مركز توثيق الانتهاكات في سوريا يقدم نفسه على أنه “منظمة مدنية مستقلة؛ غير حكومية وغير ربحية”. بدأ عمله في مجال رصد وتوثيق الانتهاكات منذ بداية شهر نيسان /أبريل 2011. يقوم المركز بتوثيق أسماء “شهداء الثورة السورية إضافة إلى أسماء معتقلي الثورة والمفقودين والمخطوفين وحتى الانتهاكات المرتكبة من الجهات غير الرسمية بالإضافة إلى قتلى النظام السوري من عناصر الجيش النظامية وشبه النظامية”.
يعمل في المركز نخبة من النشطاء الحقوقيين داخل وخارج سوريا، يتألف من فريق المدققين اليومي وفرق الرصد الميداني، المركز يعتمد على نشطاء في الداخل، بينما يتكون فريق المركز الإداري ومنسقيه الأساسيين من نشطاء مقيمين خارج سوريا وجزء آخر مقيم في داخل سوريا. تدير المركز المحامية والناشطة الحقوقية رزان زيتونة، ويشغل منصب الناطق الاعلامي الحقوقي بسام الاحمد.
وللوقوف أكثر عن عمل المركز ونشاطه أجرت (كلنا شركاء) لقاءاً مع الناطق الاعلامي بسام الاحمد وفيما يلي نص المقابلة:
كلنا شركاء: آلاف الاطفال راحوا ضحية الحرب الدائرة في سوريا، ضعنا في صورة الأعداد الموثقة لهم ممن قضوا نحبهم جراء الحرب بشكل عام، وما هي أبرز الأسباب التي أدت إلى وفاتهم، في ظلّ تعدد الأسباب؟
بسام الاحمد: مركز توثيق الانتهاكات في سوريا قام بتوثيق أكثر من 8800 طفل وطفلة منذ منتصف آذار 2011 حتى تاريخ اليوم. النسبة الأكبر والتي بلغت أكثر من 4400 كانت نتيجة القصف باستخدام قذائف المدفعية وصواريخ السكود والدبابات، أما عدد من قتل نتيجة اطلاق نار كانوا 1620 منهم أكثر من 400 طفل تمّ قنصهم بشكل مباشر، و81 طفل وطفلة استشهدوا بعد أن خرجوا من المعتقل في سجون النظام وحسب بياناتنا هناك أكثر من 50 طفل توفوا تحت التعذيب من ضمنهم الطفلة عفاف محمود سراقبي.
كلنا شركاء: وقعت عدّة مجازر في سوريا كانوا الأطفال الاكثر أيلاماً، هل لديكم أرقام موثقة حول اعداد الاطفال الذين ماتوا في المجازر، أو ممن اعدموا او قتلوا عن طريق الذبح، أو عبر أطلاق الرصاص المباشر عليهم من مسافات قصيرة؟
الاحمد: في مجزرة الكيماوي التي حصلت في صيف العام الجاري في الغوطتين الشرقية والغربية في دمشق، وثق المركز بالاسم أكثر من 130 طفل وطفلة، كما كان هناك عدد آخر تم توثيقهم كمجهولي الهوية، وخلال المجاز والاعدامات الميدانية وثقنا 580 طفل وطفلة منها: مجزرة كرم الزيتون حدثت بتاريخ 11-آذار-2012 كان الاطفال من بينهم أكثر من 20 شهيد وشهيدة. بعدها وقعت مجزرة الحولة في 25-أيار-2012 كان عدد الشهداء الاطفال فيها 45 طفل وطفلة، ووثق المركز مجزرة الحصوية 15-كانون الثاني-2013 كان عدد الاطفال منهم 21، ومجزرة بانياس قتل 32 طفل وطفلة، وحسب البيانات هناك 180 طفل وطفلة ذبحوا بالسكاكين خلال هذه المجازر. على أننا نجزم بأنّ العدد أكثر من ذلك بكثير.
كلنا شركاء: ماذا عن الاطفال الذين قتلوا برصاص قوات المعارضة؟
الاحمد: المعلومات عن الأطفال الذين قتلوا على يد قوات المعارضة المسلحة شحيحة جداً؛ لكنّ المركز وثق أكثر من 20 حالة طفل قتلوا أما بقصف او اطلاق نار عشوائي أو خلال العمليات العسكرية.
كلنا شركاء: هناك تقارير وصور تفيد وفاة العديد من الاطفال جراء المجاعات التي اجتاحت المدن المحاصرة مؤخراً؛ نتيجة النقص الحاد في الادوية واللقاحات الضرورية والأغذية، ما هي المعلومات التي قام المركز بجمعها في هذا الشأن؟
الاحمد: المناطق المحاصرة بشكل عام شهدت مثل هكذا حالات وتحديداً المعضمية ومناطق جنوب دمشق وعلى رأسها الحجر الأسود ومخيم اليرموك، واستشهد مؤخراً العديد من أطفال الغوطة نتيجة لسوء التغذية أو نقص وتوافر المواد الطبية. لكن الوضع المأساوي والأقسى كان في المضعمية حيث تمّ تسجيل أكثر من عشر حالات؛ منها الطفلة رنا عبيد عمرها عام واحد ماتت في 23-9-2013 ومات الطفل ابراهيم الخليل وعمار عرفة بنفس الحالة. كما وتمّ توثيق العديد من الحالات الأخرى في مناطق جنوب دمشق المحاصرة المنسية، طبعاً المأساة وصلت إلى الغوطة الشرقية وبأعداد غير قليلة نتيجة العدد الهائل للسكان، تضاف إلى مأساة الغوطة الاشتباه بظهور حالة لمرض شلل الأطفال – لم يتمّ التأكد منها بعد – فقد حُرم أبناء الغوطة الشرقية من أخذ اللقاحات الضرورية وخاصة المتعلقة بشلل الأطفال ولقاحات ضد الحصبة، والغدة النكافية والحصبة الألمانية، أمّا التخوف الأكبر فإنّه يكمن في عدم توفر اللقاحات الضرورية الأخرى وخاصة لقاحات التهاب الكبد عند الأطفال.
كلنا شركاء: هل قام المركز بتوثيق حالات حديثي الولاد؟
الاحمد: نعم، فمن صنوف المعاناة الأخرى في الغوطة أنّ هنالك مثلاً 800 حالة ولادة شهرية في الغوطة الشرقية وحدها- وهم جميعهم بحاجة إلى الرعاية الصحية وإلى الحاضنات- وتُعدّ الرعاية الصحية للحوامل من أكبر التحديات التي تواجه الأطباء والنقاط الطبية على حدٍ سواء، حيث أنّ هناك نقص كبير في الأدوية اللازمة من فيتامينات والمدعمات الغذائية ولا توجد زيارات دورية من قبل (المرأة الحامل) الى العيادات أو النقاط الطبية المتخصصة لقلة عدد أطباء النسائية.
كلنا شركاء: ظهر مرض شلّل الاطفال في سوريا خلال الآونة الأخيرة؛ حيث سُجل 15 حالة في مدينة دير الزور فقط وحالة في حلب، كما قالت تقارير أنّ هناك حالات ظهرت في الغوطة الشرقية حسب منظمة الصحة العالمية، ما هي معلومات المركز عن هذا المرض وعودته؟
الاحمد: كما ذكرت آنفاً فهنالك حتى الآن الاشتباه بحالة واحدة في الغوطة الشرقية، من الشيفونية وعمرها سنتان واسمها الطفلة فاطمة دياب، طبعا الحالات المؤكدة حتى الآن هي سبعة عشر حالة مؤكدة في عموم سوريا 15 منها في دير الزور، وحالة في ريف دمشق وحالة في حلب.
كلنا شركاء: أعتقل الآلاف من الأطفال من قبل قوات النظام لأسباب مختلفة، بهدف الضغط على أقرباء لهم، وهناك العديد من الاطفال مازالوا في عداد المفقودين، ماهي بيانات المركز في هذا الشأن؟
الاحمد: أستطاع المركز توثيق أكثر 10 آلاف طفل اعتقلوا أو مازالوا معتقلين في السجون، وهناك أكثر من 250 طفل مفقود وانقطعت الأخبار عنهم بشكل كامل.
اطفال سوريين خلف الشباك في أحد مخيمات اللجوء في تركيا
كلنا شركاء: هناك تقارير تفيد انخراط بعض الأطفال في القتال المسلح لصالح المعارضة المسلحة، هل لديكم معلومات أو احصائيات عن هؤلاء؟
الاحمد: هذا الموضوع حساس جداً ومهم للغاية، وقد كان المركز توجه بالعديد من النداءات للكتائب المقاتلة لعدم قبول الأطفال في صفوفهم، وحسب تقديراتنا أنّ معظم الأطفال ممن ألتحقوا تتراوح أعمارهم بين سن الـ 15 و 18 سنة، هم يتمتعون ببنية جسمية تشبه البالغين في العمر.
كلنا شركاء: بحسب المعلومات المتوفرة لديكم في مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، كم بلغت اعداد الاطفال المُهجرين مع ذويهم، والمسجلين كلاجئين في الامم المتحدة؟
الاحمد: بحسب مفوضية اللاجئين هنالك أكثر من مليون طفل المسجلون فقط، ونعتقد أنّ الرقم أكثر بكثير من ذلك ولكنّ المسجلين رسمياً أكثر من مليون طفل من مجموع ثلاثة ملايين لاجئ.
كلنا شركاء: أخيراً، ما هي المنهجية المتبعة في مركز توثيق الانتهاكات في سوريا في جمع وتدقيق البيانات ومعايير التوثيق؟
الاحمد: بالنسبة للمعايير التي يعتمد عليها مركز توثيق الانتهاكات في سوريا تتوافق مع المعايير الدولية الخاصة بعمل ومنهجية عملية التوثيق، حيث يشرف على الموقع فريق من النشطاء الحقوقيين وعلى رأسهم المحامية رزان زيتونة، أمّا النشطاء الآخرين فقد خضعوا جميعاً للعديد من الدورات التدريبية الدولية في عدة بلدان وعواصم عالمية وتمّ تدريبهم بشكل عملي ومفصل على آليات التوثيق الحديثة المعتمدة من المنظمات والهيئات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة. ونعتمد في مركز توثيق الانتهاكات في سوريا على عملية توثيق من عدة مراحل من أجل الوصول إلى نسبة قوية من الدقة ضمن الظروف المعقدة والصعبة التي نعيشها في سوريا منذ آذار 2011:
1 – المرحلة الأولى: تقوم على جمع وتوثيق البيانات؛ من قبل مجموعة من النشطاء الحقوقيين والنشطاء الميدانيين والمراسلين المعتمدين من قبل المركز في مختلف المناطق، إضافة إلى الاستعانة بالمشافي الميدانية والمدافن كأحد مصادر المعلومات وذوي الضحايا وعدد من المكاتب الإعلامية المتمتعة بمصداقية عالية لدى مركزنا، حيث يتم تسجيل جميع المعلومات التي ترد منهم إلى فريق ادارة الموقع الالكتروني، بعد التأكد من عدم تكرارها أو قدمها، والبحث عن تفاصيل حولها من مصادر متنوعة، وهذه تعتبر المرحلة الأولى من التوثيق؛ والتي يمكن أنّ نسميها مرحلة التحقق الأولي من المعلومات الواردة.
2 – المرحلة الثانية: يتم استكمال هذه المعلومات خلال اليوم الأول لحصول الانتهاك أو خلال الأيام القليلة التالية، سواء من حيث جمع الفيديو أو صور الشهداء أو أية تفاصيل أخرى حول الضحية، وذلك من قبل الفريق المشرف على الموقع الالكتروني.
3 – المرحلة الثالثة: وينفرد مركز توثيق الانتهاكات في سوريا بهذه المرحلة، وتكون في التدقيق الدوري – اليومي والأسبوعي والشهري، حيث يتم ارسال البيانات إلى النشطاء حسب مناطقهم من أجل التأكد من خلوها من الأخطاء واستكمال ما ينقص من معلومات حال توفرها مثل الصورة أو الفيديو أو المهنة أو اسم الأم أو العمر …… ألخ، ويُسمي المركز من يقوم بهذا العمل المدققين اليوميين، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ المركز يقوم بتكليف “فريق المدققين المعتمدين” لجلب قوائم كاملة للضحايا في المناطق والقرى والبلدات المختلفة ويتمّ مقارنتها مرة أخرى مع البيانات الموجودة في الموقع حتى نصل إلى أقرب نقطة من التأكد من وقوع الإنتهاك والجهة المرتكبة له.
تضاف الى هذه المراحل جميعها عملية تأكد من أن عملية ادخال البيانات تمت بطريقة صحيحة وذلك للتغلب على عامل الخطأ البشري في ادخال البيانات.
هذه المراحل الثلاثة تعتبر مهمة وأساسية وضرورية في عملية التوثيق، ولكننا لا نعتبرها استكمالاً للمعلومات بشكل كامل – بأي حال من الأحوال – ويعود ذلك إلى تعقيدات الوضع السوري وما تخضع له المناطق من حصار وما يعانيه النشطاء من أوضاع أمنية سيئة، وتقطيع أوصال المدن والمناطق وتخوف الأهالي من إعطاء المزيد من التفاصيل عن أبنائهم بسبب التهديدات الأمنية، بالإضافة الى انقطاع الاتصال بالإنترنت وانقطاع التيار الكهربائي المستمر عن معظم الجغرافيا الغير خاضعة لسيطرة النظام.
يذكر أنّ مركز توثيق الانتهاكات في سوريا وثق الى الآن عدد ضحايا الثورة السورية (80.204) وكانت أكثر منطقة في سوريا سقط فيها شهداء هي: ريف دمشق (18.872) تليها مدينة حلب (13.286).
ذكر – طفل (6.162)
أنثى – طفلة (2.767)
ذكر – بالغ (65.455)
أنثى – بالغة (5.820)
غير مدني (20.894)
مدني (59.310)
وحسب بيانات المركز شهد العام 2012 أكثر عام؛ من بين الاعوام الثلاث حملات اعتقالات، سيما في شهري تموز آب.