بقلم :فاتح بيطار
من المنطقي ان يرتكز الانساان في صياغة اهدافه ومآربه واتجاهاته على بنيته الاخلاقية والسباسية والفكرية الذاتيىة , مفتي الجمهورية السيد حسون طالب بالغاء أو سحب الجنسية السورية من أعضاء الائتلاف , وما هي خلفية أو قاعدة المفتي ’ التي دفعته الى هذا المطلب الغريب ,
إنَّ حق جنسية الفرد هو حق انساني لاجدل عليه ولا فيه , وكل انسان له الحق في العيش في الوطن الذي يحمل جنسيته, وهذا الأمر لايمكن وضعه برسم النقاش أو البيع أو الشراء أو المزايدة أو المماطلة أو التسويف أو اختلاق التبريرات لأسباب سياسية أو بسبب تناحرات أو خصومات , ادعاء المقدرة على سحب الجنسية من آخر يتضمن ادعاء بملكية الوطن , وسحب الجنسية هو بمثابة سرقة أو اغتصاب ضخم , وذلك بغض النظر عن الشخص المسروق , ان كان جيدا أو سيئا , ان كان من عشاق الأسد أو من كاريهي الأسد , فالحسون يريد من الأسد أخذ ما لايخصه , وبالتالي يحرض الأسد توسيع دائرة السرقة , لم تكف سرقة المال ,الآن الجنسية! .
اذا كان لايحق لأحد سحب الجنسية , فانه لايحق لحامل الجنسية التخلي عنها , انها جزء عضوي ونفسي وأخلاقي منه , وحتى عند التخلي عن الجنسية شكليا لأغراض التمرد أو الاعتراض على شيئ ما , يبقى السوري سوري وحتى بدون وثيقة تثبت ذلك .
ماطلبه المفتي حسون من السلطة ليس أقل من تحريض على تشويه انسانية انسان , وليس الا دعوة لهدم مابقي من المواطنية , السوري يعيش في سوريا ..انها بيته ومكان ولادته وقبره , ولا يجوز اعتبار سوريا وجنسية السوري ملكا لأحد , وحتى للأسد , الذي تطاول على كل شيئ في البلاد , تطاول على الحجر والبشر , وغير اسم البلاد ..اننا نتمي الى سوريا , ولا نريد الانتماء الى الأسد .
من أعطى الأسد الحق بوهب الجنسية أو سحبها ؟ ولو كان أمر سحب الجنسيات قابل للتداول , لكان الأسد أو من يجب أن تسحب جنسيته السورية , الا أن الأسد يبقى سوري بالرغم من اجرامه بحق سوريا والسوريين , الأسدية وضعت الشعب السوري في دوامة العنف , ودوامة الاستثنائية , ان كانت حالة الطوارئ أو حالة قوانين الارهاب , التي حكمت بموجبها محاكم الارهاب على العديد من الخوارج عن النظام . في حين كان هؤلاء ولعشرات السنين من أركان نظام السرقات والاستبد والاستعباد , ولماذا تريد هذه المحاكم تعليق خدام وطلاس على عود المشنقة , بينما يسرح ويمرح عنترة الأسد في قصوره , فما هو الجرم الذي ارتكبه طلاس وخدام ولم يرتكبه الأسد وحاشيته ؟؟
ظن البعض على أنهم ” المعيار” الذي تقاس به المواطنية والوطنية هو نوع من المراهقة , هو دلالة على عدم نضج هذه القيم عند هؤلاء , الا أن وجودهم في المجتمع طبيعي , وهل يوجد مجتمع خال من الأغبياء ؟, وهل يوجد مجتمع خال من المجرمين أو الأشقياء ..؟ ومن يمكنه أن يتصدر سلطة لصوص الا اللص , ومن يمكنه تصدر سلطة الشبيحة الا زعيم الشبيحة ,لذا لاعجب أن يتفضل الحسون ويدلي بالتصريحات ويسحب الجنسيات أو يهبها …الانسان المتحضر والراقي لايقبل وظيفة مفتي الجمهورية المقرونة بوظيفة رجل المخابرات .
ماهي عواقب خطوة الحسون ؟.الحسون انطلق في هذه الخطوة من تصور بعيد عن الواقع , لاشعوريا يظن أو بالأحرى يتمنى أن أن يكون مع الأسد الى الأبد , أو مادامت سوريا موجودة , ولا يجرأ شعوريا أن يتصور على أنه مع الأسد بائد , لايتصور على أنه قد يقف يوما ما أمام القاضي ليجيب على أسئلة محرجة , مثلا عن دوره في سلك المخابرات , أو حتى عن خطوته التخوينية بخصوص سحب الجنسية .
بما أن الحسون ينطلق رغبة ولاشعوريا من ديمومة الأسدية -الحسونية , لذا فانه من واجبه أن يقوم باختيار رعاياه وشعبه ومن يناسبه من هذا الشعب , من يناسبه يبقى سوري , ومن لايناسبه يصبح انسانا “مشاع” لاوطن له ..!, وتفكير الحسون يذكرني بشعار أطلقته المعارضة في الشهور الأولى للثورة , وهذا الشعار يقول : الشعب يريد اسقاط النظام , الذي تطور الى شعار الشعب يريد اسقاط الأسد “,وما يريد الحسون التوصل اليه يمكن وضعه تحت شعار ” النظام يريد اسقاط الشعب ’, أو الأسد يريد اسقاط الشعب ” وهذه ترجمة لعبارة الشعب يختار الرئيس , وبالمقابل , الرئيس يختار الشعب .
الحسون يفكر بشكل طفلي , أو بالأحرى لايستطيع التفكير اطلاقا , ومن يفكر يتوصل الى البديهية التالية , لا أبدية الا للوطن , الحاكم أو السلطة تتغير , وبفاء سلطة في يد عائلة أكثر من أربعين عاما هو من مخلفات الماضي , ولو أقدمت كل حكومة أو سلطة على سحب الجنسية من اعدائها , لما بقي سوري واحد في هذه الجمهورية .
السلطة أو الحكومة في سوريا الجديدة سوف لن تسحب جنسية أحد , لأنه ليس من حقها ذلك , وستدير البلاد حضاريا بعكس ادارة التوحش الحالية , والحسون سيبقى مواطنا سوريا , ولا علاقة لذلك بكونه مجرم أو ملاك …السوري يبقى سوري
كلنا شركاء