ميرا البيطار , ممدوح بيطار :
طرحت عدة حلول لمعالجة مشكلة التيتم , هناك حل التبني , أو حل الكفالة , هناك من يدعي بأن الكفالة بديل جيد للتبني , لأن الكفالة تؤمن كل فوائد التبني وتحافظ عل النسب اضافة الى ذلك ,
تعني الكفالة الاهتمام الطوعي بمخلوق بشري محتاج مثل اليتميم او الفقير , وتتضمن تأمين تكاليف المأكل والمشرب , أو جزءا من هذه التكاليف , ويتم ذلك عادة في دار الايتام , وليس في بيت الكفيل , قد يقدم الكفيل اضافة الى ذلك بعض الخدمات مثل بعض العناية المعنوية باليتيم , عموما تكون العلاقة بين الكفيل ودار الايتام , حيث يقدم الكفيل مبلغا من المال للدار , لاتخضع هذه التقدمة للاستمرارية كواجب عائلي , قد يقطع الكفيل مساعداته في اي وقت يريد ,
يختلف التبني اختلافا جذريا عن الكفالة , فاليتيم يتحول في حالة التبني الى فرد من أفراد العائلة , بكل مضامين هذه العبارة وبكل الحقوق والواجبات كالارث مثلا , عادة تكون مواصفات الأبوين في حالة التبني عالية من الناحية الأخلاقية والمادية والاجتماعية , يتحول اليتيم او اليتيمة في هذه الحالة الى فرد من أفراد الأسرة ,هذه النقطة هي من أهم ميزات التبني الايجابية .
ليس لدي علم بمعتقد آخر غير الحنيف أو اي منظومة مدنية اخرى تمنع التبني , سبب المنع , كما يقال , عاد الى اشكالية “النسب ” ,فالتبني كان معروفاً قبل الدعوة , وقد كان لابن عبد الله ابنا بالتبني اسمه زيد بن حارثة , زيد تزوج زينب , ثم تعثرت قضية زيد وزوجته زينب بعد أن وقع نظر سيد الخلق على سيقان زينب خلال زيارته لابنه وكنته , فورا افتتن صاحب الدعوة بشبه العارية زينب, فورا بدأت عملية تطليق زينب من زيد , لتسهيل الاستيلاء علىيها والزواج منها ,كل ذلك تم بتنظيم واشراف ومباركة سماوية.
لقد كانت هناك علاقة قوية بين الرغبة بالزواج من الجميلة زينب , وبين منع التبني , فمنع التبني مثل ازالة الاحراج بما يخص السطو على زوجات الغير , اذ لا حرج في السطو على نساء الغير , ومنع التبني يعني تجنب الاحراج في عملية السطو , ففي تلك البيئة وذلك الزمن كان السطو على زوجات الغير مسموحا به, أما السطو على الكنة زوجة الابن فقد اعتبر عملا مشينا .
لا أهمية في انتساب طفلة او طفل لاي شخص كان , الأهمية تكمن في حرمان الطفلة / الطفل من نسب ما , كما هو حال طفلة/طفل ولد نتيجة لعلاقة خارج اطار الزواج ,والوالد غير معروف , يمثل حرمان النسب درجة عالية من الاجرام بحق الأنسان ,أطفال داعش على سبيل المثال , فغياب اسم الشهرة يعرض الأطفال في هذه المجتمعات المريضة الى وصمة عار ترافقهم طوال حياتهم , هذا اضافة الى اساءات أخرى للطفلة او الطفل , مثل حرمانهم لاحقا من تسلم مناصب قيادية ,وحرمانهم من دراسة القانون, اي حرمانهم من ممارسة مهنة القاضي او المحامي وغير ذلك مثل الامامة او الافتاء , اي هناك نقص في الأهلية لممارسة مهن معينة , ثم أنه لا تقبل شهادة اللقطاء في المحكمة , ويحرموا من الخدمة العسكرية الخ , كل ذلك مثل انتهاكا للمساواة بين البشر , واقعيا لا أهمية لمن ينسب الأنسان اليه , الا أنه من المهم في هذا المجتمع المريض ان يكون للطفلة او الطفل نسب ما , اصلا حشرت قضية النسب في موضوع التبني لاحقا , كاجراء داعم لمقصد منع التبني .
يبرر معارضوا التبني بأنه لايمكن ترك الطفل ينتسب لأسرة لم يختارها , أو يعيش طوال حياته مخدوعا , اذا انتمى الى أسرة بديلة , وهذا قد يقود الى تدمير حياته, لأنه لايستطيع أن يتبرأ من نسبه المستحدث بسهولة , هنا يطرح السؤال التالي , من منا اختار والديه واختار نسبه او اختار عرقه أو حتى دينه ؟ , وأين هو الخداع بموضوع النسب الجديد , الذي يزيل وصمة عار ابن الحرام ووصمة عار اللقيط .
لاخير في امة الرحمة ولا خير في خير أمة , تريد بوحشية لانظير لها ابقاء حالة ابن الحرام وحالة اللقيط ملصوقة على انسان طوال حياته , القول ” دعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ” هو قول غير مسؤول , اضافة الا كونه خاطئ الدلالة وسيئ الفهم ,المقصد كان زيد , وزيد كان معروف الوالد حارثة , عموما هناك في النصوص قصور معرفي كبير , فالنصوص لاتميز بين الأبوين وبين الوالدين , ابن عبد الله كان اب زيد وليس والده , الوالدين حالة عضوية , بينما الأبوين فوضع أو حالة اجتماعية .
كيف يمكن قبول منع التبني ؟ , عندما يعرض منع التبني الطفل لعدم المساواة في الحقوق والواجبات , بسببب ظروف فرضت على المواليد الجدد , أي عدم المساواة بين اللقيط وبين ذو النسب , حتى مفردة لقيط مفعمة بالتحقير, انسانيا لاوجود لللقيط , انما الوجود للانسان ,فالأطفال متساوون يوم الولادة , وذلك بغض النظر عن الحالة التي قادت الى ولادة الطفلة او الطفل.
كانت تونس الدولة الرائدة في موضوع التبني , المعمول به هناك منذ عام ١٩٥٨, تملك دول عربية أخرى مثل الأردن نظام تبني تحت اسم آخر هو ” الاحتضان “, والتبني في لبنان ممكن بالنسبة لبعض الملل كذلك في سوريا وفي مصر ايضا , ليس لدي معلومات عن الدول الأخرى , اي أن الجبهة المعادية للتبني تتآكل وتتضعضع , يعود رفض التبني عموما في الدول العربية الى الناس بالدرجة الأولى وليس الى السلطات , حبذا لو تعرفنا على رأي محمد بن سلمان حول موضوع التبني , اغلب الظن بأنه سيكون مؤيدا له , وأول من سيبارك خطوة ابن سلمان المؤيدة سيكون المداهن العريفي وأشباه العريفي !!