من تحت الدلف الى تحت المزراب

بقلم :جورج بنا

أوائل عام ٢٠١١    كان هناك في سوريا  حراك مدني  مطالب  بالاصلاح  , ماذا فعل الأسد  تجاه هذه المطالب ؟

لاشيئ  ايجابي  , لقد اعتبر الأسد هذه المطالب  عبارة عن  اخلال بالأمن  ,   وبدأ بممارسات  قصدها الظاهري  الحفاظ على الأمن  والاستقرار  , ثم بشر    بسقوط هذا الحراك  وقتل من المتظاهرين ما لايقل عن ١٠٠٠٠  متظاهر  وأمعن في   الانتفاخ والمكابرة   الى أن أطلقت الرصاصة الأولى من قبل   الحراك  , الذي أصبح ثورة مسلحة   اجتذبت    المسلحين من الداخل والخارج  , الثورة أصبحت حربا اهلية   دمرت الأخضر واليابس  , وقضت على أرواح أكثر من نصف مليون سوري  , هدمت البلاد بنسبة ٧٥٪  ,  وأجبرت الناس على النزوح واللجوء    , حيث تجاوز  عدد النازحين واللاجئين   العشرة ملاين ..  حدث كل ذلك  وأكثر أيضا  , والرئيس بشار الأسد  مستمر في غيه  ورعونته  وانتفاخه  ومكابرته  , الى أن أصبح    اسم نظيره   أبو بكر البغدادي  , وهذا الأبو بكر البغدادي  أحتل  أكثر من ٤٠٪ من الأرض السورية  , الى جانب النصرة التي تحتل  أكثر من ٢٠٪ من الأرض السورية , والجيش الحر  الذي يجتل  قرابة ٢٠٪ من الأرض السورية  , وفي هذه الظروف  أجرى الأسد  انتخابات    نال بها  أكثر من ٨٨٪ من أصوات الشعب السوري ,   حيث بلغ  عدد من   صوت له  أكثر من عشرة ملاين سوري … لقد اعلن الأسد  بجدية  وثقة مرضية كل ذلك على أنه حقائق  , الا أن حقائقه  لم تحترم حتى جدول الجمع والطرح  , اذ أنه ليس من الممكن   أن ينال الأسد هذه الأصوات  كلها وبالملاين  , لأنه لاوجود لهذه الأصوات الا بمخيلته   وبمخيلة زبانيته . 

 اعلن الأسد مرارا   انتصاره على كل  من يعارضه  , حتى انه انتصر  في حرب كونية على العالم  ,  ولا  أحد يستطيع فهم هذا الانتصار  , فمن ينتصر بهذا الشكل  لايحتاج الى حزب الله  ولا يحتاج  الى  فصائل القدس ولا الى قاسم سليماني  ,   على الرغم من ذلك  انتصر  الماريشال الأسد  تخيلا  ,  ولم ينتبه  النبيه بشار الأسد  على أنه أصبح  عريفا   في كتائب  قاسم سليماني  , الذي أعلن عن طريق   مستشار  الامام  الخامني على أن حدود ايران   أصبحت   على   شواطئ اللبحر الأبيض المتوسط  , وان مابقي للأسد من المزرعة السورية ليس  الا  المحافظة الايرانية رقم ٣٥  ..كل ذلك حدث  والأسد يتابع مسيرة الانتصارات  التي  لم تتوقف لحد الآن .

الآن  وقد دخل الغرب  الحرب  ,  أصيب الأسد بنوع من  الهلع  , تراكض   مقدما  أوراق اعتماده  للغرب  وعارضا على الغرب  انشاء حلف    مهمته مكافحة الارهاب  ,  ولم يفكر الأسد هنا على  أن  المقصود سوريا  وغربيا بالارهاب هو الأسد ونظامه بعينه  , فمن يريد مكافحة الارهاب من منطق غربي   عليه بالأسد أولا , ذلك لأن ارهاب الأسد هو  الفقاسة التي انجبت داعش وغيرها  , فكيف يمكن للغرب   أن يتحالف مع  الارهابي الأول  من أجل مكافحة الارهابي الثاني ؟؟ , ثم  ان  ذاكرة الاسد خانته   بشكل  فاضح , فهل من المعقول   للغرب أن يتحالف  مع كتائب الأسد  من أجل محاربة داعش ؟  , اليس  للغرب   حلفاء  آخرين  , منهم الجيش الحر  , وكم  كرر الغرب  حرصه على  تجهيز الجيش الحر  بأسلحة حديثة , الا انه تأخر  لخوفه من وقوع هذه الأسلحة بيد الأسد أو بيد داعش , والأحداث  برهنت على أن مخاوف الغرب محقة  , فقد سقطت أسلحة الأسد بيد داعش  , وسقط ضباطه  وجنوده بيد داعش  , وداعش تبيد منهم يوميا  ماتستطيبه ,   والأسد المنتصر  لايقوى الا على التفرج  وعلى المكابرة والانتفاخ  ..

 لم يكن القصد من كتاية هذه الأسطر البرهنة على  اختلال  العقل السياسي عند الأسد  ,   فالسياسة تعريفا هي  الحصول على   مايمكن الحصول عليه  , وقد  كان بامكان الأسد  الحصول على الكثير أوائل عام  ٢٠١١  ,  ألم  يكن   من الأفضل  للأسد والأسدية والطائفة العلوية  لو  أنهم قبلوا بالمشاركة   في ذلك الوقت ,  أليس  التعامل  في سوريا مع  المعارضة المدنية  أفضل من التعامل مع داعش والنصرة وغيرهم .. أليس رئيس وزراء  اسمه مثلا حسن عبد العظيم  , ورئيس جمهورية أسمه على سبيل المثال    معاذ الخطيب  أفضل من  خليفة اسلامية اسمها  أبو بكر  البغدادي  ؟؟ ماذا لو  تمكن الأسد من الانتصار على نفسه أولا  قبل أن  يتخيل الانتصار  على العالم  , وسلم  البلاد الى حكومة مدنية   في الوقت   الذي لم يعرف  داعش والنصرة وغيرهم  مثل حالش وعافش  ..الخ ,

الأسد لم ينتصر على أحد ,   ومقدرته على تقتيل السوريين وتخريب بلادهم  ليس  نصرا  له  , وانما هزيمة منكرة  سيتذكر عواقبها  عنما يقف أمام  القاضي  ,  لقد وقف صدام  أمام القاضي  ولم يقف القذافي أمام القاضي   فكانت النتائج متشابهة  ,  وبعد أن فعل مافعله ,  فهل يمكن من وجهة نظر انسانية   الا التمني له  بمستقبل  مشابه .. قيل  :بشر القاتل بالقتل  ولو بعد حين  , كما قيل أيضا من يؤخذ بالسيف , بالسيف يؤخذ , فماذا ينتظر الأسد  ؟؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *