في جدلية الذكورية!

ممدوح بيطار:

Bildergebnis für ‫انصاف المرأة فن تشكيلي‬‎
*

هل يقف المجتمع الذكوري مكتوف الأيدي أزاء تزايد تآكل واضمحلال امتيازاته بفعل التطور المنطقي والطبيعي للحياة وبفعل البنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الجديدة , التي ساوت بين المرأة والرجل في المجتمعات الديموقراطية والصناعية الحديثة , خاصة بعد الحرب العالمية الثانية , فبدون جهد كبير وبدون ارتجاجات واعتراضات تمكنت هذه المجتمعات من تحقيق المساواة , الأمر لم يكن عسيرا في كل بقاع العالم باستثناء المجتمعات العربية -الاسلامية الرافضة لأي تغيير أو تطوير لمنظومة المجتمع الأبوي الذكوري .

لاشك بوجود تطور ايجابي بطيئ جدا في بلادنا باتجاه التعامل مع المرأة علىى أنها فرد كغيرها في المجتمع , هذا التطور شبه قسري في معظم الحالات ودائما منقوص بسبب مقاومة تيار الاسلام الذكوري الشرثة , وأي تطور ايجابي في هذا الخصوص خضع الى عامل الاعاقة والتعطيل من قبل التيار المذكور … بحيث يمكن التحدث فقط عن نهضة أو تقدم “معاق” .
لم ولن يقف الاسلام الذكوري مكتوف الأيدي أزاء التهديد المتزايد لمكانة وسلطة الرجل , فالمرأة اخترقت العديد من المجالات التي كانت حصر ذكورية , والمرأة العاملة لم تعد تقبل وصاية الرجل المادية , الذكر الفحل يشعر في هذه الحالة باذلال متزايد وانتهاكا لسلطته وسلطانه , ارتكاسا على ذلك حاول ويحاول استعادة ماخسره من مراكز النفوذ في الأسرة والمجتمع , المعركة تحتدم خاصة عند تزايد استقلال المرأة ليشمل الاستقلال الناحية الجنسية أيضا , فلها حاجاته الجنسية وله حاجاته أيضا والمتعة أو اللذة يجب أن تكون مشتركة وفي اطار الحب الحقيقي , لامجال لاغتصاب المرأة المتنورة جنسيا … ومتطلب اللذة والمتعة ليس حصرا ذكوري , المطالبة بالشراكة جنسيا تحرج الرجل المدمن على الاغتصاب , والذي لايعترف بحاجات المرأة الجنسية , المرأة بالنسبة له أداة نكاح يستخدمها متى يريد وكيفما يريد وما لها الا نلبية رغباته واشباع غرائزه , يساعده في هذاالموقف الخصامي والعدائي والاحتقاري للمرأة موقف الاسلام خاصة شرعنة الاسلام لتعدد الزوجات , فان لم تنسجم الأولى معه يحلف عليها بالطلاق بالثلاثة ويعيدها مطلقة الى ذويها , ويأتي بالثانية أو الثالثة , والاتيان بالثانية لايشترط الطلاق من الأولى وحتى لايشترط اعلام الأولى بمسعى الزواج من امرأة ثانية , كل ذلك يدل على هشاشة وضع المرأة وضعفه مقارنة مع الذكر الفحولي .
لاتقف المرأة وحيدة في مجابهة الاسلامية الذكورية في الشرق العربي الاسلامي , فقد تمكنت بعض الدول مثل تونس من صياغة دساتير وضعية تساعد المرأة , دساتير تمنع تعدد الزوجات وتساعد على انصاف المرأة ولو جزئيا ورمزيا معنويا , مقابل حلف الذكور مع الاسلام هناك حلف للمرأة مع القوانين الوضعية خاصة في الجمهوريات العربية , هذا الحلف على الرغم من ضعف مكونه النسائي ومكونه القانوني , أحرج الذكر وأحرج الاسلام الذكوري معه , ودفعهم الى اعلان الحرب على قوانين الأحوال الشخصية حيث تمكنوا من لوي رقبة بعضها كما هو الحال في سوريا , وانتصروا تقريبا في فضاء المرأة الخارجي , وما عليهم الا الانتصار في فضاء المرأة الداخلي أي في مجال أمورها الشخصية البيتية الأسرية والعائلية ,فمناصرة القوانين الوضعية للمرأة ولو كانت زهيدة جدا ومشوهة ومنقوصة ومعاقة دفعته الى اعتبار هذه القوانين معادية له وللشرع الاسلامي , له لأن هذه القوانين تقصيه ولللشرع الاسلامي لأنها مخالفة للنص وبالتالي تعتبر كفر وزندقة يستحق الرجم حتى الموت .
يحاول الذكر مع شريكه الاسلام الذكوري القضاء على ما اكتسبته المرأة شخصيا من انتاج وبالتالي دخل مادي سمح لها بشيئ من التمرد والاستقلالية , وذلك “بتأميم ” هذا الدخل حتى ولو كان الرجل غير منتج اقتصاديا وحتى لو اعتاش هذا الطفيلي على حسابها …لاحساب لها لأنه على ريعها أن يكون في جيبه , فدخلها له ودخله له أيضا , وبذلك يتصرف الرجل في الأسرة كوزير مالية ويريد أيضا أن يكون وزير داخلية ووزير أوقاف أذ أنه يعتبر المرأة وقفا له , وعن طريق وزارة الداخلية يريد ضبط أمورها … فالرجال قوامون على النساء .. والرجل هو المفسر للنص والمنفذ لمضامينه والمعاقب لمن يخرج عنه , وقد زوده الله في كتابه العزيز بالعديد من الوسائل التي منها مثلا عقاب الضرب وحتى التجويع أو القتل أو الرجم , اضافة الى ذلك وصايته على جسدها وسلوكها ولباسها وحجابها وجلابيتها وظهورها وتنقلها , ثم محاولة تغيير رأسها وعقلها ومفاهيمها واقناعها بأنها “عورة” يجب جلبتتها وتحجيبها ومنع رؤيتها ووضعها في الكيس الأسود …انه حرام … …حرام…وضلال وكفر أن تتشبه المرأة بعاهرات الغرب العاريات الغاويات الفاسقات , عليها أن تبقى طاهرة نقية تقية مطيعة ورائعة في السرير ..خادمة في النهار وجارية في الليل!! , وتمردها على قيم الشرف الرفيع التي له أن يحددها قد تكون له عواقب وخيمة , تصوروا امرأة ملت من الحيوان والتفتت الى بناءعلاقة مع انسان آخر !!! فقد يكون مصيرها القتل والذبح , المرأة شرف الرجل الذي لاشرف ذاتي له , حيث يجوز له أن يشرمط في الكراخانات ويتزوج عليها للمتعة أو في أطار زواج المسيار وغيرهم من أشكال الزواج المنحطة , أما هي فلا يحق لها المتعة ولا يشملها زواج المسيار , فهي التي عليها الحفاظ على “شرف ” العائلة, والشرف يتعلق فقط بحالة الأعضاء التناسلية …ليست عذراء ! والعياذ بالله !.
التحجب والجلببة والوصاية وقضية الشرف هم من أحد مظاهر احتلال جسد المرأة من قبل مغتصبها ومستبدها ومستغلها , يساعده في ذلك رهط من المشايخ والفقهاء والعلماء ..يسرحون ويمرحون على مختلف الأقنية ويبشرون بالشرع وأحكامه وبالعفة ومتطلباتها وبالرجم وضرورته , واذا اعتبرنا الأقنية والمقابلات والتوضيحات نوع من الثرثرة , فاننا لانستيع اعتبار ماتقوم به داعش ثرثرة , داعش أعادت للمجتمع الذي تسيطر عليه صيغته ونموزجه الاسلامي الصرف , داعش صارحت بالاشتراك مع أشباهها ومن يؤيدها من المعتدلين الخجولين المنفصمين , واعادتنا الى صدر الاسلام الحقيقي , الذي لم يتعرف ولا يريد التعرف على حضارة القرون الأخيرة التي صاغها الغرب الكافر بشكل رئيسي , الغرب رفض “تشييئ” المرأة والشرق الاسلامي الذكوري يريدها “شيئا” يقتنيه ويشتريه أو حتى يهديه لغيره , جسد المرأة تحول الى ساحة قتال الايمان ضد الكفر … السلفية ضد الحداثة …الشر ضد الخير !

*:أمل القحطاني

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *