النص الديني ومجازر الحياة …
ميرا البيطار, ربا منصور :
تمثل النصوص الدينية بجمودها وقطعيتها ورجعيتها وعدم علميتها وانعدام مقدرتها علىى مواكبة ضرورات وحاجات انسان العصر , نوعا استبداديا من الاسترقاق السياسي -الاجتماعي , لذا فان التحرر منها ليس أقل من التحرر من الاستبداد المقدس , كارثة ….. لأنه استبداد ولأنه اضافة الى ذلك مقدس , أخبث اشكال الاستبداد المتفوق على الاستبداد السياسي بدرجات , شكل مركب ممثل لثنائية التجريم السياسي والتحريم الديني المؤسس على الغاء الغاء العقل والفكر والانسان بذريعة مفارقة النص للحياة والمجتمع .
تجثم النصوص بتوحشها وبدائيتها على صدور الناس , لاغية الحضور الانساني للبشر في التقرير وتحديد المصير , وفي الغاء حركة التاريخ ,التي لاتعرف البشرية سوى بديهيتها وضرورتها , وذلك الى حد المغامرة بالخروج من التاريخ , المهم بالنسبة لعبدة وثن النصوص بشكلها المجرد كرمز للاستعباد , المحافظة على حياة النصوص أكثر من المحافظة على حياة الناس , الهذا وجدت النصوص ؟ لنخدمها أو لتخدمنا !!.
ما هو مصير العقل تحت هيمنة النصوص؟؟؟ لاحاجة للمؤمن بالعقل عندما يتحول النص الى عقل يحدد تصرفات ومسلكيات هذا المؤمن , في المنافسة بين العقل والنص , يجب منطقيا توقع تمكن العقل من السيطرة على النص , هنا يفترض بأن المؤمن المعني بالأمر يملك عقلا ليتمكنه من السيطرة على النص , وماذا عندما يفقتقد المؤمن المعني بالأمر الى العقل ؟؟؟ وماذا عندما يسمح النص الدجال لنفسه ممارسة الترغيب المزيف بالجنان والنسوان , ويسمح لنفسه بالترهيب بجهنم وسوء المصير , عندها يصطف المبتلي بالجهل الى جانب النص , ويحول النص الى عقل يسيره ويستبد به ويهيمن عليه ,
بما أن الجهل مستشري , وهذا يعني غياب العقل , لذلك تحددت سبل انتاج المعرفة والوعي بالنصوص الموروثة المنقولة , التي احيطت بسور من القدسية , التي تهدد من يمس بها بأعظم العقوبات , النصوص تتوالد وتنجب مخلوقات على شاكلتها , فالكتاب المنزل هو النص المركزي الأول , ومن رحمه ولد النص السني الشافعي ومن اسرة الأبوين اي السني الشافعي والنص المركزي ولد نص الاجماع , وذلك بقصد تحديد النسل والتكاثر …كل ذلك بدون اكتشاف اي جديد حقيقي في النصوص الوليدة , وعلى هذا الأساس بقيت الأمور سجينة التنميط في التفكير وفي التداولات والتفاعلات والعلاقات الاجتماعية , وفي بناء الوعي , الذي بقي نصي جامد , بمساعدة التلقين القسري ثم التخويف والترغيب والترهيب والتحريم والتكفير والتخوين واجترار الفردوس المفقود , الذي لم يكن فردوسا , انما انحطاطا دمويا حربيا وعنيفا.
يعرف الفردوس المفقود ثقافة الرؤوس المتطايرة , التي تطير حتى في بلدان تحولت الى مقابر بحجم البلاد , فماذا كان على سبيل المثال مصير محمد ابن الخليفة الأول ابو بكر الصديق , فجسد القتيل البائس محمد وضع , بعد بتر رأسه , في جوف حمار , اضرمت بالحمار النار , والرأس ارسل كهدية الى معاوية في دمشق , وكيف طار رأس الحسين وهو حفيد أشرف خلق الله , الم يبتر ؟ , وتم التمثيل بجثته ثم علق في الكوفة وبعدها ارسل الى يزيد بن معاوية , ألم يطوف عبيد الله بن زياد برأس الحسين في الكوفة , وماذا حل برأس عبيد الله بن زياد؟ ألم يوضع بين يدي المختار , وماذا حل برأس المختار ؟؟, الم يطير مبتورا ليغط بين يدي مصعب ابن الزبير , وماذا حل برأس مصعب ابن الزبير ؟, لقد طار وغط بين يدي عبد الملك , اضافة الى كل ذلك فكم عدد الرؤوس التي بترها خالد ابن الوليد بدءا برأس مالك بن نويرة , لم يمهله شبقه الجنسي ساعات , ففي نفس ليلة القدر بالنسبة لمالك بن نويرة ورفاقة دخل على ليلى ام تميم واغتصبها , والنص وصف هذا الشخص بأنه سيف الله المسلول , ثم نبه المؤمنين الى وضعه بالنسبة لله , الذي عليه ان يرضيه ويرضى عنه , وحتى بعد بتره لرؤوس عشرات الآلاف من أهل بلاد الشام والعراق , لم تتغير نظرة الله الى الصحابي الجليل ابن الوليد وأحد العشرة الموعودين بالجنة , وماذا عن رأس أبي جهل الذي بتر في يوم بدر , ثم وضع بين يدي أشرف خلق الله …ثم رأس كعب ابن الأشرف ورأس الأسود العنسي وجسد عثمان المتعفن على المزبلة , وآلاف الرؤوس الأخرى التي طارت في الجزيرة ولا تزال تطير في ديارنا حتى هذه اللحظة ,
لقد قدمنا بعض الأمثلة من مصنف الاغتيالات وبتر الرؤوس والتوحش , فمن حيث الممارسة المستعصية على النقض وحتى على النقد , لاوجود لفروق بين انحطاطية بتر الرؤوس وبين انحطاطية تعدد الزوجات او انحطاطية تعليق شرف المرأة على غشائها , أو انحطاطية تحريم التبني , أو اعتبار شهادة المرأة مساوية لنصف شهادة الرجل , أو التأكيد على فشل اي قوم يولي أمره الى امرأة ….أو …الخ .
العبرة هي التالية , لاتقوى النصوص على الابتعاد عن شكلها السلفي , الذي وجدت به, وذلك لأنها مقدسة , ومستسلمة للمقدس وأسيرة لديه , النصوص التي لم تكن صالحة حتى في زمانها , لن تصبح صالحة لهذا العصر , لابل بالعكس فقد تحولت الى كارثة في هذا العصر .
النصوص أصلا , حتى بمراعاة السياق التاريخي , فاسدة, ولا يمكن للصق صفة القدسية عليها وسربلتها بسروال الدين او جلابيته او عمامته , أو تبريرها او تحويلها الى جيدة , انها حقيقة صيغا لغوية خاضعة لأحكام الزمان والمكان التاريخي الاجتماعي, يستمد النص ما تسمى حقائقه من واقع بشري , أو أصبح بشري بعد تموضعه في يد البشر , هاجس النص هو السلطة السياسية وهدفه تأبيد سطوته عن طريق تحجير النص واضفاء صفة المقدس عليه, لاتطور في التحجر , فالحجر لايتطور !
انتساب النصوص الى السماء قد يجعلها صالحة للسماء , ولطالما هنك فرق بين السماء والأرض , لذلك تفقد هذه النصوص صلاحيتها للأرض , التي تتطور باتجاه معاكس لاتجاه النصوص المصنوعة في السماء