بما أن العالم العربي – الاسلامي يعيش في واقع مزري , لذلك فانه من المنطقي اتهام الوسائل السياسية والاجتماعية الضابطة لادارة هذه المجتمعات والمسيرة لتطوريها بالتقصير او حتى بالفشل , ومن المنطقي عندئذ القول بوجود ضحالة فكرية عروبية -اسلامية سياسية وبؤس ثقافي سياسي اجتماعي يتجلى بالعديد من النواقص, منها تراكم المحظورات والمحرمات وتقييد الانسان الذي لايختلف ولاديا عن انسان المجتمعات التي ترقت وتطورت وشبعت خبزا وحرية وأمان وضمان وثقة حقيقفية بالذات واحترام ذات كل انسان , ومن الواضح كون هذه الادارة مربوطة بسياسة عروبية -اسلامية سياسية تتفاوت بها نسب العروبية والاسلام السياسي , فهناك ماهو في معظمه عروبي وهناك ماهو هو في معظمه اسلامي سياسي , الا أن الخلفية المتمثلة بالقطعية والدوغماتيكية والوحدانية والتراثية والماضوية واحدة في كل الحالات تقريبا.
ويسألني صديق كريم بصيغة النفي ان كان هناك بديل للعروبية القومية , ثم يسأل آخر ان كان الغاء الاسلام والعروبية ضرورة من ضرورات السير الى الأمام رقيا وحضارة , أي أنه حسب الموقف الأول لاوجود لبديل للعروبية والاسلام السياسي , والموقف الثاني يجنح الى الحلول الالغائية التعسفية , وكأن العقل لايتسع الا للعروبة والاسلام السياسي , متجاهلا بذلك تجارب الأعظمية الساحقة لشعوب هذا الكوكب التي تقدمت دون فكر قومي ودون مرجعيات وهداية دينية اسلامية سياسية .
التنويه بعدم وجود بديلا عن العروبية وعن الاسلامي السياسي يوحي بشيئ من الاستصغار لقضايا الشعوب العربية الاسلامية بشكل عام, اذا لاوجود في هذه الحياة لما لابديل عنه , توجد عشرات البدائل المتوازية في مقدرتها على الوصول الى الهدف , وهناك العديد من المنهجيات البديلة ولا يمكن حصر البديل باتجاه واحد وحزب واحد ومفاهيم واحدة أو قومية واحدة , لم تكن العلمانية التي حلت المشاكل الأوربية حزبا أو دينا دينا أو قومية أو فكرة جامدة أو مقدسة , انها منهج يحرض على التطوير ضمن اطار عقلي علمي …منهج لحكم الشعب من قبل الشعب بشفافية تتطور حسب الظروف والمعطيات , وحتى أنه للعلمانية أشكال مختلفة , وكل شكل قد يتطور الى آخر …. الجمود والوحدانية وعدم المقدرة أو الارادة لاختراع البدائل هي المعيق الأكبر للتقدم والتطور , لا وجود عند البعض لارادة ومقدرة الشك بصلاحية ما هو موجدود , لأن الموجود اما مقدس أو شبيه بالمقدس , ولا يجوز اقالة المقدس أو المس به نقدا حتى ولو فشل أو أجرم , العائق الآخر هو الالتباس بين المخدوم والخادم …كل منهجية أو وجهة سياسية أو اجتماعية أو ممارسة لها أن تخدم الانسان , الانسان الذي يمارس تخديم منهجة أو مسلكية أو عقيدة ضارة به هو انسان الانتحار الطوعي والاندثار .
العروبة التي هي ثقافة أكثر منها سياسة, فشلت سياسيا وبالتالي ثقافيا أيضا , انها كالدين الذي هو عقيدة غيبية , الا أنه يريد أيضا كالعروبة ممارسة السياسة , وكالعروبة فشل الدين أيضا سياسيا , ومعالم الفشل موضوعية لاعلاقة لها بشعور القومي العربي المتكابر المتفاخر والمتجاهل , ولا علاقة لها بانتفاخ وتفاخر الاسلاموي , فالبلاد التي حكمتها الثقافة المسيسة للعروبة من جهة , ومن جهة أخرى الاسلام المسيس , لاينازعها أحد في قاع الانحطاط , الاسلام السياسي المتفاخر والمتكابر والمتجاهل يمارس الكذب على نفسه ويصدق أكاذيبه … نقول له انك جاهل ومتأخر لكونك لاتزال في مرحلة الطنبر, هنا ينفجر المخلوق الاسلامي وينادي زغلول النجار , الذي يسعفة برزمة من اعجازات القرآن , فالنجار الذي لايقوى على أكثر من كسر الجرة شطر الذرة قبل ١٤٠٠ سنة على الأقل … وأين هي قنبلتك يازغلول … انشاء الله … الذي ينصر المؤمنين ..انه على كل شيئ قدير … في الرباط وفي عمان سأل طلاب الجامعات زغلول النجار عن نتائج بحوثه الذرية …حاول المخاتلة فما كان منهم الا أن طردوه شر طردة .
بدأت المشاكل المستعصية على الحل بتحول العروبة الى سياسة وتحول الاسلام الى سياسة, نوأم العروبة -الاسلام اغتال الفكر النقدي ووضع الفكر في سجن الثوابت والمقدسات , أي أن العروبة المسيسة كانت في هيكليتها دينية شأنها شأن الاسلام السياسي الورائي الماضوي الذي فقد الحس التقدمي والتفكير العلمي القائم على النقد …اياكم والتعرض للعروبة , واياكم والتعرض الى الاسلام السياسي , هنا أنت خائن وهناك أنت كافر , لقد انغلقت العروبة كنظام سياسي في رأس العسكر كانغلاق الاسلام السياس في قوقعة التعصب .
صورة المستقبل في ظل المناخ الانحطاطي الذي يعيشه العالم العربي ينذر بويلات خاصة تحت تأثير التعصب والتحجر , وما من خلاص الا بتحرير العقل والتصدي لكل أنواع وحدانية الفكر والمفاهيم ووحدة النظرة ثم النقل الذي وأد العقل ,يجب الدفاع عن حريةالإنسان وحقوقه لبناء مجتمع مدني متطور يحكمه العقل والتنوير,وآن الأوان للتوقف عن الهزل الذي يرافقنا بحجة الدفاع عن الإسلام…اننا بحاجة للدفاع عن الحياة أولا وأخيرا , لامناص لفريق الانقاذ من العلمانية كبديل عن أي منظومة أخرى على مستوى الدولة والوطن , شبعنا فشل من جراء كهوف ظلام الاسلام السياسي المغلق والاحتكاري لفئة تتاجر بالإسلام, شبعنا فشلا وذلا من فكر قومي عروبي مخصي بدون عمق فكري , فكر قومي شاخ في عمر الأطفال وفقد الصلاحية والفاعلية .