من فشل الوحدة الى افشال الثورة!

 نيسرين  عبود:

طوال    سبعة سنوات  وهم يتحاربون  بشكل  مستمر أو  متقطع , أحيانا تحدثوا  وحاوروا  وكل منهم  في  قاعة  منفصلة عن  الأخرى , لايطيقون  مجرد  رؤية  بعضهم البعض   , وهؤلاء  سينقذون  الوطن !,   ومن  لايطيق  رؤية  الآخر  سيبني   معه  وطنا وديموقراطية    ثم تضامنية تكافلية …أظن   بأننا  مجانين !

لقد  اجتمعوا   بقصد  حل    المشكلة !هل  هذا  صحيح ؟او انهم   اجتمعوا  لسبب   آخر ؟, لقد فشل  الحل  السياسي   أو  بالأصح بذلت   جهود  جبارة  من  أجل  افشاله ,  فشل دون   أن يكون   لهذا  الفشل اسباب منطقية  وموضوعية,  لذلك   يمكن  القول  بأن     اجتماعات  الحوار   أو  التفاوض  الاستعراضي  الشكلي لم  تكن   برسم   ايجاد  حل للمشكلة  , لأن   المقصود منها لم  يكن  حل  الاشكالية   ,وانما شيئا  آخر,   المقصود  كان  تغطية الحلول   العسكرية ,  التي    ظن  الطرفان   بأنها  ستنتج  منتصرا  يملي  شروطه  , ومهزوما    مستسلما   يقبل   بشروط  المنتصر , مفهوم  انتصار  جهة واستسلام الجهة  الأخرى أي الانتصار  المطلق  والهزيمة  المطلقة يخص  الحروب   بين  الدول  وليس  في  الدول    ,  لقد  كان  علينا بعد  كل  حرب  مع  اسرائيل  أن  نوقع  على  شروط  الهدنة  , والهدنة   لم  تكن   الا   انتحالا  لاسم  مستعار  للهزيمة . 

لم  يدرك   المتحاربون   داخليا , سيان   ان  سميت  هذه  الحرب   أهلية   أو  غير  ذلك,  بأنه   في  الحروب الداخلية   لاوجود  لمنتصر ,  ولكن   هناك دائما  منهزم , والمنهزم ليس  سوى  الوطن , وحتى    لو اعتبر  فريق  نفسه  منتصرا   على  الفريق  الآخر   , فالمهزوم  يبقى   الوطن ,الوطن   هو  المنهزم  دائما  عندما  تتحارب  فئات  من  الشعب من   أجل  الاستيلاء   على  السلطة , وذلك    بغض  النظر  عن وهم  المنتصر  المتكاذب  على  نفسه  والكاذب  على  الوطن . .

لو افترضنا بأ ن الحرب  الساخنة  انتهت  هذا  اليوم, فماذ  يعني  ذلك ؟  يعني ذلك  بكل  صراحة  العودة الى نقطة  الصفر    ..نقطة   آذار  ٢٠١١,  والعودة الى آذار   ٢٠١١  تعني  الكثير  ,انها  تعني  العودة  الى  الحالة  التي تطلبت ثورة  , أي  أننا  بحاجة  الى  ثورة  أخرى   , ومن  سيثور   في  هذه  المرة ومن  جديد ؟ هذا  يعني    بأن     السنين   السبعة   أو  الثمانية  الأخيرة  كانت  انتاجيا  تحت  الصفر, وذلك  لأن   أمر “ثورة”قد    تحول  على  المدى  القريب والمتوسط   الى   الاستحالة ,  حال  الثورة  الجديدة   كحال  وحدة  عربية جديدة    بعد  فشل  الوحدة   الناصرية – البعثية ,  فشل  قاد  الى  وأد    أي  تفكير   بالوحدة  مستقبلا , هنا  قضى  الوحدويون   على مفهوم  الوحدة  العربية  قضاء  مبرما , وماذا   عن  الثورة   ومن  قضى  عليها ؟  هنا  لايمكن   اتهام  الأسدية   “بخيانة”  الثورة , لأنه  ليس   المطلوب  من  الأسدية   أن  تكون  وفية  لثورة  هدفها    القضاء على  الأسدية.

 انتهت  ثورة  ٢٠١١  بفاجعة   وبوأد    أي  ثورة   على  المدى  القريب  والمتوسط ,  فمن  هي تلك  القوى  التي  عملت  , ولنقل  من  حيث  لاتريد  أو  تدري  ,  على   اجهاض  الثورة  والغاء  امكانية   أي  ثورة   على  المدى  القريب  والمتوسط ؟,   ولطالما  كان   حصاد   السنين  الأخيرة   سلبي , وسلبية  هذا  الحصاد  تتمثل  بالخسائر البشرية   التي  لايمكن   تصحيحها   , فمن  مات  مات الى   الأبد , ولا  يمكن   اعاد  الخفقان   الى  قلبه ,  وحتى  الخسائر  المادية   مستعصية  على   الاصلاح  ,  فالأمر  يتطلب  كتلة  مادية  عملاقة   ليس  بمقدور  سوريا  تقديمها , وليس   بمقدور   الأوصياء  على  الأسدية   تقديمها , والغرب   لايريد  تقديم  أي  شيئ   لطالما لم  ترحل  الأسدية ,  ثم التسبب  باللجوء   وتشريد  الناس  وتعاظم  الطائفية   وتعطيل  المدارس  وولادة  جيل  من  قطاع  الطرق, ثم  التشرذم  الشعبي  والجغرافي,  وفقدان  سوريا   لاستقلالها  وتحولها  الى  مستعمرة ..الخ ؟؟؟

تتمثل   القوى  التي  وضعت  نفسها في  مصنف  الثوار ,  ثم  خانت   الثورة , وقضت  عليها  ومكنت  الأسدية   من  البقاء الى   أجل  غير  مسمى   لابل  عومت  الأسدية    أخلاقيا  بالاسلاميين   حصرا ,  انهم  من  قضى   على  الثورة ,  ثم حولوا   أي  ثورة   مستقبلا   الى   أمر  شبه  مستحيل   ,  معظم  مسؤولية  الخراب  والدمار والموت   تقع  على  عاتقهم    ,  فلولا  جهودهم   السلبية  ولولا   طائفيتهم  وأنانيتهم  وجهلهم   ووحشيتهم  وعمالتهم   لنجحت  ثورة  ٢٠١١ , ثورة كانت  خارجيا  وداخليا  مقبولة  ومثلت  بديلا  مقبولا  للأسدية,  فالمشكلة  لم  تكمن  في    اسقاط  الأسد  وانما  في  البديل  , بعد  عام  ٢٠١٢   لم  يكن  هناك  من  بديل  سوى  الفصائل  الاسلامية ,  وهذه  الفصائل  الاسلامية  مرفوضة  من  قبل  الغرب  والداخل  ,   وبذلك   لم  يبق  من مقبول  على  الأرض  وعلى   مضض  سوى  الأسدية ,  لو  نجحت  ثورة  ٢٠١١   لما  وصل  الخراب  الى  ماوصل  اليه  , ولما  وصل  عدد  القتلى الى  ماوصل  اليه , ولا  عدد  اللاجئين  والنازحين , ولما  تشرذمت  البلاد  جغرافيا  وبشريا   بهذا  الشكل  ,  أي  أن معظم  المسؤولية عن  الخراب  البشري والاجتماعي  والمادي   كانت  من  نصيب   الاسلاميين وفصائلهم  المسلحة .

لا أريد  استحضار  الماضي  تفصيليا  , وكيف  وقف  الاسلاميون  الى  جانب  الخلافة  العثمانية   وطالبوا  “بالاستكانة “في   أوائل  القرن  العشرين  وبعضهم   يحلم  بالخلافة  لحد  الآن  ,    المهم  هو  الحاضر  والمستقبل , فلا  حاضر  مزهر مع  الاسلاميين  ولا  مستقبل  زاهر  معهم ,  وليس من  الممكن  والمعقول مشاركتهم  في   أي  مشروع  خاص  بالوطن  ,  لا دولة  المواطنة  معهم , ولا  دولة  مدنية  معهم , ولا  دولة علمانية  معهم ,  ومن  ينظر  الى  الساحة  السياسية   يجد  تطبيقا   لرفض   أي  شراكة  معهم  من  قبل   كل  الفئات   السياسية   السورية,لدى كل    هذه   الفئات    السورية  باستثناء  الاسلاميين  والاخوان  المقدرة  على   المشاركة   في  بناء  سوريا  الجديدة,   هذا  ماتعلمناه   بالنسبة  للاسلاميين  والاخوان   من   القرن  الماضي  البائد …لعله   لايتكرر  !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *