الوضع السوري يتبلور كما هو متوقع , فبعد ان اتحد الجميع ضد الأسد , وحقق الجميع انتصارات عسكرية وسياسية واضحة , بدأ التغير يظهر في معالم الثورة وسياساتها , فالى جانب العمل على ازالةالسلطة , بدأ الفرز في صفوف الثوار ,وأول الجهات التي تجري تصفيتها هي الجهة الأكثر ابتعادا عن الوسط , النصرة بتطرفها ابتعدت عن الواقع وعن الوسطية , لذا فانها مرشحة للتصفية , وقد باشر الجيش الحرفعلا في عملية اعادة الثورة الى سوريتها عن طريق ازاحة النصرة وأتباعها من الأجانب ,.
لاشك في أن أي ثورة تأخذ مايقدم لها من دعم من أي جهة كانت , وتقديم الدعم السعودي على سبيل المثال لايعني على أن الثورة الثورة أصبحت وهابية , وعلى هذا المنوال يمكن القول على أن الثورة لم تصبح أمريكية أو فرنسية أو قطرية , وذلك بالرغم من وجود ملامح لكافة التأثيرات التي تتعرض لها الثورة السورية , وفي هذا السياق لاتختلف الثورة السورية عن بقية الثورات في العالم ,حتى أن التنكر لتسميتها ثورة لايختلف عن التنكر لباقي ثورات العالم , وتوصيف أعداء الثورة أو معارضيها بأنها عصيان أو مجموعة من المجرمين أو حركة رجعية … الخ ,كل ذلك مألوف , ولم تأت الثورة ولا الجهة التي تثور عليها بجديد .
الطريق الذي يجب أن تسلكه الثورة معروف نسبيا , وكل جهة لها مصلحة بمسار معين , هناك من يرى الثورة وقد فشلت , وليس أصعب من تصور ذلك , خاصة ليس أصعب من تصور الأسد رئيسا للجمهورية بعد القاء السلاح من قبل الثوار ..هناك الدم الذي سال أنهارا والتخريب والطيران والقذف والقنابل والتدمير ,ومواجهة الأسد للشعب الذي مات تحت الأنقاض أو من الجوع صعبة وتكاد أن تكون مستحيلة بالنسبة لأشخاص بخواص اخلاقية انسانية لايتمتع الأسد بها ,الا أن الأسد هو شخص يفتقر التاريخ لأمثاله والأمثلة من التاريخ حول وضع مشابه نادرة جدا ..لربما الثورة الاسبانية والحرب الأهلية الاسبانية التي انتهت بانتصار فرانكو .
الامكانية الأكثر توقعا للتبلور هي امكانية سقوط الأسد , أو امكانية تطبيق مقررات جينيف 2 , التطبيق يعني سقوط الأسد للمرة المئة , فقد سقط الأسد عندما أسقط فساد الأسد القانون , الأسد سقط عندما قتل الأسد أول انسان سوري ,أو تسبب في قتل انسان سوري , الاسد سقط عندما هرب رئيس وزرائه وعندما ادانته الجمعية العامة للأمم المتحدة , وعندما ادرج اسمه على قائمة الممونوعين من دخول أكثر من خمسين دولة …كل هذا السقوط لايعتبر حسب منطقه ومنطق أتباعه من المرتزقة الا نصرا وكلما ازداد الأسد فسادا وضراوة وتقتيلا ارتفعت مكانته في أعين المرتزقة , لأن مايضمن المزيد من الارتزاق هو المزيد من الأسد .
تغير الأوضاع الى حالة سوريا “الجديدة ” بدون الأسد هو أمر حتمي , لقد حكم على شخصه بالموت سياسيا , ولا علاقة لذلك بكونه على خطأ أو صواب , ولا علاقة لذلك بكون الخلف شبيها له , الا أنه لايمكن له أن يكون أسوء منه , ومن حكم على الأسد بالموت سياسيا قادر على تنفيذ هذا الحكم , والمستقبل القريب سيبرهن عن ان ايران ليست ضمانا لأحد وكذلك روسيا , , وفي سوريا الجديدة بدون شخص الأسد سوف لن تكون هناك انتخابات مباشرة تحت اشراف اذيال الأسد في في جميع اجهزة الدولة , وأول مهمات الحكومة الانتقالية ستكون المباشرة باجتثاث البعث من الادارات , لأن وجودهم لايسمح بانتخابات حرة حتى تحت اشراف مكثف للأمم المتحدة .
الأسد يريدانتخابات عام 2014 ويريد ترشيح نفسه ويريد ممارسة التزوير كما فعل لحد الآن مرارا , سوف لن يتم له ذلك , والأسد يرفض ادراك نهايته في سوريا , وقد يلجأ بناء على ذلك الى حل الدويلة العلوية , وحتى هذا الحل سوف لن يغير الا عدد القتلى من الطائفة العلوية , حيث سيزداد هذا العدد بشكل شاقولي , وهل يتوقع أحد أن تقبل سوريا الجديدة المنتصرة على الأسد تفتيت نفسها الى دويلات ؟ ومن أين ستأتي الدولة العلوية بالشرعية ,التي لايملكها على الأرض السورية الا حكومة سورية بقرار دولي أو بنصر عسكري …سيكون من الصعب على بشار حافظ الأسد أن يستريح في القرداحة, وسيكون من الصعب على سوريا الجديدة أن تستريح مع الأسد المستريح في القرداحة ,النهاية قريبة حتى ولو تأخرت