مولودات من رحم الاسلام !

ممدوح  بيطار:

  لايكتنف  الغموض   أمر الدولة العلمانية , فهذه الدولة  قديمة نسبيا وتمثل النموزج  الحي  للأنظة الغربية  والأمريكية وحتى الشرقية  ..الى اليابان والصين وحتى تركيا  أتاتورك ,نعرف عن هذه الدولة الكثير ,خاصة مبدأ  الفصل بين الفضاء الديني والفضاء السياسي  , ثم مبدأ  الدفاع عن  الاعتقاد  ان كان ديني   أوالحادي أو  سياسي  أو غير  ذلك  , وضمان  المساواة بين الجميع  , فلا وجود لكافر زنديق  أو مؤمن  طاهر, العلمانية تحترم الانتماء الشخصي , والديني  هو انتماء  شخصي ,الحريات الشخصية هي ممارسة لحرية الضمير  ,حتى  أن بعض الدول العلمانية  تبوب    أمر الخدمة العسكرية  في باب حرية الضمير ,اذ لايمكن  سوق مواطن ألماني الى الخدمة العسكرية عندما  يدعي  بأن    استخدام السلاح  بشكل ما  لايتفق مع ضميره  , لذلك يعفى من الخدمة العسكرية ,

هذا موجزمختصر ومبسط جدا جدا ,أردت عدم الاستفاضة به  لكونه  واضح  ومعروف  وقد كتب  عن العلمانية  مليارات الكتابات   , فلاداعي للزيادة  ,الا  أن موضوع الدولة المدنية   الاسلامية  فهو   أمر  آخر  نظرا لعدم وجود  مايكفي من دراسات حولها في الأدبيات الاجتماعية   أو السياسية , حتى  أنه  لاوجود  لهذا المصطلح الحديث   أوالشعار  المحلي  في العلوم  السياسية أو الفلسفة السياسية، (الفلسفة المدنية)، أو علم الحقوق

لقد استخدم الاسلاميون هذا المصطلح  في الخمسينات في مصر بعد الثورة , روجوا له   على أنه يمثل حقيقة  الدولة الاسلامية  , ثم   تم تبني هذا الشعار من قبل  الصحوة الاسلامية في  ثمانينات القرن الماضي  وتسعينياته  ,بشكل عام يمكن القول  بأن  هذا الشعار  يحمل  الضديات  التي  تزاوج الشيئ ونقيضه ,وبذلك  يخالف هذا الشعار  طبيعة المفاهيم  والمصطلحات التي  ترفض ازدواجية  المضامين  وتعاكسها ,  لايمكن  للفكرة  الواحدة أن  تجمع  الضديات !

تناول كثيرون  هذا الشعار بالتعريف ,وأكثرهم  قال   بأن هذه الدولة هذه الدولة تحقق  العديد من من المطالب المتعلقة بالمواطنة  والمساواة  بين الناس  وبالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان وغيرها من المطالب المتصلة بحاجة الشعوب  إلى التطور والتنمية،  وتستمد قانونها  من الشريعة الإسلاميةّ,   اذا اعتبرنا  أن  معظم  أو حتى كل الدول  العربية  هي  بشكل  أو  اوبآخر   هي دولا دينية  ..مضمونا  أو هيكلة  أوكلاهما , فان  الدولة  المدنية     المحلية  لاتختلف  بالكثير عن هذه الدول  الا  بعزم الدولة المدنية  ارساء قواعد الديموقراطية والمساواة   , وأيضا بما يخص “العزم”  لافرق  بين  دولنا  والدولة المدنية  فدولنا الحالية  عقدت العزم  على ذلك , الا  أن الظروف  لم تسمح ….هكذا يدعون!, وأغلب الظن على  أنها  سوف  لن تسمح يوما ما   بتحقيق المساواة  واعتماد الديموقراطية  ومواكبة  الركب الحضاري الحداثي كمبدء   لممارسة الحكم.

لطالما  تستمد  الدولة المدنية  قانونها من الشريعة الاسلامية ,لذلك فانه  ليس من المتوقع  لمشروع الدولة المدنية   أن يكون  شكلا مختلفا   عن  ممارسات  المدرسة العربية الحالية التي انجبت  قطعانا   من  الممارسين للخنوع تجاه  الجلاد , ومن الذين  كبروا  وترعرعوا  في  سياق الثقافات الخرافية الطلامية  وحافظوا بالتالي على  خاصة التخلف  العلمي والسياسي والاجتماعي ,من يعتمد   الشريعة الاسلامية  لايستطيع   الا  الحياة  في دولة اسلامية بقضها وقضيضها  …فتاوى .. أمير المؤمنين  ..ولي الأمر .. جهاد  .. غيبية   تعدد الزوجات  ..حقوق المرأة    ..ختان .. حجاب ..  اختلاط  … حقوق الانسان  ..الخ  ,بيت القصيد  في الدولة المدنية هو الشرع الاسلامي  الذي    يستطيع تحويل اي كيان سياسي  الى  كيان اسلامي  كما كان الكيان الاسلامي قبل 1400 سنة

من  ينظر الى  الدولة الاسلامية  الايرانية   يجد بها  الدولة المدنية التي  تريدها الصحوة الاسلامية    بقالب سني بدلا من القالب  الشيعي , يجد  تطابقا مدهشا  بين   وضعها العملي وبين مايمكن فهمه  عن  دولة الصحوة  الاسلامية المدنية ,معظم  ماتعرضه هذه الدولة من خصائص    يمكن اعتباره  شكلي  باستثناء  الشريعة  فأمرها بمنتهى  الجدية  , انها دولة الشرع الاسلامي , والخامني  هو   أمير مؤمنينها   الذي يتمايز بعض الشيئ  عن  أمير مؤمنين القرن االسابع.

ولنسأنل  أنفسنا  عن  امكانيات  الدولة المدنية  في  تحقيق  ماحققته العلمانية  ,فهل  تتمكن مدنية  الصحوة من تحقيق   ماحققه مفهوم العلمانية على الصعيد الحضاري من  انهاء الصراعات والإضطهاد الطائفي والحروب الدينية في الدول التي ترسخ فيها هذا المفهوم،  الدولة المدنية  المغلفة  بالشريعة الاسلامية  سوف لن تقتدر على  ذلك   , بل بالعكس  سوف  تتأجج  الصراعات  الطائفية  لكون الشريعة  الاسلامية ليست شريعة كل الناس  , اضافة الى ذلك    لاتوجد شريعة  اسلامية واحدة  وانما  العديد منها  ومن  أهمها  الشيعية  والسنية   , وبسب الاختلافات  بما يخص الشريعة  هناك  حروب  بينهم على مدى 1400 سنة , حروب  سوف لن تنتهي على المدى البعيد.

العلمانية  لاتحدد  شكل الايمان الشخصي  ولا تفرق بين الملحد والمؤمن ,فكيف  ستتمكن الدولة المدنية المزودة بالشريعة  الاسلامية من التعامل  مع بقية الأديان وخصوصا الملاحدة …يقال   بوجود في القاهرة  وحدها ستة ملايين ملحد  ,العلمانية إ ألغت  الفتاوى  بشكل مطلق  , فهل  سيلغي الشرع الاسلامي   في الدولة المدنية  الفتاوى؟ ,ومن  يعتقد بذلك ؟, في ظل العلمانية  سجل التاريخ  اعظم نهضة علمية   يمكن للتاريخ  ان يسجلها  , فهل  ستتمكن مدنية الصحوة من  رعاية  التقدم العلمي  كما فعلت العلمانية,  وماذا عن  الفلسفة  وعن النقد والمقدس و التحليل والنقض  وتعدد الزوجات والمهر  وحقوق المرأة  الخ

اذا اعتبرنا  ان  كل الدول العربية  اما  اسلامية  كالسعودية   أوشبه اسلامية  ,واذا تمعنا  في   أمر  الدولة المدنية  وقطعيىة  الشريعة   ,  لايمكن   الا  التنبؤ  بأن هذه الدولة  ليست الا دولة  اسلامية بامتياز  ,  أي  أن  مفهوم الدولة المدنية  المحلي  سوف يحول  الدول العربية شبه الاسلامية الى دول  اسلامية بامتياز  وبذلك تحقق مايريدونه الاسلامين  وفي  مقدمتهم الاخوان.

الدولة المدنية والدولة الإسلامية شيء واحد (فهمي هويدي) ,دولة  مدنية   مرجعيتها  اسلامية  وتقوم  على   أساس  البيعة والشورى  ومسؤولية   الحاكم   أمام  الله ,  هي  دولة  سنية  دينية(القرضاوي) , نظيرة  لدولة   الملالي   الدينية  الشيعية   …..كلهم  من  رحم  الاسلام !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *