الانتماء بين الجغرافيا والديموغرافيا

جورج بنا :

القاسم المشترك   للمفاهيم والشعارات الاسلامية والرغبات  هو مشروع الدولة الاسلامية  التي تعني احياء  الخلافة الاسلامية لتي وجدت نهايتها  بعد الحرب العالمية الأولى وبعد القضاء على  الأمبراطورية العثمانية , هذا القاسم المشترك  هومن  أشد المشاريع  الاسلامية غموضا, فلا حدود جغرافية  معروفة  لهذه الدولة, ولا ديموغافيتها واضحة ولا  سياستها الاقتصادية    أو الاجتماعية  معروفة بشكل كاف  ,وماهومعرف عنها  غير قابل للتأقلم مع مفاهيم العصر  الخاصة بالدولة  وكيانها وكينونتها…جسد غريب  على المجتمع    الدولي وعلى مفهوم الدولة الذي تبلور  قبل حوالي ٦٠٠ سنة بعد اتفاقيات  فستفاليا  ,الحدود تحددها وطأة قدم المسلم  ان  كانت في الصين   أو  روسيا   أوحتى    أمريكا , مشروع   دولة من  هذا الطراز  ليس الا سراب ووهم  قاد  الى  كوارث تتمثل بغربة الاسلاميين  عن  أوطانهم الجغرافية  واهمالهم لهذه الأوطان  لابل  عملهم  الدؤوب لتهديم هذه الأوطان  التي تقف  عقبة  أمام  الدولة الأكبر  , دولة الخلافة الاسلامية المنشودة.
  لم يعرف التاريخ الاسلامي  “الدولة” بالشكل الذي نطلق عليه الآن  اسم دولة   ,لقد كان هناك “كيان” استمد  شرعيته  من الشرع الاسلامي,  قسم هذا الكيان  الناس  الى مسلمين  هم من  الدرجة الألى   وغير مسلمين  من درجات  ادنى , هنا يسأل ذو العقل  ان كان  من الممكن  احياء ممارسات من ها النوع  في الوقت الحاضر ,أو  أن هذه الممارسات ستقود حتما الى  الفوضى العارمة والى   الحروب  التي  ستضع هذه الدولة  تحت سلطة  “الضبط” من الخارج  وذلك  لاخلال  هذه الدولة بالمنظومة  الدولية لتي   لاتقبل  عضوا   مخربا ومشاكسا من هذاالنوع. .
 بهذا المشروع  وضع  الاسلاميون   أنفسهم على  طاولة “الصدمة” ,فلاهم  قادرون  على تحقيقيق   أهدافهم  ,ولا هم  قادرون  على التخلي  عن هذه الأهداف ,وضعوا  أنفسهم في حالة ميوس منها , بذلوا كامل   جهودهم في  سبيل  هذه الدولة  عدميا وعبثيا,وأهملوا  أوطانهم   الحقيقية , التي  تعرضت  الى   التعثر حتى الاندثار والزوال, لم تتحق دولتهم المنشودة  وخسروا   أوطانهم الموجودة    , يدورون في حلقة مفرغة  بجهادهم هذا  ولا  أدري   ان ربحوا  السماء  , على الأقل!!,   فعلى الأرض اصطدموا  ببديهيات  القرون الأخير  التي جعلت من مفاهيم  مثل الديموقراطية    فضيلة  لاتقبل  النقاش   , لذا  حاولو الالتفاف والدوران في حلقة مفرغة بحثًا عن تبريرات وتفسيرات ملتوية للديمقراطية في  المصادر الإسلامية,…. عن طريق الاستشهاد بالشورى والإجماع والمقدس..إلخ, لقد  أصبح بديهيا   على  أن الحكم الديمقراطي متفوق على الحكم الفردي,،  لذلك  روجوا  الى  فرضية  انسجام قيم الاسلام  مع  المفهوم الديموقراطي, الذي تم اختذال معظمه بتعابير  عن  قيم انسانية عامة ضبابية  كالعدل والإنصاف والنزاهة  والتسامح والتحابب والاحترام.
الديموقراطية قيمة خاصة بمعالم محددة  لاعلاقة لها  بالمسكنات كالاحترام, على ذكر الاحترام   لم   أجد من يحتقر الغير كما يحتقرهم الاسلاميون, ولم اتعرف  على  من ينتقص  من الغير  كما ينتقص الاسلاميون , وعن  الاقصاء  والديماغوجية  والسباب والشتائم  فحدث  ولا حرج  !!,  كل  ذلك  يمثل  ألغاما  عاطفية تدجيلية تلفيقية  هدفها التمويه  والمخاتلة.
   لقد   استيقظ شبح الدولة الاسلامية   في  أوائل الخمسينات من القرن الماضي بعد سبات  طويل نسبيا , وللاستيقاظ  أسباب عدة  منها  كون الاستعمار  الذي  هجم على  بلاد الاسلاميين كافر , اذ  لا اعترض من قبلهم  على مستعمر تقي نقي  كالمستعمر   العثماني , منها أيضا  كون  هذا الكافر  قد   أربكهم  بأمور كانوا بغنى عنها , أمور   تخص المرأة  والتقدم والمساواة  والحريات   والعدالة الاجتماعية  ثم  الحداثة , منها ايضا  سقوط  الخلافة العثمانية , وتحول الاسلام  الى دين  بدون دولة ….كل ذلك وضع  الاسلاميين  في مأزق  واشكاليات  ليس بمقدورهم  حلها ,  لذلك استنجدو بالماضي والماوردي  وابن تيمية والغزالي  وغيرهم من  الدقة  القديمة التي   أكل الدهر عليها وشرب 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *