دفاعاً عن العاهرات و في هجاء النظام

بقلم:حمزة رستناوي

من أكثر الأوصاف المُستفزَّة  تشبيه النظام الاسدي بالعاهرة , فهو تشبيه لا يناسب الحال السياسي و الاجتماعي …لا بل و حتى الحال اللغوي  .

*

العاهرة امرأة تمتهن ممارسة الجنس مع الرجال الذين يرغبون بذلك بمحض اختيارهم , بمقابل ماديّ أو ما شابه ذلك , فالذين يرغبون بهنّ يبحثون عنهنّ , و لا تجبر العاهراتُ أحدا على ممارسة الجنس و المتعة  بالقسر و الاكراه,

على النقيض من النظام الاسدي فهو سلطة استبداد قائمة أساسا على الاكراه و القسر , و يتجاوز في ضرره الفرد إلى مجتمع… لا بل شعب بأكمله.

*

العاهرة تمنح الزبون متعةً يطلبها بغض النظر عن موقفنا من هذا السلوك , أما النظام الاسدي فيجرِّدهم من آدميّتهم عداكَ عن متع الدنيا و مباهجها ؟!

*

العاهرة في الحقيقة الأمر ضحيَّة للمجتمع ,  و إحدى نتائج فساده , فقلَّةٌ من النساء تختار هذه السلوك و المهنة عن قناعة و رغبة , فالعاهرة  في الغالب امرأة لم تحظى برعاية أسرية مناسبة  و لم تحظى بتعليم , و قد أجبرها الفقر و الحاجة الى هذا السبيل , أو أنها تعرض لاعتداءات جنسية عليها في الطفولة من أقاربها أو أنها كانت ضحية لعصابات الاتجار بالبشر…الخ

أما النظام الاسدي فهو متسلّط و مُفسد للناس و المجتمع , شرير , هو عصابة بالمعنى القريب للكلمة , عصابة تحكمها مصالح و امتيازات يرتكب افرادها جرائمهم عن سبق اصرار و تخطيط و مكر , بغية الحفاظ على هذه المغانم و الامتيازات.

*

العاهرة كما ذكرنا ضحية للمجتمع أما النظام الاسدي فضحيَّتُهُ المجتمع.

*

التشبيه قاطرة تصل الادنى بالأعلى ,  نقول هو كريم لكأنه حاتم الطائي مثلا , عيناها صافيتان كالسماء…الخ

و لكن تشبيه النظام الاسدي بالعاهرة يقلب القاعدة الاساسية في التشبيه رأسا على عقب .

*

النظام الاسدي مسئول عن تحويل قطاعات كبيرة من النساء السوريات إلى عاهرات بالمعنى الحقيقي للكلمة , من خلال تحويلهنَّ الى لاجئات و مشردات ِ من دون معيل  في دول الجوار , و كذلك عبر حرمان ملايين السوريين من متطلبات العيش الادمي من مسكن و صحة و تعليم …الخ  مما يجعلهمْ ضحية للابتزاز و الاستغلال بما فيه الاستغلال الجنسي من قبل ضعيفي النفوس و عصابات الاتجار بالبشر.

*

لم يكتف النظام السوري بتحويل جزء من السوريات الى عاهرات او من في حكمهنَّ , و لكنه راح يزاود عليهنّ , و يسعى لتشويه سمعة السوريات ” من الفئوية السنّية ” بتأليف أكذوبة جهاد النكاح  و نشرها …

*

ماذا نقول عن نظام يختطف  بنت عمرها  16 سنة ” روان قداح ” ليجبر والدها على تسليم نفسه – و هي ممارسة متكررة لدى النظام –  ثم يستمر في اعتقالها لتخرج على شاشة احدى تلفيزيونات النظام ” الاخبارية السورية ” و تدلي باعترافات متلفزة تحت الاكراه ,  تقول ان ابوها قد قام باغتصابها و انه كان يجبرها على ممارسة الجنس مع زملاءه و اشخاص اجانب مقابل المال و الثواب ؟!

أليس من الظلم وصف هذا النظام و تشبيهه بالعاهرة  المسالمة الوديعة ؟!

أو  ماذا نقول عن نظام يعتقل الاطفال في مظاهرات سلمية , و يقوم بتعذيبهم و التمثيل بجثثهم وبتر أعضائهم ,  فوق ذلك يدّعي انهم  ”شهيد الزب ” وفق وصف اعلام شبيحتة  و ابواق  النظام كما في حالة الطفل الشهيد حمزة الخطيب ؟!

إنّه الشيطان مجسّدا في بشر ؟!

*

هل سمعتم عن عاهرة عبر التاريخ قتلت ما يزيد عن مئة ألف من أبناء أمتها و شعبها ؟!

هل سمعتم عن عاهرة اعتقلت مئات الآلاف من أبناء أمتها , قضي منهم بضع ألاف  تحت التعذيب ؟!                                                                          هل سمعتم عن عاهرة لديها ترسانة أسلحة كيماوية أو صواريه بالستية ؟!                ربما نتخيل عاهرة لديها سكين أو مسدس ..و في حالات نادرة سلاح فردي يسهل اخفاؤه لا أكثر ؟!

*

الرئيس الذي  يقتل شعبه لا يحق له الحديث عن الشرف  ” خائن اللي بيقتل شعبو ” , و الذي يشرِّد شعبه كذلك  و يقصفه بالبراميل المتفجرة و السكود و الكيماوي … ..و كذلك من يطلقون النار على المتظاهرين , و كذلك من يسطو على المال العام , و من يحتال على الناس و يؤذيهم باسم المبادئ  كذلك هو انسان بلا شرف.

*

الذين يقتلون أرحامهم من النساء عقب خروجهنّ من معتقلات النظام الاسدي لكونهنّ فقدن عذريتهنّ نتيجة التعذيب , أو أصبحن حوامل بسبب الاعتداء عليهن في المعتقلات  الأسدية , لا يقلُّون خسّة و نذالة  عن النظام الاسدي , فهم يعاقبون الضحية بدلا من الوقوف معها و اعادة تأهيلها و دعمها نفسيا.

*

في الخطاب الاعلامي للنظام الاسدي و للأسف قطاعات كبيرة من الثائرين ضده ,  تتحول المرأة و الشرف الجنسي و القضية الفلسطينية إلى مجرد موضوع للصراع و الهجاء المتبادل….مجرد موضوع في معركة…ربّما ليس أكثر !!

*

في الثقافة العربية الاسلامية السائدة ارتبط مفهوم الشرف و العهر الى حدّ كبير بالجنس و المرأة حصرا , و لكنّ ما يجري في سوريا حالياً يتطلبُ منا اعادة النظر    في ذلك , و التأسيس لثقافة جديدة تنظر الى الانسان و المجتمع من زاوية أوسع و أكثر انسانية و رحمة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *