الوطن السورية وأسئلتها

بقلم :نيسرين عبود

طرحت جريدة الوطن السورية  أسئلة عديدة بخصوص  ماتدعيه من عدم الوضوح في   الاستراتيجية الأمريكية في سوريا , وطريقة صياغة الاسئلة  توحي  بأن السائل  يتوقع جوابا معينا  , الا أن  الجواب  على مايبدو  لايتناسب مع  ما تريده السلطة , وأول الأسئلة كان :ما الذي يدفع الولايات المتحدة إلى الإعلان عن أن إستراتيجيتها إزاء الأزمة في سورية ليست «عسكرية» وإنما «سياسية» لا تتضمن «الرئيس بشار الأسد»؟ ولماذا بحسب موقع «غلوبال ريسيرتش» الكندي هذا الانتقال الأميركي المفاجئ إلى الحرب على الإرهاب بعد نحو أربع سنوات كانت ترفض فيها أميركا الاعتراف بتأكيدات «الحكومة السورية» بشأن محاربتها إرهابيين؟ وما أسباب تأكيد وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أن «الرئيس الأسد» قد يستفيد من الغارات الجوية الأميركية التي تستهدف مواقع لتنظيم «داعش» ومع ذلك يقوم تحالفها بهذه الغارات؟

هناك لربما العديد من الأجوبةعلى  هذا السؤال وجوابي هو التالي  , أولا  لم تقل الولايات المتحدة يوما ما  على  أن الحل ان كان عسكريا أو سياسيا  لايتضمن “الرئيس بشار الأسد”  فالولايات المتحدة تعتبر الرئيس  فاقد الشرعية  وبالتالي  مايقوم به  ليس شرعي , أي أنه بكلمة أخرى ارهابي , وعدم  الاعتراف   بتأكيدات  الحكومة السورية  بشأن محاربتها للارهاب  أكثر من منطقي , حيث لايمكن للارهابي  محاربة الارهاب , والأسد بنظر الغرب  ارهابي بامتياز ,  وعن  ضرب داعش  واستفادة الأسد منه  فالأمر مرحلي ,الهدف هو  ازالة داعش  والأسد  , وفي المرحلة الأولى تقوم أمريكا والغرب  بتدمير داعش  وما يشابهها كالنصرة , وفي هذه المرحلة  يستفيد الأسد , الا أن هذه المرحلة ليست نهاية المطاف  , الغرب   يؤسس  لجيش  سيكون له  دورا  في مستقبل سوريا  , انه جيش المستقبل  الذي سيحل محل  كتائب الأسد  التي لاتمت  للجيش الوطني بصلة , انها كتائب  مسلحة تأتمر  بأمر زعيم عصابة  , كتائب  ذات لون عائلي ومذهبي معين  لايستقيم مع ألوان المجتمع السوري المتعددة

 السؤال الثاني  كان :كيف للولايات المتحدة أن تؤكد يقينها أمام الملأ باستمرار «النظام السوري» لسنوات قادمة طويلة حين أعلنت أن تدريب «المعارضة المسلحة المعتدلة» سيستمر ثلاث سنوات؟ فهل ستبدأ من هذه السنوات عملية إسقاط «النظام» التي قد تستغرق بنظر أكثر أعداء سورية تفاؤلاً أعواماً طوالاً؟ وما الذي سيفعله تحالف واشنطن في شمال شرق سورية خلال ثلاثة أعوام في محاربة تنظيم «داعش» قبل إعداد من يحارب «داعش» و«النظام»؟ والأهم من هذا وذاك هل سيقف الجيش العربي السوري مكتوف الأيدي خلال هذه الأعوام الثلاثة؟ وكيف تحولت الولايات المتحدة عن إعلان موقفها هذا مؤكدة أن المسلحين الذين ستدربهم لن يكون لهم دور عسكري في مواجهة «داعش» كما لن يقاتلوا قوات الجيش السوري النظامي بحسب ما أكده المنسق العام للتحالف الدولي جون آلن؟.

لقد أجابت الولايات المتحدة على كل هذه الاسئلة , فالولايات المتحدة  لاتأمل  بامكانية اسقاط النظام خلال يومين  , كما انها لاتريد اسقاط النظام دون بديل  عسكري , والفترة الضرورية  تقديرا هي ثلاثة سنوات   وقد تكون أطول أو أقصر من ذلك , أمريكا  لاتريد القضاء على داعش  بسرعة  دون  ايجاد  بديل لداعش في المناطق  التي تندحر داعش منها , وهل تظن جريدة الوطن  جديا  على  أن نظام الأسد  سيستلم مناطق داعش ؟ومن سيستلم مناطق داعش  هو الجيش الذي  يجري تأسيسه وتدريبه , انه الجيش الذي  سوف لايتم استهلاكه  بمحاربة داعش  , وانما  ستكون له جولات مع كتائب الأسد , وأغلب الظن على  أن هذا الجيش  سينتصر  على الأسد  المنهك  اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا وسياسيا .

السؤال الثالث :لماذا تصمم وزارة الدفاع الأميركية على خطة هيكلية جديدة «للمعارضة» بشقيها السياسي والعسكري، تبدأ من نقطة الصفر بحسب ما كشف موقع «العربية نت»؟.

سبب الاصرار  هو عدم تمكن المعارضىة الحالية من انتاج  فاعلية كافية  لاسقاط الأسد  وهذا لايعني  على أن المعارضة الحالية  سيكون التقاعد مصيرها  ,  الهدف  واضح  وهو “هيكلة ” جديدة تمكن المعارضة من انتاج فاعلية  أكبر , ولا عيب  في هذه الممارسة بعد أن تعولمت  المشكلة السورية , ايران تنظم  هيكلة السلطة السورية  عن طريق  مبعوثها السامي  السليماني  , وأمريكا  تهيكل المعارضة  , ونتائج هذه الجهود سنراها  قريبا على الأرض .

ليس من  العيب  على معارضة  ملاحقة من قبل نظام بربري أن تلجأ  الى  من يساعدها , العيب  هو على سلطة سلمت زمام أمور البلاد الى  قوة خارجية ..ايران وحزب الله , السلطة موجودة في البلاد  بقوة البندقية  وقوة أموال الشعب  والمجندين قسرا  , المعارضة لاتملك  امكانية  التواجد على الأرض السورية  خارج السجن , ولا تملك  البندقية  التي تشتريها بأموال الشعب  ولا تملك امكانية  تجنيد الشباب قسرا   في خدمتها  , لذا  فان  اعتمادها على الخارج  هو  أمر لامفر منه  , والمسبب لاعتماد المعارضة على الخارج  هي الأسدية  التي منعت أي عمل معارض  في البلاد  تحت طائلة  السجن والقتل والتعذيب ,

السؤال الرابع : ما الأسباب التي تدفع بالكثيرين من مسؤولي ومواطني الولايات المتحدة إلى القناعة والمطالبة بفتح قنوات تواصل مباشرة بين واشنطن والقيادة السورية لمواجهة تنظيم «داعش»؟.

الجواب  هو التالي :  أمريكا دولة ديموقراطية  , وفي الدولة الديموقراطية  توجد عادة اتجاهات  متعددة  حول  كل اشكالية , البعض في أمريكا يظن  بأن  اشراك  االسلطة السورية  في محاربة داعش  ضروري , والبعض يرفض  ذلك  , الحصيلة هي سياسة  السلطة الأمريكية , والسلطة الأمريكية  ترفض اشراك الأسد في مكافحة داعش , لأنه  الأسد بنظر هذه السلطة  ارهابي كداعش ,  جريدة الوطن لاتستطيع فهم  وجود آراء مختلفة في دولة ما , ذلك لأنه في سوريا الأسد  لايوجد الا رأي واحد هو رأي الأسد  ومن  يخالف  الأسد  عليه رحمة الله .

السؤال الخامس  :وهل ما يتناقله الكثير من الأوساط الإعلامية والدبلوماسية حول مطالبة واشنطن بهذه الاتصالات المباشرة مع الأسد صحيحة؟ وما دلالاتها؟ وكيف يمكن صرفها على أرض الواقع؟

يبدو للكثيرين أن هذه التساؤلات تتخطى نطاقها النظري وتضعها في حيز الواقع ثلاثة أسباب رئيسة واضحة: أولها سقوط مخطط أميركا في حربها على سورية بعد صمود الشعب والجيش العربي السوري وتمسك حلفاء سورية بها لأبعد مدى.

ثانيها: مخاوف الولايات المتحدة من تداعيات مخاطر الإرهاب إقليمياً ودولياً.

ثالثها: المصالح التي تحكم عالم السياسة، فتغير معظم مواقف دول أوروبا حيال الحرب على سورية كان محكوماً بهذه الحقيقة، وعمر المقامرة والمغامرة الأميركية- التي أفضت إلى فشل وهزيمة أميركا والبنتاغون، وإلى اختلاف وخلاف في الرؤية الإستراتيجية حيال الحرب على تنظيم «داعش» بين البيت الأبيض والبنتاغون وإلى تهديد لمصالح واشنطن- لا بد أن تكون له ساعة أزوف، وربما يلوح الآن في الأفق الكثير من دلالاتها.

لقد  أجابت الوطن على السؤال  , الا أن جواب الوطن بحاجة الى جواب , لقد نفت الولايات المتحدة  محاولة الاتصال مع الأسد نفيا قاطعا   ,  ولا أر حقيقة  أي سقوط الا سقوط الأسد وذلك بالمعنى الحضاري للسقوط , الا أن الأسد لاير  ذلك  وينطلق من خلفية ديكتاتورية منحطة  في ادراكه  للسقوط , لطالما يجلس الأسد على الكرسي  فهو غير ساقط   ,  انه الأهم  من البلاد ,  حضاريا  يعتبر سقوط البلاد  وتشرذمها  ولجوء الملاين  ونزوح ملاين أخرى ومجاعة عشرات الملاين  ثم  تهديم البلاد  ووضعها تحت نير استعمار خارجي  سقوط مدوي لرئاسة هذه البلاد  المسؤولة  عن كل  ذلك , فمعايير الأسدية مختلفة عن المعايير  المألوفة في عالم السياسة , سقط نيكسون لأنه تجسس على المعارضة , ولم يسقط الأسد  بالرغم  من فتكه بكل معارض , ولا ضرورة هنا للتوسع   في  شرح موضوع  المعا يير المختلفة  في تقييم  شرعية  الجلوس على الكرسي , الا أنه من الضروري القول على أن معايير الأسد  هي ترجمة  لمعايير الانحطاط  الأخلاقي والسياسي , ولو حدث في بلاد  تعرف  القدر الأدنى من الأخلاقية والديموقراطية ٠,٠٠١٪ مما حدث في سوريا  لسقط الرئيس  وجهازه  وشبيحته  وكتائبه   ولكانوا الآن خلف القضبان ..سوريا الأسد  شواذ ونشاذ ولا شبيه لها الا كوريا الشمالية , المعذرة  من كوريا  الشمالية  المتفوقة حضاريا على سوريا الأسد  المتفوقة  على كل العالم  بانحطاطها  وفسادها .أما عن انشودة الصمود  وعن  هزيمة  أمريكا والبنتاغون  فلا أظن  على أن  التعليق ضروري ..كلام خشبي  لامضمون  له  الا مضمون الثرثرة  ونعرف منه الكثير ..مثلا   نتيجة حرب ١٩٦٧  كانت هزيمة  اسرائيل  , ومن لايعرف  سبب  الهزيمة عليه بسؤال  حافظ الأسد ,  لقد انهزمت  اسرائيل لأنه بقي وزيرا للدفاع   ورئيسا مستقبل لالسوريا  , وما  هي أهمية الجولان  مقارنة بأهمية الأسد ؟.

السؤال الأخير :هل سيقف الجيش العربي السوري مكتوف الأيدي خلال هذه الأعوام الثلاثة؟؟

بغض النظر عن  الاختلاف حول التسميات  اذ تتحدث الجريدة عن “الجيش العربي السوري”  , وهذه الجريدة بالذات  هي التي روجت  لتسمية  الجيش باسم “كتائب الأسد ” , بالتأكيد  سوف  لن  يبق  لكتائب  الأسد في السنين الثلاثة القادمة  يد أو رجل , ألا  تر الجريدة  مصير الكتائب  في العديد من المناطق السورية   في درعا وادلب  والصحراء  وحقل الشاعر  الذي  اجتاعه داعش مرتين على الأقل لحد الآن   وماذا عن حلب  ودير الزور والرقة والبوكمال  وعين عرب  ودمشق   ..الخ ,  وقد قالت الولايات المتحدة  صراحة وبكل وضوح  على  أن أي تحرش  بطائراتها  ستكون نتائجه  تدمير  الدفاعات الجوية السورية , الأسد يقف الآن مكتوف الأيدي  ولا  يحرك صواريخه  وطائراته ضد من  يصول ويجول في الأجواء السورية , وهل سيزداد الأسد قوة  في المستقبل القريب  أو على المدى المتوسط أو البعيد  , وهل للجوع  أو اللجوء أو النزوح  أو للتهديم   من قوة  يستطيع الأسد من خلالها   الحاق الهزيمة بأحد   وذلك باستثناء  الأسد  الذي انهزم هزيمة منكرة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *