انه مارك ومعجزته في تأمين الاتصال بين البشر صورة وصوتا وحرفا , بالمقابل هل هناك حاجة بشرية لمخلوق يقول لنا كيف نقتل ولماذا نقتل ومتى نقتل , هل البشرية بحاجة الى معلم التقتيل ؟ , الى اخصائي التقتيل الذي يريد بالتقتيل احياء المجتمع , هذا القاتل هو المنتحل لمهنة عالم الاجتماع , والمزور لعلم الاجتماع الاقدم منه ومن نصوصه, علم الاجتماع المؤسس والمنظم لاقامة المجتمعات المتواجدة على سطح الكرة الأرضية , وذلك قبل تواجد العقائد والتوحيد بعشرات الآلاف من السنين .
جاؤونا بالتوحيد وسيفه , قال الموحدون ان التوحيد حركة اصلاحية, ولو افترضنا جدلا مقدرة التوحيد على الاصلاح في سياق تاريخي معين , فهل الاصلاح ممكن بالتوحيد في سياقات تاريخية أخرى؟ , وماذا نفعل بهذا التوحيد الذي احتل العقول وفرض على البشر مسلكيات نابذة ورافضة للغير , وبالتالي أسس لحتمية الصدام مع الغير والخضوع لمبدأ اما قاتل أو مقتول , ذلك بعكس المرسل نيوتن أو مارك , فهل سيعترض نيوتن علينا لو فكرنا بالغاء الكهرباء من حياتنا ؟, وهل سيعترض مارك علينا لو أقفلنا حساباتنا في دكانته , نيوتن وغيره وأمثاله هم رسل الضرورة , واما مرسلين الاحتلال القسري للعقل والفرض والترهيب فهم مرسلين الضرر والاضرار بالعقل والحياة.
لايتحيون الانسان طوعا , وانما يتحيون بفعل الظروف التي يعيشها , الانسان يتحول الى حيوان عندما تتم معاملته كحيوان, عند قسره واجباره وارهابه وتخويفه , وعند ازمان الحيونة المكتسبة تتحول الىى غريزة كأنها ولادية , فالاستبداد الأعلى السماوي , استبداد الثواب والعقاب , يمثل تركيبة غير صالحة لنمو وتطور أنسنة الانسان , لايطور الانسان أنسنته عندما لايسيطر حتى على نفسه وحياته .
يواجه الاستبداد المتفاقم في مرحلة ما أحد مصيرين , اما الغاء ذاته والاستسلام الى مشيئة المظلومين ,أو قتل المظلومين كلهم , يكفي في حال القتل أن تقتل أنسنتهم , وبالتالي تحولهم الى حيوانات , عن الشعب السوري يمكن القول بأن أنسنته قد ماتت بفعل الاستبداد السماوي والارضي , لقد تحول المخلوق السوري الى حيوان مفترس يقتل ويذبح تحت راية سماوية أوارضية أو كلاهما , الا أنه من جهة أخرى خانع خاضع لمن هو أقوى منه وأشد حيونة منه , انه جبار ومتجبر على من هو أضعف منه هذه الغابة وقوانينها واحكامها بأكمل صورها !
من أين أتت تلك القابلية للتحيون ؟؟؟ أتت من تراث الانصياع وعبادة المستبد الممثل للجبروت الأعلى , لازلنا نناقش حتى في القرن الحادي والعشرين ضرورة اطاعة الحاكم , هل هي مطلقة أو أنه يجوز التمرد على الحاكم , ولحد الآن لم نصل الى نتيجة واضحة , لاحظوا مدى انعدام الشخصية ومدى تقهقر العقل ومدى توسع دائرة الانصياعية , ففي القرار حول ضرورة التمرد على الحاكم الظالم يجب سؤال النصوص أي سؤال الفقهاء , الألم يطرح السؤال التالي , هل بقينا بشرا أو تحولنا الى حيوانات بكسم بشر ؟.
يصبو الانسان في هذا العصر الى بناء المجتمع الضروري لاقامة الدولة , والدولة هي أمر ضروري منذ العديد من القرون , ولا وجود لبديل لها آنيا أو على المدى المتوسط أو البعيد , تصطدم هذه المنظومة الاجتماعية -السياسية بالعديد من العقبات , العقبة الأولى هي خاصة معتقد المرسلين من السماء , التي تعرف بأنها خاصة شخصية فردية ممثلة لوعي فردي متمايز بشدة عن الوعي الجماعي , اعتما د الخاصة الشخصية في بناء المجتمع يقود الى مجتمع الأفراد ,او بالأصح الى جماعة الأفراد , فالفرد في المجتمع الضروري لبناء الدولة هو فرد في المجتمع , وهذه الحالة هي النقيض من مجتمع الأفراد المتمثل بتقدم الانتماء الشخصي على بقية الانتماءات, لا دولة في مجتمع الأفراد وبالتالي لا دولة في المذهب ولا مذهب للدولة .