سقوط الرئيس …رئاسة الشبيحة
بقلم : ربا منصور
لقد سقط النظام السوري دون أن يدرك الأسد ذلك , فالنظام الذي يريد الوحدة أنجز الانشقاق , والنظام الذي يريد الحرية , وما أجمل ماكتب حول هذا الموضوع في أدبيات البعث , أنجز العبودية , هذا ناهيكم عن الاشتراكية التي لايمكن رؤيتها حتى بالمجهر , اضافة الى ذلك وضع البلاد الكارثي وتقسيمه الواقعي ,اضافة الى سقوط السلطة المركزية, فالرئيس الذي يريد تحرير حبيبته الرقة فجأة يخسر الرئيس سيطرته على الحسكة , الرئيس يريد استرداد حقل الشاعر , وفجأة يخسر الفرقة ١٧ ..الخ , سقط الرئيس أيضا لأنه نال أكثر من ٨٨٪ من الأصوات بينهم أصوات الجن والموتى , وسقوطه كان مدوي عندما قيل على ان من “بايعه” تعدى ٩٨٪ من الشعب السوري , فالمزور الساقط أخلاقيا لايمكن أن ينجح انتخابيا الا اذا كان الشعب قطيعا من البهائم , واعتبار الرئيس الشعب على أنه قطيع بهائمي لايحول الشعب عمليا الى بهائم ,كلنا نعرف تمام المعرفة على أن كل ورقة لاقت حتفها في صندوق الاقتراع حملت معها عشرة ورقات , المؤيد يصوت بالنيابة عن غيره بصراحة فاقت كل وقاحة .. وهل هناك سؤال حول صحة الخيار , الكل مع الاسد الى الأبد , لذلك هاتوا بالأوراق الى الصندوق , ويا ماشاء الله فجأة كان بالامكان حسابيا افتراض وجود أكثر من ٤٠ الى ٥٠ مليون سوري , كلهم للأسد الى الأبد في اعراس الديموقراطية التي تتجدد , والجديد منها قبل أشهر كان تحت مراقبة صارمة من قبل وفود من كوريا الشمالية وايران , حيث أكد الكوريون والايرانيون نزاهة العرس وشفافيته , فلا تزوير ولا غش وانما نقاء وشفافية الكريستال .
الأسد سقط كرئيس لجمهورية تفسخت واندثرت ثم بادت , الا أن لأسد لم يسقط كشبيح ,وقد انتعش مؤخرا بعض الشيئ في حروبه الى أن عكرت داعش مزاجه ومزاج الطائفة والشبيحة , التي استاءت من الأسد بسبب عدد قتلاها الذي تجاوز الألوف في الفترة القصيرة الأخيرة , والرئيس لايزال يكر ويفر , وبعد كل كرة وفرة يموت الآلاف وتتهدم البنايات وتترمل النساء ويتيتم الأطفال, وشريف شحادة يردد دائما على أن هناك “مشروع” في رأس الرئيس , أهذا هو مشروعه ؟
التجربة الأسدية ليست جديدة على الانسانية , التي تعرف العديد من أشباهه , لقد كانت هناك أوروبا الشيوعية والاتحاد السوفييتي وبريجينيف وغروميكو وغيرهم , كلهم سقطوا وورثهم بوتين الذي سيسقط أيضا .. اذ لاتدوم الا للخالق!!!, وبوتين بابتكاراته بخصوص رئاسة الدولة ورئاسة مجلس الوزراء بالتناوب سوف يسقط, وبراميل الرئيس المتفجرة أسقطته قبل أن تسقط على رؤوس الناس ,ونتائج انتخابه واستفتائه أسقطته قبل أن تسقطه الثورة , الساقط سيسقط ولو بعد حين , ولا توجد “كفالة” بعدم قدوم ساقط ليسقط مجددا .. داعش التي واكبته تكتيكيا وعارضته استراتيجيا ستسقط أيضا وهكذا دواليك !!
لمزيد من فهم القضية من المفيد الاسترشاد بتجارب الآخرين ونتائج هذه التجارب , وأحدث التجارب في هذا الخصوص هي تجربة أوروبا الشرقية والوسطى , حيث بالامكان اكتشاف بعض التشابه بين سوريا وبين بعض هذه البلدان , التي كان الاتحاد السوفييتي صانعا للحدث بها , كما كانت سوريا صانعة للحدث في لبنان اضافة الى تأثيراتها على العراق والأردن وفلسطين وحتى تركيا , الاتحاد السوفييتي ركز على الخارج وعلى الصواريخ والعنجهية وأهمل الداخل حيث الفقر والفساد والظلم والحزب الشيوعي الواحد القائد للدولة والمجتمع , الى أن أفلسه ريجن بحروب النجوم وقاده الى الانهيار ,والامبراطور حافظ الأسد ومن بعده وريث الدم والسلالة حذا حذو الحزب الشيوعي السوفييتي وأهمل الداخل حيث تركه فريسة للنهب والسرقة والاستبداد , خارجيا أعلن الأسود على أنه لاصوت يعلو على صوت المعركة ..ممانعة ومقاومة حتى الموت ,ثم شعارات خشبية فارغة يثير حتى سماعها الاقياء , فلا وقت للديموقراطية ولا لزوم لاحترام الحريات ولا بأس بالفساد , ذلك لأن السيد الرئيس منشغل بفلسطين والجولان وتحريرهم , … وسيحررهم بعون المهدي في الوقت المناسب وبالشكل المناسب !!!
سقوط الساقط تاريخيا أمر حتمي لأن منظومة الأسد “اصطناعية” ” وغير طبيعية , وبالرغم من غموض الطريق , الا أن الوضع يسمح , بالرغم من” تعقيداته ” , بشيئ من التنبؤ حول مستقبل البلاد,وأغلب الظن هو أن انهيار الأسدية كعصابة بعد أن انهارت الدولة لن يزلزل المنطقة كما يدعي الأسد , وسوف لن تضرب صواريخه لندن وقطر كما يدعي زبونه خالد العبود , الا أن مسيرة التحول في سوريا سوف لن تكون ناعمة كمسيرة التحول في في ألمانيا أو بلغاريا أو بولندا , وانما سيكون لها النموزج اليوغوسلافي الخشن ,فالديموقراطية التي تحارب الثورة من أجلها سوف لن تولد فورا , وسوف لن ينفصل الساحل عن الداخل بتفاهم كما حدث في تشيكوسلوفاكيا , طريق الدم سيكون للأسف دون بديل , ولحد الآن تسير الامور على طريق الدم بايدي سورية وارادة سورية ,والأمر ليس مؤامرة كما يقول الأسد وجماعته الذين لايملون من انشاد نشيد المؤامرة , سوف نترحم يوما ما على سايكس بيكو , ذلك لأن ماسوف ينتج هو أسوء من سايكس بيكو بكثير , عشنا دهرا كراخانة العهر السياسي وفي الكذب والتصنع والدجل , واليوم أتت الحقيقة وأتى التفسخ وانهيار الأخلاق والقيم وسننال مانستحق , وسندفع ثمن تخاذلنا وتوطئنا مع الاستبداد , لقد كان للثورة أن تشتعل قبل أربعين عاما , ولايمت للصحة ماقاله جورج طرابيشي من أن الثورة سابقة لأوانها , لقد تأخرت كثيرا وتعقدت أكثر , ومهمتها تضاعفت , ولم يعد التخلص من الاسد كاف , بل يجب التخلص من الأسد ومن داعش أيضا , والتخلص من الأسد ليس بالأمر السهل , فكيف سيكون التخلص من الأسد ومن داعش مجتمعين ؟.
الثورة انجزت الكثير وخضخضة الأسد هي انجاز لايفوقه انجاز آخر , والثورة التي سوف يكون لها حل بعض الاشكاليات , سوف تخلق أشكاليات أخرى , واذا احتاج الأسد الى نصف قرن لكي يوصل البلاد الى الخراب الذي وصلت اليه , فسيكون قرن كامل ضروري لبناء البلاد , لايعني البناء اقامة البنايات وشق الطرق فقط , وانما يعني الكثير غيره والأهم منه ,انه بناء الانسان السوري المقتدر على ممارسة الديموقراطية والمحترم لحرية الآخر , انه بناء المؤسسات وبناء الأحزب وبناء طرق التداول السلمي , لاديموقراطية دون أحزاب , ولا أحزاب دون ديموقراطية , والأمر متداخل وصعب ومن ينتظر الفرج بعد غد سوف لن يكون له الا خيبة الأمل