ميرا البيطار, عثمان لي :
تطورت سوريا بشكل يعاكس قوانين التاريخ , خرجت سوريا من التاريخ وتاهت في غياهب الأوهام والأكاذيب والارهاب , التاريخ هو صناعة الانجازات ,لم تكن الجنازات يوما ما صناعة للتاريخ , التاريخ هو صنع لحضارة , ولم يكن التاريخ يوما ما تخريب وهدم حضارة ,هذا هو اللاتاريخ أو خارج التاريخ أو الخروج من التاريخ .
من منجزات التاريخ صناعة الدولة , وماذا فعل السوريون بالدولة, التي قدمها الغير لهم هدية بدون مقابل ؟ , لقد تحرر السوريون من العثمانيين دون أن ينتصروا عليهم , من أنتصر عليهم كان الحلفاء , والحلفاء قرروا أن تكون هناك دولة سورية بمساحة مقبولة جدا وأرض قابلة للاستثمار وشعب قابل للتطوير كغيره من شعوب العالم , ثم أمنوا للسوريين الاعتراف الدولي والانتداب لفترة محدودة ومهمات محددة , وقالوا هيا الى العمل , هذه دولتكم وبلادكم فعمروها , ومافعل السوريون كان تخريبها والقضاء على مشروعها , وبالنتيجة يعيشون الآن بدون دولة في العشيرة , وتحت عرف وطبائع البدوية الرعوية .
الدولة هي الحاضن لمجتمع متكافل متضامن , ماذا فعل السوريون بالمجتمع , الذي كان عليه أن يكون متكافلا متضامنا ؟, خربوه واستبدلوه بالعصابات , التي ترفع أسقط الرايات واللافتات والشعارات المنقولة من الزمن البائد التعيس ,خطابات وخربطات لايعرف ماذا تعني وماذا تقصد, لامسؤولية , حتى الشعب ليس مسؤولا عن قدره , يتكبرون ويكابرون ويكبرون تارة لاله السماء وتارة أخرى لاله الأرض , مدمنون على الخوف من الماضي وعلى الماضي ومن الحاضر وعليه ومن المستقبل وعليه , ومن الطاعة والانصياع وعليهم , كل ذلك تجذر في النفوس والعقول وتحول الى أمر شبه غريزي .
قطعت الألهة المتألهة الالسن وقضت على غريزة الكلام, وافرغت الرؤوس من مادة العقل ,وجففت الوجدان في القلوب , اذ لاعقل ولا وجدان ولا شرف عند الذبيحة والشبيحة , الحياة أصبحت “مشاع” ,فمن يملك الرصاصة هو الرعاع سيد “المشاع ” , يقطع الجثث ويبتر الرؤوس ويحرق الأجساد , سوريا انتحلت اسما مستعارا هو الدولة , التي تخيف وترهب وترعب , البعض يرتجف نشوة على نزيفها , ويرتاح لتعبها , ويقتات من فسادها.
ان قدر لسوريا ان تصبح دولة , عليها بشعب غير هذا الشعب , الذي تأسد وتعربن وتعثمن ل٤٠٠ سنة وتقرشن ل١٠٠٠ سنة , ملايين من الأسود وملايين من السفاح جمال باشا وملاين من خالد ابن الوليد وملاين من ابن تيمية ومن اردوغان والخميني والمهدي المنتظر , وكل منهم أكثر فسادا واجراما وعنفا من الآخر, لاتربية انما سوء أخلاق وانتهازية تملقية , سبحانه !! كيف تحول السوريون الى نماذج من القعقاع والسفاح وأمثالهم , كيف أصبحوا قطيعا من الذباب والذئاب والجثث المتحركة , وكيف تحول الموطن الى مستوطن حسب تعبير سمر يزبك , لكن بالمقابل كيف يمكن بعد استعمار بدوي دام أكثر من ١٤٠٠ سنه بشقه القريشي وشقه العثماني أن يبقى من سورية انسان بلاد الشام اي اثر ؟ لقد تبدون الانسان وتعثمن مرغما , لكنه لم يفقد كل الموضوعية تجاه نفسه , التي يرفضها عقليا ويمارسها غريزيا لاشعوريا , يتقزز من نفسه ومن خنوعه وانصياعيه , الذي دام طوال تلك القرون العديدة بدون ثورة او تمرد , لكنه لم يتمكن لحد الآن من التغلب على ذاته المصابة بمرض الخنوع , الخانع لايثور, انما يتهيج كالثيران .
لايستحق شعب الطاعة والانصياع دولة , فلا هو قادر حمايتها , ولا هو قادر على تطويرها , ستنقرض دولة شعب لايستطيع ان يثور ويرفض ويتمرد , القطيع ليس مجتمع دولة , انما جماعة الزريبة والمعلف !.
