أولية الدولة على الأمة..

هانس يواخيم :

   اقامة الدول بحدود جديدة ليس بالأمر   السهل  في هذا العصر , وما ينطبق على أوروبا والاتفاق هناك ,على أن الحدود التي رسمت بعد الحرب العالمية الثانية  , هي  حدود  نهائية ينطبق على بقية العالم تقريبا , فسوريا التي فرضت في عشرينات القرن الماضي من قبل المنتصر في الحرب العالمية الأولى بحدودها المعترف بها دوليا , هي سوريا التي يمكنها أن تبقى كما وجدت .

منظومة الدولة القانونية هي المنظومة المعمول بها عالميا  وفي  هذا  العصر , هذه المنظومة ليست قومية بشكل خاص , أي أنه من الممكن أن يتكون مجتمع الدولة من عدة قوميات أو أن يكون لعدة دول قومية واحدة , كذلك الأمر بالنسبة لمفهوم الأمة , يمكن لمجتمع الدولة الواحدة أن يتضمن عدة أمم , ويمكن لأمة واحدة أن تتوزع على عدة دول,  مفهوم الدولة   بالصيغة  القانونية  الدولية   هو  المفهوم  ذو  الاولوية   مقارنة  مع  مفهوم  القومية-الدولة   أو  مفهوم  الأمة -الدولة,   الدولة  بصيغتها   القانونية   هي  كيان  غير  مجرثم   بالقومية   ,  التي   تمثل  الطريق  الأقصر   للعنصرية  والشوفينية   والغير  مجرثم  بمفهوم  الأمة    المطاط  والهلامي ,  فالدولة   هي  مشروع  سياسي   ذو  اطار  اختياري   يرتكز  على  قناعة  انتمائية ,  الدولة  بشكل  مختصر هي      ترجمة  لعقد  اجتماعي     أي  “اتفاقية ”  بين   الناس   ,    وكل  انسان   يستطيع   الانضمام  الى  هذه  الاتفاقية   وذلك  بغض  النظر  عن   انتمائه  الثانوي  ..الديني   … القومي  …العرقي  الاثني   ..الخ .

هناك  العديد من  المشاريع  بخصوص   ألدولة   , وبالنسبة  لسوريا  يمكن  اعتبار   المشروع   السوري  القومي  الاجتماعي   نظريا  من  أكثر  المشاريع  قابلية  للتصور   , وحتى   الانشغال  بهذا  التفكير   الآن  عمليا   هو  نوع  من  الهوس  والجنون , فقبل  توحيد   الدول   يجب  اقامتها   , ولاوجود    لدول   في     سوريا  الكبرى   باستثناء  اسرائيل   ,  فلا   سوريا  بقيت  دولة  ولا  لبنان  دولة  ولا  العراق  دولة  ..  وقبل   التوحد  مع   الخارج   يجب   تحقيق   التوحد  في  الداخل   جغرافيا  وبشريا  ,  لقسم  كبير  من  سكان  سوريا  هوية   عربية  أو  هوية  اسلامية  عابرة  للحدود  ,  حديثا   استيقظت   الهوية   العثمانية  ,  هؤلاء  جميعا   مواطنون    للدول   أو  الكيانات    أو  الأوهام  ,  التي  تعبر  عنها  هويتهم   الطوعية   ,    انهم  مواطنون  الدولة  الاسلامية   او  مواطنون   الدولة  العربية  او  الخلافة  العثمانية , ولا  علاقة  للغير  بأوهام  هويتهم   ,  وكون   دول  هويتهم  وهم   هو  شأنهم ,

لكي   لانغرق   بالأوهام  كما  غرق   الغير ,  يجب وضع     المشاريع    الجنونية   التخيلية -التوهمية   على  قائمة  الانتظار  , لم تتحول   الدولة  السورية   لحد  الآن   الى  وهم ,   وذلك  بالرغم  من  انها  تسير  في  طريق  الأوهام   منذ  مئة  عام    , يحق  للسوري   بالرغم  من كل  ذلك   ان  يحلم    عندما  يكون   الأمل  بتحقيق  احلامه  موجود   ,  ستكون  سوريا  محظوظة  جدا   لو  تمكنت  من  الحفاظ  على  صيغة  سايكس-بيكو   الجغرافية  والقانونية   ,   لايتعارض     هذا  الترتيب  المرحلي  مع   اعتبار    شعب  سوريا  الكبرى  ممثلا  لأمة  كاملة  متكاملة  , ألا  أنها  موزعة   على  عدة  دول   …  أين  هي    المشكلة  ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *