الصوت الأقوى والأجرأ المعبر عن ضمير أمة تتوق للحرية والديمقراطية..
بقلم:عوض عبد الفتاح
قد تتفق مع أفكار وتحليلات ومواقف عزمي بشارة أو تختلف معها، لكنه سيظل الظاهرة الأهم في الوطن العربي المعاصر لناحية الجمع بين المشروع الفكري والثقافي والسياسي، والصوت الذي تعلقت به أفئدة ملايين الشباب العربي، ليس ذلك من باب التملق والتزلف، فالرجل ظل ملتزما بالفكر الجاد والبحث الدؤوب عن كل جديد، وتأسيس معرفة تجدد العقل العربي
مع اندلاع الثورات العربية؛ وما رافقها من هزات اجتماعية وسياسية عنيفة عصفت بالمنطقة؛ والشعوب العربية تخوض معركة نضال حقيقية للقطع مع قديم الاستبداد، وكلهم أمل بعصر جديد من الحرية والديمقراطية، ووجدانهم يرنو نحو استعادة الحقوق الوطنية وفي مقدمتها فلسطين. إلا أن ما نشهده في الآونة الأخيرة من تغير في مسار الربيع العربي وانتكاساته، يظهر بشكل جلي أن قوى الاستبداد والرجعية عموما، والتي تتحمل المسؤولية المباشرة عن اتساع ظاهرة القوى التكفيرية، تقود ثورة مضادة بكل ما تعنيه الكلمة من أجل إعادة عجلة الزمن إلى الوراء. فبعد أن كانت هذه القوى تتخبط، بل وتحاول إخفاء نفسها وبرامجها، أصبحت اليوم تتصدر ثورة مضادة هدفها الإطاحة بمكتسبات الربيع العربي، وهي تفعل ذلك بغضب مفهوم فهي تدافع عن نفسها في معركة وجودية لا تنتقى فيها الوسائل بمعايير الأخلاق.
ولا شك أن محاولة تشويه القيادات الفكرية والثقافية المبدئية وذات المصداقية التي انحازت إلى حق الشعوب بالمنطقة العربية في الحرية والكرامة والمواطنة والوحدة هو في صلب هذا الثورة المضادة. والهدف تعميم فكرة مؤداها؛ أنه إذا ما كانت أبواق الثورة المضادة فاقدة للمصداقية وأجراء عند أنظمة ورجعيين، فلا بد إذن أن يكون كل مثقف مبدئي وأخلاقي على شاكلتهم.
وتحاول الأنظمة الاستبدادية والفاسدة التي تحرك الحملة ضد كل مقولات التغيير أن تمس برموز قومية وفكرية وعربية، لا لشيء، سوى لأنها مؤثرة، ولأنها فضحت هذه الأنظمة وانحازت إلى الشعوب. ولهذا فهي تطلق عليهم مرتزقتها لاختلاق افتراءات إذ لا يمكن تأسيس الادعاءات المغرضة إلا على الكذب. وعلى رأس هذه الهجمات، تلك الهجمة المسْلطة من قبل الإعلام السعودي (المجلة وإيلاف، وغيرهما نماذج) وذلك المدعوم إماراتيا، على المناضل والمفكر العربي الفلسطيني الدكتور عزمي بشارة. وما هذا إلا فخرٌ له. والملفت أن الحملة تلتقي مع حملة أخرى تقودها أبواق النظام السوري. منذ اللحظة التي عبّر فيها عن رأيه بضرورة إصلاح النظام، وذلك قبل أن ينادي شعبه بإسقاطه، وذلك في الأسابيع الأولى من انفجار الثورة.
إذ أنه وطيلة ثلاثة أعوام، لا تزال تحاك الأكاذيب والافتراءات على هذا المناضل والمثقف، ظانين بإمكانهم دفعه إلى الخوض في ترهاتهم أو ثنيه عن انحيازه الأخلاقي والفكري لحق الشعوب العربية في الحرية والانعتاق من الاستبداد، أو على الأقل أن يكون على الحياد، والحياد يعني لهؤلاء خيانة للشعوب والمواطنين وقضاياهم. وتعددت أشكال الافتراءات وتنوعت، لكنها توحدت في اختلاق الأكاذيب عن مناضل ومفكر كبير بقامة عزمي بشارة، وأخذت تتحول شيئا فشيئا إلى شكل حملات منظمة تارة من أتباع الأجهزة في إيران وسورية، وتارة من السعودية، هذا عدا الإعلام الإسرائيلي الذي لا يتوقف عن التحريض عليه. وكان آخرها الحملة التي ظهرت في إيلاف طيلة الشهور الثلاثة الماضية، ثم مقالين ممجوجين على صفحات مجلة “المجلة” السعودية في 14 و18 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، والتي استوجب الرد على افتراءاتهم وعدم السكوت عنها، وإعادة الاعتبار إلى حقائق حاولوا تشويهها بأساليب رخيصة من اللمز والغمز على عزمي بشارة، ووصمه بأوصاف تنم عن جهلهم وحقدهم وعدم معرفتهم بالتاريخ، واستمرائهم للتبعية التي يريدون إلصاقها بكل مناضل وشريف.
معرفة شخصية من خلال نضال مشترك
حتى الآن، اكتفيتُ في غالب الأحيان بتجاهل هذه الحملة التي كانت ولا تزال تقوم بها بعض الأبواق في العالم العربي، ضد رفيقنا والرئيس السابق لحزب التجمع، المفكر عزمي بشارة، كتعبير عن النفور والاستخفاف بهذا النهج البائس. وقد فرقت، وما زلت، بين من يخوض نقاشًا حضاريًا مع أفكاره ومواقفه وهو أمر شرعي بل واجب، وبين من يخوض حملة تشويه وأكاذيب مع نية مسبقة لتصفية حساب مع الرجل. وقد وصلت حملة التشويه والتضليل والحقد إلى حدّ المحاولة لمسخ مسيرة مناضل كبير من أبناء فلسطيني الـ48 وإلقاء ظلال الشك عليها منذ انخراطه في النضال منذ صباه أو بواكير الشباب، بل طال الشك حتى المشروع النضالي الأهم الذي كان له الدور الريادي في إطلاقه داخل منطقة عام 1948 ألا وهو حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي انطلق عام 1995 بعد تحضير استمر لأكثر من عامين. كما يشكك هؤلاء المحرضون في استقلالية مواقفه من الثورات العربية وهم أتباع الأجهزة بعيدون كل البعد عن الاستقلالية والنزاهة والصدق.
رافقت الرجل مع العديد من النشطاء السياسيين من عدة حركات وطنية (حركة ميثاق المساواة، حركة أبناء البلد والحركة التقدمية)، منذ أوائل التسعينيات، في مشروع التحضير لإعادة بناء الحركة الوطنية في الداخل، وفي الفترة السابقة كنا كحركات سياسية في حالة تنافس شديد. ليس بالضرورة أن تتفق معه على كل شيء، ولكن اتفقنا في حينها نحن والرفاق الآخرون، على أنه الأقدر على الوقوف على رأس المشروع الوطني الجديد. لم يكن ذلك صدفة، ولم يكن مخرجًا توفيقياً لمشكلة تنافس بين الحركات المبادرة. بل لأنه امتلك من المواصفات التي تؤهله للعب الدور القائد. وتمكن عبر موقعه، وعبر حضوره كعضو في الكنيست، الذي دخلناه كحزب بعد تردد طويل، إلى تحويله، أي هذا المنبر، إلى ساحة مواجهة سياسية وأيديولوجية غير مسبوقة مع النظام الصهيوني. كان ذلك بفضل ما تحلى به من مواقف وطنية وقومية صلبة ومن معرفة عميقة وشاملة بالفكرة الديمقراطية في مواجهة الفكرة الصهيونية العنصرية-الكولونيالية ومن مقدرة على الخطابة، ناهيك عن جرأته وإقدامه. كان هذا الموقف الصدامي، وهذا الموقف المتميز إيذانًا لهذا النظام بالبدء بالتخطيط للتخلص منه سياسيًا. وقد استغل جهاز المخابرات الإسرائيلي سعي بشارة لبناء علاقات سياسية مع العالم العربي (خاصة في سوريا ولبنان) لنسج المؤامرة ضده بعد أن عجز عن مواجهته أيديولوجيًا وسياسيًا.
سيرة نضالية حافلة
في البدء لا بد من القول، إن من لديه أدنى معرفة بعزمي بشارة يعي تماما، بأنه لن يُشفي غليلهم بتغيير مواقفه المبدئية والأخلاقية، بل إنه يترفع عن الرد على افتراءاتهم لسخافتها، ناهيك عن سخافة مروجيها. وإنْ كان عزمي بشارة، ظل مترفعا طوال الوقت عن أن يخوض مع أنصاف كتبة وأشباه مثقفين وإعلاميين مستأجرين في المعارك التي يفتعلونها ويتخيلونها (وهؤلاء أصبحوا يعرفون أن عزمي بشارة لا يرد على ما يعتبره لا يستحق الرد، ويستغلون ذلك)، ولكن كونه منكبا في المقابل على العمل الفكري، ويكرس جل وقته للكتابة الأكاديمية وعلى بناء المؤسسات مثل مركز الأبحاث وجامعة للدراسات العليا والمعجم التاريخي للغة العربية وغيرها من مشاريع الأمة فعلا، لا يعني على الإطلاق أن نقبل نحن بأن يُمسّ واحد من أهم رموزنا وقادة نضالنا العربي الفلسطيني. وهنا أكرر أنني لا أقصد إنكار الحق في مناقشة عزمي بشارة والاختلاف معه في قضايا فكرية وسياسية بطريقة حضارية وموضوعية. إنما ما يجري في إطار صراعات الأنظمة والمحاور على وجودها فلا يمت بصلة للنقاش، ولا للأخلاق والنزاهة.
وعليه فلا بد من الرد على هؤلاء، فبالنسبة لنا في فلسطين، ليس عزمي بشارة مجرد مفكر يستطيع أن يحلل الواقع العربي ويجرد ظواهره بشكل علمي معمق، وذا قدرة على استقراء مستقبل حركة الشعوب فحسب، بل يمثل بالنسبة لنا قائدًا أسس لمرحلة جديدة ومفصلية من نضال شعبنا العربي الفلسطيني في مواجهة الصهيونية.
فبعد أن أصبحنا نحن عرب فلسطين في لحظة تاريخية، محاصرين بشكل دائم ومستمر من قبل الصهيونية، التي مارست أبشع الأساليب لطمس هويتنا، ومن قبل قيادات عربية وفلسطينية كانت تُمني النفس بأن نندثر أو أن نصبح بدون هوية أو محتوى ثقافي، وذلك في سبيل تبريرها لعقد اتفاقات سلام مع إسرائيل تصفي فيه حقوق الشعب الفلسطيني، وفي الوقت الذي أراد فيه العرب دفعنا إلى الأسرلة لكي يحصروا القضية بالضفة الغربية وقطاع غزة، أي في لحظة كان شعبنا الفلسطيني مهددا بنكبة جديدة، برز عزمي بشارة ورفاقه بمشروعهم السياسي والفكري لتأسيس عمل منظم يرتكز على تمثيل العرب في فلسطين تمثيلا حقيقيا يدافع عن حقوقهم ويناضل سياسيا وثقافيا وفكريا للحفاظ على الهوية العربية والوطنية الراسخة لدى الفلسطينيين، كما ويرفض عزل قضية فلسطين عن بعدها العربي.
ولذا فإن خوض الانتخابات في الكنيست لم يزعج الإعلام السعودي والإماراتي أو الممول من قبلهما، بل أزعجهما أنه كان ضد الصهيونية وليس في إطار الاعتدال العربي. وقد كان الترشيح أداة نضالية لربط القضية الوطنية بالنضال المطلبي اليومي، ولكي لا تنعزل الحركة الوطنية عن الناس. أما الصحافيون اللبنانيون المأجورون من قبل أنظمة الاستبداد في المنطقة ، فقد طبلوا وزمروا له حين اعتبروه خطأ في صفهم (كأنظمة أو كطوائف) في حين كان هو في صف مقاومة إسرائيل. في مرحلة التأسيس تلك صكت مفردات جديدة ولغة جديدة لم تكن مألوفة من قبل، مثل الخطاب الذي تعتبره الصهيونية عدوها الرئيسي “دولة المواطنين ضد الدولة اليهودية” والتمسك بالهوية العربية الفلسطينية للمواطنين العرب، والتأكيد على وصفهم كـ”سكان أصليين”، والمطالبة من داخل الكنيست بحق العودة، وإحياء ذكرى النكبة بدل “الاحتفال بيوم الاستقلال” وغيرها وغيرها.
ومن هنا؛ جاء تأسيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ليضع عرب فلسطين الداخل على الخارطة العربية، ويؤسس لوعي بين أبناء فلسطين الداخل عن حقهم في الوجود والنضال من أجل حقوقهم ضد التمييز، ودورهم النضالي في الدفاع عن الحقوق الأصيلة للشعب العربي الفلسطيني بأجمعه.
وعزمي بشارة من الأوائل الذين رفضوا اتفاقيات أوسلو الظالمة، التي تنازلت عن حق العودة وثلثي فلسطين التاريخية وقسمت الفلسطينيين، كما أنه حذر مبكرا من انعدام أي أفق للتفاوض مع الإسرائيليين. ونلفت هنا أن بشارة وهو يدافع عن حقوق عرب الداخل ويدافع عن انتمائهم العروبي، كانت أنظمة عربية وحكام إسرائيل يتآمرون لتصفية قضيتهم وإلغائهم من الوجود في إطار خطة ممنهجة لتصفية القضية الفلسطينية. كانت مشكلتهم معه أنه “متطرف” في تأكيده على البعد العربي لفلسطين. وفي مرحلة كانت إسرائيل تلاحقه أمنيا بتهمة الوقوف مع المقاومة انتقد بشارة علنا وفي التلفزيون السوري مشاركة سورية في مفاوضات أنابوليس التي حضرها أولمرت وخطب فيها بوزراء الخارجية العرب، كما انتقد تعامل المقاومة اللبنانية مع قضايا الفلسطينيين في لبنان وفقا للسياسات الطائفية. رغم علاقته الجيّدة معهما آنذاك.
إن بشارة ورفاقه من التجمع والوطنيين عندما رفعوا سقف النقد لإسرائيل، ثار جنون إسرائيل وشنت الحرب تلو الحرب على بشارة والتجمع لإنهاء هذ الظاهرة، وحاربوه بالقضاء تارة، وبالأمن والتلفيق الإعلامي تارة أخرى، ووصفوه بالراديكالية والتطرف وعدو السلام، في الوقت التي تزاحمت فيه الأقدام أمام تل أبيب لنيل رضا إسرائيل وأميركا. إن حرب إسرائيل عليه آنذاك، شبيهة بهجمة وسائل إعلام معروف من يمولها اليوم، والهدف واحد بين الاثنين. وشارك في التحريض علينا في حينه الإعلام العربي الذي وقف مع إسرائيل عمليا في حربها على لبنان والمقاومة عام 2006.
واليوم نشاهد بعد ستة أعوام على وجوده في منفاه القسري بعيدا عن وطنه الأصلي، وكل الأرض العربية وطنه، على أن التجمع الوطني الديمقراطي لا يزال مناضلا على نفس النهج، ويتصدر المواجهات في النضال الشعبي داخل الخط الأخضر، فلم يكن عزمي بشارة يبني مجدا شخصيا في الكنيست أو غيرها، بل يؤسس لحركة يقظة في كل فلسطين. ولو كان يريد الاحتفاظ بمكسب شخصي، لكان قد ارتضى أن يظل عضوا في الكنيست بدلا من أن يكون في المنفى في الوطن العربي الذي يعتبره وطنه. وأذكر كم ازداد كرهه لوجوده في الكنيست في العامين اللذين سبقا اضطراره للجوء للمنفى بعد المؤامرة، إذ كانت دائرة الكراهية ضده داخل الكنيست تتسع، وكان يقول لي لم أعد أطيق هذا المكان. وكان قد طلب أكثر من مرة من المكتب السياسي لحزبنا إعفاءه من عضوية الكنيست ليكرس وقتًا أكبر للعمل الفكري والجماهيري والتنظيمي. ولكن المكتب رفض إلى أن وجهت إسرائيل إليه تهمة التخابر مع حزب الله أثناء الحرب، فانتهى مصيره في المنفى
ومن المعروف أن الدكتور عزمي بشارة لم يؤسس حزبا سياسيا فقط، فمن خلال فهمه للنضال الفلسطيني في الداخل، وما يتضمنه من ضرورة بناء مجتمع حيوي وناجز وغير هامشي، خاض المواجهات تلو المواجهات ضد خطط تحويل الفلسطينيين إلى سكان (جيتو) هامشي وتابع.
وكان نضاله السياسي مرتبطا بهذا الفهم، ومن الحق القول إن بشارة هو من أولئك القلة، الذين تمكنوا عبر مراحل حياتهم من الاستمرار في المبادرة والعمل الدؤوب من أجل فلسطين بإنشاء المؤسسات والهيئات الثقافية والبحثية التي تلعب دورًا هامًا في حياة المجتمع والشعب الفلسطيني حتى اليوم.
إن بناء المؤسسات الراسخة والعاملة، كانت بالنسبة له، الظهير للنضال السياسي للشعب الفلسطيني في الداخل. ولم يجابه عزمي بشارة الأسرلة بالكلمة فقط، لقد شارك هذا المناضل شعبه في ميادين الاحتجاجات بالقدس وحيفا والناصرة ضد العنصرية الصهيونية. إن بشارة من قادة الحركة الوطنية بامتياز، ومن حق كل شخص وطني أن يتساءل أين كان مروجو الافتراءات ووسائل إعلامهم، عندما كان بشارة يتصدى مع شخصيات أخرى من عرب الداخل ومع أبناء الشعب الفلسطيني لزيارة شارون إلى الحرم القدسي في العام 2000 التي أدت إلى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وهذا ليس غريبا عن رجل كان ولا يزال جزءا من الحركة الوطنية الفلسطينية، وعاشها بوجدانه منذ نعومة أظفاره، ومنذ أن وعى التمييز الصهيوني العنصري على مقاعد الدراسة. إذ انخرط بشارة مبكرا في صفوف الحركة الطلابية ودافع عن الحق العربي الفلسطيني في أرضه ضد كل مخططات التهويد والتميز. ومن سخرية الأقدار أن هؤلاء لم يجدوا في سجله النضالي إلا إعادة تكرير التهم الكيدية التي كالتها إسرائيل ضد عزمي بشارة، فيقولون بطريقة الغمز كما ذكرت مجلة المجلة السعودية مؤخرا، أنه اتهم بقضية بـ”مساعدة العدو في زمن الحرب”، و”غسيل أموال” وهي الصياغة الإسرائيلية الصهيونية لتهمة “الوقوف مع المقاومة في الانتفاضة الثانية وفي الحرب على لبنان”، ولتحصيل الدعم للحركة الوطنية في الخارج. وهل هذه تهم أم أوسمة شرف؟ لا شك لدينا أنها بالنسبة لخدمة أبواق السعودية تهم، كما بالنسبة لإسرائيل. وقف عزمي بشارة مجاهرا بتأييد المقاومة وفضح عنصرية إسرائيل من الداخل. فهل يمكن لعاقل أن يقبل أن تصل الصفاقة وربما الغيرة إلى حد استخدام أحكام وحجج دولة يصنفونها بالمعادية للنيل من مناضلنا؟
افتراءات وأكاذيب
وإذا كان سجل عزمي بشارة النضالي في الداخل هو أفضل رد على مروجي هذه الادعاءات، فإن سجله في منفاه القسري هو أيضا فيه الرد اليقين على افتراءات هؤلاء المأجورين. ألم يكن بشارة ذلك المناضل المحتفى به في العواصم العربية وصاحب التجديد ونصير المقاومة ومنظرها، والمجدد في بناء تصور حول العروبة الديمقراطية، لكن لماذا تم تناسي هذا الاحتفاء واختفت مسميات التبجيل عند البعض؟ فهولم يغير مواقفه من الصهيونية والمقاومة، ما تغير هو اندلاع الثورات واتساع شعبيته عند جيل الشباب. لقد انحاز إلى الشعوب العربية في ثوراتها في موقف مبدئي مثابر ضد الظلم ومن أجل العدالة.
إن انحيازه للشعب التونسي والمصري والليبي واليمني في ثوراتهم، جمعت ضده أزلام الاستبداد والفساد والرجعية، ومع انحيازه للشعب السوري في ثورته، أضيفت إلى جوقة الاستبداد جوقة استبداد أخرى. لكنها تتميز عن الأولى بادعائها الوقوف ضد إسرائيل. ولكن الثورة السورية أثبتت أداتية قضية فلسطين بالنسبة لهم. فالعميل يصبح وطنيا إذا وقف مع النظام السوري، والوطني يصبح عميلا إذا وقف مع الشعب السوري. وهذا يعني أن البوصلة ليست فلسطين بل النظام السوري، وربما الطائفية؛ أما بوصلة عزمي بشارة فهي العدالة والحرية وفلسطين والعروبة، ولهذا يقف مع الشعوب ضد الظلم ومع مقاومة الاحتلال وضد هيمنة التحالف الأمريكي-الصهيوني في الوقت ذاته. لقد تأسست رؤيته أسوة بالعديد من المفكرين العرب الجادين على أن الانعتاق من التبعية لقوى الاستعمار وفي مقدمتها الاستعمار الصهيوني على توفر شرط إنهاء الاستبداد الداخلي وإعادة الاعتبار للإنسان العربي.
وهنا تكمن سخرية الأقدار، إذ أن للاستبداد والفساد مئات الأسماء وآلاف الوجوه والتعابير، لكن له جوهر واحد يرفض حرية الشعوب ومنحها حقوقها، فضلا عن انتقائية تأييد الثورات، فهم يؤيدون ثورة عندما تفيد مصالحهم، ويعارضون ثورة اخرى لها نفس الأسباب لكنها تقف ضد مصالحهم، هذا هو حال المحاور في المنطقة. فهم لا ينطلقون من موقف مبدئي، وإنما من موقف مصلحي، وأحيانا طائفي فعلا. وكما هي الحال بالنسبة للقضية الفلسطينية، والتي كانت في أغلب المراحل، ورقة للمتاجرة والمزايدة، والتنافس بين الأنظمة العربية وصراعاتها البينية، فإن فلسطين بالنسبة لهم مجرد شعار يرفعونه متى يريدون ومتى يتناسب مع مصالحهم. ثم ما يلبث أن يختفي عندما لا يكون هنالك مصلحة فيه.
إن الذهاب بالتفصيل لافتراءاتهم، على رفيقنا في المنفى قد يثير الضحك، فبين الفينة والأخرى يعودون للحديث عن تسجيل من برنامج “في العمق”، يظهر بشارة مع مقدم البرنامج علي الظفيري خارج البث، وهما ينسقان سير الحلقة ومواضيعها بشكل طبيعي واعتيادي في أي برنامج حواري لاستغلال وقت البرنامج على أفضل وجه، وأخذوا من كلمة الظفيري “أردنا أن نبيض وجه المؤسسة” تهمة جاهزة للقول إن سير الحلقة له أهداف خفية رغم أن العبارة، التي قيلت على سبيل الدعابة، كانت إيجابية في المعاني والدلالات، ومن لا يعرف أصل الحكاية (وقد عرفت منه ذلك آنذاك بعد سؤالي له عما حدث) نقول له إن عزمي بشارة وقف في تلك الحلقة إلى جانب ثورة شعب البحرين، ولم يميز بين ثورة وأخرى كالأدعياء أتباع السعودية وإيران، كما أنه وقف إلى جانب مطالب الشعب السوري بصراحة وجرأة في ذلك البرنامج، حين كانت الجزيرة تنأى بنفسها عن هذا الخيار خلال أول شهرين من الثورة. ولهذا قال له الظفيري هذه العبارة الدارجية “يبيض الوجه” قاصدا المديح لأن موقفا مؤيدا لمطالب الشعب البحريني ومطالب الشعب السوري قد سُمع في هذه المؤسسة الإعلامية لأول مرة منذ إندلاع الثورة. هل ثمة أسخف، وأكثر إفلاسا ممن يعتبر تسجيلا لكلام عادي خارج البث موضوعا أصلا؟
هاجمت السعودية وقتها بشارة لأنه ايد مطالب شعب البحرين، كما ثارت عليه ثائرة أبواق نظام بشار الأسد لأنه قال “لا داعي للحديث عن الأردن” لناحية أولويات البرنامج المخصص للثورات. وكثف حديثه عن سورية لأنها كانت المستجد الذي خصص له البرنامج، وفي تحليله يقول إنه لم يكن بالأساس ولغاية اليوم “نذر ثورة حقيقية في الأردن” ولو حدثت لأيدها، ويقول أيضًا إنه ليس في موقع محرض سياسي يستخدم الإعلام منبرا لتسيير الثورات والتأليب عليها، بل “مثقفا وداعيةً للإصلاح والديمقراطية وهذا نهجي طوال الوقت في كل بلد في الأردن وسورية ومصر والسعودية، وفي كل بلد عربي”.
إن انحياز بشارة لمطالب الشعب السوري لا ينفي ما كان ولا يزال يردده بأن انحيازه الأول دائما إلى الإصلاح التدريجي والجدي، وإن أخذ بعض الوقت، أفضل من الانخراط في ثورة باهظة التكاليف إنسانيا، وغير مأمونة العواقب في مجتمعات متنوعة ولم تؤسس لهويات وطنية جامعة وحديثة. وأذكر أنه عبر عن هذه الرغبة في نقاشنا المطوّل عن ذلك في الأسابيع الأولى للثورة، وقلت له إن الكثيرين من الناس يسألونني عن صمتك إزاء ما يجري في سوريا، مقارنة مع موقفك الداعم لثورتي تونس ومصر منذ اليوم الأول. وقلت له إنني شخصيًا شاركت قبل اندلاع الثورة بأسبوعين في محاضرة في مجدل شمس (الجولان السوري المحتل) وقلت فيها إن الثورة ستندلع في سوريا تأثرًا بثورتي تونس ومصر إذا لم يسرع الرئيس بشار بالبدء في تنفيذ الإصلاح، ووجدنا أنفسنا بالصدفة متفقين أنه رغم توقعنا بحدوث ثورة في سوريا أيضاً ألا أننا لم نكن نرغب بحصولها وأن يحصل إصلاح تدريجي فيها وقبل أن تبدأ الثورة، ولكن الرئيس السوري استبعد حصول أي ثورة، وكان لهذه القراءة ولا زالت، عواقب كارثية على البلد والمنطقة. وأمنياتنا هو أن تخرج سوريا من حالتها الراهنة الكارثية وتبدأ مسيرة البناء الشاقة والطويلة.
فهل مفكر ينحاز إلى الإصلاح أولا، هو مروج لـ “الفوضى الخلاقة” كما تدعي مجلة المجلة، أم اولئك الذين يقتلون شعوبهم وشعوب غيرهم بكافة الأسلحة أو يدججون متطرفين بالسلاح وأدوات الدمار ويرسلونهم إلى سوريا وفي كل أصقاع الارض هم أصحاب ورواد الفوضى الخلاقة! أولئك الذين يعتمدون في افكارهم على إقصاء الآخر بحجة أنهم أصحاب الحقيقة المطلقة.
وترى هذه المجلة أن عزمي بشارة لا يؤمن بالحدود الوطنية، وينكرون عليه عروبته وإيمانه بالوحدة العربية، عندما تكون عروبيا تصبح جريمة، لأنه في عرف النظام السعودي تكون الحدود المغلقة والفكر العنصري الإقصائي أساسا للمواطنة الصالحة والاستقرار، وهو بطبيعة الحال نهج تمسك به النظام السعودي منذ نشأة المملكة بالوقوف ضد كل محاولات الوحدة العربية ونهضة الأمة، معتبرة أن قيمها المغلقة هي أساس التقدم! لقد كتب عزمي بشارة كتاب المسألة العربية في منفاه، مؤكدا على دور الدولة الوطنية، وضرورة صنع الديمقراطية فيها وعدم انتظار الوحدة العربية، ولكنه أكد على دور الهوية العربية في وحدة الدولة الوطنية ذاتها. وكل ما يجري يثبت صحة أقواله. ولكن هل يقرأ أبواق الأجهزة السعودية المأجورون كتب عزمي بشارة؟
ويحق لنا أن نتساءل عن الأطراف الأخرى، هل بشارة هو الذي غير مواقفه من إسرائيل أم أولئك الذين تركوا ساحات المواجهة الحقيقية، وانخرطوا في صراع دموي، وسفكوا دماء شعبهم بزعم الرد على المؤامرة الكبرى.
مشروع فكري متجد
إن بشارة المناضل والسياسي لا يقل أهمية عن كونه المفكر العربي صاحب الرؤية التنويرية، ولقد أودع بشارة المكتبات العربية صنوفا من الأعمال الفكرية والأكاديمية وحتى الأدبية وهو المفكر المجدد، فمن المجتمع المدني، إلى الانتفاضة والمجتمع الإسرائيلي، و”عرب إسرائيل: رؤية من الداخل” ورائعة “طروحات النهضة المعاقة” التي بشرت بالحاجة إلى نهضة جديدة، وإلى “من يهودية الدولة حتى شارون”، وصولا إلى “في المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي، وشروحاتها في “أن تكون عربيا في أيامنا”، استطاع هذا المفكر الحقيقي أن يؤسس نظرية نقدية للمجتمع العربي ورؤية استشرافية لمستقبل ديمقراطي عربي، أرفدها بمئات المقالات العلمية في مختلف مجالات الفلسفة وعلم الاجتماع والسياسة والنضال الواعي من أجل قضية فلسطين والعروبة.
ولما حط في منفاه القسري، وإن أوقف نشاطه السياسي نهائيا، فقد واصل عطاءه الفكري والمؤسسي والنضالي، بتأسيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تلك المؤسسة التي أصبحت وخلال زمن قياسي بمثابة واحة لملايين الأكاديميين والمفكرين والمثقفين العرب وبالذات الشباب، وفي حين كان خصومه يواصلون أكاذيبهم ضده، كان هو يواصل إنتاجه الفكري بتأليف عدة كتب، كانت بمثابة عناوين معرفية للحاضر والمستقبل، من “الثورة والقابلية للثورة” إلى “الثورة التونسية المجيدة”، و”ثلاثية الدين والعلمانية”، و”سورية درب الآلام نحو الحرية”، وغيرها من الأبحاث عن الفكر والعدالة والوعي والهوية والانتماء، ويكفي أنه في اقل من عامين استطاع هذا المركز أن يصدر اكثر من ثمانين كتابا وثلاث مجلات علمية دورية، هي “عمران” و”تبين” و”سياسات عربية”، وما أعرفه أن هذا المركز يتمتع باستقلالية أكاديمية تامة.
لقد أعاد بشارة الاعتبار للمعرفة والفكر العربيين وباعتقادي مدّ طوق النجاة لمئات المثقفين العرب، وأسس لمشروعين متفردين، معجم تاريخ اللغة العربية، ومعهد الدوحة لدراسات الاجتماعية والإنسانية، وجائزتي الفكر العربي في موضوعي العلوم الاجتماعية والإنسانية الأضخم على مستوى الوطن العربي، والمؤتمر السنوي لمراكز الأبحاث. ومن الجلي في أنه حين قرر بشارة التفرغ للعمل الفكري والعلمي في منفاه كان مؤسّسا كما كان في مسقط رأسه.
وضمن هذا الاشتغال الأكاديمي المميز لم ينقطع بشارة عن هموم العرب وفلسطين وظل مواكبا على متابعة تفاصيل القضية الفلسطينية وهمومها وشؤون العرب، مدافعا صلبا ضد كل شعارات التضليل والنفاق السياسي الذي جر على العرب ويلات وهزائم ماثلة للعيان
ويأخذ هؤلاء المُتجرئون على بشارة بأنه ترك العمل السياسي، أليس هذا من حقه في ظروف منفاه القسري، وهل يتدخل اللاجئون السياسيون في الغرب على سبيل المثال في سياسات بلدان اللجوء؟، أم أن المطلوب من بشارة أن يكسر جميع القواعد المتعارف عليها حتى يتم تبجيله من وسائل إعلام أثبتت هامشيتها، وأنها تتحرك وفق أجندات معروفة وممولة من دول معروفة. المضحك أن هؤلاء أنفسهم الذين يأخذون عليه تركه العمل السياسي، يفاجئوننا بانتقاده بالادعاء أنه ينفذ سياسات دولة قطر، ولعل هذا الافتراء لا يقل سذاجة عن سابقه، فكيف لشخص -مثل ما فعل بشارة- قد عبّر صراحة من خلال قناة الجزيرة عن اختلافه مع سياسات قطرية، يمكن أن يقال عنه أنه ينفذ سياساتها.
وفي المقابل تكرر الأبواق الإعلامية المحسوبة على السعودية، أن عزمي بشارة مفكر الدوحة، وتارة أخرى مستشارا للديوان الاميري، وفي الأولى دليل على جهلهم وقلة فهمهم للفكر الذي للعرب أجمعين، وفي الثانية افتراء ليس بصحيح، فإن عزمي بشارة ليس ذلك الشخص الذي يكرس نفسه لخدمة سلطة أو نظام وهو الذي يتمتع بصفة القيادة والريادة والتاريخ والحاضر يثبتان ذلك.
ومن المهم التذكير بأن بشارة، وعلى الرغم من استضافته بقطر لم يقم ولا مرة بمدحها أو الترويج لسياساتها، وفي واقع الأمر إن من قام بالترويج للدولة القطرية وكيل المديح لها ولحكامها، وعلى مدار أعوام، حتى حين كان فيها مكتب تمثيل إسرائيلي، هم أولئك الذين يقومون بشيطنتها الآن ويصمتون عن دولة فيها مكتب إسرائيلي وسفارة حتى إذا كانت معهم ضد الشعوب.
لا يعيب عزمي بشارة أو مواطن عربي أن يعيش في بلد عربي، إلا إذا كان هؤلاء يعتقدون أن جميع المثقفين العرب يجب أن يعيشوا في المنافي البعيدة، أو أنهم يفضلون أميركا مثلا! وهو يقول في أحاديث خاصة ربما يصح أن يُنتقد عزمي بشارة لأنه لم يوجه حتى كلمة شكر لقطر، وهي تستحق الشكر على استضافتها له وإسرائيل تلاحقه حين جبن آخرون، ومكنته من تحقيق أحلامه بدعم البحث الأكاديمي العربي، وكل هذا دون أن تتدخل بما يقوم به، أو تفرض عليه أي شروط. وهذا ما أعرفه من عمل المركز ومنه شخصيا. وهو يتساءل هل هذا ممكن في السعودية وسورية؟ لقد حلم بشارة بنقل مركز الأبحاث إلى مصر، فهل تتحمل مصر حاليا مركز أبحاث أكاديميا حرا ومستقلا؟ ويتساءل هل يجب أن نذم دولة على إتاحتها العمل الأكاديمي والفكري المستقل ودعمه، أم يجب أن نقول كلمة حق بحقها؟ ولكن هل يهم كل هذا أصلا من يخدم جهازا أمنيا عربيا بقلمه؟ هؤلاء الآن ضالعون في ثورة مضادة لا يهمها أن تحرق الأخضر واليابس.
كلمة للتاريخ
قد تتفق مع أفكار وتحليلات ومواقف عزمي بشارة أو تختلف معها، لكنه سيظل الظاهرة الأهم في الوطن العربي المعاصر لناحية الجمع بين المشروع الفكري والثقافي والسياسي، والصوت الذي تعلقت به أفئدة ملايين الشباب العربي، ليس ذلك من باب التملق والتزلف، فالرجل ظل ملتزما بالفكر الجاد والبحث الدؤوب عن كل جديد، وتأسيس معرفة تجدد العقل العربي.
إن عدم الرد حتى على ترهات وافتراءات، وإن كانت سخيفة ولا تستحق، يصبح بمثابة القبول بها من ناحية. كما أن الترويج لمثل هذه الافتراءات واستهداف عزمي بشارة بها، هو في جوهره تهجم على مشروعنا النضالي والسياسي ومحاولة للنيل منا نحن العرب السكان الأصليين لفلسطين، والدليل الأخير على أن فلسطين كانت دوما بلادا ومجتمعا عربيا. ولا نستطيع أن نرى أن توزيع هذه الاتهامات إلا بمثابة جزء من المعركة على عروبتنا بل ووجداننا وهو يرتقي لأن يكون موازيًا للهجمات الصهيونية التي تهدف النيل منا ومن نضالنا وتحويلنا إلى مجموعة بشرية هامشية دون هوية ودون محتوى. ويعزز ذلك أن أقطابا ومحاور متنافرة ممولة من دول متناقضة سياسيا في المنطقة العربية والشرق الاوسط يجمعون على الافتراء على بشارة. هل هذا مصادفة أم أن أفكاره تقلقهم إلى هذه الدرجة. كنا نتمنى أن يخوض هؤلاء نقاشًا حقيقيًا مع أفكار بشارة احترامًا للعقل وخدمة للمواطن العربي، وإسهامًا في بلورة مشروع عربي نهضوي يحقق الحرية للفرد العربي والوحدة والاستقلال للوطن العربي. ويحقق الحرية لفلسطين وشعبها قضية العرب الأولى.
لقد استوجب الرد هنا، لأنه لم يعد ممكنا السكوت على هذه الافتراءات اطلاقا، وذلك تبيانا للحقائق أمام الجميع، وإخراس كل هذه الأصوات المتاجرة بفلسطين طيلة سبعة عقود خلت، والتي لا يوحدها سوى الاستئثار بالسلطة وقمع شعوبها.