عن جدلية التطابق بين الأقليات والأكثريات المذهبية والسياسية !

سمير  صادق :

مفهوم الأقلية -الأكثرية , هو في أصله مفهوم برلماني سائد في الدول الغربية , ذات التعددية الديموقراطية , لكنه يتخذ في دول المشرق العربي   محتوى فئوي أو اثني ..أو الاثنان معا ..حيث يعتبر المسيحي ,العلوي ,الدرزي , الاسماعيلي , الكردي ….من أبناء الأقليات , في حين ان السني ينتمي الى الأكثرية ,ان مفهوم الأقلية -الأكثرية  القائم على الفئوية الطائفية يمنع قيام معلرضة علمانية تعتمد على المواطنة , وتجعل من حركات الاحتجاج الجارية في سورية وسيلة لتغيير نظام بآخر  مشابه أو مغاير    أو  حتى  أسوء  ,وهذه الفئوية الطائفية تابعة في توجيهاتها البعيدة الى   المرجعيات   الدينية   التي  تمثلها   قوى دينية   سياسية   كالسعودية  وايران ,احلال التيار الوحداني السني محل نظام التعدد الفئوي الطائفي القائم في سورية (اقليات) سيقود سورية الى الوضع العراقي , حيث لاتقبل أقلية , مهما كانت قليلة , ان تستسلم الى أكثرية لايمكن تعديلها أو تحديدها أو ازاحتها ..لأنها   أكثرية مطلقة  وثابتة  في جو يعتبر الشعب فئات دينية وليست سياسية .

تنظيم التعددية الطائفية في لبنان , هو أمر رسمي ينص عليه الدستور , بينما يتصف تحقيق التعددية الطائفية في البلدان المجاورة بأنه “تقليد ” غير مكتوب , حيث يتمتع الحاكمون من طائفة معينة بامتيازات أكبر من امتيازات الأفراد من طائفة أخرى , ودون أن يعني ذلك توزيع الامتيازات على طوائف , وانما فقط على أفراد من طائفة معينة , في حين يستطيع بعض أفراد الطوائف الأخرى  التمتع ببشيئ من الامتيازات تحت شروط معينة , منها الولاء , ومنها القبول برمزية وجودهم وامتيازاتهم .

في هذا الجو التقليدي المعقد يمكن تمييز فئات عدة :

1- الفئة الأولى ترى في النظام الايجابيات فقط , وهي تحاول بكل طاقاتها منع الحوار بين النظام والمعارضة , وقد يكون لهذه الفئة تركيب فسيفسائي , حيث يلتقي المستفيدون من النظام ..علوي ..سني ..مسيحي أو كردي  أو  سني   على طاولة تقسيم المكاسب ..امتيازات …اثراء ..الخ .

2- الفئة الثانية ترى في النظام القائم السلبيات فقط , وهي تحاربه , ليس من أجل ازالة السلبيات , وانما انطلاقا من الموقع الطائفي , لأن أغلب المستفيدين منه ينتمون الى الطائفة  الأخرى  .

3- بين هذين الاتجاهين , توجد الفئة الثالثة , التي تقيم النظام كما هو , تخشى منه وتخشى عليه أيضا , كما أنها تتطلع الى الحرية والمساواة , ولكنها لاثق بحراك تدعمه كثير من قوى التأخر  في هذا العالم , وعلى رأسها المرجعيات   الدينية  في  المنطقة ,  الذين ينتظرون كالجوارح للانقضاض  على جثة سوريا, الفئة    الثالثة  لاتستفيد من النظام  وتشدد   على  الحرية, ولا تثق بالمرجعيات التي يعتمد عليها المحتجون  , السلطة والمعارضة   يريدون من هذه الفئة أن تستقطب .. حيث  تتم  رشوتها  من  قبل  السلطة  باعلان العزم على مكافحة الفساد , واتمام قانون الانتخابالت الخ ,  وعلى  هذه  الفئة  الانضمام الى الفئة الأولى التي تعتبر النظام خاليا من العيوب , فاخطاء النظام عابرة ..فقاعة صابون ..فقاعة هواء في الماء ..كل ذلك قابل للاصلاح والتصحيح تحت القيادة الملهمة , والفئة الثانية تريد الـتاكيد على أن النظام زائل لامحالة , وعلى الفئة الثالثة الانضمام الى الفئة الثانية , التي تكره النظام لأسباب فئوية طائفية   ,  ولو  كان  بشار  الأسد  سنيا   لأصبح  تأليهه    أشد  من  تأليهه   الحالي  . تمثل   سياسة الأقليات  والأكثريات    الموجه  مذهبيا    تلاعبا  شريرا     وخطرا ا   بالتمايزات     الاجتماعية   الثقافية     واسقاط   هذه  التمايزات  على   الوضع   السياسي    الذي   تتم  ترجمته    مذهبيا ,   والذي  يتم  اعتباره  ثأريا  فقط   وروحة   انتقامية   للمظلومية   المستمرة  والتي     لايريدون  نهاية  لسلسلتها .

يمثل  التحدث   عن  حماية   الأقليات    أو  الأكثريات   بشكل   عام   تعريفا  مؤلما  وبدائيا    للوطن   ,  انه  بشكل   طبيعي  وطن   عدم   المساواة   ووطن   الهيمنة  المؤسسة   على  ضرورة الثأر  للمظلومية  …. كما  هيمنوا  سنهيمن   وكما  سرقوا  سنسرق  …كل  ذلك  من حق     أكثرية    دينية   تتحدث  وتنفعل  وتتفاعل  سياسيا ,   وتعتبر   معلومات  مأمور    النفوس  عن  نسبة   الشيعة  والسنة  والعلويين  والأكراد  والمسيحيين  …الخ   بمثابة   نتائج  مسبقة   الصنع  عن حالة  الوضع   السياسي  عبر  الصناديق  ,  فمن   يدعي  الدفاع  عن   الأقليات  هو  الذي  ساهم   عن  فهم  وقصد   أو  عن  غباء   في  ابقاء  الأقلية  المذهبية     أقلية   سياسية   وفي  تحويل    الأكثرية  المذهبية  الى   أكثرية  سياسية     ,   لقد   تشارك   النظام  مع   الاسلاميين   في  انجاز  هذا   الاجرام  بحق  الوطن ,   الاسلاميوم  يلوحون   بدون  انقطاع   براية  ال  ٧٠٪  ,  ويعتبرون     انتصارهم   الديموقراطي   بالصناديق    حتمي   ولا  يشكون  لحظة   بحيونة   الانسان   السوري ,  بينما     لاوجود  لتلك  الحيونة  التي  يفترض  الاسلاميون  وجودها ,   الانسان  السوري   متأخر   الا  أنه  ليس  بالحيوان   ,  وقد    أثبتت   التجارب  خطأ  ظنهم   ,  فأكثر   المعارضين  لهم  هم   أصلا   من  السنة ,   لقد  فسر  الاسلاميون  والاخوان   بعض  التعاطف  معهم   قبل  سنين   بأنه  تأييدا   لاقامة  الخلافة   ,فمن  تعاطف   معهم  كان  مدفوعا   بالرغبة  الجامحة  في  التخلص  من   الاستبداد  والظلم  والديكتاتورية والطائفية   ,  وليس  مدفوعا   بالرغبة  في  اقامة  الخلافة ,  اذ   ليس من  المنطقي   محاربة     استبداد    بشرائيل    عن  طريق  احلال  عزرائيل  محله , الفئة  الثالثة  تريد     التخلص  من  بشرائيل   ومن  عزرائيل   بآن  واحد   وليس  استبدال     أحدهم   بالآخر

.من  ناحية  الآلية   لاتختلف   جماعة  ال٧٠٪  عن   العروبة و اسقاط  خاصة  العروبة  الثقافية   على   السياسة  واعتبار  العروبة   تمثال   أكثرية  ابدية    لاتحول  ولا  تزول  كما  هو  حال   السنة  ,     لقد  تمكنت   العروبة  حقيقة   من  دمج   العديد   من   المذهبيات  في  ثلااثينات   القرن  الماضي   ,    الا   أنها  انهارت  في  السلطة  تحت   تناقضاتها   المشابهة   للتناقضات   الاسلامية ,  فالعروبة  فشلت  على  ممارسة  اللتعريب   القسري   وفشلت   لعدم  امتلاكها  على  للمناعة   الضرورية  من   أجل   حمايتها  من   التحول  الى  طائفة  ثم تملك   الطائفة  من  قبل   العائلة   وأخيرا من   الشخص ,  فالعروبة   نشطت   ليس  لأن    أكثرية  السوريين  من   العرب   وانما   لارتباطها  بقيم  التحرر  والتقدم    والتضامن  مع   المقهورين  في  العالم ,  فشلت   بعد    أن  افرغت  المضامين  المذكورة  من  المضمون   وتحولت    الى  قشر   للتخفي  ورائه    ,   اضافة  الى  ذلك    تحولت   العروبة  الى  عاملا  مفرقا  بدلا    من  تكون  عاملا  جامعا , وبالتالي  فقدت  مقومات  وجودها ,  فلاهي  قادرة  على    توحيد   المشرذم   ولا  هي  قادرة   على  ارساء  دعائم   الحرية والديموقراطية   ثم    تطوير   الاستقلال   بالشكل  المناسب ,  ولا  هي  قادرة  على  صناعة  نهضة  علمية   أو  اكتفاء   ذاتي  اقتصادي   يخفف  من  وطأة  الجوع  والفقر  والمرض   ….فلماذا  هذه  العروبة ؟

ماذكر يمثل صراعا , سيزيد من اتساع الهوة بين فئات المجتمع , وبين المجتمع والنظام ..كل ذلك قاد  الى تدخل أجنبي , قد تكون نتيجته الاشراف على تكوين دول احادية الطائفة , تتقارع مع جاراتها عبر الحدود ومع    الطوائف  الأخرى  داخل  الحدود ,  وقد  تكون  نتيجته   صناعة   دولة   سورية     لاتعتمد  على   الطوائف   أي  دولة  علمانية   ,  الأمر  يعتمد  على   طبيعة   الجهة  المتدخلة   ,   أيران  تريد  بتدخلها  اقامة  دولة  المهدي  المنتظر    والسعودية   تريد  دولة       الوهابية     ,  الغرب   غير  ملتزم   الا   سياسيا  واقتصاديا    كذلك  الشرق   ,  لذلك  فانه   لايمكن   للتطور  السوري    أن  يكون  ايجابيا  تحت  اشراف  التيار  الشيعي  أو   التيار  السني    وانما  تحت  اشراف  تيار   لاهو  شيعي  ولا  هو  سني  .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *