بقلم: ميشيل كيلو
لا أريد تحديد ساعة سقوط بشار الأسد، فأنا، بكل بساطة، لا أعرفها، وأعتقد أن إدعاء معرفتها لن يكون غير كذب وخداع. لكنني أعرف مسألة مهمة بالنسبة لنا نحن السوريين، هي أن بشار الأسد سيسقط حتماً، وسريعاً، في حال وفرنا شروط سقوطه الداخلية، وتفاعلنا بإيجابية، ومن موقع الاستقلالية – النسبية طبعا – مع عوامل إسقاطه الدولية، وأدركنا أن العالم يدخل، هذه الأيام، إلى منطق تغيير لن يتوقف عند شخص الأسد، بل يرجح أن يتعدّى سورية إلى بلدان عديدة في المنطقة، حيث تمس الحاجة إلى إقامة بيئةٍ تحصّنها ضد إرهابٍ تفشّى في كل موقع منها، ثمة، اليوم، إرادة سياسية وخيارات عسكرية دولية، هدفها إقامة هذه البيئة، باقتلاع نظام هنا وإصلاح آخر هناك، وإنشاء حاضنة عامة، دولية وعربية وإقليمية، تكون مترابطة الحلقات، تتكفل بإنجاز تحولٍ لا يفضي إلى انهياراتٍ سياسيةٍ، تصعب معالجة نتائجها والتحكم بمسارها، يمكن أن تفيد إيران والإرهاب منها.
ماذا يعني التحالف الدولي غير تحقيق مهمتين رئيستين، هما، تغيير من أنتجوا الإرهاب في الماضي، ويمكن أن ينتجوه ويستعينوا به اليوم، لكي يبقوا في السلطة، وعلى رأسهم نظام الأسد في دمشق. والمهمة الثانية، تحول البلدان المتحالفة إلى جهات قادرة على الصمود في وجه الإرهابيين، وإزالة كل ما من شأنه تمكينهم من التكون والانتشار داخلها، بالإفادة من العيوب التي تسم أوضاعها.
يرتبط النجاح في محاربة الإرهاب بالنجاح في التصدّي لهاتين المهمتين، اللتين تعني أولاهما التخلص من بشار الأسد وأمثاله من المتلاعبين بأوراق الإرهاب، وثانيتهما التخلص من مفاسد وعيوب النظم التي تحتاج إلى إصلاح يحصن أوضاعها برضا مواطنيها، وخصوصاً الشباب منهم، ضد إغراءات الإرهاب وتهميشهم.
هل قرر التحالف الدولي إطاحة بشار الأسد؟ أعتقد أن القرار كان موجوداً منذ بدأت الثورة السورية، لكن رهانات الولايات المتحدة وسياساتها التي تتجاوز سورية، والتي استخدمت الصراع الدائر فيها لكي تصفي حساباتها مع جهات دولية وإقليمية، جعلتها تؤجل تنفيذه، الذي يرتبط اليوم بجملة قضايا متشابكة، منها: الضغط على روسيا وإيران، كي تتوقفا عن خوض معركة الأسد. ثمة علامتان ترجحان حدوث شيء من هذا، هما ضخامة قدرات التحالف الدولي الجديد، والذي لن يكون في مصلحة روسيا مواجهته أو تحديه، وسيكون من مصلحتها الانتساب إليه ولعب دور ما في إطاره.
وثانياً، رفض التحالف منح إيران أي دور في الحرب ضد الإرهاب، داخل العراق وفي سورية، مع ما يعنيه ذلك من تآكل محتمل، سيفرضه تهميشها على نفوذها وقدراتها في البلدين، وخصوصاً منهما سورية، حيث يتشابك وجودها مع النظام والإرهاب، وسيكون من الصعب عليها إبقاء نظام الأسد بعيداً عن الاستهداف والضغط العسكري، والنجاح في حمايته بواسطة أساليب التدخل المباشر التي تتبعها منذ بدء الثورة، ويحتمل أن تقيّدها خشية تعرضها، من الآن، لمواقف صعبة، يمليها تبدل موقف دولي صار هجومياً، تعبر عنه سياسات وتدابير عسكرية، تتجاوز الساحة السورية، يرجح أن تعزل أنشطة إيران وتقلصها، في العراق وعبره في سورية، بقوة ميزان قوى يستطيع وضعها، ووضع الأسد، تحت ضغوط يومية، يستبعد أن تعرض نفسها لها من أجل نظام تعلم أن باب عقد صفقة على رأس رئيسه سيظل مفتوحاً أمامها بصورة دائمة، بينما تتخلق شروط سقوطه، وتصير قابلة للتنفيذ، من دون موافقتها أو مشاركتها، بأدوات تحالف يعتبره من أركان الإرهاب، ويرفض التعامل معه، وقد يسدد غداً ضربات مباشرة، أو غير مباشرة، إليه.
|