من منطلق قد يكون أناني أقول لايهمني ان سبيت زينب مرتين أو مئة مرة , ما يهمني هو أن لانسبى نحن بشرا وحجرا مرتين , وقد سبينا ليس مرتين ,انما نتعرض منذ نصف قرن الى عملية من السبي المستمر ومن الاستبداد المتصاعد ومن الفساد والقتل والاغتيال , ولطمأنة نصر الله أقول للسيد على أن زينب عليها السلام لم تسب مرتين , ذلك لأنه يستحيل سبي زينب مرتين , فزينب ميتة , والسبي هو للأحياء , والعبث في مرقد السيدة زينب لايصح أن يسمى ولو على سبيل المجاز “سبيا”, انه عبث أو سرقة أو اعتداء ..الخ .
مامن شك بأن الذي وظف زينب ومرقدها في تأجيج المحرقة السورية يعرف الكثير عن وضع وموضوع السيدة زينب , ويعرف أيضا على أنه ليس من المشرف حشر السيدة زينب في تبرير التقتيل والاحتلال , كما أنه يعرف على أن السيدة زينب ترقد بسلام منذ آلاف السنين في مرقدها الذي لم يتعرض يوما ما الى الاعتداء , الا أن كل هذا لم يمنع الدجال من توكيلها بمهمة لاتليق بحفيدة النبي محمد ولا بوالد زينب .
ثم أنه يمكن القول على أن قضية السيدة زينب وخلافها مع يزيد ومقتل الحسين هي أمور لايعرفها الانسان العادي , وعندما يسمع هذا الانسان بالسبي مرتين يحاول نبش التاريخ والتعرف على الموضوع , والتعرف على موضوع زينب ويزيد لايخدم مبدأ التناسي الضروري خاصة في مرحلة تدمر الطائفية بها ماتبقى من الاوطان .
كيف يمكن لمن لايريد لزينب أن تسبى مرتين القيام بسبي عشرات الآلاف من السوريين في القصير والقلمون وغيرهم من المناطق , وذلك في سياق الدفاع عن ديكتاتورية بشار الأسد واستبداده واستعباده للناس , كيف يمكن لمن يتنكر ليزيد أن يحالف الأسد ؟وهل الاسد شبيه بالحسين , أو أن الاسد نسخة طبق الأصل عن يزيد ؟ وهل كان يزيد ثائرا من اجل الحق أو ان الحسين هو الذي ثار ضد التوريث , ألم يأتي الأسد توريثا كما أتى يزيد توريثا ؟.
نصر الله الذي عسكر زينب وزودها بالبندقية والقنبلة لتساعده في نضاله ضد التكفيريين , لايتوقف لحظة عن تكفير الغير , انه يكفر سياسيا كل من وقف بوجه الطاغية السوري , والتكفير السياسي أكثر لؤما من التكفير الديني , الذي يمارسه نصر الله أيضا بامتياز , وما حرصه المفبرك والمفتعل على مرقد اللسيدة زينب الا نوعا من التكفير المذهبي , الذي دفعه الى حمل البندقية لتقتيل السوريين الذين لايريدون الديكتاتورية الشمولية القائمة على نهب واستغلال وتهميش الناس , فنصر الله الذي لايريد لزينب السبي مرتين يريد منا الخضوع للمقدس الأسدي بالقوة والاكراه , حتى لو افترضنا على أن الأسد مدني علماني ودنيوي فهذا لايبرر الخضوع له قسرا , مع العلم على أن العلمانية تتناقض مع الديكتاتورية , ولا يجمع مابين نصر الله الشيعي حتى النخاع وبين الاسد الا علوية -شيعية الأخير , فنصر الله يجد حتى في الشيعي الشيوعي أيضا أخا له في المذهب , لذلك حليفا له .
لقد أكد نصر الله وكذلك فعل الأسد على أن ديكتاتورية الأقلية ضرورية من أجل حماية الأقليات , لذلك علينا تقبل ديكتاتورية أسد الأقلية من أجل حماية الأقليات , وما عدا الأقلية العلوية لاتشعر أقلية أخرى بالحماية , وانما تشعر بضرورة النزوح والرحيل كالطائفة المسيحية والدروز , وبكل تأكيد لايشعر الأكراد بأي شكل من الحماية ,هذا في سوريا , أما في ايران فيبدو وكأنه لاحاجة هناك لحماية الأقليات في دولة تعلن عن نفسها انها شيعية , مع العلم ان الشعب الايراني ليس شيعي صرف ,فالسنة يشكلون حسب الاحصائيات الحكومية ١٠٪ من سكان ايران , بعض المصادر تقول على أنهم يشكلون ٣٠٪ من السكان وذلك حسب احصائيات قديمة (ايام الشاه ), مصادر مستقلة تقول على أن نسبتهم بين ١٥ الى ٢٠٪ , وبغض النظر عن المسيحيين الذين هاجر معظمهم , هناك نسبة تركمانية تعادل ٢٠٪من السكان , والعرب يشكلون حوالي ٨٪ ثم الأكراد حوالي ٦٪ , والفرس يشكلون الغالبية من حوالي ٦٠٪ , أما كان على بشار الأسد أن يدافع عن الأقليات في ايران , حيث لاسلطة في ايران الا سلطة الفرس الشيعة , الشيعة يجب أن تحكم سواء مثلت أقلية أو مثلت أكثرية , ومن لايعجبه ذلك فلينطح برأسه أول حائط يراه !.
لقد بدء تاريخ المنطقة باعادة نفسه فمن يراقب الأحداث في هذه الأيام , يجد رديفا لها في الاشكالية العباسية- الأموية , اعادة اجترار الماضي والسماح له بالهيمنة على الحاضر لايمثل الا نقصا كبيرافي المقدرة على صناعة المستقبل , ومن لايصنع مستقبلا فهو ميت, اننا جثثا متحركة لا أكثر !