المجاهد بشار الأسد

من الآن وصاعداً، لا لَقَبَ له إلاَّ “المجاهِد الأكبر”؛ فالرئيس السوري بشار الأسد خاطَب الآن “حلفائه الطبيعيين”، وفي مقدَّمهم “الحليف الإيراني”، قائلاً: “إنِّي لستُ علمانياً”، أو “إنِّي ما عُدُتُّ علمانياً”؛ فَحَيِّي على “الجهاد”، الذي هو في معناه الأُم “القتال دفاعاً، ومحاماةً، عن الدِّين (أيْ عن “الإسلام” في الحالة السورية).
لقد بَلَغ به “الإصلاح”، الذي توعَّد به شعبه، مبلغه؛ فأعاد تعريف نفسه (مع هَرَم حُكْمِه، قِمَّةً وقاعدةً) على أنَّه “المجاهِد (الإسلامي)”، الذي يجاهد في سبيل الله، بما يملك من أنفس، وبما يملك من أموال غيره، أيْ أموال إيران والعراق؛ والذي لن يكون، بدءاً من إطلاقه لسان “المفتي” للحضِّ على “الجهاد”، الذي هو الآن “فَرْض عَيْن” في سورية، إلاَّ حَرْباً (مبتغاها النَّصر أو الشَّهادة) على “ديار الكفر (أو الفسطاط الآخر)”، و”دَيَّاريها (أيْ ساكنيها)” من الكَفَرَة والعلمانيين، الذين تمادوا في “حربهم الكونية الصليبية” على “قلعة الإسلام والمسلمين الأقحاح (وعلى “العرين” من فسطاط الإسلام)”، والتي، عن خطأ صُحِّح الآن، وربَّما عن ضلالٍ انتهى الآن بهداية من الله، سُمِّيت، من قَبْل، “القلعة القومية المقاوِمة”؛ فلقد جاء الحقُّ، وزَهَق الباطل، وها هو “البعث الإسلامي”، مع “المفتي”، الذي سيُعيَّن عمَّا قريب أميناً عاماً له، يقيم الدليل على أنَّ الإسلام يجبُّ ما قبله من الانتماء القومي، ومن كل انتماء يخالِف شرع الله.
وإنَّني الآن لأدعو العليِّ القدير أنْ يُريَ المجاهد بشار الحقَّ حقَّاً، ويرزقه اتِّباعه، والباطل باطلاً، ويرزقه اجتنابه، فيأذن للمفتي نفسه أنْ يتجشَّم مهمة ثانية هي إعادة تعريف العدو؛ فلا يصح في هذا العهد الأسدي الإسلامي الجهادي الجديد أنْ يظل العدو بأسماء وصفات تَمُجَّ سماعها الآذان الإسلامية، من قبيل “القاعدة”، و”السلفيين”، و”التكفيريين”، و”الجماعات الأصولية”، و”الجماعات الإرهابية”؛ وإنَّني لاقترح على “المجاهِد” و”المفتي” أنْ يُعاد تعريف العدو، وأنْ تُغَيَّر أسماؤه وصفاته، وأنْ يُصَوَّر جهاد “البعث الإسلامي”، بما يُوافِق كِتاب الله، وسُنَّة نبيِّه؛ فهذا العدو (الذي يَلْقى التأييد بالمال والسلاح والرجال.. من ديار الكُفْر) إنَّما هو شراذم من المرتدِّين الذين باعوا أنفسهم لـ “الشيطان الأكبر”، العدو اللدود لإيران، من قَبْل، ودائماً، والعدو اللدود لـ “الجمهورية البعثية الإسلامية السورية الأسدية” الآن، أو من الآن وصاعداً.
ولا بأس الآن من توسيع دائرة العدو، بالتوازي مع اتِّساع نطاق الثورة، ليتَّسِع لشراذم وفئات أخرى، كالضَّالين، والعلمانيين، واليساريين، والديمقراطيين، والقوميين، والمنادين بـ “الدولة المدنية” لقطع الطريق على “الدولة الإسلامية”، التي تُبَرْعِم الآن، وإنْ على شكل مجازِر، في حمص على وجه الخصوص، وبصفة كونها عاصمة الثورة الكافِرة.
بعد اليوم، إيَّاكم، ثمَّ إيَّاكم، أنْ تَتَّهموه بـ “العلمانية”، أو بـ “الانتماء إلى طائفة دينية ضئيلة نسبياً”، أو (من ثمَّ) بـ “العداء للأكثرية الطائفية الدِّينية من أبناء شعبه”؛ فهو، وبشهادة “المفتي”، مُسْلِمٌ حنيف حتى الجهاد، مُنْتَصِرٌ لأُمَّة الإسلام جميعاً، لا شيء يستبدُّ بتفكيره إلاَّ إعلاء شأن الإسلام، والعودة إلى زمن “الفتوحات الإسلامية”، على أنْ تبدأ هذه الفتوحات بفتح حمص، لإعادة وَصْل من أنقطع من طريق بين الساحل ودمشق، عاصمة الأمويين الجُدُد؛ وإنَّ كل من يقف الآن مع المرتدِّين والضَّالين والمغضوب عليهم، ومع ثورتهم، لا يمكن إلاَّ أنْ يكون عدوَّاً لله ورسوله، وللإسلام والمسلمين، وللذي هو الآن قاب قوسين أو أدني من أنْ يلبس “صلاح الدِّين الأيُّوبي”، ليُحرِّر الشَّام من الصليبيين؛ لكن من غير أنْ يتهوَّر، ويتَّجِه بجيشه نحو بيت المقدس.
إنه الآن مُنْشَغِلٌ بحربٍ يائسة على هذا “الجديد”، أيْ على “الربيع العربي” في سورية؛ وهذا الانشغال لا يتعارَض، بل يتوافَق ويتكامَل، مع سعيه، بمعونة “المفتي”، إلى “استحضار أرواح الماضي”؛ فبشاعة الحرب التي يخوض ويقود تستدعي “شكلاً” يستمد جمالا من “الماضي”، أي ممَّا مضى واندثر وأصبح أثرا بعد عين؛ لكن “ظلاله”، من فكر، ولغة، وأزياء، وشعارات، لم تفقد بعد نفوذها في عقول وأفئدة الأحياء؛ وهذا “الشَّكل” لن يفي بالغرض إذا لم يُشْحَن بشيءٍ من جمال وجلال وهيبة ووقار وقدسية “القديم” و”القِدَم”.لقد شرع يستعير من الماضي الأسماء، والشعارات القتالية، واللغة، والأزياء؛ وكأنَّه يُمثِّل مسرحية جديدة على المسرح القديم نفسه، والذي احترق، فَلَمْ يبقَ منه إلاَّ بعض الممثِّلين؛ وربَّما نراه عمَّا قريب يرتدي رداء القائد الإسلامي القديم، فتَبْلُغ لعبة الخداع مبلغها؛ أمَّا “الجديد” الذي سيأتي به فعلاً فلن يكون إلاَّ “أسْلَمَة الثورة المضادة (للثورة العظيمة للشعب السوري)”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *