تفاعل وتداخل وتدخل

سأختار شعبي

سأختار أفراد شعبى ،

سأختاركم واحدا واحدا من سلالة

أمى ومن مذهبى،

سأختاركم كى تكونوا جديرين بى

إذن أوقفوا الآن تصفيقم كى تكونوا

جديرين بى وبحبى

محمود درويش

العالم  اليوم أكثر  انفتاحا  من الماضي  , حتى أنه يمكن المبالغة والقول , ان العالم أصبح بمثابة قرية صغيرة , ومن يدعي انه يمكن لدولة أو شعب  أن يكون مستقلا عن بقية العالم , عليه الاضطلاع على حجم  التبادلات بين دول العالم  , وعليه  التمعن في عدد  ركاب الطائرات  , الذين يجولون  العالم  من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب , بكلمة مختصرة  تفاعل دولة مع أخرى  أو شعب مع آخر , أوبصياغة سلبية ..تدخل دولة بأخرى  أو شعب بآخر , هو واقع  لايمكن  ازالته , وهذا الواقع  لايسمح بتحميل بعض المفردات والعبارات  مثل عبارة  السيادة الوطنية أو القومية  أو عبارة القرار الوطني مضامين ليس بمقدور هذه المفردات حملها ,لاتوجد قرارات دون تداخلات , وكل قرار تتخذه حكومة ديموقراطية  هو  قرار وطني بامتياز , والقرارات التي تتخذها حكومة غير ديموقراطية  وبالتالي  غير شرعية  قد تكون وطنية  وقد لاتكون .

كل ماينتج في النهاية عن وضع ديمواطي  شرعي هو  وطني , بغض النظر عن التأثيرات المتبادلة مع الغير , ذلك لأن ” صناعة “القرار الوطني  لايمكن أن تتم  الا عن طريق تفاعل وتداخل  أو بالأحرى تدخل من   المحيط العالمي  ,  والحصة الداخلية في الصناعة تختلف من واقعة لأخرى, وتختلف حسب وضع السلطة , نصيب  سلطة تافهة كسلطة الأسد في صناعة القرار تافه  , وذلك لأن السلطة السورية الأسدية  باعت استقلاليتها مقابل بقائها في حضن الفيتو , وعند السؤال  من هو وزير الخارجية ؟ يقال  وزير الخارجية هو لافروف ,   ومن هو رئيس الجمهورية ؟ هو نجاد …وما شأن الأسد ؟ انه مختار حي في دمشق أو القرداحة  ومتخصص بالتقتيل  , انه  يمارس الى جانب المخترة  اعمالا تشبيحية بخبرة  أكبر من خبرة والده المتوفي  .

 تفاعل الخارج مع الداخل  , ان كان بشكل نصيحة أو ضغط أو توسط أو سمسرة أو تهديد أو ترغيب  أو ترهيب , هو  أمر لازم الحياة البشرية منذ بدئها , وسيبقى موجودا لطالما  الانسان موجود .وفي هذا الاطار يمكن تحليل وتقييم الأحداث السورية التي أخذت اتجاهين  بعد عام 1958 وأصبحت ساخنة جدا بعد منتصف عام 2011 ,بعد 1958 كان هناك اتجاه سلطوي نحو مزيد من الديكتاتورية والقهر , واتجاه شعبي  أو رغبة شعبية  ارادت حرية وديموقراطية ومساواة .

الفجوة بين  هذه الاتجاهات  تزايدت  الى أن  انفجرت  منتصف عام 2011,  ومع هذا الانفجار  ومع  اندلاع الحرب الأهلية  ازدادت وتيرة التدخلات  ,  وهذه التدخلات يمكن تقسيمها الى  صنفين أساسيين :

1- تدخل طوعي  من قبل أشخاص وأفراد   أتوا الى سوريا  انطلاقا من ايمانهعم  بقضية معينة .. ولا تخلوا ثورة في العالم من أشباههم ..الثورة الفرنسية ,…الحرب الأهليىة الاسبانية ..حروب جنوب أمريكا  الأهلية وثورات جنوب أمريكا اللاتينية ..الخ

2- تدخل طلبته السلطة  من الغير , كطلبها الحماية من قبل حزب الله  أو طلبها   خبراء من ايران  وجنودا ايرانيين , ثم خبراء روس  ولربما جنود أيضا .

هناك فرق بين الشكلين , الأول شعبي  والآخر سلطوي , وعن  السمو والانحطاط  أجد الشكل الأول أكثر سمو ا من الشكل الثاني المنحط , .

هناك شكل ثاالث من التدخل  , وهو الشكل المادي , لكل من يدعمه ماديا  , وهنا  نجد  بشكل واضح وجود فرق بين  دعم وآخر , فمن يدعم السلطة  هم ملالي ايران  وروسيا  ثم حزب الله  والعراق بعض الشيئ , ومن يدعم الثورة   هم أكثر من مئة دولة في العالم , لذا يمكن القول على أن دعم الثورة   أكثر اخلاقية من دعم السلطة  , خاصة وقد تمت البرهنة عن افلاس السلطة أخلاقيا ,  والبرهنة عن افلاس الثورة اخلاقيا  لايمكن  له أن يتم قبل  تسلم  الثورة للسلطة  في البلاد , نحن نعرف تماما على أن السلطة الأسدية هي من أفسد سلطات العالم , ولا نستطيع تقييم حركة لم تتحول بعد الى سلطة , ولكي  نستطيع القول على أن السلطة في سوريا الجديدة  أسوء من سلطة الأسد يلزمنا نصف قرن من الزمن.

على أي حال  فانه لايمكن تصور سلطة أسوء من السلطة السورية الحالية , اتي تتمثل بطاغية ورث طاغية آخر ..يكفي القاء نظرة سريعة على سوريا وخرابها وقتلاها  وعزلتها وفقرها  وفسادها  وديكتاتوريتها ,..الخ لكي  أقول مهما كان الآتي , سيكون أفضل من الموجود

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *