العروبة هي اسلام , والاسلام هو عروبة , وبالرغم من ذلك , هناك منذ قرن خلافات تطورت أحيانا الى حروب أهلية , أو ذاتية بين العروبة القومية والاسلام السياسي ,لم تنته الحروب ولم يكتمل التدمير الذاتي المتبادل , ففي سوريا ننتظر للأسف فصلا آخر للحرب الذاتية بين جبها ت اسلامية سياسية شيعية وسنية , تقديرا سوف لن تكون هذه الحرب الأخيرة.
تمكن الصدام الدامي السوري بين العديد من الأطراف , من أهمها الاسلام السياسي الشيعي والاسلام السياسي السني , من افراغ فضاء البلاد من محتواه كدولة ,وأنهى وجود سوريا كدولة , برهن أيضا على أن كل اسلام سياسي هو توحش …ان كانت السلطة المرتشحة بالاسلام السياسي الشيعي , أو الفصائل المسلحة التي تبلور الاسلام السياسي السني , برهن أيضا عن ضعف الفكر القومي العروبي , الذي تنكص بسهولة الى العائلية والفئوية , لذلك انتهىت بفعل هذه الحروب الثقة بالفكر القومي العروبي , وانتهت الثقة بالاسلام السياسي , الذي عبر عن كون شعار “الاسلام هو الحل ” مزيف واسم مستعار للاسلام هو الانحلال … تقييم قاس !! , الوضع الحالي الخالي من أي مفعول حضاري, لايسمح للأسف بتقييم أفضل ! , التاريخ بحاضره وماضيه تحول الى مادة للتشدق والعلك ,العروبة أصبحت شبحاً مطاردا ومنتحرا , فيما بات الإسلام الساسي عابراً وتائها وانتحارياً.
.في هذه البلاد يولد الانسان ويموت في نفس اللحظة , انها حالة خطيرة ومريبة وعدمية جدا!! , ونافية لقوانين الكون , اننا من اخترع وأبدع …. وهل هناك في العالم أجمع من يولد ويموت في نفس اللحظة ؟ , لقد تصالح السوريون على مايبدو مع الموت , واتفقوا معه على تقاسم الأدوار …ننجب طفلا .. يأخذه الموت في نفس اللحظة التي يولد بها , الأمر أكبر من صلح مع الموت , انه حالة من تعضي الموت في الجسد الاجتماعي السوري , لقد اعتاد السوريون على الموت الغير مناسب في العمر الغير مناسب , اعتادوا عليه, وكأنه عضو من اعضاء جسسدهم تشريحا ووظيفة , اعتادوا عليه كمضمون لحياتهم اليومية …
لقد اضحى العنف تفصيلا طبيعيا من تفاصيل حياة السوريين , حتى أن العرف لم يعد يستهجنه , القتيل شهيد , ولا يحيى الوطن الا بكثرة الشهداء , وماذا لو استشهد كل السوريين ؟؟ , الموت قتلا أصبح الجزء الأهم من حياة الوطن …لذلك لم تعد هناك تعزيات بالفقيد , انما تبريكات برحيله الى السماء .. حتى النعوات تطورت الى اعلانات عن عرس الوطن , تطور الحزن على القتيل , الى فرحة بمقتله , وهل هناك من رتبة اجتماعية أعلى من رتبة الشهيد في هذه البلاد المريضة ؟؟؟ …
اعتدنا على التفاخر بالموت , كاعتيادنا على رائحة الجثث وحملها وغسلها وتكفينها , هذه هي الثقافة الوحيدة التي نجيدها , ونتمكن منها , وكم سنبذل من جهود لكي ننظف ارواح أطفالنا من رجسها .
الشهادة تعبير اسلامي , واذا تجاهلنا الدوافع الدونية للاستشهاد مثل المكاسب الجنسية والحور العين ..الخ ,واعتمدنا على ما يقال بأنه أنبل , أي أن الشهادة هي الموت في الجهاد في سبيل الله , وليس كما يقال لنا بأن هؤلاء الشهداء قد ماتوا من أجل الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية , الموضوع اذن مخاتلة وكذب وتزوير , اذ لاعلاقة للشهادة بالحرية والعدالة الاجتماعية والديموقراطية , ولا مع نصرة الأوطان والاستقلال والحياة الأفضل للناس , يحول الانسان نفسه الى شهيد , لأن له بهذه الصفة أجورا عظيمة , كدخول الجنة ومغفرة الذنوب والقرب من الحور العين المتجددات بغشاء بكارة أصلي وليس صيني , يجب أن تكون النية عند المتحول الى شهيد نصرة دين الله ورفع راية الاسلام وليس فقط مناكحة الحور العين , وما هي علاقة مشاكلنا بكل ذلك ,؟؟؟
هل يحتاج القادر المقتدر على كل شيئ لمعونتنا ؟ واذا كنا نحارب ونموت من أجل الحرية والاستقلال والعدالة الاجتماعية , فلماذ يتم دمج كل ذلك مع الله , الذي لايعرف أكثر من نصرة الطغاط والظالمين , ….من جاءنا بالأسد و البغدلدي والظهراوي والجولاني وغيرهم ؟؟؟فكيف نقاتل ونقتل في سبيله ,وقد كان على مر العصور حليفا للشر.
لم تنجح العروبة , ولم ينجح الاسلام السياسي في القرن الأخير, سوى بافشال مشاريع اقامة “الدولة” أو الوطن , ومن مظاهر الفشل الحالية عدم تمكن سوريا والسوريون من صناعة منهجا يضمن التطور الى الأفضل أو على الأقل الاستمرار في الوجود …حبل الجبل وولد فأرا !!!, ففي سوريا يموت الانسان من أجل دولة اسلامية لايمكن لها الا أن تكون داعش الكبرى , وفي سوريا يموت الانسان من أجل أسدية سوريا العائلية, لاتقدم سوريا حاليا سوى منهج الاسدية أو منهج الأصولية , وهل يمكن للانحدار والانحطاط أن يكون أقسى من ذلك ؟؟. لايسمح الوضع السوري بتقييم أفضل , فالعروبة انتحرت والاسلام السياسي قضى نحبه انتحاريا . لاوجود لدولة عربية من المحيط الى الخليج, ولا وجود لدولة اسلامية أممية,الوضع صعب التحمل , والمستقبل بدون أمل , وهناك من فقد أعصابه وتمنى زوال دولة الحطام والخراب بكاملها ! , وما هي قيمة هذه الدولة عندما يفقد كل شيئ معناه ..حتى الكلمة فقدت دلالاتها وأصبح الدجل مضمونها …
الاصلاح والصلاح مفردات فقدت حتى لدلالتها المعجمية , مفردات لا تتضمن من دلالة , الا ضمانها لحرية الفساد وانفلات اللاوطنية , في هذه البلاد التي يريد أطراف الحرب اصلاحها,و لاوجود الا للغير صالح , لا ينمو في هذه البلاد اللعينة الا الزور والتزوير من قبل سلطة تتبجح ببعث الماضي من جديد , وأصولية تريد أن تكون الخلف لسلف أكل الدهر عليه وشرب .
لنسأل أنفسنا جديا , هل هناك من فروق أساسية بين الأصولية والبعثية , وكم هي دونية أحلامهم , عندما يريدون احياء ماض عمره 1400 سنة , تصوروا ذلك العقم وتصوروا فداحة التغني بالعقم …انهم مخاصي ويفخرون !فاتح بيطار :syriano.netرابط المقال :https://syriano.net/2020/03