وسام سارة والممانعة

 

بقلم:حازم الأمين

لم يشعر النظام السوري أنه في حاجة الى توضيح ملابسات مقتل الشاب وسام فايز سارة داخل سجن الاستخبارات العسكرية في دمشق. ومطالبته بتوضيح قد تبدو مضحكة، لكن ثمة سابقة غير بعيدة ربما بنينا عليها في تطلبنا، ذاك أن بياناً صدر عن السلطات السورية أورد أن الطبيب البريطاني عباس خان الذي كان مسجوناً في دمشق قبل نحو شهرين قضى انتحاراً في السجن.

فلماذا لم تدّعِ السلطات السورية أن الشاب وسام سارة قضى انتحاراً في السجن؟ أو لماذا لم تشعر بأنها في حاجة الى التوضيح

السبب بسيط طبعاً، وهو أن وسام شاب سوري تملك هذه السلطات الحق في قتله ساعة تشاء من دون أن توضح. عباس خان طبيب بريطاني، لن تتورع هذه السلطات عن قتله، لكنها مُلزمة برواية تنفي عبرها ما اقترفته، وإن كانت رواية لا تُقنع طفلاً صغيراً. لا بل إن المستشارة الإعلامية للرئيس المُفدى بشار الأسد، السيدة بثينة شعبان قالت لشقيقة عباس: “لقد قتلنا شقيقك، وسننفي فعلتنا وافعلي ما يمكنك فعله!”.

ليس في هذا أي مبالغة، هذا ما قالته المستشارة لشقيقة الطبيب البريطاني. وهي قالت هذا وتوجهت الى جنيف، هناك حيث راحت تصرخ في استديو سكاي نيوز: “نريد أن نحمي المسيحيين… ألا تخافون على المسيحيين أيها المستعمرون الجدد”.

ربما قال فايز سارة أن ابنه وسام واحد من آلاف السوريين الذين قُتلوا في سجون هذا النظام، وهو كلام دقيق على كل حال، لكن لقضية وسام معزولة عن فايز دلالات أخرى. فمصادفة أن الشاب ابن فايز سارة المعارض والكاتب، قدمت لنا عينة جلية ولا تقبل اللبس والتأويل لما يجري في سجون النظام. شاب اعتقل قبل نحو 63 يوماً بتهمة “الإغاثة”، وصلت برقية الى شقيقته تطلب منها الحضور لاستلام جثته.

حصل ذلك مع مئات من السوريين وربما الآلاف، مع فارق أن قصة وسام تم تعميمها كنموذج، ولم ينفِ وقائعها أحد. الخبر لم تتمكن الكثير من صحف الممانعة، حليفة النظام، تفادي نشره لما لفايز من حضور. نشرته هذه الصحف من دون أي إخفاء لوقائعه

قالت الممانعة إن النظام السوري قتل الشاب وسام فايز سارة في السجن! سجلت نجاحاً مهنياً في نشرها الخبر. لكن ذلك لم يُبن عليه أي انعطافة صغيرة في الموقف الأخلاقي من النظام.

على المرء أن يُجهد نفسه قليلاً في تفسير هذا التصرف. لماذا نشرت صحافة الممانعة المنحازة الى النظام خبر وسام سارة من دون تحريف؟ لا جواب إلا أنها تعتقد أن خبر وسام لا يمكن أن تتفاداه بسبب والده، لكنه سيسقط من ذاكرة قرائها بعد أيام، فيما سيكون الثابت هو رواية “العصابات الإجرامية”.

ثمة نظام قتل متعمداً شاباً عمره 27 سنة من دون ذنب. سنطالبكم بموقف أخلاقي وسياسي من هذه الفعلة، وسنترك لفايز أن يُطالبكم بموقف من باقي ضحايا النظام.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *