الجيش …لماذا ؟

 سمير  صادق :

  تقليديا  وبحكم الحاجة والضرورة تبني الدولة مؤسسات  وظيفتها خدمة المواطن  وحمايته وتأمين استقراره  وأمنه , من هذه المؤسسات   مؤسسة الجيش  ,    على جيش سوريا  القيام بالمهمات  , التي  تقوم بها جيوش الدول الديموقراطية الشرعية , فهل  يقوم ال جيش السوري  بذلك ؟ .

من الصعب  الاجابة على هذا السؤال بكلمة  “نعم” , الجيش السوري  لايقوم بمهماته  القانونية والمشروعة والضرورية , لذا فانه أصبح  عبئا على الدولة  , وبشكله الحالي لايجوز  للدولة احتضانه  , أريد   في  هذه   الأسطر   التنويه الى بعض النقاط  التي تجعل الحياة مع هذا الجيش  صعبة :

١- خارجيا  وضد عدو خارجي  لم يحقق هذا الجيش  لحد الآن أي نصر حقيقي , الانتصارات كانت انجازات لغوية , حولت الكوارث   الى عكسها ,  كل  الكوارث   الدموية  تم تعديلها لغويا  , اللغة العربية وضعت امام وجه الحدث   الشنيع قناعا , وما  أسهل ذلك على لغة غنية بمفرداتها  , هذه اللغة  تتقبل  مثلا تحويل الانقلاب الى ثورة , والأصولية تصبح مدنية , والنكبة  بعد هزيمة شنيعة تصبح نكسة , وارادة الديكتاتور تتحول الى ارادة الشعب ,  بشار الأسد  وظف اللغة  في تعديل كارثية الحالة السورية ..قال “فمن رحم الألم , يجب أن يولد الأمل” وكيف يتم ذلك؟ وما هي العلاقة بين الأمل والألم باستثناء موسيقية العبارة ؟ , الحرب الأهلية هي مخاض لولادة النور !!! اللغة اصبحت مطية  وحقلا لتكرير التكاذب الجماعي ,  بشكل مختصر  فشل الجيش ضد اسرائيل وفشل أمس ليس  آخر فشل.

٢- داخليا  تحول الجيش الى جيش البعث العقائدي  أولا , ومن ثم الى كتائب الأسد ثانيا  , وضع الجيش  في خدمة أحد   أطراف   النزاع , قاد الى انشقاقات  , الذي حارب  داخليا  من الجيش كان  العنصر العلوي , يجب قول هذا الكلام بوضوح بالرغم من مرارته , من الصعب ذج العنصر السني من الجيش في القتال الداخلي   ذو  المعالم  الطائفية , لذلك فان الجيش مشطور  بالرغم من أن تجانس القيادة مذهبيا,الجيش لم يوجد لكي يحارب من أجل الأسد , لأن الأسد ليس الوطن  , ولا يوجد في الجمهورية السورية  أي مخلوق يوازي الوطن  , حتى ولو  كان من السلالة  التي قدس الله سرها , الوطن بحاجة الى جيش واحد موحد , الى جيش منيع ضد توظيفه في خدمة فلان  من الناس  ,هذا   لم   يكن   الجيش السوري  .

٣- الجيش في   بنيته مؤهل  لممارسة  الفساد , وأصبح ماخور الفساد الأعظم, الجندي الذي لايريد متابعة الدوام يذهب الى بيته  ويحول راتبه الى معلمه , ضباط الجيش أصبحوا مقاولين  وتجار وأصحاب شركات ومعامل , بالاضافة الى ذلك وظف الجيش نفسه في خدمة “خرق القانون”, من الوساطة  والرشوة  والمحسوبيات  , وغير ذلك من ممارسات تتنافى  مع مهمة  الجندي ,

٤-  يستهلك الجيش   حوالي  80% من الميزانية العامة , لماذا ؟ ولماذا مئات الألوف في صفوف الجيش ؟؟ اذا كان الجواب من اجل تحرير فلسطين , فهذه نكتة بايخة  ,لقد تم استهلاك هذه المقولات شعبيا  كمقولة المقاومة والممانعة  وغير ذلك , وترداد  هذه العبارات هومدعاة  للاستهزاء فقط , فقبل تحرير فلسطين  يجب تحرير سوريا من امبرياليتها الداخلية ومن استعمار العسكر لها , نوعية السلطة  ونوعية الجيش هم من أكبرمصائب   البلاد  .

٥- عن الفساد في مؤسسة الجيش  فحدث ولا حرج ,  وقبل الحديث  عليك ايها القارئ العزيز القاء نظرة على  الجبال وما عليها من قصور  , وعليك السؤال عن  كلفة هذه القصور  وعن مالكيها  ,الكلفة بالمليارات  وماليكيها  ضباط الجيش , لكل حسب  مقامه العسكري, العقيد  غير العميد , وحسب وضعه العشائري ..الخياطي غير الحدادي  وحسب وضعه العائلي  , الأسد غير مخلوف , ومخلوف غير معروف , وحسب انتمائه المذهبي  العلوي أولا ثم العلوي ثانيا وثالثا , ,اخيرا  بعض الوظائف الشكلية لباقي الشعب, من أكبر ضباط الجيش  ال ٩٠  هناك  ٨٣ علوي  , نصفهم من آل الأسد   أو اقرباء الأـسد من الدرجة الأولى , فمن أين لهم  هذه  الأموال ؟ , ومن   أين  لرأسهم    أكثر  من ١٠٠ مليار دولار  , أي حوالي٢٥ أضعاف الميزانية السورية أو  الميزانية السورية ل٢٥ سنة  , وهل يمكن للسرقة أن تكون أكثر وضوحا ؟.

هناك الكثير من الأسباب  التي تؤكد على أن سوريا   كدولة بحاجة الى جيش  اولا ,  ثانيا بحاجة الى غير هذا الجيش الساقط اخلاقيا ومسلكيا  والفاشل  عسكريا , والذي يعشعش فيه الفساد  بشكل يفوق  كل  تصور  ,كل ذلك  لايمكن له ان يتم الا في  سوريا  الجديدة , التي  نأمل   أن  تكون  دولة  القانون  والمساواة.

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *