تنقل”كلنا شركاء ” حقيقة ماحدث في بلدة صدد على لسان أحد أبنائها وهو نفس السيناريو الذي لعبه النظام السوري في بلدة معلولا ما حصل في صدد روجيه البارودي – صدد بمقارنة بسيطة بين مكاسب النظام ومكاسب من احتل بلدة صدد لمدة ثمانية أيام، نستنتج وبكل بساطة أن النظام هو الرابح الأكبر من هذه المعركة الغبية، والتي أدار دفتها النظام بذكاء ودهاء ملحوظين. وبعكس ما أعلن المحللون الفطاحل على شاشة العربية، فإن صدد ليست نقطة استراتيجية، ولا هي عسكرية، فهي تبعد عن مستودعات الذخيرة في مهين مسافة 13 كم، ويمكن إيجاد العديد من الطرق الفرعية الواصلة بين القريتين وطريق الشام أو ألوية الناصرية، إذا ما أردنا تفنيد حجة الوصول إلى الغوطة الشرقية. ما حصل في صدد لا يترك مجالاً للشك بأن النظام ترك جبهة النصرة تحتل صدد عن قصد، وبكل صراحة، بتنسيق تام بين جبهة النصرة والنظام. لم تدخل جبهة النصرة إلى صدد في اليوم الأول، بل دخلها لواء درع الإسلام الساعة السادسة إلا ربع صباحاً، وسيطر على كامل البلدة الساعة السادسة والربع!! نصف ساعة فقط كانت كافية ليتخلى النظام عن صدد. دخل درع الإسلام بقصد تحرير موقع، وطريق استراتيجية، ورفد للقوات في مهين وحوارين (وهو طعم شربه الثوار للأسف على يد جبهة النصرة)، وأعلن لكل سكان صدد، أنه لا يقصد أذيتهم، ولا علاقة له بنمط حياتهم أو لباسهم، وأننا أخوة إسلام ومسيحية، كما بثت الناشطون أكثر من فيديو,،كما أنه لم يمس أي شيء من ممتلكات البلدة أو كنائسها أو ناسها. في اليوم الثاني دخلت جبهة النصرة (فرع النظام) بعدة آلاف من مقاتليها، بجلاليبها الباكستانية، وأعلامها السوداء، وتكبيراتها المستفزة في قرية تضم أربعة عشر كنيسة، وقامت بنهب كل المحلات التجارية والصيدليات والمشفى الأهلي والمؤسسات الحكومية والمدارس، وسلبت كل سيارات المواطنيين، أو قامت بحرقها وتكسيرها, مما أثار الرعب في قلوب المواطنين العزل، ودفعهم إلى النزوح بأرواحهم فقط، تاركين وراءهم حصاد العمر المتبقي من النزوح الأول من حمص وحلب وغيرها. ترك النظام جبهة النصرة لمدة يومين تعيث فساداً وخراباً ونهباً وسلباً في صدد، (بالمناسبة شربوا معظم زجاجات الويسكي والعرق في البيوت التي دخلوها ونهبوها)، ثم أعلن دخول قواته إلى صدد مع العديد من مليشيات حزب الله وقناصته! وهنا نطرح السؤال التالي: لماذا لم تدخل جبهة النصرة إلى الحي الشمالي من صدد؟ وهو الحي الواقع من جهة طريق حمص والقرى الموالية للنظام؟ رغم عدم وجود قوات النظام في الحي، ولا في مدخل البلدة الشمالي في الأيام الأولى للغزو! لقد تمركزت الجبهة في الأحياء الشرقية والجنوبية والغربية، فاسحة المجال للنظام ليحشد في الحي الشمالي! ما هذا؟ غباء عسكري أم اتفاق مسبق ومرسوم بدقة بينهم وبين النظام للأماكن التي سيدخلون إليها؟ بعد دخول النظام، وعلى مدى ستة ايام، لم يحصل سوى اشتباك واحد فقط بين الطرفين، ولمدة قصيرة! وكل ما حصل هو قصف بمدفعية وطيران النظام على الأحياء التي تمترس بها المسلحون، وبعشوائية غريبة استهدفت المنازل والسكان العزل، الذين لم يتمكنوا من مغادرة منازلهم! وهذا ما أدى إلى ارتفاع عدد ضحايا المدنيين الأبرياء. مالذي حصل حتى تتحرر صدد فجأة، وتنسحب جبهة النصرة من صدد؟ انتشر خبر قبل يوم من الانسحاب بين أهالي صدد، بأنهم سيتمكنون من العودة إلى منازلهم غداً! وانتشرت شائعة أن مصدر الخبر هي هيئة الإغاثة الدولية! وكيف للهيئة أن تعرف موعد تحرير صدد قبل أن يحصل؟ بكل بساطة أوعز النظام لفرعه في جبهة النصرة أن كفى! أخرجوا من صدد. فاستفاقت صدد في اليوم التالي بلا مسلحين ولا جبهة نصرة! ماحصل في صدد ليس معركة، قصف على المدنيين فقط، ولم تستطع كل أجهزة إعلام النظام تصوير سوى أربع جثث لمسلحين! مع تمثيلية غبية عن عبوات ناسفة مزروعة بلا حرفية تحت نبات الشنان الصحراوي المعروف، وفي بعض حاويات القمامة. مالذي جناه النظام من تمثيلية “غزو” و “تحرير” صدد: 1- الظهور بمظهر حامي الأقليات، ( صدد ومعلولا وغيرها)، وهي الصورة التي يحرص كل الحرص على الظهور بها محلياً ودولياً. 2- إيجاد ذريعة لتحويل صدد إلى نقطة عسكرية قوية واحتلالها من قبل قوات النظام، وهذا يعني تحويلها إلى خط الدفاع الأول عن القرى الموالية في الريف الشرقي، وهو ما يمثل عقوبة لصدد، لأنها رفضت أن تحمل السلاح إلى جانب النظام. أما الآن فقد بدأت تتنامى الدعوة للتسلح والعمل في اللجان الشعبية ضمن صفوف الشباب الجاهل المتحمس للدفاع عن القرية في حال حصول غزو آخر، وهو هدف فشل النظام في تحقيقه، فجاءت النصرة لتحققه بكل بساطة. 3- فرصة حقيقية لتدمير بلدة مهين بشكل شبه كامل، وتهجير سكانها الذين شكلوا حاضنة شعبية للثورة منذ بدايتها في المنطقة، وإبعاد أي خطر عن مستودعات الذخيرة في جبل مهين، وهي فرصة استغلها التظام إلى أبعد الحدود، وبمختلف أنواع الأسلحة، ليس أقلها سلاح الطيران. 4-الإساءة إلى سمعة الجيش الحر، وتوجيه ضربة للمعارضين من الطائفة المسيحية وإحراجهم، عن طريق سلب ونهب واستباحة صدد من قبل جبهة النصرة (فرع النظام)، لأن المواطن قد يتساهل في سرقة أكل أو دواء للجيش الحر، ولكن ما حاجة جبهة النصرة إلى البرادات والغسالات والتلفزيونات والسيارات السياحية، حتى التي لم تستطع أخذها وسرقتها حطمتها وحرقتها وهي واقفة أمام عيون أصحابها! 5-التمهيد لسيناريو محتمل قادم، ومحاولة إعادة رسم جغرافية المنطقة، خاصة وأن تمثيلية صدد تزامنت مع رغبة روسيا المعلنة بتجنيس وتوطين المسيحيين، (وخاصة الأرثوذوكس) على أراضيها، ومعروف أن صدد عاصمة السريان الأرثوذوكس في سوريا. 6- رفع معنويات قوات النظام وشبيحته عن طريق نصر وهمي على صديق لدود، رعرعته السلطة، وتعهدته من سنوات، وترفع اليوم يافطة محاربة الإرهاب المقبولة دولياً. 7- فتح منطقة جديدة للشبيحة ليتم سرقة ما غلا ثمنه وخف وزنه، وهو ما حصل في معظم بيوت صدد، وإلا كيف تفسر نبش وسرقة منازل الحي الشمالي، الذي لم تدخل إليه قوات الهمج من جبهة النصرة؟ من الذي سرقها إذن؟ إنهم شبيحة الشعيرات والرقامة والمضابع وبعض من قوات الجيش بكل بساطة. بعد كل ما تقدم نستنتج أن الرابح الأكبر من هذه المعركة الغبية هو النظام، الذي قدم صدد لجبهة النصرة على طبق من فضة، ومن ثم أوعز لها بأن تنسحب، بعد أن حققت له كل ما يصبو إليه من خلط للأوراق، دون أي اعتبار لعدد الضحايا أو الخسائر المادية التي نكبت بها صدد، والتي تقدر بأكثر من مليار ليرة سورية.