كلمة رئيس الائتلاف بمناسبة جينيف٢

بقلم :فواز ناصر

يسرني نشر  خطاب  السيد جربا  بمناسبة  بدء عملية جينيف , وسرني بشكل خاص   عنوان الخطاب   , الذي بدأ  بالسوريات  , واذا  لم تخونني الذاكرة  , لا أنذكر كلمة من رئيس أو مسؤول عربي  بدأت ” بالسيدات ”  وانما  “بالسادة”,

أيتها السوريات أيها السوريون

ستخرج عليكم أبواق النظام ومحوره اليوم بالمزيد من الأكاذيب التي ينسجها خيال ماكينات التضليل حول المفاوضات. سيحاولون إسدال ستار من دخان على حقيقة ما جرى في مؤتمر جنيف 2. ستسمعون – كما جرت العادة – أنهم انتصروا، في واحدة أخرى من معاركهم الوهمية، التي لا ينتصرون فيها إلا على أجسادنا.

لن تسمعوا منهم شيئاً من الحقيقة. حقيقة أن جلبهم إلى طاولة المفاوضات هو بداية النهاية. هي معركة سياسية تلك التي خضناها في جنيف أياماً سبعة كانت أطول من دهر، وقفنا خلالها وجهاً لوجه أمام ممثلي نظام يحترف استهلاك الوقت، ويقتات على موائد الدماء.

لكن ما كان يعزّينا أن النظام جثم فوق صدورنا جميعاً أكثر من خمسين عاماً وصل إلى جنيف ليحفر قبره بيديه. لم يدرِ أن كل رصاصة غادرة أو شظية خائنة تخترق جسد طفلة أو طفل من أبنائنا، هي مسمار آخر يُدق في نعشه الذي يُصنع في جنيف.

كنت أود أن أحدثكم اليوم وقد ارتسم مستقبل أفضل لسورية، أو اتفقنا مع أبناء وطننا لردم الهوّة وتحقيق الأمن والسلام. كنا صادقين في عزمنا على البناء، بناء سورية الجديدة الديمقراطية الحرة لجميع أبنائها. كنت كنت أود أن نفرغ من هذه المعركة للعودة إليكم، نقبل رؤوس أمهاتنا .. أمهات شهداء الوطن كله، اللائي فقدن فلذات أكبادهن في محرقة مجنون دمر البلاد والعباد.

لم تكن العملية سهلة علينا. أحدثكم بلسان كل واحد منا، كنا كمن يتجرع السم، والمجرمون يقتلون نساءنا وأطفالنا وشبابنا وشيوخنا.

ولكننا عبرنا النفق الأسود بخطى ثابتة نحو هدف أساس كنا عقدنا العزم على إنجازه، وقد أنجزناه والحمد لله، وانكشف الأسد ونظامه ونلنا الدعم الدولي الذي أردناه.

يوم أخذنا قرارنا الاستراتيجي بالمشاركة بجنيف 2، وتجاوزنا قطوعات عدة ، ليس أقلها وحدة هواجس الثوار على الأرض ، يومها كان الأسد يتأمل أن نصل حفاة عراء..ليسدد ضربته بتمرير الجولة الأولى دون تقدم.

أما نحن، فلم نكن من السذاجة او التهور لنتوهم بأن النظام الكيماوي سيقدم على طاولة التفاوض جائزة مجانية للسوريين.

ما أردناه من هذه الجولة هو تعريته ونظامهه أمام الرعاة والدعاة لجنيف 2 على اختلافهم، وقد حصل، نعم حصل ما أردنا وهو ما لم يكن يتوقعه ذلك الأسير في قصر الشعب.

لقد أعلناها من اليوم الأول بوضوح، نحن مع جنيف واحد الذي توافق عليه جميع الرعاة بمن فيهم روسيا.. ودعينا الطرف الآخر للتوقيع فورا.. وكنا نطاردهم طيلة الأسبوع ويواجهوننا بفرار يليه هرب.. ووضعنا إصبعنا في عينه، وحوّلنا حديثه عن الإرهاب إلى محاكمة لإرهابه المستمر منذ خمسين عاماً، بل واستيراده الإرهاب من خارج الحدود، واستدعائه التدخل الأجنبي باستعانته بالميليشيات الطائفية من لبنان والعراق.
وباستثناء موافقته المبدئية على مرجعية جنيف واحد، لا يمكن الحديث عن اي التزام جدي من قبل ممثلي  الأسد.
كان المشهد هزليا بالفعل، فأمامنا ممثلون لنظام مجبول بالكيماوي، محمي بمرتزقة الحقد الطائفي، يرقص على جثث 11 ألف معتقل، ويحاضر بالارهاب ويحاضر بالعفة.

كان نظام الكراهية يعتقد أنه الأكفأ سياسياً، ويظن أن حبل السياسة سيصل ما انقطع من حباله العسكرية والاجتماعية في سورية. ظن أنه بعدما فشل في القضاء على شعبنا وثورته، قادر على الحصاد في غرف التفاوض، ولكن هيهات. لقد أثبتنا أن الحق عندما يقف في وجه الباطل، ينتصر في ميدان السياسة كما في ميادين النزال.

كان رهان النظام على جنيف لتكسير وحدة شعبنا، فإذا بالمواجهة المباشرة معه تجدد وحدة هذا الشعب العظيم، كما وحّدته الثورة. بل انكسر الدكتاتور عندما وجد ممثلوه أنفسهم مضطرين إلى الخوض في مصيره، وما بعد بعد مصيره، للمرة الأولى منذ خمسة عقود.

في جنيف وُلدت جمهورية سورية جديدة، حتى لو لم نوقع اتفاقاً سياسياً بعد. فقرارنا التاريخي بالمشاركة في جنيف 2 قد أنهى احتكار نظام الفساد والاستبداد لسورية. أصبح نظام الوريث مجرد طرف بين أطراف، غير قادر على الزعم بتمثيل بلادنا، بل ولم يدرِ أنه وقع في الفخ الذي أراده لنا، وأنه يفقد شرعيته كل يوم تحت سقف الأمم المتحدة.

فلقد رأيتم يا أخواتي وأخوتي، كيف ماطل النظام في فتح ممر آمن للمساعدة الإنسانية إلى حمص القديمة طوال أسبوع كامل. وكيف تعامل مع معتقلينا من النساء والأطفال كأوراق تفاوضية، بينما كان وفدُنا المفاوض يحمل كل يوم في عقله وروحه أسماء الشهداء والمعتقلين، وهمّ المحاصرين، وخطة بناء سورية الحرة الكريمة.

إلا أن تنصلهم من التزاماتهم لم يكن مجانياً هذه المرة. لقد ربطنا سلفاً حضورنا جنيف 2 بتحقيق التوازن العسكري على الأرض حتى يلتزم النظام بحرفية جنيف 1، وعلى رأسها تجريد الأسد من كل صلاحياته تمهيداً لعزله ومحاسبته.

وعندما يتوقف نظام الأسد عن العدوان على شعبنا بالدبابات والطائرات والبرامييل وقتها يمكنه المطالبة بوقف دعمنا بوسائل الدفاع عن النفس.

أيتها السوريات أيها السوريون

الآن وقد اتضحت الصورة، تعلمون أننا لم نكن من السذاجة أو التهور، لنتوهم أن نظام الكيماوي سيقدم على طاولة التفاوض جائزة مجانية للسوريين. فالتفاوض معه ليس طاولة في جنيف، بل مسارات سياسية وعسكرية وقانونية وإنسانية وإعلامية متوازية، كما يفعل النظام نفسه.

ونعلن اليوم لأصدقائنا أنه لا يمكن الحديث عن التزام جدي حصل من قبل ممثلي الأسد، رغم أننا التزمنا بإنجاح مؤتمر جنيف 2، ونجدد التزامنا بالعودة إلى جنيف بعد أيام، لاستكمال الحل السياسي وعملية انتقال السلطة، وإنشاء الهيئة الحاكمة الانتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، التي ستدير مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وتعيد هيكلة الجيش وأجهزة الأمن والمخابرات، وتعبر بسورية نحو بر الأمان.

 

أيتها السوريات أيها السوريون

كلنا يعلم كيف حوّل هذا النظام حياة بلد وشعب إلى جحيم يتنقل بين مقبرة جماعية ومجزرة، كيف جوّع وعذّب شعبنا وأطفالنا، وما صورُ أحدَ عشرَ ألف معتقل – على الأقل – شاهدناها في الأيام الأخيرة إلا شاهد على إجرامه القريب والبعيد. كل ذلك لكي يبقى وديعة ملالي طهران متربعاً فوق عرش من جماجم السوريين.

فالنظام لم يترك منطقة في سورية إلا وحوّلها إلى مشروع جنازة مفتوحة متنقلة، من تلك المناطق التي دكها بنيران حقده، إلى تلك التي استخدم أبناءها وقوداً لحربه على أبناء جلدتهم. نعم لقد استخدم هذا النظام أحفاد صالح العلي وأبناء بدوي الجبل، في حرب على قياسه وقياس سُعاته ورُعاته الإقليميين. إنه نظام يستمد فائض قوته من ضعف الذاكرة الجماعية، وإلا كيف يمكن أن نصدق أن قاتل صلاح جديد ومحمد عمران، والذي صدّر إلى العالم ثقافة المنتحرين بثلاث رصاصات وعلى رأسهم غازي كنعان؛ كيف يمكن أن يحمي ساحلنا المخطوف ويصون الجبل الذي حفره البدوي عميقاً في ذاكرتنا؟

ومن ذا الذي يصدق أن النظام الذي شرّد إخوتنا المسيحيين، ونكّل بمثقفيهم، وسلب ثروات تجارهم يريد أن يحميهم من إخوانهم الذين يشاركونهم صحن مأساتهم اليومية المعمّد بالدم والدموع؟ ثم من يتوهم بأن الذي حاصر تاريخ سلطان الأطرش وإرثه، وسلب الكرد السوريين حقوقهم وهويتهم، يمكن أن يحمي أو يحمل هوية سورية وقضيتها؟

 

أيتها السوريات أيها السوريون

أصبح العالم أكثر اقتناعاً اليوم بأحقية ثورتنا بعدما خضنا المسار السياسي. أحرج النظام نفسه بحضور جنيف 2، الذي ظنّه سيخرج شعبنا من معادلة الحل، تحت شعار أننا لا نريد تسوية تحقن دماء شعبنا؛ فإذا به كمن يسير في جنازة نفسه، لأن إقرارهم ببنود بين جنيف 1 هي بداية النهاية، فأرادوا الحضور للهروب من التزامات يلفظ معها نظامهم أنفاسه الأخيرة.

لكننا دخلنا من الباب الواسع للتغيير، ووضعنا وفدُه أمام المعادلة الصعبة. فلم يوقع ولم يلتزم إلى هذه اللحظة، والأمم المتحدة شاهد حي. حتى الممرات الآمنة ضاقوا ذرعاً بها، والعالم كله يشهد اليوم على نظام يراوغ ليتنصل من فتح ممرات إنسانية لمناطق ربع سكانها بين ميت أو معرض للموت جوعاً، ويحدثونك عن الإرهاب.

 

أيتها السوريات أيها السوريون ..

أيها الثائرون يا ملح الأرض. يا من صدحت حناجركم بالشعب يريد إسقاط الأسد، والشعب السوري واحد. أتوجه إلى كل أم ثكلى فيكم، وإلى كل ثائر يحمله دمه فوق كفيه .. إلى كل طفل سوري يسرق الجوع نوم عينيه، وتزنر أحلامَه براميل النار والعار.

أتوجه إليكم جميعاً، أشد على أياديكم التي نستمد منها العزة والمنعة والرفعة، لأؤكد لكم بأن مأساتكم وأحلامكم ومطالبكم رهن بأعناقنا، وقد تقطع الأعناق، ولكن يستحيل أن تسقط الأمانة.

شكراً لكم.

كلمة رئيس الائتلاف بمناسبة جينيف٢” comment for

  1. كلمة جميلة من رئيس الائتلاف , كلمة مهذبة أيضا ..كلمة بدأت بمفردة “السوريات ” , هناك رئيس “دستوري” وعليه التعلم من السيد جربا تهذيب الكلام , عليه التعلم منه الرقي واحترام القواعد الديبلوماسية , السيد أحمد جربا يعطي انطباعا أوروبيا وهو بعيد عن البدوية بعد الأسد عن الحضارية .
    يمكنني تصور أي من الائلاف أومن هيئة التنسيق أو مختلف الفئات المعارضة كرئيس للجمهورية السورية , ولا اعرف معارضا بانحطاط الرئيس الحالي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *