الاستيلاء على الانسان…..

ممدوح بيطار:

“لايحق لك  أن تعترض لأنك من الأقلية” عبارة  أطلقها  اسلاموي, وبها عبر عن  شعار  للاسلام السياسي  وعن  ادراك الاسلام السياسي للتعددية والأسس التي يستخدمها الاسلاميون في  تعريفهم للأقلية والأكثرية    , المجتمع بالنسبة لهم طوائف وليس مكونات سياسية ,والطائفة  طائفية   بطبيعتها ,  لذا  مجتمعهم طائفي, وبالتالي  حتما  مجتمع قتالي ,انهم اضافة الى ذلك أكثرية اينما وجدوا .. أكثرية عددية أو أكثرية   بالاهمية  والجودة    بنقاء  الايمان ,  خير   أمة ,  وخير   أمة   على   حق   دائما ,  ماعبر   عنه   الاسلامي     بأنه لاحق للأقلية أن تعترض يمثل الموقف الحقيقي لهم والمترسب في لاشعورهم , والموازي    وظيفيا   لمفهوم    أسلم تسلم !,مقولة لاحق للأقلية بالاعتراض , التي تمثل نوعا منحطا من الاستعمار الداخلي   ليست افرازا لاجتهاد شخصي , وانما مفرز عقيدة ومبدأ ومفهوم جماعي  اسلامي سياسي  , اذ أن  مفهوم “المعارضة ” في الفكر الاسلامي السياسي  مختلف جدا عن مفهوم المعارضة في  الفكر العلماني  , فالفكر الاسلامي السياسي  يتسم  بالرفض المطلق   للمعارضة  المبني  على حالة التوحيد المطلقة  والطاعة المطلقة للحاكم  , لايعرف  الفكر  الاسلامي  معارضة  ولا يسمح  الفكر الاسلامي  بمعارضة   ولا تعترف  أي دولة اسلامية  بالمعارضة  ..استباقا  لما  قد يدعيه  الاسلاميون عن تركيا والمعارضة   ..تركيا ليست دولة اسلامية  بالمعنى السياسي للكلمة  بالرغم من كون   حوالي ٩٨٪ من الأتراك مسلمين  , ماليزيا ..سنغافورة … اندونيسيا  هم نماذج  مشابهة  للنموذج  التركي .

هل “تداعش ” الاخوان  حقا جديد ؟ لا أعتقد !, انهم دواعش منذ ١٠٠  سنة تقريبا , وأفضلهم داعش أبو بكر , فداعش أبو بكر “صريحة”وواضحة أكثر من   بقية  الدواعش , وداعش أبو بكر أقل مخاتلة من مابقي من قطعان     الدواعش ,

  مفهوم “لايحق للأقلية أن تعترض “هو ترجمة دقيقةلموقف  داعش   والاسلام   السياسي من   الغير , داعش فكرة دينية وسياسية عميقة وراسخة في مخيلاتهم التاريخية السحيقة , منهجية  داعش وبقية الدواعش  تهدف الى الاستيلاء على البشر وتحويلهم الى رعية بدون أي مقدرة على ممارسة المواطنة الحرة , منهجية  تهدف الى تجريد الانسان من حرمته الأخلاقية والوجودية والقانونية , منهجية لتحويل الانسان الى حيوان سياسي مهمته الانصياع والتمركز دونيا مقابل العلف في أحسن الأحوال ,في أسوء الأحوال هناك الحد وبتر الرأس ,ممارسات  تحظى باحترام الهي اسلامي مريع وذو ريع يتمثل بارتقاء  باتر الرأس  الى مصاف  المجاهدين في سبيل الله وبالتالي  جنان الله  وحورياته.

لا  يؤمن الإسلام السياسي  بفكرة الدولة المدنية الديمقراطية, ويعتبرها   نقيضة لمبادئ   الدين   لا  بل يعتبرها  كفر بالله, لأنه إلغاء لشريعة  الدين واستبدالها بقوانين وضعية من  صتع  البشر ,  يؤدي  نظام الحكم الديمقراطي  إلى ” استبعاد حقِّ الله, الذي له الحكم , وبأمره  ومنه  تأتي السلطة   او   الحاكم ,  ومسؤولية   الحاكم    امام   الله  وليست   أمام    الشعب ,بذلك   يعتبر   الحكم   الديموقراطي   مناقضا    للحكم    الديني   من    الناحية   المنهجية,  التي   ترى   بأن   الحكم   الديني   قائم   على     الحكم   الالهي   بينما   الديموقراطي   قائم  على    الحكم   الشعبي ,  اذ   ليس   للشعب   سيادة   تشريعية   مستقلة   بوجود    شرع   الله    المسلم   به   طوعا   أو   قسرا    بفعل   بديهية   الطاعة  والانصياع   , وبفعل    حد    السيف   ,    معارضة   حكم   الله   كفر   لذلك    لامعارضة ,  بل    استيلاء   كامل   على     الانسان وارادته   وحتى   المصلحة ,  التي   هي   مصلحة   الخالق   قبل   ان   تكون   مصلحة   المخلوق .     

 الأصل   في   الدين   أن   يكون  خادما   للانسان ,  الا   أن   الأمر   انعكس   وتحول   الانسان   الى   خادم    للدين ,  وكأي   خادم  عليه   بالطاعة  والانصياع   ,  الخادم   لايعارض  ,   بهذه   الحالة   من   الصعب تمييز   هذا   المخلوق   البشري   عن   اي   حيوان   . 

تهاية   اريد   التذكير     بما   قاله   المؤرخ    علي   الوردي     بخصوص  موقف العرب من الديمقراطية “لو خير  العرب  بين  دولتين  علمانية  ودينية , لصوتوا  للدولة  الدينية  وذهبوا  للعيش  في  الدولة  العلمانية” , يبدو  أنه اصاب  !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *