أعلنت الأمم المتحدة على أن عدد القتلى من جراء الحرب في سوريا بلغ ١٩١ ألف سوري, اضافة الى ٥٢ ألف قتيل لم يكن بالامكان توثيق مقتلهم , بالاضافة الى عدد افتراضي للقتلى يصل الى ضعف العدد الموثق والمعروف , أي ان سوريا خسرت ما لايقل عن نصف مليون من ابنائها , اضافة الى تخريب ما لايقل عن ٧٥٪ من البنية التحتية , بالضافة الى تخريب كامل العلاقات الاجتماعية والوجدانية والسياسية بين ماتبق من هذه الأمة من بشر …كل ذلك فداء صرماية بشار !!.
من المألوف في الدول الراقية وحتى الدول التي تصبو الى الرقي أن تقوم الحكومة بجرد لأهم انجازاتها سلبيا وايجابيا , وهذا الجرد يتم عادة بعد حقبات قصيرة نسبيا .أربع سنوات أو ثمان سنوات .., وأهمية هذا الجرد تزداد كلما كانت فترة الحكم أطول , نحن الآن مع الأسد منذ نصف قرن , والأسد لايحب الجرد ولا يجرد , لأنه لافائدة من الجرد لطالما يريد فخامته البقاء رئيسا أوملكا أوخليفة الى الأبد , انه قدر هذه الامة سيان بقيت أمة أم لم تبق , معصوم عن الخطأ وماقام به بغض النظر عن النتائج هو أمر لايقوى عليه الا العباقرة … هكذا يتصور مختل العقل نفسه , وبهذه الدرجة من اللاأخلاقية والديكتاتورية يريد الأسد من هذه الأمة “مواكبته” في مسيرة التقدم والتحديث والاصلاح .
الأسد لاير ضرورة للاجابة على أي سؤال الا السؤال المتعلق ببقائه , لقد قال انه سيبقى مهما كلف ذلك , وحتى لو كلف ذلك احراق البلاد , وها هو يحرقها , وأين الغبن في ذلك ؟؟ وقد امتلأت جيوب اتباعه بالمال , ولا يزال ينهب ويسرق عينك عينك , ولا يزال أتباعه “يعفشون ” ويسرقون عينك عينك وبدون أدنة مستويات الخجل .
بهذه المناسبة تعرفت على قصة يتيم توفي والده انتحارا قبل حوالي عشر سنوات , وقد ورث هذا اليتيم عن والده بيتا وقطعة أرض , ولا تزال الأرملة تجاهد في المحاكم وتدفع البراطيل بعد تأجيل كل جلسة , باعت مصاغها ولم يعد عندها أي شيئ تستطيع دفعه , ومؤخرا استأنفت دعوى بخصوص ارثها وارث ولدها , تصوروا على أن انجاز وكالة عند قاضي الشرع من اليتيم القاصر لوالدته لكي تستطيع نيابة عنه ملاحقة الدعوى كلف من الرسوم فقط ١٣٠ ألف ليرة سورية , وبغعد دفع المبلغ قيل لها على أنه من واجبها تحضير حوالي مليون ليرة سورية أخرى لدفع البراطيل , حتى لايتم تأجيل البت في موضوع الدعوى الى أبد الآبدين , وقبل كل تأجيل يجب الدفع , ثم الدفع ..وبالنهاية اعلنت الأرملة نيابة عن ولدها وباسمها أيضا أنها لاتتمكن من الدفع , وعند السؤال عن نتائج ذلك , قيل لها على أن الطرف الآخر أي أخت المنتحر ستحصل على كل الارث , و سيخرج اليتيم بنتيجة صفر , لأنه لايقتدر (والدته) على متابع الدفع الى يوم القيامة .
هذه القصة وحدها تكفي لاستقالة وزير عدل في دولة نصف ديموقراطية , , فكيف يمكن لدعوى أرث أن تستمر عشرات السنين , وقد أصبح اليتيم الآن شابا , وهو ينتظر احقاق الحق في دولة قانون الغاب ,
لو اقتصر موضوع الفساد القضائي على هذه القصة وعلى مئات الألوف من قصص مشابهة لهان الامر كثيرا , الا انه لاتوجد في البلاد قصصا مغايرة , القضاء مفسدة تم صنعها في نصف القرن الماضي , السياسةمفسد تم صنعها في نصف القرن الماضي , وداعش مجزرة تم صنعها في نصف القرن الماضي , وقتل البشر جريمة تم صنعها في نصف القرن الماضي , تهديم البلاد على رؤوس ساكنيها جريمة تم صنعها في نصف القرن الماضي , السجون وشجونها والموت تحت التعذيب ملحمة تم صنعها في نصف القرن الماضي , الافقار وتدني الدخل وتخريب المدارس والمعاهد كارثة سببها حاكمية القيادة الحكيمة في نصف القرن الماضي , المجازر وما أكثرها في سوريا هي اجرام تمت ممارسته فس نصف القرن الماضي , الحرب الأهلية والطائفية هم أمراض مستعصية تم صنعهم في نصف القرن الماضي , اللجوء وتشريد أكثر من ٩ ملاين سوري هو انجاز نصف القرن الماضي , انحلال الأخلاق واندثار الوطنية والمواطنة هم نتاج لممارسة فوقية ديكتاتورية انتهازية طوال نصف القرن الأخير , ومن يريد سرد موبقات الأسد لاينتهي , لذلك لا قيمة “للجرد” , واذا اراد الأسد الجرد فماذا سيجرد غير الشرور , على فكرة ذكرتني مفردة “جرد ” بالبقالية والحانوت والفلافل ودكاكين العصير والحلويات واللحام والخضرجي … انهم “يجردون” ليعرفوا ان كانت نتائج عملهم ايجابية أم سلبية , أما في مزرعة الأسد فلا لزوم لذلك .. فالخزنة بيد أمينة , وبالأمانة برر وزير نفط سابق عدم ادراج عائدات النفط في الموازنة العامة ,فعائدات النفط بيد أمينة !!!!! , فيا أيها المواطن البجم , ماذا تريد أكثر من ذلك ؟؟