بقلم :زياد ماجد
يمكن استعراض الكثير من علامات التشابه بين الحكّام العرب، المخلوعين أو المُقبلين على خلع. فجميعهم اعتمدوا شعار “الى الأبد”، وجميعهم استقووا بقواعد عسكرية أو مخابراتية أو مذهبية أو قبلية أو مالية لبناء سلطانهم، وجميعهم شيّدوا (أو ورثوا) منظومات “قمع رمزي” قادرة على التحوّل في أي لحظة الى “القمع الفعلي” لإدامة سطوتهم. وجميعهم جهدوا لتحطيم العلاقات السياسية في أوطانهم ولتدعيم شبكات الفساد الموالية لهم توسيعاً لقواعدهم الاجتماعية. وجميعهم، كذلك، تصرّفوا بوصفهم زعماء معشوقين يردعون عبثاً الرغبات الجماهيرية الجامحة في وهبهم الأرواح والدماء.
على أن جديد التشابه بين هؤلاء، يكمن في مقولاتهم وألفاظهم وما يسدّدونه من تُهم وهم يواجهون الثورات والانتفاضات الشعبية المندلعة في وجوههم.
فمعظمهم (بن علي ومبارك وصالح والقذافي والأسد) حذّروا على نحو مباشر أو غير مباشر من أن بدائلهم تعني الفوضى والحروب الأهلية والسيطرة السلفية والأخوانية (أو “القاعدية”) على البلاد.
ومعظمهم (صالح والقذافي وآل خليفة والأسد) تحدّثوا عن مؤامرات خارجية وعن تمويل محاولات انقلاب ضدّهم.
ومعظمهم أيضاً (بن علي ومبارك وصالح والقذافي والأسد) اعتبروا الإعلام محرّضاً عليهم حاقداً ينسج الأكاذيب والمكائد.
ومعظمهم أيضاً وأيضاً (بن علي ومبارك وصالح والقذافي والأسد) اكتشفوا بعد عقود أو سنوات مديدة من تربّعهم هانئين على العروش، مُشيدين بإنجازاتهم وإصلاحاتهم، أن الأمور ليست على ما يرام وأن عليهم التعهّد بالإصلاح وتعديل القوانين ورفع حالات الطوارئ وإطلاق المعتقلين وتنظيم الحوارات الوطنية.
ومعظمهم كذلك (صالح والقذافي وآل خليفة والأسد) سمّوا المتظاهرين مخرّبين وعنفيّين لا يريدون غير الفوضى، مع تميّز كبير للقذافي والأسد في الإكثار من توزيع التُهم، وفي إقحام “الحبوب” و”الجرذان” و”الجراثيم” في الأدب السياسي والتحذير من مضارها المستقبلية: على القلوب في حالات “حبوب الهلوسة الليبية” (بحسب القذافي)، وعلى التربية في حالات “الأطفال السوريين الناشئين على الفوضى وكره الدولة” (على ما قال الأسد).
ومعظمهم ختاماً تعهّدوا بتنظيم انتخابات تنهي ولاياتهم بعد أن كانت المنايا وحدها ما قد يفصلهم عن قصور الرئاسة (بن علي ومبارك وصالح)، في وقت شذّ القذافي عن هذه القاعدة، إذ لا منصب له يجوز التنافس عليه ولا مأوى غير الخيمة والسماء. وشذّ الأسد أيضاً، إذ يعتبر سوريا ملكَه العائلي وهو الذي ورثها عن أبيه (وشذّ بطبيعة الحال آل خليفة، إذ إن نظامهم أساساً ملكي).
يبقى أن اثنين من الحكام فقط – وهما بالمناسبة “الأكثر تقدّمية وممانعة” – توسّلا إسرائيل حمايتهما. فتحدّث باسم القذافي ابنه سيف الإسلام محذّراً تل أبيب من مخاطر سقوطه على أمنها و”أمن المتوسّط بأكمله”، فيما تحدّث باسم الأسد ابن خاله رامي مخلوف مؤكّداً أن “استقرار إسرائيل من استقرار سوريا” (أي من استمرار نظامه).
هكذا، يتشابه الحكام في معظم الحالات إذن، ويتميّز عنهم إثنان (أو ثلاثة على الأكثر) في حالات محدّدة. وفي المحصّلة، أن اثنين منهم سقطا وواحداً سجينُ مشفى في المنفى، وآخرَ مختبئ تحت القصف، في وقت يستمر آل خليفة في مطاردة المشاركين بالمظاهرات ضد حكمهم، ويحاول الأسد التصدّي لـ64 ألفاً من المطلوبين “الفارين من العدالة”، على ما قال، للحدّ من “اندساسهم” ونشرهم الأوبئة في سوريا…
وهكذا أيضاً، يتشابه الناس المنتفضون والثائرون في وجه الحكّام المذكورين، فيدفعون الأثمان الغالية لتشابههم ولتوقهم للحرية، القادمة لا محالة…
زياد ماجد
NOW Lebanon
21.06.2011
لتتجرَّأ الحكومة وتضع بند نزع السلاح الداخلي في بيانها الوزاري
حققت المعارضة الجديدة أي قوى الرابع عشر من آذار هدفاً محققاً على رئيس الحكومة وقوى الثامن من آذار حين تحدَّتهم بإعلان طرابلس مدينة منزوعة السلاح، فإذا وافقوا سقطت مخاوف عودة اندلاع الإشتباكات في المدينة وإذا لم يوافقوا يكشفون أنفسهم بأنهم يريدون للسلاح أن يبقى.
الواقع ان موضوع السلاح يشكل أكبر إشكالية وأكبر مناورة لا تخضع لها طرابلس فقط بل العاصمة بيروت وأكثر من مدينة أيضاً، فإثر اندلاع الإشتباكات في السابق في برج ابي حيدر بين حزب الله وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، علت أصوات قوى الرابع عشر من آذار لإعلان بيروت منزوعة السلاح، فماذا كانت النتيجة؟
جرت عملية تخوين لكل مَن يطالب بنزع السلاح مع العلم ان لا وظيفة للسلاح في العاصمة، طُوِيَ الملف على زغل إلى أن استُعمِل السلاح مرة جديدة أثناء نزول القمصان السود إلى الشارع للضغط على الحكومة، فثبت مرة جديدة ان سلاح الداخل هو للفتنة.
اليوم يتكرر الأمر في طرابلس، فإذا كانت الأكثرية الجديدة التي منها انبثقت الحكومة الجديدة وعلى رأسها الرئيس نجيب ميقاتي، تريد فعلاً أن تُثبِّت الوضع الأمني فعليها أن تبدأ من علة العلل وهي وجود السلاح بين أيدي اللبنانيين، فلو لم يكن هذا السلاح موجوداً بين أيدي الطرابلسيين يوم الجمعة الفائت لما كانت اندلعت الإشتباكات وتطورت وبلغت ما بلغته، الأمر عينه ينطبق على ما جرى في بيروت وكذلك ما يجري في سائر المناطق والمدن والبلدات بين الحين والآخر من استخدام غير مشروع للسلاح.
هذا الأمر يجب أن يكون محط إجماع، ولأن اللجنة الوزارية لصياغة البيان الوزاري ستجتمع اليوم فإن البند الأول على جدول أعمالها يُفتَرَض أن يكون موضوع نزع الاسلحة من الشوارع والأزقة، وما لم يُقر هذا البند فإن ما سيتم إقراره سيبقى حبراً على ورق لأن لا معنى لأي بند سيتم وضعه ما لم يُنزَع السلاح من أيدي اللبنانيين في الداخل.
هل يخوض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي غمار هذا التحدي؟
المسألة ليست مسألة خيار بل إن الرئيس ميقاتي يبدو ملزَماً الإقدام على هذه الخطوة لأنه ما لم يفعل فإن التعثر سيصيب حكومته من أول الطريق.
حين يتم الإنتهاء من هذا الملف، عبر البيان الوزاري، فإن سائر النقاط تبدو غير مستحيلة لأن معظمها سبق ان ورد في البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة، ولا مانع في هذه الحال من أن يتم استنساخ بعض البنود العملية وليس تلك التي تتكرر بطريقة ببغائية في كل البيانات.
إلهام فريحة
جريدة الأنوار
21.06.2011
عن الطائفية والزبائنية
الطائفية، التطيّف، الذهنية الطائفية، التركيبة الطائفية، الانتماء الطائفي، الولاء للطائفة، إلغاء الطائفية السياسية الغاءً شاملاً، فرادة الصيغة اللبنانية الطائفية.. كل تلك المفردات والمفاهيم تشكّل قوتنا اليومي، سياسياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً، سواء خضنا معارك انتخابات بلدية أو تهيأنا لمعارك انتخابات رئاسية أو برلمانية، أو مارسنا حياتنا المهنية والعملية في مؤسسات الدولة، وحتى في المؤسسات الخاصة..
حقاً، باتت مسألة الطائفية، لشدة حضورها اليومي في حياتنا، وفي آن معاً، مسألة عادية، سخيفة، قضاء وقدراً، وآفة كبرى، نظاماً يفسد كل محاولة لبناء مجتمع مدني متكامل متضامن يتساوى أفراده في الحقوق والواجبات.
إن الالتباس الحاصل في مسألة الطائفية، مفهوماً وممارسة، وعياً فردياً وجماعياً، يقودنا إلى تفكيك عناصرها المكونة توضيحاً للمفاهيم ووضوحاً في الرؤية.
المقاربة الأولى الصحيحة للطائفية، أو للواقع الطائفي، يجب أن تؤدي بنا إلى نزع صفة “التحويلية” عنها (Reductionisme). فالمنحى التحويلي يجعل من الغصن شجرة ومن الشجرة غابة. إنه محمول على أن يحوّل عنصراً واحداً من عناصر الوجود إلى العنصر الوحيد الذي يختزل مسار العناصر الفاعلة. هكذا فعل، على سبيل المثال، سيغموند فرويد في شرح ميكانيزما الوجود الشخصي، مرجعاً اياه إلى الجنس أو “الايروس” (Eros). وهكذا فعل كارل ماركس بتفسير تكوين المجتمع وصيرورته مرتكزاً على عنصر الاقتصاد…
وبالعودة إلى تحليل ظاهرة الطائفية، (والمثل هنا يتطابق بامتياز، مع الحالة اللبنانية)، فثمة من يبالغ في أهمية موقع الطائفية في تاريخ لبنان، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وبالتالي في حفاظها على الكيان اللبناني بفرادته وخصوصيته، بحيث تصبح هذه علّة وجوده وعنوان رسالته وميزته الأساسية التي لا يستغنى عنها في أي حال من الأحوال.
في المقابل، يرى بعضهم الآخر الطائفية نقمة لا نعمة، لا بل آفة الآفات، بحيث يصبح التخلص منها حلاً شافياً لكل مشكلات لبنان.
إن مثل هذه المقاربة، في اتجاهيها، تعزل الطائفية عن أساسها المادي والتاريخي، والآني، وتجعل منها جوهراً قائماً بذاته، يتعالى عن الزمان والمكان، وعن تجسّدات الحياة الفردية والجماعية، وعن سياق حركة الفعل وردّة الفعل. ويصبح هذا الجوهر مطلقاً لا يعرف النسبية ولا قوانين التحوّلات، فضلاً عن أنه يحتوي بذاته الخير كل الخير، أو الشر كل الشر. وبالتالي، فإن الموقف الوحيد من الطائفية المتصورة على هذا الشكل يصبح حتماً إما القبول بها قبولاً مطلقاً، أو الرفض لها رفضاً مطلقاً.
المقاربة الواقعية والمتبصّرة الثانية للواقع الطائفي هي التي تحدد تحديداً دقيقاً مسألتي “الانتماء” (Appartenance) و”الولاء” (Allegeance) عندما يتعلق الأمر بالطائفية، وبالتالي عدم الخلط ما بين الانتماء والولاء. صحيح أن اللبناني عليه، وفق قوانين الأحوال الشخصية أن ينتمي قسراً إلى طائفة. إلا أن هذا الانتماء يندرج في إطار تعدّد انتماءات الفرد إلى عائلة ومكان ولادة وسكن ومجال دراسي ورفاق عمر وجمعيات طوعية وأحزاب ونقابات وتيارات فكرية واجتماعية ووطن وقومية، إلخ.. وتتدرّج تلك الانتماءات حسب جدول أولويات يختلف باختلاف الحالات والظروف. وقد تكون تلك الانتماءات متناغمة أو متعارضة أو في تنافس بينها. فيعمل الفرد على التوفيق بينها أو ينعزل عن بعضها لمصلحة حزب أو مهنة أو توجهات ايديولوجية.
أما الولاء فهو أقلّ قسرية من الانتماء ولكنه أدهى، فهو قد يتطابق مع بعض الانتماءات الاجتماعية، أو يتخطاها ليدخل في سياق ارتباط وتبعية وحماية يمكن أن تؤدي إلى “الزبائنية” (Clientelisme).
الانتماء للطائفة لا يتطابق دائماً مع الولاء لتلك الطائفة، وهناك أمثلة عديدة في الواقع اللبناني (وغير اللبناني) تجعلنا نقول بأن العديد من الناس، على رغم انتمائهم إلى طائفة، ينتقلون في ولاءاتهم من طائفة إلى أخرى ومن زعيم سياسي إلى آخر، ومن حزب إلى آخر دون مراعاة هذه الولاءات مع طائفتهم. كما أن الطوائف الدينية، بزعمائها الدينيين أو مجالسها الملية، لا تتحكم كلياً بولاءات أبنائها. وهناك علاقة ولاء سياسية زبائنية لسياسيين تغلّف نفسها بالطوائف الدينية وبرؤساء هذه الطوائف لتوسيع شبكة زبائنية داخل الطائفة وخارجها في آن واحد شرط أن يكونوا تابعين في سبيل تثبيت مواقع سياسية تكون على حساب الطوائف الدينية أحياناً وربما على حساب المصالح الفعلية لهذه الطوائف ولمصالح الوطن ككل.
يُحكى كثيراً عن الطائفية والتطرف وعن مساوئها وقلّما يُحكى عن الزبائنية. وهذه آخذة بالانتشار أكثر فأكثر فيما الطائفية تكاد تصبح رهينة للزبائنية. لذلك يجب التطرق إلى الزبائنية السياسية من خلال أسياد وزبائن وشبكة الأسياد والزبائن المتداخلة من كل الطوائف والمذاهب، متحالفين ومتنافسين في آن واحد على المنافع وحماية المستفيدين من تلك المنافع وعلى حساب المصالح العليا للمجتمع والوطن.
من هنا وجب علينا جميعاً إسقاط هالة الغموض والشمولية عن الظاهرة الطائفية، ورؤية مستوياتها المختلفة، وتفكيكها إلى عناصرها المكوّنة. وهكذا، فإن مسار الإصلاح السياسي للنظام هو المسار الأهم والأشمل والأفعل. أما البقاء في هوس إلغاء الطائفية السياسية دون غيرها، اي إلغاء الطائفية بجميع مستوياتها، فهو هروب إلى الأمام. وفيما نهرب إلى الأمام تتكدّس وراءنا خيبات الأمل والإحباطات وتترسّخ الذهنية الطائفية وتستلبها الزبائنية.
جيروم شاهين
جريدة المستقبل
21.06.2011
“عقـدة “السيـاديـة
اخذ مفهوم «السيادية» حيزا كبيرا من الكلام أثناء حفل التسلم والتسليم في وزارة البيئة بين محمد رحال وناظم الخوري، أكثر من اي قضية بيئية أخرى.
لا نعتقد ان منح وزارة البيئة صفة «السيادية» ام لا، يزيد او ينقص من قدرها ودورها وأهميتها. في البيئة وفلسفتها، لا معنى للمفهوم السيادي. فلا هرمية في الأنظمة الايكولوجية كما اعتقد البعض طويلا. ولعل مصدر التفكير بالهرمية و»الأسد ملك الغاب»، هي إسقاطات للأنظمة البشرية على تفسير الطبيعة، او هي تبرير للسياسي السلطوي والتسلطي… من خلال تسخير الطبيعي. في الأنظمة الايكولوجية تسود العلاقات الدائرية (وليس الخطية) بين الكائنات والأنواع. فلكل كائن كينونته وعالمه، والكل يعيش مع الكل ومن الكل بعلاقات معقدة، ترتبط عناصرها مع بعضها البعض بخيوط كبيت العنكبوت.
واذا كانت الســيادية بالمعنى السياسي التقليدي توحي بضرورة وضع الحدود وحمايتها، فلا حدود للبيئة ومشاكلها، بل لعل أفضل صفة لشرح القضايا البيئية، هي أنها عابرة للحدود.
كما توحي «السيادية» بدلالات عسكرية وحربية، وهي أيضا لغة غير ايكولوجية بتاتا. ويفترض ان تزيد الأمم المتحدة على معاييرها لتصنيف الدول ومستوى التقدم فيها نحو التنمية المستدامة معيار «السيادية» بالمعنى السلبي، فتقلل من علامات الدول التي لا تزال تزيد في موازناتها على التسلح او على زيادة عديد قواها الأمنية. فكلما زاد الإنفاق على القضايا الأمنية والعسكرية في الدول، يعني ذلك تخلفا عن اللحاق بمتطلبات التنمية المستدامة. كما قد يعني تراجع الاهتمام بأنواع أخرى من الأمن، كالاقتصادي والبيئي والصحي والاجتماعي والثقافي… الخ.
وما دمنا في عصر الثورات العربية، فقد نحتاج إلى ثورة فكرية لإعادة النظر بالكثير من المفردات التي دخلت الى القاموس السياسي الحديث، كمثل الوزارات السيادية والخدماتية وبدعة «وزارة الدولة». وقد يكون المطلوب القيام بثورة عكسية لإعادة إحياء وزارات مهمة انقرضت مثل وزارة التخطيط ووضع الاستراتيجيات.
إذ ذاك، لم يعد من معنى للحديث عن السيادية الا داخل وزارة البيئة نفسها ربما، وهذا ما يطرح إشكاليات متمادية في وزارة البيئة.
فمعظم المتابعين يعرفون الخلافات العميقة التي كانت سائدة في الوزارة بين الوزير السابق ومدير عام البيئة الدائم، على ادارة «مؤسسة» وزارة البيئة.
وقد حصلت اختلافات كثيرة طيلة ولاية الوزير السابق ولا سيما بعد اقل من شهر على توليه الحقيبة، لا سيما بعد زيارة سفير الاتحاد الاوروبي الى الوزارة وإبلاغه ان الاتحاد كان قد توقف عن مساعدة الوزارة بسبب سوء العلاقة مع المدير العام.
أعطى الوزير المدير إجازات قسرية، وأبعده عن معظم الملفات. وقد احتار الموظفون، الذين اعتادوا ان يكون المدير هو الوزير، كون الكل يتغير وهو الثابت، وكون البعض من الوزراء كان قد منحه بعض صلاحياته وفوضه بالتوقيع عنه على الكثير من الملفات… احتاروا لمن يكون ولائهم للمدير العام الثابت ام للوزير المؤقت، وقد اتخذ معظمهم خياره بالرد على ما يطلبه الوزير، كونه رأس السلطة في الوزارة، حين تتناقض الطلبات والإحالات… وهذا ما فجر غضب المدير، وخوف الموظفين من الانتقام بعد تغيير الوزراء.
الآن بعد تسلم الوزير الجديد الحقيبة، بتحفظ وتواضع شديد قال إنه جاء ليتعلم وليكمل ما بدأه السلف. الا ان اول الملفات التي سيواجهها، هي تركة الخلاف مع مدير عام الوزارة. فكيف سيتصرف مع مدير قد تعود ان يكون هو الوزارة، هو المدير والوزير معا؟
ولأن الوزراء يأتون ويرحلون وهو باق، وبما انهم في غالبيتهم الساحقة يأتون الى وزارة تقنية وهم لا يعلمون عن ملفاتها شيئا، كان للمدير التقني، اليد الطولى في كل الملفات والقرارات، ولا سيما بعد ان حصل مع اكثر من وزير على تفويض بالتوقيع على الكثير من الملفات ومتابعتها ولا سيما إادارة الملفات والمشاريع الدولية التي تفوق موازناتها موازنات الوزارة.
حصل خلافات كثيرة داخل الوزارة، لن ندخل فيها في هذه العجالة، في غالبيتها وخلاصتها تنم عن صراع بين تأكيد الوزير على سيادته، حسب القانون، وتأكيد المدير على امتيازاته، حسب العادة التي تحولت عرفا. الا ان ذلك انعكس تجاذبا شديدا في الوزارة اثر كثيرا على انــتاجيتها. فأي خيــار «سيــادي» سيأخــذ الـوزير الجــديد؟
لم تكن مشكلة «السيادية» في وزارة البيئة وحدها، فقد ظهرت في الكثير من الوزارات، ولم تظـــهر في بعضها. ويبدو انها تحولت الى عقدة يفترض إيجاد حلول لها، ان عبر القوانين وتفسيرها، او حول آداب جديدة وترسيخها.
ليست المشكلة في عدم تخصص الوزراء، اذ قد يخلق التخصص مشاكل اخرى مع مجلس وزراء مسّيس. المهم مع وزير سياسي غير متخصص، ان يرسي آليات للحوار ولاتخاذ القرارات، وأن يكون منفتحاً على النقد، وان يفتح ملفات الوزارة أمام الإعلام والمهتمين والتأسيس لشراكات حقيقية مع مختلف الأطراف المعنية، كون البيئة مسؤولية مشتركة وقضاياها عابرة للحدود المصطنعة، التي صنعها ذوي السلطان.
حبيب معلوف
جريدة السفير
21.06.2011
Picture of the Day: Reconciliation Ahead, Of Course
Pinter summarizes in L’Orient-Le Jour (Tuesday June 21st 2011) Bashar Assad’s call for dialogue and reconciliation in Syria.
Le mariage civil, un business qui ne profite pas à l’État
Un nombre croissant de couples libanais choisissent chaque année de s’unir civilement – parfois pour des raisons purement économiques et non seulement confessionnelles. Pour ce qui est de l’île de Chypre, destination de choix pour beaucoup de futurs mariés, des millions de dollars sont dépensés chaque année en visas, formalités, voyages et cérémonies. Une manne qui ne profite malheureusement pas à l’État…
Les unions religieuses étant la seule option existant à ce jour au Liban, mais le mariage civil y étant tout de même reconnu par l’État, un certain nombre de couples libanais choisissent chaque année de se marier civilement à l’étranger.
Située à moins d’une heure d’avion du Liban, l’île de Chypre constitue, de par sa proximité géographique, une destination touristique privilégiée. Quelque 20 664 Libanais s’y sont ainsi rendus en 2010, arrivant largement en tête du classement des touristes arabes ayant visité l’île d’Aphrodite, selon les données du service statistique de Chypre.
Bouquet nuptial en prime
Sur ce nombre total de visiteurs libanais, quelque 400 couples en ont profité l’an dernier pour s’unir civilement, selon les chiffres communiqués à L’Orient-Le Jour par l’ambassade de Chypre au Liban, qui indique s’attendre au double en 2011.
Un engouement que constate également le directeur de l’agence de voyages Nadia Travel, Guenady Ragi, qui propose un package (explicitement) intitulé « Civil Marriage in Cyprus ». « La demande est nettement croissante », constate-t-il. Et pour cause.
Mis à part le fait que l’aller-retour à Chypre, cérémonie comprise, ne prend qu’une journée, « l’agence se charge de toutes les formalités contraignantes en un temps record », indique M. Ragi, qui affirme que quelque 300 couples ont chaque année recours aux services de l’agence. À raison d’environ 1 000 dollars par personne, toutes charges comprises, Nadia Travel se charge de l’ensemble des formalités administratives auprès des autorités chypriotes et libanaises, du transport aller-retour, du séjour, de la cérémonie, voire de fournir des témoins. Même le bouquet nuptial est compris !
Un mariage nettement moins onéreux que les noces traditionnelles, qui nécessitent souvent des dépenses importantes pour un jeune couple.
Même si la raison principale motivant les démarches en vue d’un mariage civil demeure d’abord et surtout confessionnelle, les unions mixtes n’étant pas toujours regardées d’un bon œil au Liban, il semblerait que des motivations d’ordre économique ou personnel aient de ce fait poussé plusieurs couples de la même confession à faire le voyage.
« Nous avons décidé, il y a deux ans, de nous marier à Chypre, alors que nous sommes de la même confession, parce que nous ne voulions pas être contraints de gaspiller de l’argent en festivités et autres zaffés que nous n’apprécions guère. Une cérémonie simple en présence de nos proches et amis intimes (…) voilà ce que nous recherchions », témoigne ainsi une jeune cadre.
Plusieurs millions de dollars qui auraient pu profiter à l’État ?
En prenant en compte les estimations précitées, les prix moyens des formules « tout compris » – en ce qui concerne Chypre –, les dépenses supplémentaires, sans compter les proches, les amis et les témoins, les mariages à l’étranger représentent sans aucun doute une affaire de plusieurs millions de dollars. Deux millions de dollars au plus bas mot devraient être dépensés cette année à Chypre par ces couples qui ont préféré s’unir devant le maire. N’aurait-il pas été plus utile que cet argent profite à l’État libanais ?
Quoi qu’il en soit, le mariage civil est choisi par près de 1 000 Libanais chaque année et semble gagner en popularité… alors que le Trésor déplore des caisses vides et cherche par tous les moyens à les renflouer.
Dalal MEDAWAR
L’Orient-Le Jour
21.06.2011
مكسب خالص
ما من شكّ في أنّ الأحرار من السوريّين واللبنانيّين هم المسؤولون، قبل سواهم، عن بلورة صور مستقبليّة لبلديهم، ومن ثمّ تصوّرات مستقبليّة عن العلاقة بينهما.
ومثل هذه المهمّة لن تكون تأسيساً من صفر أو من عدم، إذ سبقتها بيانات ومبادرات ومواقف دفع بعض المثقّفين والناشطين السوريّين أثمانها غالياً.
مع ذلك، لا بأس بإعادة توكيد الفكرتين اللتين من دونهما سيتسلّل العوج إلى العلاقات المستقبليّة للبلدين والشعبين، بل إلى التكوين الداخليّ للحياة السياسيّة في كلّ منهما.
أمّا الفكرة الأولى فأنّ أيّة سوريّا تنبثق من الانتفاضة سوف تمتنع عن التدخّل في الشأن اللبنانيّ، وتالياً عن مطالبة لبنان بـ”ضبط إعلامه” أو ربط سياسته الخارجيّة بسياسات دمشق. والحال أنّ السوريّين، في هذه الحال، سيجنون من المكاسب أكثر ممّا يجنيه اللبنانيّون، لسبب بسيط: ذاك أنّ الامتناع عن سياسة الهيمنة والإلحاق معناه أنّ سوريّا أعطت أولويّتها لبناء حياة سياسيّة داخليّة، بحيث بات تركيزها يتّجه إلى بناء المؤسّسات وتحسين الأداء الاقتصاديّ والتعليميّ وسوى ذلك.
ولا نأتي بجديد إذا قلنا إنّ السياسات التوسّعيّة للحكم البعثيّ لم تكن سوى الوجه الآخر، والنتيجة الطبيعيّة، لنظام لا يعبأ بالسياسة ولا بالداخل أصلاً. فإذا تغيّرت المقدّمات جاز الرهان على تغيّر في النتائج.
وأمّا الفكرة الثانية فمحورها ضرورة الانكباب على تنظيف الثقافة السياسيّة اللبنانيّة، بالمعنى العريض للكلمة. والمراد تنظيفه، أوّلاً بأوّل، هو الحمولة العنصريّة والشوفينيّة التي سبق أن استعرضت نفسها مراراً، إن على شكل ارتكابات فظّة نزلت بالعمالة السوريّة المهاجرة (وبمعنى ما، المهجّرة من وطنها)، أو على شكل لغة وهتافات وشعارات بذيئة وفارغة (فاجأناكم مو؟، إلاّ الكعك اللبناني الخ…).
فإذا صحّ أنّ التوسّعيّة السوريّة كانت دائماً البرهان على النقص الديموقراطيّ، صحّ أيضاً أنّ العنصريّة اللبنانيّة (وتستهدف أيضاً، وخصوصاً، الفلسطينيّين، ناهيك عن جميع العمّال الأجانب) هي البرهان على النقص ذاته، وعلى المسافة التي لا تزال تفصلنا عن الحداثة في بُعديها الإنسانيّ والقانونيّ – الدستوريّ.
وليس من المبالغة القول إنّ أيًّا من هاتين الآفتين تعزّز الأخرى، فيما تذليلهما سيكون مكسباً صافياً للشعبين والبلدين معاً، ولمستقبل أنظف وأرقى على العموم.
حازم صاغية
NOW Lebanon
20.06.2011
Picture of the Day: A Strange Definition of Tripoli’s Dignity
The banner congratulates Tripoli for recovering its dignity, signed by Omar and Faisal Karami’s “Arab Liberation Party”. Dignity in Arabic is “Karama” thus the play on words echoing the particpation of Faisal Karami in the new Lebanese government.
This banner is floating over a scene of destruction, sectarian violence and militia behavior.
We are proud and honored to have a different definition of Tripoli’s dignity.
من يستعجل “الالتحاق”؟
لم يكن اسوأ من الصدام الاهلي الذي شهدته طرابلس سوى الانطباع الذي ولدته التفاعلات السياسية لهذا الصدام اذ اسبغت عليه كل الاوصاف الجاهزة والمعلبة، سوى ما يفترض بمجتمع مدني وأهلي ناهض من حروب ان يسارع اليه. والمقصود بذلك ان الحدث الاسوأ من الصدام هو سقوط سبعة قتلى و60 جريحا ضحايا الاشتباكات “القبلية” كأنه امر معتاد، ومن ثم كأن رمزية يوم الصدام في ذاته تحمل تبريرا يكاد يصبح بدوره من دوافع التطبيع الدامي.
الخطير في الظاهرة يتصل بذلك الاستسهال الفظيع لعودة العنف السياسي من دون استفظاع الامر، وكذلك لان يبدي البعض قابلية الى الانضمام الى منظومة القتل المنظم على خلفية دينية او طائفية. في العالم العربي الهادر بالثورات، ثمة الكثير من العوامل التي تبرر للثوار هذه الخلفية. فالقمع المزمن المعتق لم يترك امام ضحاياه سوى الثورة على الخلفية الدينية.
اما ان ينزلق لبنان الى الاستدراج نحو تطبيع وضعه على دورات روتينية يعود معها سقوط الضحايا مجرد تعداد رقمي، في ايام الجمعة او ايام استثنائية اخرى، فهنا تكمن خطورة التعامل التقليدي مع لعنة البؤرة.
ما يثير الخشية اكثر من الاحتقان المذهبي نفسه هو الخفة او حتى التواطؤ في الحديث عن استجرار العنف السياسي مجددا الى لبنان كأنه قدر لا مفر منه. خطير ان يتقدم التراشق بالاتهامات حصيلة دامية بلغت 7 قتلى و60 جريحا في ساعات وغدت كتفصيل عرضي بازاء التصعيد السياسي الكلامي. وأخطر ان يزرع في اذهان الناس ان لبنان سيلتحق حكما بمنظومة العنف المتدحرج كأن سنوات المعمودية السلمية ستنهار دفعة واحدة امام نزعة الانتحار العبثي لطوائفه او بعضها.
لنفرض جدلا ان الحادث الدامي في طرابلس شكل عينة مصغرة ومختصرة عن التفاعل اللبناني الحار مع الحدث السوري تحديدا، فماذا تراه قدم او أخر سوى دفع لبنان خطوة نحو المزلق القاتل عبثا؟
“المتلقي” اللبناني يسمع عن سقوط مئات القتلى في الانحاء العربية الثائرة بوتيرة يومية. لكنه لم يعد يسمع من يذكره بان لبنان انفجر عام 1975 وحده بالوكالة عن العرب وظل مستباحا الى اليوم لأنه سقط منفردا في لعنة العنف السياسي. حتى ان الكثير من الدماء العربية تهرق في هذا الدومينو للوصول الى بعض قليل من الحريات ومن شكليات الديموقراطية اللبنانية، فيما يشد لبنانيون بالتاريخ الى الوراء وتتملكهم سليقة محاكاة المحيط الاقرب والابعد، كأن خصوصية الصراع السياسي على خلفياته المذهبية النافرة لا تشفي الغليل.
ولعلها المعادلة الاشد غرابة في التاريخ، ان يترنح “الموديل” امام معجبيه لمجرد ان بعضهم لا يهوى الا لبنان البؤرة!
نبيل بومنصف
جريدة النهار
20.06.2011
Misbah Ahdab : La nouvelle équipe n’a pas la capacité de mener des réformes
Le vice-président du Renouveau Démocratique Misbah Ahdab a affirmé hier que le gouvernement Mikati « n’a pas la capacité de lancer des réformes ni la crédibilité requise pour mener à bien une politique de développement. Ce que ce gouvernement laisse transparaître pour le moment n’est pas de nature à nous tranquilliser. De plus, ce gouvernement n’est pas accepté par la majorité du peuple libanais ».
« Et même si Tripoli obtient 30 ministres comme ceux-là, rien ne changera. Ces ministres étaient déjà en poste à l’époque du Premier ministre martyr Rafic Hariri et ils ont appauvri Tripoli, alors que nous avions espoir en eux. Ils n’ont pas de politique claire », a-t-il également poursuivi.
S’adressant au Premier ministre Nagib Mikati, M. Ahdab lui a demandé de « clarifier les choses quant à la manière dont le gouvernement compte interagir avec la situation qui prévaut en Syrie. Il faut qu’il y ait une position unifiée et que nous immunisions notre scène interne face à ce qui se passe en Syrie de manière à prouver notre position modérée à l’égard de ces événements. À savoir que nous ne nous ingérions pas dans les affaires intérieures de la Syrie, mais que nous accueillions les réfugiés syriens et que nous leur apportions la protection civile nécessaire conformément aux droits de l’homme ».
Puis revenant sur les incidents de Tripoli, Misbah Ahdab a rappelé que ces derniers ont éclaté en réaction à la décision des autorités de « remettre neuf citoyens syriens aux autorités syriennes ». Il a également critiqué « les positions affichées par les députés de Tripoli et le retard qu’ils ont pris pour s’occuper de la situation sécuritaire dans la ville ». Après les armes qui ont circulé dans la ville et la mauvaise situation sécuritaire, M. Ahdab a demandé au Premier ministre de lancer une enquête « afin de préserver la crédibilité de l’armée et des Forces de sécurité intérieure que nous voulons en tant que piliers » de la sécurité.