ممدوح بيطار :
يريد الاسلاميون دولة مدنية , فماهي ماهية هذه الدولة ؟؟ هل هي دولة المفهوم الغربي للمدنية أي مفهوم جون لوك أو روسو أم هي دولة مفهوم الصحوة الاسلامية للدولة المدنية , المصطلح عربيا جديد , ولا وجود لتعريف لهذا المصطلح في العلوم السياسية أو الحقوقية القانونية , المصطلح هو عبارة عن تحوير للمفهوم المدني في الحقل السياسي العربي , وحول هذا المصطلح توجد تفسيرات وتنظيرات مختلفة ومتباينة , مصطلح مفخخ وملغوم ومخادع ولا يتضمن الالتزام الواضح والصريح للفصل بين ماهو دنيوي وسماوي في مجال التداول السياسي كما هو الحال في الغرب دولة الصحوة الاسلامية المدنية هي دولة كدولة الخميني ودولة عبد الوهاب , دولة لاتريد القطيعة مع التراث المر مرارة العلقم , وانما دولة تريد العودة الى ارضاع الكبير ونكاح الطفل وذبح المرتد من الوريد الى الوريد ..دولة الولاء والبراء , دولة الاسم والاثم .. دولة رنين المصطلح دون محتواه .. دولة تمارس اهتبال الآخر ..الآخر قاصر عقليا , وان لم يكن كذلك فهو مقصر وطنيا وأخلاقيا .
يبدو وكأن الاسلاميون تخلوا شكليا عن “الدولة الاسلامية”, هرول الاسلاميون الى الدولة المدنية لممارسة تجربة جديدة بعد فشل التجارب القديمة , وعن طريق تضمين طروحاتهم لأطروحة الدولة المدنية ارادوا اخفاء معالم الدولة الاسلامية التي ترتكز على ربط السماء بالأرض , فدولتهم المدنية هي دولة الانتخابات ودولة رئاسة الجمهورية , ومن يحدد المرشح للانتخاب هم رجال الدين , ومن يحدد شكل القانون والدستور هم أيضا رجال الدين عن طريق منع كل مالايستقيم مع الشرع , وبالرغم من ذلك يدعون بأن لاتناقض بين المضمون المدني الصحوي الاسلامي ودستور المدينة مع العلمانية ,أما سبب نفورهم من مفهوم العلمانية فهو خوفهم من تحسس الناس لهذه المفردة التي قد تؤلب الناس ضدهم …. يستهزئون بالعقل والمنطق , انهم هم بالذات أي الاسلاميون من يؤلب الناس ضد العلمانية ومن يشوه العلمانية على أنها الحادية وستحارب الدين .
مفهوم الدولة المدنية اسلاميا هو مفهوم هلامي ولولبي انه محاولة لترميم مشاريعهم الفاشلة , أيضا محاولة لانقاذ مفهوم حسن البنا وسيد قطب حول ماهية الاسلام كدين ودولة , المهم هو اعادة الحيوية الى موضوع “الدولة” في الاسلام بعد أن فشل تسويق مبدأ الاسلام دين ودولة “اسلاميا ” لعل النجاح سيكون حليف التسويق “مدنيا” , انهم يعرفون تماما على أنه لافرق بين دولتهم المدنية ودولتهم الاسلامية , المدنية هي سلم للتسلق على السلطة , وأين هي الصعوبة في ازالة السلم بعد وصولهم الى الكرسي .
هناك فروق أساسية بين مدنية الصحوة الاسلامية ومدنية دولة روسو وجون لوك , فمدنية روسو وجون لوك هي علمانية , أما مدنية الصحوة فهي اسلامية , وظيفة دولة روسو هي رعاية مصالح المواطنين الدنيوية , ووظيفة دولة الصحوة الاسلامية هي رعاية مصالح المؤمنين في الآخرة , ولضمان آخرة جيدة ومكانا مريحا في الجنة لابد هنا من تدخل دولة الصحوة المدنية في شؤون الدنيا , أي أنه لامناص من ربط الدين بالدولة … لاتتعامل دولة جون لوك مع الآخرة ومع الجنة أو جهنم , لذلك فان فصل الدين عن الدولة هو من طبيعة هذه الدولة , ومن هذا الفرق بين دولة الصحوة ودولة جان لوك تتفرع الفروقات الأخرى , التي تتجلى بالفروقات بين دولة الخميني ودولة ديغول …وما أكثر هذه الفروقات .
أخيرا لابد من التأكيد على أن دولة الصحوة المدنية هي دولة اسلامية , ومن لايريد دولة اسلامية فعليه بالعلمانية , التي هي مبدأ الحكم الحديث من الصين الى أمريكا مرورا بأوروبا باستثناء العرب الاسلامي !