“فك رقبة” بثلاثة ملايين: ضباط بشار الأسد يطلقون تسعيرة “الإفشاء”

 بقلم:عبد السلام الشبلي

شبكة أمنية “مافياوية” كبيرة، تتاجر بالمعلومات عن المعتقلين داخل سجون النظام، وتتصل فيما بينها بخطوط مخابراتية بين أفرع أمن النظام، عمادها الأمن العسكري في دمشق.

طوال عام من اعتقال شقيقه الأصغر ،لم يوقف “رائد ” البحث عن طريقة ليصل فيها إلى معلومات عن أخيه، الذي غاب في معتقلات نظام الأسد وغابت معه أي معلومات تفيد بما آلت إليه أحواله حتى هذه الأيام.

بين الموت والحياة، وصور المعتقلين التي ملأت المواقع الالكترونية، أصبح هاجس الأخ الأكبر معرفة مصير أخيه بأي ثمن ،فلم يترك واسطة إلا ووضعها في سبيل ذلك، طارقا باب القريب والبعيد حتى يعرف إن كان ابن أبيه حيا أم أن أهوال المعتقل، ارتقت به إلى السماء.

بين الوعود والمماطلات، حملت الأقدار رائد إلى مساعد في الأمن العسكري بدمشق، يلقب ” أبو وسيم”، حيث أخبره من أوصله به أن هذا الرجل، قادر على أن يأتي بالخبر اليقين عن أخيه لكن يجب أن يدفع من أجل أن يعرف، فالمعلومات على حد قول الواسطة ليست “ببلاش”، و كل حرف وله ثمنه.

وافق (رائد)، المتلهف لسماع أي خبر عن أخيه، فكان الشرط الأساسي ألّا يرى (أبو وسيم) أبدا، لأنه وبحسب الوسيط، يخشى على نفسه من بطش النظام، فهذه المعلومات مهمة وخطيرة، ولا يجب أن تسرب بأي طريقة، خصوصا إذا كان المعتقل، قد قضى تحت التعذيب، وهنا يمنع تناقل خبره،إلى أن يبت أمره في الدوائر الأمنية العليا.

بدأت المفاوضات على السعر، وتكشّفت معها حقيقة شبكة أمنية “مافياوية” كبيرة، تتاجر بالمعلومات عن المعتقلين داخل سجون النظام، وتتصل فيما بينها بخطوط مخابراتية بين أفرع أمن النظام، عمادها الأمن العسكري في دمشق.

لكل شيء تسعيرة

المافيا التي يديرها عدد من ضباط النظام، يذكر “رائد” أن لكل شيء تسعيرة خاصة، حيث تبدأ المساومات، من خبر كون المعتقل حي، وهذا له سعره الخاص، الذي يتراوح بين 150 ألف ليرة سورية إلى 300 ألف بحسب الشخص الذي سيدفع، أو بحسب قربه من (الواسطة)، أما معرفة الفرع أو المكان الذي يحتجز فيه المعتقل، فيصل سعره إلى 200 ألف من غير مناقشة، لأن مثل هذه المعلومات “خطيرة ” كما ذكر الوسيط لرائد.

وأعلى التسعيرات بلغ 3 ملايين ليرة سورية، وهذه الملايين هي ثمن نقل المعتقل إلى سجن عدرا تمهيدا لإخلاء سبيله، ولا تقبل النقاش أيضا، لأنها كما يقول رائد “فك رقبة من المشنقة” وولادة بعد موت.

الدفع مسبقا 

على خطا شبكات الاختطاف العالمية، يطلب الضباط من ملتمسي مساعدتهم، دفع المبلغ مسبقا ،من أجل البدء بالإجراءات المطلوبة ،وهنا يكون المحتاج لهم أمام خيارين ، إما أن يدفع ويترقب صدقهم من كذبهم ،أو أن يرفض ويبقى دون أي معلومات عن قريبه المعتقل في سجون النظام، ناهيك عن تعرض المعتقل الذي يتم الحديث عنه ربما يتعرض لأضعاف التعذيب بحال لم تتم الصفقة كما تريد المافيا كانتقام من المعتقل بحسب ما ذكر الوسيط لرائد ،في محاولة لإخافته منهم!

شريك الأمن “خاسر” 

في صفقة تجبر فيها أن تكون شريكا لضباط أمن النظام ،ربما تكون خاسرا في أغلب الأوقات ، أو على الأقل صاحب حق ضائع إلى ان تأتي ساعة الفرج ، حيث يقول رائد ،أنه بعد دفع مبلغ 200 ألف ليرة سورية من أجل معرفة كون أخيه حيا أم ميتا ،ماطله الوسيط أكثر من شهرين ،ليقول له في آخر الأمر أن أخوه قضى تحت التعذيب و يجب أن يذهب ليستلم هويته بعد أيام ،وبعد شهر من استلامها ،يتصل رقم غريب برائد ليكون أخوه حيا يرزق ،ويكلمه على الهاتف بعد ان أفرج عنه لعدم ثبوت أدلة عليه.

عام ونصف من الاعتقال، وموت وهمي ،عاد بعده الشقيق إلى الحياة ،ومبلغ من المال ضاع مع مافيا كاذبة ،حتى بعد أن تقبض سعر معلوماتها، حكاية قد تبدو للوهلة الأولى دراما فنتازيا ،لكنه واقع يعيشه السوريون اليوم ،في ظل حكم نظام الأسد

 

“فك رقبة” بثلاثة ملايين: ضباط بشار الأسد يطلقون تسعيرة “الإفشاء”” comment for

  1. لاينقص من قيمة هذه المعارف كونها معروفة عند الكثير من ابناء سوريا , هناك من لايعرف ذلك ولا يزال مغررا به حتى الآن , وحتى الآن يصر بعض هؤلاء على تأييد الأسد فتأييد الأسد لايزال يدر المال حتى الآن , دخل عقيد أو عميد أو ضابط علوي عادي في الجيش يضاهي دخل أكبر ضباط الجيش الأمريكي , ولا يرضى أصغرهم رتبة وقربا من العهائلة بدخل أقل من مليون الى عدة ملاين ليرة سوريا , والآن من الدارج ان يكون الدفع بالدولار , ومن أين يمكن لسوريا في ظل الديموقراطية أن تمنع الضابط من ممارسة الفساد ثم تدفع له تعويض “دخل” بحوالي ١٠٠٠٠ دولار ….لايمكن لهذا الضابط الا السباحة في المياه العكرة , زوال الأسد يعني بالنسبة له الموت , ليس لأنه علوي اطلاقا , وانما لأنه بالدرجة الأولى والثانية والثالثة “فاسد”, تنظيمة العلوية السياسية وحصر المناصب بالعلويين وهيمنة الطائفة العلوية على مرافق الدولة ثم احتكار المال من قبل الطائفة ..الخ ليسوا الا اجراءات شبه ادارية , توزيع الثروة القومية العادل لايناسب الأسد , تناسبه طريقة التوزيع الرأسمالية ..الكثير من الريع للقليل من الفاسدين , وذلك لاحكام الولاء له , اضافة الا سبل أخرى لاحكام الولاء , منها العصبية العائلية والجهوية والعشائرية والمذهبية …الى آخر هذه القيود التي تتحكم بالانسان السوري .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *