بين المقدس وبين المدنس …

ممدوح   بيطار  :

      حشر المقدس  في   السياسة  وتوظيفه  في  النقاش يمثل   الحصن   الذي   يتحصن  خلفه   الاسلام  السياسي  , اذ لايمكن نقاش  أي اشكالية مع  الاسلاميين السياسيين, دون حشر  الآيات والنصوص   والأنبياء  في معركة  النقاش  , مما يجعل التعرض     للآيات  أمرا حتميا  لامفر منه ,  التعرض للآيات  ومصدرها  يقود الى انفلات مكنة  التكفير والشتائم  الجاهزة, والى  اتهام     المحاور  بتدنيس المقدس واحتقار الدين  ,ثم   التهديد   المبطن   أو  الواضح   بعواقب   هذا  النقد ,   ليصل   الأمر   الى  درجة    التهديد    بالقتل  , وتنفيذ   هذا   التهديد في   العديد   من   الحالات , بذلك  يتحول نقاش الاشكالية   الى  اشكالية   أعظم , الى  المنع  والقمع والاقصاء وحتى   القتل ,  لعدم جواز   ما  يعتبر    تهجما على كلمة الله  وعلى  المقدسات ,  في  هذه المرحلة يتم  الخروج   عن  الموضوع  ويفشل النقاش كالعادة ,  حقيقة    من يعرض المقدسات   للتدنيس   هم  الاسلاميون , وذلك بتوظيفهم للمقدس  في سجالات  سياسية  ونقاشية   غير مقدسة .

 كل ذلك معروف, وأسبابه  ووسائله معروفة ,  فالاسلاميون يحتمون بالمقدس لأنه  يمثل بالنسبة  لهم  الحقيقة المطلقة والوحيدة  أيضا  , فعقل  لايحتوي  الا مادة المقدس هو عقل  ضيق الأفق واتكالي  متطفل  على   صانع هذه المقدسات , اقتصار  امتلاك العقل على مادة المقدس   يمثل  فقرا  فكريا مخصيا وعقيما ويقود الى  انتعاش نزعة التعالي  الشخصي , اذ يشعر الشخص   المزود بالمقدس  بأنه مقدس  أيضا  , وكل مايجانب  المقدس   الفكري  والمقدس الشخصي  هو مدنس,  يثير  ارتكاسا  عدائيا  قد يتطور الى ممارسة   العنف .

نظرا للوضع المذري  الذي وصل اليه  العرب الاسلامي ,ونظرا  لثبات  العلاقة بين   الاسلام السياسي ,كعامل من عوامل التأخر العديدة ,وبين السبات     الحضاري العربي الاسلامي   ,   وبسبب  ضحالة   أو حتى عدم وجود نقد ذاتي فعال,  أصبح  النقد  الخارجي  الغيري  ملحا ومهما  وضرورة  لامناص منها, ولا يمكن الاستغناء عنها  ,خاصة  بوجود التعثر المستمر  لتطور ايجابي  يتناسب مع  تطلعات الناس  ,  أي  بوجود مايسمى  التطور “المعاق” .!

لايقف الاسلام السياسي   تجاه النقد الذي يعريه مكتوف اليدين  , لذلك يلجأ الاسلام السياسي  الى سبل عدة لاغتيال النقد والناقد   عن طريق  وصمه  بعار  التخريب  ,  يقولون   خداعا   النقد   البناء مطلوب , والنقد الهدام  مرفوض ,ولانعرف   عنهم    تقبل    اي   نقد  مهما   كان   ,   ينال النقد  والناقد  دائما    حصة غير قليلة من التشويه  والتكفير والشتائم والاتهام  بعدم احترام  المقدسات  , وقد  أفلحت  هذه السبل   احيانا  في تحطيم النقد والناقد  ,  فرج فودا كان  قتيل الرصاص  , ونصر حامد أبا زيد  طلق   من  زوجته قسرا دون  أن يريد الطلاق   ,  وسيد القمني   يرهب  ثم يهرب  طالبا  الغفران من القتلة  ومعلنا  التوبة     في   مجلة روز اليوسف  ,  الاسلام السياسي  أراد  تعليق طه حسين على      حبل المشنقة , وقبل  سنوات   اردى الاسلام السياسي   ناهض حتر قتيلا ,المسثتشار   عبده  ماهر     يحكم   بالسجن   خمس   سنوات  بتهمة   ازدراء   الاديان  , والآن    يتعرض   ابراهيم   عيس   لمحاولة   هدر  دمه , الأمثلة على  ممارسات  اجرام  الاسلام السياسي   ,المتمثلة  في   الاغتيال  والاجهاز على  النقد والناقد  بوسائل   اجرامية   أكثر من  أن تعد.   

يمثل   الاسلام   السياسي    عاهة  أو   مرضا   أو   على  الأقل   اعاقة ,  قادت  الى   التخلف  والشلل  واحبطت التحرك   نحو   غد   أفضل   ومستقبل   أمثل   , الغد   الذي   يريده   الاسلام   السياسي    هو   غد   الحوريات وغد   الخرافات   ,  الذي    لايصله   الانسان   الا   عبر   العنف   وقتل      الأخر    الكافر     اجتماعيا   او  حتى  فيزيائيا ,  انه  غد الشلل   الفكري   الجماعي ,  غد   الجريمة  والعنف,  غد   التنكر   للأوطان  والمواطنة,   غد   المذهبية  والطائفية    الهدامة ثم   غد  هيمنة   رجال   الدين,    حتى    في   هذا   القرن   يهددون   بقتل   المرتد  وتارك   الصلاة    ,  دون   ان   تحاسبهم     الدولة   الموبوءة  بالاسلام   السياسي   على   ذلك    , الفرق    بين جريمة  القتل  وبين  جريمة  التهديد   بالقتل  زهيد .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *