التمذهب ونهاية الدولة السورية

بقلم :نبيهة حنا

ليس من واجبي كسورية   أن  أحارب الوهابية في السعودية  أو القذافية في ليبيا  أو حتى الخمينية في ايران أو  غيرهم من التيارات  والاتجاهات والسياسات  , لكل دولة شعب  ولكل شعب  حكومة  , والشعب الذي  يرفض هذه الحكومة عليه بالعمل على اسقاطها أو اصلاحها ..الخ  , الا أن  الوضع  يختلف  بعض الشيئ  عندما أرى كسوري  على أن وطني  أصبح  “مستعمرة”  , ومع رفضي المبدئي لكل استعمار  , فاني  حقيقة أميز  بين استعمار وآخر  ,   ومقاومتي  للمستعمر تكبر  أو تصغر  حسب  نوعية المستعمر , لو  استعمرتنا  السويد أو سويسرا  لحمدت الله وشكرته على  نعمه, .

سوريا أصبحت  برضا  وموافقة  وترحيب  حكومتها ورأس هذه الحكومة  مستعمرة ايرانية  ,  فالسياسة الخارجية  ايرانية   المصدر  , والسياسة الاقتصادية كذلك , ويقال على أن ايران قدمت لحد الآن ١٦ مليار دولار , والعسكرية  أيضا , حتى  المفاوضات مع المسلحين   لانجاز بعض الاتفاقيات   فقد أصبحت بيد  ايران  ناهيكنم عن العسكر  والمحاربين الايرانيين والأسلحة الايرانية , ولم يبق  في سوريا  ما هو سوري الا  بعض الأمور الداخلية   التي  ستتحول حتما  الى النهج الايراني   مستقبلا ,فالهيمنة  الايرانية تأتي  بالتدرج  , مستقبلا سيكون عندنا حزب لله   , وسيرتدي الأسد , أطال الله من عمره ,   الجلابية  وسيضع على رأسه القبوعة  اذا كتب له  بالبقاء  .

يتأفف الأسد “العلماني”  بشدة من  الوهابية ومن  التكفير  والرجعية وغير ذلك  ,  وبغض النظر عن كون الأسدية هي  منبع  لاينضب من   التخوينية (التخوينية والتكفيرية هم توأم) ,  الا أنه  لايعني بالتكفيرية الا تكفيرية الوهابية  , التي  لايمكن لها أن تتسلل بشكل فعال   وتعشعش في   المجتمع السوري  ,  لأن   التفكير الوهابي لايستقيم مع  خصائص معظم أفراد الشعب السوري  , ولجوء الثورة الى المال والدعم السعودي  لهو  واسطة لتحقيق الغاية  , التي هي  اسقاط النظام  , وحول  تلاؤم  الغاية مع الواسطة   يمكن الحديث مطولا  , الا أن حديث اليوم لاعلاقة  مباشرة له بذلك .

حديث اليوم   هو حديث عن  بعض  معالم  المنهجية الايرانية  الدستورية  , والتي يجب علينا أن نفكر بها مليا  , لأن سوريا في قبضة ايران والملالي  وليست في قبضة الوهابية  , ومن  ايران  علمنا على  أن ممثلة ايرانية  مشهورة عالميا  صافحت  وحتى قبلت   وعانقت رئيس مهرجان كان السينمائي , ومع هذه المعضلة  تتعامل الآن ايران حكومة وشعبا بالكثير  من   الانفعالية  ,  فقد شجب  المرشد العام   القبلة والمعانقة  , وقامت وزارة  الثقافة   بشجب المنكر   لأنه  كفر ,   والآن  يدعو طلبة حزب الله في ايران  الى القاء القبض على الممثلة ليلى  حاتمي  وسجنها لفترة بين سنة وعشر سنوات , وهؤلاء  لايتكلمون “هوائيا” انما يعتمدون على نصوص الدستور الايراني الاسلامي  الذي يمنع في مادته  ٦٣٩   المصافحة  والتقبيل في الأماكن العامة , حيث ان المصاحة   بين رجل وامرأة في الأماكن العامة  هو  فعل  “حرام” , ومن يقوم بالفعل الحرام في الأماكن العامة  يسجن ويجلد   ٧٤ جلدة وذلك  حسب المادة  ٦٣٨  , التي  تعتبر هذه الفعلة على أنها  تشجيع على ارتكاب الفساد , .

 لاشك على أن التغلغل الايراني يزداد كل يوم  , والهيمنة الايرانية  تزداد   أيضا  ومن يقدم المال والسلاح   له  استحقاقاته  , خاصة وان نظام الملالي هو نظام  “تبشيري”  ويهدف الى “تشييع”  المجتمع , ويقوم بذلك علانية  (مدينة الرقة وتشييعها ) , وعاجلا  أم آجلا    سيقوم هذا النظام   بفرض  عاداته وتقاليده ونظمه ودساتيره  على  الدولة السورية  , يقوم بذلك  معتمدا على  أقلية  متعسكرة  تظن على  أنها  قادرة بفعل البندقية على   ممارسة الهيمنة الأبدية  على أكثرية   تتعسكر  بالتدريج  , وتظن على أنه  جديرة  بالهيمنة   لأنها أكثرية  ,  , والقصد هنا بأقلية  وأكثرية  هو  التشريح المذهبي للشعب  , فلم يعد هناك أقلية شيوعية أو سورية قومية  مقابل أكثرية بعثية أو ناصرية  ..الخ  , انما هناك العلوي  والشيعي والسني والمسيحي ..الخ  , وعلى الشريف في هذه البلاد  , هذا ان بقي شريف واحد,  أن يسأل   نفسه  عن  انجازات الأسدية في  نصف قرن من الزمن  , والجواب ليس بالصعب ,  الأسدية  مذهبت المجتمع  وبالتالي  قضت على  وجود الدولة السورية قضاء مبرما , وفرحتي ستكون عظمى  لو برهن المستقبل  خطأ هذا التقدير .

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *