     محدد ومعروف     المعالم,  فالأقربون   أولى   بالمعروف .
الفئة الثالثة في قوس القذح كانت فئة الشبيحة والذبيحة , فئة جديدة بالاسم , الا أنها قديمة وخواصها متجذرة في نفوس الناس, فخاصة العداء والعدوانية الضرورية للشبيحة والذبيحة متواجدة منذ قرون , الطبيعي عند هذه الفئة هو الاغتصاب والنهب اضافة الى ميل غريزي متوحش بخصوص المرأة , حتى أنه قد أطلق على هذه الفئة اسم الفئة ” القضيبية “, اهتمام هذه الفئة انحصر بالمال والمرأة , الذبيحة يفضلون المرأة على المال, والشبيحة يفضلون المال على المرأة مع بعض الاستثناء , قاعدة عمل الشبيحة والذبيحة كانت الطائفية المقرونة بالنرجسية وانعدام الأخلاق انعداما تاما .   
الفئة الرابعة هي فئة السوريين المتشددين وعلى رأسهم سيكون مستقبلا (تقديرا) الحزب السوري القومي ,التشدد   سيكون  للعديد من الأسباب من اهمهما    الخراب   الذي   تركته    العروبة الاخونجية في  القرن الماضي , والذي كان عليه دفع   الاخوان  والعروبيين الى الاستقالة من العمل السياسي   بعد   فشلهم   الذريع  , بدلا من استقالتهم يؤكدون كل لحظة بأن صياغة المستقيل ستكون على يدهم , وهم من فشل ودمر الأوطان خلال قرن من الزمن , وهم من جزأ وفتت وأفقر وشتت الناس ,وهم من فشل بخصوص مشكلة فلسطين في كل المجالات, باستثناء تعقيد المشكلة الفلسطينية وتحويلها الى حالة الاستعصاء على الحل , هم من حولوا الحزب الى طائفة هم من تساعدوا  مع   الاخونج  بشكل متبادل في اقتسام السلطة   ,الاخونج  لايريد  حلا لمشكلة فلسطين ,انما يريدون الاستمرار في تذبيح   خلفاء  بني قريظة , العروبيون لايريدون حلا لقضية فلسطين ,لأن الحل يحرمهم من توظيف القضية في تكريس  بقائهم .
 من المنتظر   في   سوريا  ولادة حركات  شعبية  متشددة على غرار تشدد بعض الأكراد أو تشدد الحزب التركي االقومي أو تشدد   الأتاتركية  بعد   الحرب   العالمية   الأولى  ,    او  تشدد  فرعوني في مصر او أمازيغي  في شمال أفريقيا !كردة فعل على التشدد الديني الحالي والخراب الذي سببه هذا التشدد , التشدد    سيكون عكسي   باتجاه   لاديني ,   على   غرارالسوري   القومي   الاجتماعي   ,  الذي   لايعرف  النزعات  الدينية  في صفوفه,  وتمكن   من   صهر   اتباعه   في العقيدة السورية القومية الاجتماعية   , التي    لاتعرف   سوى   العلمانية.   
  سوف لن يكون مستقبل للعروبي  الذي يسكن في سوريا كسوري مزيف  متبندق  , الا أن انتمائه الوطني هو بلاد العرب , يعتبر  هؤلاء   بمثابة خونة في سوريا , فسوريا للسوريين والانتماء السوري هو الانتماء الأول   والأساسي , ومن لايريد ان يكون  انتمائه الأول سوريا  سيرحل   طوعا  , والا   سيستمر   التعنيف في سوريا وسيستمر   انتاج   الأزمات,  التي   قد   تقود   سوريا   الى   الانقراض  والاندثار  .
الفئة    السادسة  هي الفئة الطفيلية, التي تبحث في كل عهد عن الموائد التي تتلطى   عليها , انها الفئة “الفموية الشرجية ” التي يلازم وجودها وجود خلل في العدالة الاجتماعية وفي تركيبة المجتمع , يبدو وكأن وجود التطفل بأحجام متباينة في كل المجتمعات أمر حتمي , مع التأكيد بأن حجمه في المجتمعات المتقدمة صغير جدا مقارنة مع حجمه في المجتمعات المتأخرة.
الفئة السابعة  هي فئة المؤيدين للأسدية , وفئة المنتمين   للدين  الأسدي الجديد , فئة الامتيازات بشكل عام, فئة المتخوفين   تمظرا  وشكليا من الأصولية والمستهترين بالأخلاق , فئة نفعية تتغير باستمرار , مؤيد نفعي يشتم المعارضة , وعند توقف   الاستفادة  من الأسدية ينقلب عليها بسرعة , هؤلاء مداحون قداحون والمحدد لوجهة المدح والقدح هي المنفعة المادية, نموذجهم ذلك المسترزق لدى الفصائل بلحية , وحليق اللحية عند انتقاله الى الجهة الأسدية للاسترزاق . 
الفئة    الثامنة  هي فئة الرماديين , تتميز هذه الفئة بموقف لارفض ولا قبول , وموقف التنديد بالعنف المتبادل   , تلتزم هذه الفئة عموما بالصمت , ولا تريد بشكل عام الانخراط في ممارسة الادلاء بالرأي بصراحة , تجد هذه الفئة في الثورة ضرورة , الا أنها لاتستطيع التصالح مع اعتبار الفصائل االمسلحة “ثوار” , ولا مع اعتبار سوريا دولة, وذلك لافتقاد سوريا للعنصر الثالث من الثلاثي أرض شعب حكم , هذه الفئة تتمركز خارج معادلة الصراع, وتقف تقريبا على مسافة واحدة من كل   الأطراف , وتعتمد أو تروج لصيغة الاقناع والمصالحة , وصيغة الخوف على سوريا من جراء الاستمرار بالنهج   القديم  ,  تريد   هذه   الفئة   التجديد   , وهذه   الفئة   تملك    مؤهلات  ممارسة   الديمواقراطية   والحرية ,  لم   تدمن   هذه   الفئة   بعد   على   الفساد,,طبعا توجد في سوريا مواقف أخرى لفئات أخرى , وما قدمناه  ليس ألا موجزا ملخصا جدا عن المواقف والفئات , تحتاج كل فئة من الفئات والمواقف المذكورة بحثا مستفيضا , لابد من القيام به مستقبلا !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *