سمير صادق:
* شعوبنا من أكثر شعوب العالم تحدثا عن الديموقراطية , ومن أقل شعوب العالم ممارسة لها ,والمعارضة هي ركن أساسي من اركان الديموقراطية , ففي سنين النظام الطويلة لم يسمح لأي معارضة أن تزهر أو تثمر, مصير كل معارض كانت التصفية بشكل ما …السجن …التعذيب …القتل …او الهروب او الاستسلام …
فاحت من الحالة الاقليمية وخاصة الدولية رائحة ظاهرة المعارضة , شرقا وغربا , ونحن في الوسط , نرى معارضة عند جيراننا على الجانب الآخر من المتوسط , ونسمع عن المعارضة في معظم دول العالم ودورها البناء في بناء البلاد , ثم نقرأ عن المعارضة التي قلبت السلطة , وأرسلت الحكومات الى صفوف المعارضة ..كل ذلك يحدث بشكل روتيني وغير متشنج , تلقائي وطبيعي ولاأحد يشكك به .. من شدة طبيعية المعارضة تحولت الى شبه غريزية ,نحن على العكس….!!, نحن كيان بمعظم جوانبه , خاصة الجانب السلطوي , متأخر لاديموقراطي ,ولا يتقبل أي معارضة , لذا أعتقد بأنه لاحاضر له , وعلى هذا المنوال لامستقبل , أي أنه يعيش في آخر الزمن ..
التشويق الخارجي لشيئ من المعارضة , اضافة الى الغاء هذه الظاهرة في هذه البلاد , قاد الى الشعور المتطرف بأهميتةا وضرورورتها ..المحجوب مرغوب , من أشكال هذا التطرف في الاشتياق لهذه الظاهرة والشغف بها , كانت الأنانية في حب تملكها , كل انسان يريد أن يكون رأس وجسد المعارضة , يريد ابتلاعها , لا يأتمن أحدا عليها..! , الشعور بالأهمية جامح ومتأجج ومتطرف , وهذا الشعور كان ممانعا للانطواء مع الغير تحت جناح معارض , وبالتالي تكرست الفردية ,الفرديةهي من أهم نقاط الضعف في أي معارضة , المعارضة التي تعارض سلطة فردية , تصاب بعدوى الفردية لاشعوريا ومن حيث لاتريد, تنتقد الفردية ,واذا بها تمارس الفردية بتطرف قد يكون أكثر من ممارسة السلطة لها .
لايمكن للمعارضة أن تطورفاعليتها دون الشعور بأهميتها والحاجة الى هذه الفاعلية , هذا الشعور المحفز هو الأساس , وهذ االشعور يمثل, بالرغم من بعض علاته ,الفصل الأول من قضية التنوير وتحضير اسلوب الحكم ثم تحديثه وترقيته .
الفصل الثاني بعد الأهمية , هو فصل الماهية , أي انه على الانسان المعارض أن يعرف الكثير عن ماهية المعارضة , وبكلمة أخرى عن ماهية الديموقراطية , لأن الديموقراطية هي الحاضن الوحيد لنظام وظاهرة المعارضة , ولما كانت الديموقراطية “أسلوب ” يتطور , أكثر من كونها قوانين ودساتير تتحشب وتتحجر , لذا فان المعارف الثابتة عن ماهية الديموقراطية , ليست بتلك الأهمية البالغة , المهم اتقان اسلوب اللعبة ثم بعدها اللعب , واذا بقي موضوع الديموقراطية والمعارضة مجرد شوق لها وشعور بضرورتها وأهميتها ’ تتحول القضية الى نوع من محاولة استهلاك لما هو غير موجود ..استهلاك والتهام أكلة لم تطبخ ..الجوع يزداد بسبب الشهية الجامحة وبسبب عدم وجود مايؤكل.
الممارسة الديموقراطية المعارضة تهدف الى تكريس أهمية المجتمع, واعادة اعتباره في وجه طغيان السلطة , المجتمع المعارض يحجم ويحدد ويؤطر السلطة ويمنعها من التمادي والترهل والدوران حول الذات , وبالتالي يصبح التقدم أمرا حتميا , المعارضة تمنع السلطة من الانفصال عن الواقع , وتمنع أستذة السلطة ووصاية السلطة الأبوية على المجتمع , سلطة عليها فهم وتحليل التناقضات , وليس تلقين المجتمع مبادئ الانبطاحية والانصياع ,يجب على المعارض ان يتجاوز ردة العفل وينتقل الى الفعل ,المعارض الفعال هو المعارض الذي لايعتبر النقد تجريحا , ولا يعتبرالحقد على أنه الدافع الرئيسي للنقد , اشكالية الحساسية بخصوص الحقد والنقد والتجريح تنطبق على السلطة كما تنطبق على المعارضة , وتمسك أحد الاأطراف بممارسات اعتبار النقد حقد , يحول النقاش والتفاعل والحوار بين السلطة والمعارضة الى حوار طرشان .
يشعر الانسان السوري بضروة المعارضة الديموقراطية , وأظن على أنه يعرف الكثير عن ماهية المعارضة الديموقراطية , وانه متقدم جدا على السلطة في ممارساته وادراكاته وحضارته, أحد أهم المعالم الديموقراطية للمعارضة السورية هوتنوعها وعدم وحدانيتها , تنوع يقف امام سلطة واحدة موحدة, رأسها واحد وقرارها من واحد واهتمامها بهذا الواحد حصرا ,هذه التشكيلة التي تتميز بوقوف تنوع في مجابهة الواحد ,هي ما يمكن تصويره بشكل آخر , هنا تقف الديموقراطية في وجه الديكتاتورية , هنا تقف التعددية في وجه الوحدانية ,لا يجوز التحسر على مايسميه البعض” تشتت “المعارضة , التشتت هو تنوع خلاق , والديموقراطية لاتعرف الا التنوع , وهذا التنوع هو الذي ينتج الطمأـنية بأن ماسياتي سيكون ديموقراطيا حقا .
لابد هنا من التلميح على بعض اعاقات ومصاعب التنوع , انه بشكل عام صحي , الا أنه يحتاج من أجل اتخاذ القرار وصياغته وقتا أطول أو طويلا , التنوع مرفوق عادة بالنقاش والأخذ والرد , الذي يتطلب أيضاعامل الوقت ,ولكن وبالرغم من ذلك لاديموقراطية دون تنوع وتباين , الديكتاتورية لاتعرف الأخذ والرد , فالقرار في رأس الديكتاتور وتنفيذه رهن مشيئته , وبالرغم من ذلك, تبقى الديكتاتورية من أصعب البليات
- تجمع سوريات من أجل الديموقراطية