ليس من واجبي كسورية أن أحارب الوهابية في السعودية أو القذافية في ليبيا أو حتى الخمينية في ايران أو غيرهم من التيارات والاتجاهات والسياسات , لكل دولة شعب ولكل شعب حكومة , والشعب الذي يرفض هذه الحكومة عليه بالعمل على اسقاطها أو اصلاحها ..الخ , الا أن الوضع يختلف بعض الشيئ عندما أرى كسوري على أن وطني أصبح “مستعمرة” , ومع رفضي المبدئي لكل استعمار , فاني حقيقة أميز بين استعمار وآخر , ومقاومتي للمستعمر تكبر أو تصغر حسب نوعية المستعمر , لو استعمرتنا السويد أو سويسرا لحمدت الله وشكرته على نعمه, .
سوريا أصبحت برضا وموافقة وترحيب حكومتها ورأس هذه الحكومة مستعمرة ايرانية , فالسياسة الخارجية ايرانية المصدر , والسياسة الاقتصادية كذلك , ويقال على أن ايران قدمت لحد الآن ١٦ مليار دولار , والعسكرية أيضا , حتى المفاوضات مع المسلحين لانجاز بعض الاتفاقيات فقد أصبحت بيد ايران ناهيكنم عن العسكر والمحاربين الايرانيين والأسلحة الايرانية , ولم يبق في سوريا ما هو سوري الا بعض الأمور الداخلية التي ستتحول حتما الى النهج الايراني مستقبلا ,فالهيمنة الايرانية تأتي بالتدرج , مستقبلا سيكون عندنا حزب لله , وسيرتدي الأسد , أطال الله من عمره , الجلابية وسيضع على رأسه القبوعة اذا كتب له بالبقاء .
يتأفف الأسد “العلماني” بشدة من الوهابية ومن التكفير والرجعية وغير ذلك , وبغض النظر عن كون الأسدية هي منبع لاينضب من التخوينية (التخوينية والتكفيرية هم توأم) , الا أنه لايعني بالتكفيرية الا تكفيرية الوهابية , التي لايمكن لها أن تتسلل بشكل فعال وتعشعش في المجتمع السوري , لأن التفكير الوهابي لايستقيم مع خصائص معظم أفراد الشعب السوري , ولجوء الثورة الى المال والدعم السعودي لهو واسطة لتحقيق الغاية , التي هي اسقاط النظام , وحول تلاؤم الغاية مع الواسطة يمكن الحديث مطولا , الا أن حديث اليوم لاعلاقة مباشرة له بذلك .
حديث اليوم هو حديث عن بعض معالم المنهجية الايرانية الدستورية , والتي يجب علينا أن نفكر بها مليا , لأن سوريا في قبضة ايران والملالي وليست في قبضة الوهابية , ومن ايران علمنا على أن ممثلة ايرانية مشهورة عالميا صافحت وحتى قبلت وعانقت رئيس مهرجان كان السينمائي , ومع هذه المعضلة تتعامل الآن ايران حكومة وشعبا بالكثير من الانفعالية , فقد شجب المرشد العام القبلة والمعانقة , وقامت وزارة الثقافة بشجب المنكر لأنه كفر , والآن يدعو طلبة حزب الله في ايران الى القاء القبض على الممثلة ليلى حاتمي وسجنها لفترة بين سنة وعشر سنوات , وهؤلاء لايتكلمون “هوائيا” انما يعتمدون على نصوص الدستور الايراني الاسلامي الذي يمنع في مادته ٦٣٩ المصافحة والتقبيل في الأماكن العامة , حيث ان المصاحة بين رجل وامرأة في الأماكن العامة هو فعل “حرام” , ومن يقوم بالفعل الحرام في الأماكن العامة يسجن ويجلد ٧٤ جلدة وذلك حسب المادة ٦٣٨ , التي تعتبر هذه الفعلة على أنها تشجيع على ارتكاب الفساد , .
لاشك على أن التغلغل الايراني يزداد كل يوم , والهيمنة الايرانية تزداد أيضا ومن يقدم المال والسلاح له استحقاقاته , خاصة وان نظام الملالي هو نظام “تبشيري” ويهدف الى “تشييع” المجتمع , ويقوم بذلك علانية (مدينة الرقة وتشييعها ) , وعاجلا أم آجلا سيقوم هذا النظام بفرض عاداته وتقاليده ونظمه ودساتيره على الدولة السورية , يقوم بذلك معتمدا على أقلية متعسكرة تظن على أنها قادرة بفعل البندقية على ممارسة الهيمنة الأبدية على أكثرية تتعسكر بالتدريج , وتظن على أنه جديرة بالهيمنة لأنها أكثرية , , والقصد هنا بأقلية وأكثرية هو التشريح المذهبي للشعب , فلم يعد هناك أقلية شيوعية أو سورية قومية مقابل أكثرية بعثية أو ناصرية ..الخ , انما هناك العلوي والشيعي والسني والمسيحي ..الخ , وعلى الشريف في هذه البلاد , هذا ان بقي شريف واحد, أن يسأل نفسه عن انجازات الأسدية في نصف قرن من الزمن , والجواب ليس بالصعب , الأسدية مذهبت المجتمع وبالتالي قضت على وجود الدولة السورية قضاء مبرما , وفرحتي ستكون عظمى لو برهن المستقبل خطأ هذا التقدير .