المتكبرون المكبرون……

خالد  عمران:

لم يقدم المسلمين أي تنازلات في الثورة للمضي بمشروع وطني وتحقيق دولة المواطنة ، فتنكروا حتى لغياب الثقافة التعددية في مجتمعنا ، بل هم يعتبرون أن أكبر دليل على وجود تعددية ، هي وجود أو بقاء أقليات في الوطن السوري ، ومن هذا الوجود استنبط واستخرج تأويلات التعددية ، ولكن جميعنا يعرف كما يعرف المسلمين ، أن الإسلام كدين يتضمن برنامج أسلمة سيؤدي مع الزمن ولتضمنه القسرية على تأسلم وأسلمة جميع الملل “التي تشكل شوائب ” للدين الموحد الأوحد الذي لا عيب به ولا يقبل مشاركة الحق والحقيقة !.
وبل تفاجأنا أن معايير الاستعمار تخضع لعوامل ومسوغات ، فالاستعمار يخضع لبرنامج تقيميي لاستخلاص نتيجة رفضه ، وليس رفضه أمر بديهي ، ورفض كل حجة في حماية مكونات مجتمعية أو حماية مصالح دولية ، فقد وجدنا أنه حتى لدى عموم الشباب المسلمين هناك يقين بأن الاستعمار العثماني “كان فتح مبين” ، ويبدو أن الثقافة السورية الموجودة في الحجارة قبل الكتب تخضع لتغيير جذري في المنازل الإسلامية والتربية الإسلامية في البيوت والمساجد المغلقة والتجمعات السرية ، فهناك ثقافة إسلامية كانت تنشر وتجلت في الفجوة التي ظهرت في الثورة السورية ، فتفاجأنا بأن السوريين والمسلمين خصوصاً يحملون ثقافة ليست فقط لا تنسجم مع الثقافة السورية ، بل تتضارب وتتضاد متعها لحد إفنائها ، فهناك رفض جذري لكل الحضارات السابقة لكونها ليست توحيدية ووثنية ، ورفضها أدى لقطيعة مع نتاجها والهوية الإنسانية التي تقدمها ، فلا عجب في سيطرة التوحش على المشهد العام ، لكون القطيعة مع التاريخ تخلق نوع من الحنين للطبيعة الحيوانية للإنسان !.
كيف لا يريد المسلمين الاعتراف بأن واقعهم مزري ومهزوم ، وإن اعترفوا تعاملوا معه ككبوة الفرس ، من دون الأخذ بالأسباب العلمية ، بل حتى من دون الوعي لسخافة مفهوم الكبوة عند الفرس ، وكأن الفرس لا يخضع لحقيقة بيولوجية بالفناء ، فحتى الثقافة في القرن الثامن عشر أخذت الشكل البيولوجي في الفهم ، بكونها تستمر وتتطور بالعلاقات الإنسانية وتمدنها ، فالمسلمين حتى الآن بتدينهم ومعتقدهم الإسلامي التسليمي لا يريدون أن يعترفوا بأنه من مسببات صعوبة التمدن وخلق الثقافة المدنية في المجتمعات الإسلامية ، فأبسط الأمور “الحجاب” مازال هناك تسويقف لها بأنها دليل العفة والطهارة من دون الوعي إلأى المخاطر التي تنمو خلف هذه الخرافات ، فالمجتمعات الإسلامية تميت الاختلاف أو لنقل أنها تحاول ، لكون الاختلاف حتمية طبيعية لا تقبل الافناء ، فمازال التعامل مع المرأة الغير محجبة يخضع لارتباك واباحية في حرية تواجدها مع خلق بعض الصعوبات أو التضييقات لدفعها للتراجع عن سفورها !.
ثم كيف لنا أن نستمر بثورة أصبحت تحتضر ، وأصبح معيار فشلها ونجاخها له علاقة بكل خريطة المنطقة وواقعنا الثقافي العربي والإسلامي ، من دون القول بداية أن العامل الديني يتعارض مع مفهوم الدولة المعاصرة الذي هو من أهداف الثورة ، أي هل الاستمرارية بالتوكل والتوكيل على المصادفات في خلق النجاح كانت أمر نافع ومفيد ، أليس قمة الواقعيةى والمنطقية والموضوعية أن إسلامية الدولة أو إبقاء الخلفية الإسلامية للمجتمع المدني وكأن المجتمع المدني غير قابل لاحتواء المسلمين ، هو أمر معيب بحقنا كشعوب حضارية ولها رصيد تاريخي لا يتوقف عند حدود أي هوية دينية سواء كانت يهودية أو مسيحية أو إسلامية !! ، بل يوجد نوع من الغمز واللمز لكون أن الإسلام هو من يحتوي المجتمع المدني ، وكأن المجتمع المدني هو شكل بدائي لا يرقى لحال المجتمعات الإسلامية القبلية الاقتتالية التناحرية !!.
لابد من القول والمصارحة بكل موضوعية أن محمد وحتى المسيح رغم كل المحاولات التنويرية التي جلدت بها المسيحية وكذلك موسى وعصاه السحرية هم غير مقبولين في المجتمع المدني الذي يتسم ويتميز بنوع من الحريات الشخصية والاجتماعية للجميع من دون أي مفاضلة أو تمييز لأحد على آخر ، وعدم قبولهم هو من كونهم بفلسفاتهم الدينية لا ينسجمون وبل على نقيض مع مفهوم العدالة الاجتماعية والمساواة ، ولايجب أن ندينهم ، فهم قدموا بالأديان ، والأديان فكر غيبي ، والفكر الغيبي يتطلب تهميش لما يشابههة وذلك ليحقق متطلبات وجوده ، أي ما نعيبه على الإسلام كفكر رجعي أصولي إقصائي وتهميشي للمختلف هو يتضمن كل فكر غيبي وليس حكر على الإسلام ، ولكن نصيب الإسلام الكبير اليوم ، هو بسبب هذه المكابرة الفارغة والأمميزية الوهمية والعنجهية في التربية الإسلامية التي خلقت أفراد لديهم شعور عميق بالتميز ،ولكن الواقع لا يعنى بشعورهم الساذج، فأصبح العنف سلوك عقائدي في محاولة ساذجة في تأكيد الذات والوجود ، فنراهم ينتحرون بشكل مجاني في قربان الأمم ، من دون أي تعويضات ، إلأ اللهم في السماء ولو بشكل تعريصي ، ولكن على الأرض هم الخاسر الأكبر!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *