بقلم :ربا منصور
يخطئ من يعتقد بأن السلطة في سوريا تفكر وتخطط وترسم الاستراتيجيات المعقدة والمستقبلية , أو انها تستشير جديا أحدا أو تستوعب وضع البلاد الكارثي , ويصيب من يعتقد بان السلطة السورية هي عبارة عن شخص واحد فقط , وهذا الشخص نزواتي اضافة الى كونه أسير لهذه النزوات ,ففي سوريا تسيطر الغريزية والعقل عاطل عن العمل , وفي سوريا تسيطرمنهجية العدمية على مسلكية السلطة ,و في سوريا أيضا تسيطر الحيوانية على الانسانية , تلك التي تحدث عنها ممدوح عدوان في كتايه “حيونة الانسان” وتلك التي تحدثت عنها االفيلسوفة الألمانية هنا آرند , ومن يتصفح كتاب ممدوح عدوان يظن على ان الكتاب كتب بعد عام ٢٠١١ …”ليس هناك قدر محتوم على البشر ان يتحولوا إلى جلادين وضحايا وحوش مفترسة وأرانب او فئران ولكن انظمة القمع والاستغلال هي التي تريد إبقاء البشر عند مرحلة الحيوانية الغريزية الأولى وحين يحاولون الخروج من هذه الشروط تثبتهم فيها او تنزلهم إلى ماهو احط من الحيوانات من خلال القسر”,أما هنا آرند فقد سألت عن مقدرة التافه في ان يكون شريرا ؟Ist das Böse wirklich banal , وقد كان السؤال بمناسبة محاكمة المجرم آيخمان , حيث ان أمير الموت آيخمان فعلاكان انسان بدائي وبسيط وموظف أقسم على خدمة وطنه وخدمة الزعيم هتلر , الا أن حيوانيته وبساطته وتفاهته وسذاجته لم تمنعه من أن يصبح من أكبر الأشرار وأعظم المجرمين , وقولها هذا كان تلميحا على رجال الرايخ الثالث ومنهم هتلر يمثلون قمة التفاهة ويمارسون أحط أشكال البربرية ,
وفي جمهورية الأسد السورية نجد نفس البنية البربرية حيث يمارس التافه يريرية لامثيل لها حتى في الرايخ الثالث , لم يدمر هتلر المدن الألمانية ببراميل الTNT ولم يكن لهتلر حسابات في الينوك بعشرات المليارات , الا أنه كان تافه “قومي” ومتطرف , والأسد العروبي كذلك , ثم ان هتلر لم يعرف الطائفية , لقد كان علمي وليس علماني , في حين أن الأسد ليس علمي ولا علماني وهو طائفي حتى النخاع ,وفي هذه النقطة يتفوق هتلر على الأسد بوضوح , صحيح على أن هتلر كلن مصابا بجنون العظمة الا أنه كان صادقا مع نفسه ومؤمنا بشكل جدي بما قاله , بينما الأسد مصاب بجنون الانفصام و لايعرف الصدق مع نفسه أو مع غيره
اللاعلمي واللاعلماني والتافه أيضا , برهن عن مقدرة شيطانية , اذ استطاع تغيير ملامح المجنمع السوري , الذي أصبح طائفيا حتى الموت ,اسنطاعت العائلة البقاء في سدةالحكم على الأقل نصف قرن بدون أي شرعية باستثناء عرف الغاب ’ التافه ضحك على الجميع بهذيان الممانعة والمقاومة , انه الانسان التافه الذي ادعى على انه لايعرف بوجود الشبيحة في اليلاد , ولايعرف عن موضوع الشبيحة الا أن كلمة الشبيحة تركية الأصل , هكذا وبصراحة المعتوه ووقاحة الأزعر, انه المعتوه الذي قال عن نفسه على أنه رئيس “دستوري” لكل السوريين , وفي نفس الوقت وزع السلاح على البعض من السوريين , طبعا من أجل المقاومة والممانعة يحمل العلوي في اللاذقية البتدقية! , وما هو شأن السني ؟ انه خائن حتى يثيت العكس ,أو حتى قبوله العمل في مرتزقة التافه .
من أخطر المواجهات بين العقل وبين الأسد هي المواجهة التي يخرج بها الأسد عن النص الذي كتبته له بثينة شعبان ويحاول توضيح أو نفسير شيئا ما , هنا يصاب العقل والفهم بالشلل , لأنه ما من وسيلة لفهم شروحات الأسد التي يقصد بها النوضيح , هنا يكتشف العقل بلاهة وتفاهة غير معهودة ولا يمكن انتظارها حتى من بواب أمام غرفة فاسد سوري , وبالرغم من ذلك فقد نجح المعتوه في تحويل العلويين الى قطيع مطيع وتابع له على أي حالة كانت وبنسبة ٩٥٪ منهم , فعلا ان نسبة من يؤيده من العلويين قد تصل الى ٩٥٪ منهم , ان لم نقل أكثر,ومنهم عشرات الألوف الذين ماتوا من اجله . كل ذلك يمثل أحجية لا أستطيع تفسيرها !.
فمن أجل حماية الأقليات , وهنا لا أعرف أقلية تستطيع الاحتماء بمن يجب حمايته , ولا أعرف القصد من عبارة ” الأقليات ” الا الطائفة العلوية , وقد خلق الأسد لمن يريد حمايتهم حالة من التهديد لهم , وبعد انجازه لمهمة خلق النهديد الحقيقي للعلويين, بدأ المعتوه شكليا بالبحث عن سبل وهمية لحمايتهم ,سبل لاتتضمن الا خلق المزيد من التهديد لكيانهم ووجودهم ,فهو يداويها بما هو الداء.
بالرغم من استثمار الأسد للعلويين , وبالرغم من ايقاعهم في المطب ,فان ادراك هذه الحالة الكارثية من قبل معظم العلويين ناقص , ولحد الآن لايمكن رصد ادراك علوي يرفض السير من أجل الأسد الى المقبرة , انهم مصرون على الاستمرار معه بالرغم من أن قضية الأسد لم تعد سياسية وانما في معظمها جنائية ,فالتهم التي توجه له هي من النوع الجنائي الاجرامي, ولا توجد بوادر فهم علوي عقلاني للوضع , فهم وادراك يمنع حماية المجرم ويمنع الاحتماء بالمجرم,
نعم لقد أصبح عند الطوائف الدينية السورية مشاكل كبيرة ومفردة “الأقليات” لاتنطبق الا على الطائفة العلوية أو الأقلية العلوية , وللأسف فقد وضعت هذه الطائفة نفسها في مرمى الطائفية وحقدها , وتخوض الطائفة من موقع ضعيف جدا حربا لاناقة لها بها ولا جمل , ومن خلال هذه الحرب لايمكن التعرف على أي انتصار ممكن وحقيقي , لقد مات الشباب لحد الآن بعشرات الألوف , والموت متسارع ومستمر , وهل يمكن لذو عقل أن ينتظر انتصار الأقلية العلوية على الأكثرية السنية في معركة أو معارك على المدى المتوسط والبعيد ؟خاصة عندما تقف الجهة العلوية الى جانب الباطل وتدافع عنه !, الدفاع عن الأسد هو دفاع عن الشمولية , والشمولية تعني أكثر من الديكتاتورية , انها اضافة الى ذلك ستالينية , واضافة الى ذلك انها المنظومة التي تلغي أي حدود لتسلطها وهنا في سوريا نحن بخصوص رئيس لاحدود لسلطته دستوريا وعمليا وزمنيا , الى الأبد مع الأسد بقانون يمنحه سلطات أكبر من سلطات القيصر بوكاسا , و بشمولية تعطيه فوق ذلك كل مايريد من سلطات انه فوق كل شيئ ..فوق البشر وخاصة فوق القانون .