نيسرين عبود:
قرن كامل أنقضى , وبالناهية لاوجود الا للأنقاض , قرن كامل لادارة مشتركة ومتشابكة بين العروبة والاسلاموية , انتهت في مرحلة متوسطة الى صناعة مخلوطة بين العروبة والاسلام , عن هذه المخلوطة عبر ميشيل عفلق يقوله ان الاسلام عروبة والعروبة اسلام , وبذلك انتهت العروية المجردة سياسيا , وانتهى الاسلام السياسي المجرد دينيا .
رفض العروبة الاسلامية ليس ولادي بالتوريث , انه مكتسب بالخبرة والمعاناة , لا علاقة له بالحب أو الكره , فمعظم أمم وشعوب الأرض تغير من يحكمها ليس بعد ١٠٠ سنة وانما بعد حوالي خمس سنوات , كان أوباما وجاء ترامب وهل من قاسم مشترك بينهما ؟ , لم يتيقن الشعب الأمريكي من سياسة أوباما وعلى الأرجح سيعود أباما آخر بعد ثلاثة سنوات , اذ يبدو وكأن ترامب سوف لن يحقق انتظارات الشعب الأمريكي , لذلك عليه الذهاب .
اما في بلادنا فهناك استعصاء و استصعاب للرحيل , الحاكم يبقى لطالما بقي الحاكم على قيد الحياة , والنظم تبقى لطالما بقي حجر على حجر في البلاد , اننا نستصعب التغيير الى حد جعله شبه مستحيل , , فبالرغم من فشل النظم نحاول الحفاظ عليها لأسباب عدة …منها مثلا مفاهيم الثوابت أو القدرية أو المؤامرة أو الاتكالية أو الشللية .
داهمت العالم العربي في القرن الماضي موجات من البحث عن الهوية , التي ليست هواية وانما تحديد للطريق الى الهدف , موجة الهوية العربية ولدت في اعقاب الحرب العالمية الأولى , وتكثفت بعد الحرب العالمية الثانية وفشلت في عام ١٩٦٧ فشلا نهائيا ومريرا , بعدها أتت موجة الأممية الاسلامية في النصف الثاني من القرن المنصرم عقب فشل الموجة القومية الأولى , وبعد فقدان الثقة بالمكون العربي , كانت هناك الصحوة الاسلامية , التي حاولت التملص من سمعتها السيئة عن طريق انتحال الصفة المدنية للدولة التي يحلمون بها , لكن سرعان ما انكشف الأمر بعد ان ضمت الصحوة مفهوم المرجعية الاسلامية الى مفهوم الدولة المدنية , وبذلك عدنا الى حيث كنا مع حسن البنا وسيد قطب , وعاد الجهاد والارهاب والتفجيرات والدهس والرفس والسكاكين .
اننا أزاء تجربة من طورين وموجتين كلاهما فاشل , كنا نبحث قبل ذلك في أوائل القرن العشرين عن هوية اعتقدنا بأننا وجدناها في القومية العربية , والبعض اعتقد بأنه اكتشفها في النصف الثاني من القرن العشرين بعد فشل القومية العربية , لقد أكتشف الأممية الاسلامية المتمثلة بالخلافة العثمانية , وهذه الاسلامية لم تنجح الا في تعجيل التخريب والخراب وفي القضاء على مشاريع بناء الدول .
الفشل يعني عدم جدوى الانتماء السابق القومي العربي والأممي الاسلامي , والعاقل لايعطي للأممية الاسلامية فرصا أكثر من الفرص التي أتيجت لها , ولايعطي للقومية العربية مزيدا من الفرص , بعد أن أعطيت فرصة العمر , ولا يعقل اعطاء القومية العربية والأممية الاسلامية قرنا اضافيا , لذلك نجد في سوريا بداية بحث جديدة وبداية تبلور انتماء جديد -قديم هو الاانتماء السوري , الذي لايعني الشكلية والرمزية فقط وانما العملية , الانتماء السوري كهوية يعني وضع سوريا فوق الجميع ومصلحة سوريا فوق مصلحة الجميع واعتبار سوريا فهما وادراكا وارادة وطنا نهائيا , والسوريين شعبا مستقلا يريد التحول الى مجتمع تمثل تعدديته وحدته , وذلك لبناء دولة حديثة حرة ديموقراطية علمانية .
ممدوح بيطار:syriano.net
رابط المقال:https://syriano.net/2020/04