شطر الذرة واكتشاف المجرة …

ممدوح بيطار :

  مهداة   الى  زغلول   النجار   وبقية   الزغاليل  .

  يمكن القول ان  أزمة العقلانية  العربية الاسلامية مزمنة  , بدأت مبكرا في التاريخ الاسلامي … يقال أيضا  على  أن  الأزمة بدأت بانتصار  ابن حنبل على  المعتزلة ,هناك من  يرى بداية الأزمة بانتصار  المماليك (المدرسة العسكرية ) على الخليفة , الا أن  هزيمة العقلانية   بدأت  بشكل واضح أو تكرست بانتصار الامام الغزالي على الفلسفة والفلاسفة,  اذ  بدأت بشكل  واضح  أسلمة المنهج الفلسفي  والابتعاد عن المنهج اليوناني والاقتراب  من المنهج العاطفي والابتعاد عن المنهج العقلاني والاقترب   من    النقلي   في التعامل مع  الأزمات   ومشاكل  الحياة   .
 هل من الممكن قيام شراكة  أو حلف  أو حياة مشتركة بين العقلانية  والخطاب الديني الاسلامي ؟؟, نعم  من الممكن  في  أطر تنظيمية مؤقتة مؤسسة على الكثير من القسر   والاجبار  , على المدى البعيد  أو حتى المتوسط    لايمكن  للعقلانية   أن تتعايش مع الخطاب الديني  الاسلامي ,  لأن التعايش  يعني لوي رقبة كل منهما , بشكل يشوه كل منهما  ويؤسس  لمنظومة  التلفيق  والترقيع  والمخاتلة .
هناك ضدية  موضوعية بين الخطاب الديني الاسلامي  والعقلانية , ضدية  لاتمس بعض الأقكار  وانما  تشمل كل الفكر , ضدية في العمق , فللعقلانية  نظم معرفية  ومسلكية  تراكمية  وخبرات تطويرية , اساسها  تباين مايمكن  أن يوجد مع الموجود , بينما  يعتمد الخطاب  أالديني  الاسلامي  على مرجعية ثابتة, تآكلت واهترأت  على الأقل بعامل التقادم .
  أساس الفكر الديني الاسلامي هي  منظومة “المعوقات ”, بينما  أساس العقلانية  هو  عدم الاعتراف  بأي عائقة تقف  أمام العقل ,     العقلانية  تصنع من الواقع “نصا” مؤقتا , بينما يريد  الخطاب الاسلامي الديني  من النص  أن يصنع  الواقع , العقلانية  تسأل    وتبحث عن الجواب  الملائم  لظروف الحياة الآنية والمستقبلية , الخطاب الديني يسأل  ايضا , الا  أنه يبحث عن الجواب في مجاهل  التراث  العتيق , الانسان الغربي يسأل  كيف يمكنه شطر الذرة  , يجد الجواب العلمي ويشطر الذرة , العربي الاسلامي  يسأل عن شطر الذرة  فيجيبه  زغلول   النجار … شطرناها   قبل  1400  سنة , والدلائل موجودة في القرآن , وماذا عن  نتائج  الشطر القرآني ؟ هنا   تنهال      التحقيرات والتهديدات  والشتائم  على  طارح   السؤال  , لأن  سؤال من هذا النوع يعني  الشك  في المقدرة الالهية ..كفر وزندقة !!,
 أما عن الفقر  والتعتير  والتأخر  فيجيبك الخطاب الديني  , انها المؤامرة  على الاسلام  ,  لايطعمونا   ولا يسلحونا ,  و يضعوا  العوائق أمام لاجئينا , لايحاربون من  أجل حريتنا  ولا ينقذوننا …….كل ذلك سببه  مؤامرة  شيطانية  ابليسية, أما الاتكالية والقدرية  ومحاولة  تدبير  أمور  الأرض  بأحكام السماء  ,  ثم   الورائية والميتافيزية   المغيبة   للعقل … ..كل ذلك بريئ  من تسبب  الانحطاط ,  
من ناحية يهاجم  الاسلاميون  مفهوم “العقلانية”  , ومن ناحية  أخرى  يدعون بأن الخطاب الاسلامي هو خطاب العقلانية  , البرهان على     ذلك    ذكر القرآن  لمفردة  “عقل”  حوالي  مئتي مرة …قول القرآن   “لعلهم يعقلون !!!” هو البرهان  المقنع   القاطع لعقلانية الخطاب الديني  ,  بهذه الترهات  يحاول الخطاب الديني  الاستيلاء على عقول  الناس  , بالخرافة  يقتل  الخطاب الديني العقل , وبالتالي  يمنع من   أن يكون  الاصلاح انشائيا  انما وهما  وتوهما.
 
كلما تمددت الخرافة   انحسرت العقلانية  , وتقلصت  امكانية  فهم  الاخفاق والفشل الذي  أصاب  الشعوب  المبتلية بالخرافة ,لم يتجاوز شعب  في العالم كبوة  أو نكسة انحطاطية ,الا عن طريق الالتزام  بقوانين السببية  العقلية , أين هو الشعب  الذي  نجح في تجاوز  محنة  ولو  جزئيا  باعجازات زغلول النجار  الخرافية ؟؟؟الكارثة  ليست   بشخص زغلول النجار فقط  , وانما بتحول  معظم الناس الى زغاليل …. الى خراف  تقودها الخرافة الى العدم.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *