من فشل الحاكم الى فشل الدولة!

نيسرين  عبود :

   قال  حيدرة بهجت  سليمان في ذكرى وفاة حافظ الأسد” تحية للقائد  الخالد …. مؤسس سورية الموحدة القوية الشامخة … سورية الكرامة و العزة و الفخر و النصر و الشموخ …” لاتهمنا التحيات بقدر  ماتهمنا المخاتلة التي بشر بها  الأستاذ  حيدرة ,  اذ تكلم عن  سوريا الموحدة القوية الشامخة  ..سوريا الكرامة  والعزة والفخر  والنصر والشموخ .. وحتى ضعيف البصرلايلمس  في سوريا الأسد الا العكس من هذيانات حيدرة ,ولمن لايعرف الأستاذ حيدرة   أقول انه نجل اللواء بهجت سليمان  ,  انه  الشبل من ذاك الأسد !! , حيث  يقول  بعض العلويون على أن  بهجت سليمان هو شخصية المستقبل , وما نعرفة عن قوانين التوريث   السورية  فسيكون النجل  حيدرة  شخصية  المستقبل البعيد  … الى الأبد,اضافة الى ذلك فان رجل المستقبل الأستاذ حيدرة  ذو مهنة  مرموقة  , أنه مالك ومدير مقهى “ستار”، , وصاحب مقهى  ستار  أي حيدرة  مهتم جدا بأمر الفن  خاصة الناحية الكراخانية منه  , ويديركراخانته  ” كقواد ” ,  وله العديد من المعجبات والمعجبين ,  منهم  الفنانة السريرية  نورهان والفنانة تينا والمخابراتي أبي حسن   ,ومؤخر قام المدعو أبي حسن  بصيغة اطروحة مديح ببهجت سليمان  ونجله حيدرة, مهنئا الشعب  السوري  بالعملاق  حيدرة , فحيدرة هو صاحب الشعار  ..البراميل براميلنا  والأرض أرضنا  , نلقي براميلنا  كيفما نشاء   ومتى   نشاء.كما أنه  مبتدع للعديد  من الشعارات الأخرى  التي  يتواضع شعار البرملة  أمام انحطاطها .

  قد يسأل البعض  ,  لماذا  نعير  تافه مثل حيدرة  ووالده  الانتباه   ونكتب الاسطر لابل المقالات في السخرية منهم ؟, نعم  يجب الانتباه من حيدرة  ,  فأمثاله  وأمثال والده  يحكمون البلاد منذ خمسين عاما ,  نصف قرن من محاولات التخلص منهم  لم تثمر كثيرا , صحيح انه  ليس من الممكن  ممارسة تداول فكري معهم  , وكل ماعندهم  هو المدح والقدح والشتيمة , الا أنه ليس  من الحكمة  التأفف من  التعرض لهم بالسخرية ,فلا علاج للمسخرة الا السخرية منها .

كيف يمكن لسوريا  أن تكون دولة  ناجحة وقادتها من شاكلية حيدرة بهجت سليمان  وبهجت سليمان  الأب  , وكيف يمكن لسوريا أن  لاتكون فاشلة عندما  يسرق من  موجوداتها  وأموالها شخص اسمه بهجت سليمان  حوالي ٨ مليارات دولار , هناك أيضا  من له حصة أكبر من ريع السرقات ,  لايمكن تشبيه أبن الخالة  أو ابن العم  بالمرشدي بهجت سليمان , الذي  لايسيل في عروقه دم أسدي  , هذا اضافة الى كونه من أتباع سليمان المرشد  , وسليمان المرشد لايمت للكلبية  الأسدية بصلة كبيرة , الا أنه علوي  ,  وحصة  البعيد نسبيا من ريع السرقات منطقيا  أقل من حصة القريب من السلالة , فبهجت سليمان  ليس  كفواز الأسد أو رامي مخلوف ..انما الناس مقامات , ولكل مقام مقال !!

  لقد ولدت سوريا “الدولة” مبكرا , وكان لها  أن تبلغ مزيدا  من الرشد والنضوج  قبل  أن تستقل  , فالأحداث   طيلة  الخمسين سنة  الماضية برهنت بشكل قاطع عدم كفاية  نضوج المجتمع السوري, فالارث   المؤسساتي  كان   ضعيفا بعد الاستقلال ,    وبسبب هذا الضعف  تمكن الأسد من تحويل دولة تأسست  على الفكرة الجمهورية  الى دولة يمكن توريث السلطة بها من الأب الى الابن  ,

 لم  يتمكن   المجتمع السوري  في مناسبات عدة كمناسبة  عام ١٩٦٣ ومناسبة تهريجية الحركة التصحيحية عام١٩٧٠ ثم مناسبة اغتصاب الدستور عام ٢٠٠٠ من  تلافي  السير في  الطريق الحطأ, الذي قاد البلاد الى المهلكة , تصوروا  بلدا مثلل فرنسا  وتصوروا حاكما يحكمه مثل الأسد , لا أظن على أن بامكانه أن يبقى على الكرسي أكثر من أيام  , فشعب  يتعايش مع المادة الثامنة   عشرات السنين بدون مقاومة سياسية  تذكر   هو شعب لايتصف بالنضج , شعب  تحكمه الشبيحة والزعران   هو شعب  لم تتطور به بشكل كاف  صفة المواطنة  التي تؤسس للدولة , فلا دولة دون مواطن  قادر على الدفاع عنها ,  وبما أن هذا المواطن غير موجود  لذلك فان  وجود الدولة غير ممكن ,  والدولة  ستفشل , وقد فشلت مبدئيا .

لما كان الفشل  أحيانا   حالة مرحلية ,  ويمكن لمن فشل أن ينجح  عندما  يتعرف على أسباب فشله  ثم  يزود نفسه  بالوسائل  التي  تمنع الفشل مرة أخرى , لذا قد يكون  البحث عن  مسببات الفشل ذو جدوى وفائدة  , سوف  لن نستسلم للفشل  كحالة  دائمة  وسوف لن  نعلن  عن وفاة سوريا  بسهولة , سوريا جديرة كغيرها  بالتطوير , الذي يؤمن لشعبها  وضعا حياتيا  مناسبا  , أصلا  لاتوجد استحالة في تطوير أي شعب ,وانقراض بعض الدول والشعوب  يعود الى الأخطاء الفادحة  التي تم ارتكابها  في عملية  التطوير ,  فكل شعب قابل للتطور الى الأمام  وكل شعب قابل للتطور الى الوراء ..الى الحياة أو الى الموت !.

للتعرف على أسباب الفشل  لابد من الاستعانة  بآراء  أخرى الى جانب الرأي الشخصي ,  وقد صدرمؤخرا  كتاب قيم «كيف تحوّلت سورية من دولة مارقة إلى دولة فاشلة ؟»، لمؤلفيه روبرت آي.زوتبرغ وسيث د.كابلان وترجمة الدكتور حازم نهار، حيث  بحث الكاتبان العديد من المفاهيم والنظريات حول ماهية الدولة المارقة والفاشلة، في عدد من الدول التي تتشابه في بنية الحكم، القائمة على القمع والاستبداد , الكتاب يطرح أيضا تصورات  وحلولا تستفيد من تجارب الدول الأخرى  التي استطاعت  أن تعيد ترميم  كيانها  وتنطلق  في اصلاحات جذرية, فالدولة المارقة التي تسير في طريق الفشل  هي الدول القمعية بشكل عام  ..انها  كوريا الشمالية   وروسيا البيضاء  وغينيا  وزيمبابوي  وسوريا والعراق ومعظم الدول الملكية  ,  سلطة الدولة المارقة-الفاشلة  تعتبر المواطن متهما ,  ولكي يعيد هذا المواطن اعتباره   ويستعيد جزءا يسيرا من كرامته ,  عليه  بالانتظام في صفوف المصفقين  والمتملقين , أي أن   سلطة الدولة المارقة-الفاشلة تتعمد  تشويه شخصية المواطن  , وذلك لكي يستقيم تشوهه مع تشوهها .. الفساد يتطلب  فاسدين ومفسدين , والطائفية تتطلب طائفيين  والقتال مقاتلين  , وعند فشل سلطة الدولة المارقة  تتحول هذه الدولة الى دولة فاشلة , والفشل يتميز  عن المروق  بانضمام الفوضى  الى  خصائص الدولة المارقة  لينتج من  هذا المزيج الجديد الفشل ,   , وما يميز الدولة المارقة عن الفاشلة  , هو امكانية الدولة المارقة  تأمين  حدا  أدنى  من الاستقرار المحلي  نتيجة للسياسة العنفية التي تتبعها , والدولة الفاشلة تعجز عن  تأمين  هذا الاستقرار , وسوريا كانت قبل ٢٠١١ مارقة  وأصبحت بعد ٢٠١١ فاشلة في هذا الخصوص ..عاجزة أمنيا  ..فاسدة ..وديكتاتورية  قامعة للحريات وخالية من المؤسسات ماعدا مؤسسة الرئاسة  التي تتحكم  تنفيذيا  بالسلطات الأربعة   من قضاء الى تشريع الى  تنفيذ الى صحافة .

انضمام خاصة “الفوضى” الى خصائص الدولة المارقة  هو تعبير عن الفشل  , الا أن  سوريا  كانت ومنذ  عشرات السنين دولة فاشلة  , ذلك لأن الفوضى ليست مؤشر الفشل الوحيد  , فللفشل  حوالي   اثني عشر  خاصة  كان  وزير الخارجية البريطانية السايق”سترو”  قد ذكر  العديد منها  , ثم تم اكتمال  مابقي من هذه الخصائص عن طريق مؤسسات الأمم المتحد  والنقاط الاثني عشر تتعلق  بالخلل   في المجالات التالية :  التدخل الأجنبي 2. النخب المنقسمة 3. الأجهزة الأمنية 4. حقوق الإنسان 5. الخدمات العامة 6. بطلان شرعية الدولة 7. الاقتصاد 8. النمو غير المتكافئ 9. النزوح البشري 10. الظلم الجماعي 11. اللاجئون والمهجرون 12. الضغوط الديموجرافية,  والخلل في سوريا يشمل  معظم هذه النقاط ان لم يكن كلها   وذلك بتزايد من نصف قرن .

ترميم سوريا ممكن, ولايمكن أن يتم أي ترميم تحت اشراف الأسدية  أو بالاشتراك معها ,  يجب اقتلاعها من جذورها   وذلك  للتمكن من النهوض في البلاد  في كافة مجالات الحياة  , من حرية الى ديموقراطية الى مساواة الى مدنية  الى مواطنية , وكل ذلك يتطلب جهدا كبيرا  وصبرا أكبر  وزمنا اأطول  , الا أن   النجاح  في  هذا المشروع  لايمكن له أن يتم  بطرق  تزيد من الأمراض السورية  , مثلا  لاعلاج للمشاكل  عن طريق الديكتاتورية  , فالديموقراطية  والحرية التي يجب  صنعها سوف لن تكون تلك الديموقراطية والحرية المثالية  , سوف تكون  شكلا ناقصا   , الا أن الوصول  الى درجة مقبولة من الحرية والديموقراطيو والشفافية  لايتم الا بواسطة  السير في  الطريق  المؤدي  الى الحرية والديموقراطية  والشفافية ..طريق طويل  ومر , وبقاء الأسدية يوما  سيطيل الطريق  شهرا.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *