قتلة المسيح , رسالة الى القاتل !
سيادة البطريرك الراعي، لو نطق المسيح بلسانك لأظنه كان سيقول: كل عروش الأرض لا تستحق “قطرة دم واحدة” لطفل بريء.
و لقال أيضا لا حرب “عبثية” أكثر من حرب طاغية على شعب أراد الحرية..
ولصاح يسوع : “كفى.. كفى” لإحراق الجوامع و قصف الكنائس
لكن من نطق فيك اليوم والبارحة ليس المسيح بل أسوء سلالة رجال دين عرفتها المسيحية. أولئك الذين حرقوا العلماء و كتبهم و استعبدوا الفلاح و خيضت باسمهم حروبا دمرت أوروبا ثم أقاموا محاكم التفتيش و بعدها برروا جرائم النازية وتعلموا أن يشرعوا العبودية في كل العصور، هؤلاء هم من أنت وريثهم.
تقول سيادتك : يقولون ..من أجل الإصلاحات؟ لا يجب أن نسأل ما هو هذا الذي من أجل الإصلاحات، هو كل ما تفضلت به في الجملة التي سبقتها : العنف و التدمير و ازكاء الحرب وارتكاب المأسي.. وهكذا يكون كل ذلك من عمل طالبي الإصلاحات!
هل هناك حيادا أكثر من ذلك ؟
هل هناك عدم تدخل أكثر من ذلك ؟
و طبعا هي من محض الصدفة أن يزور للمرة الأولى بطريرك ماروني سورية في وقت قاطعت نظامه ثلاث أرباع دول العالم و ادانته كل المنظمات الإنسانية !
لا يطلب القاتل أكثر من مساواته بالضحية و هو ما قدمتموه له اليوم يا حضرات البطاركة، فمرحى لكم .. أما أنت يا سيادة البطريرك يازجي (بطريركي) فهنيئا لك مرتين ، لقد تعثرت قبل أن تبدء بالمشي فصفقت للرئيس القائد و هو يدك المدن فوق رؤوس الأبرياء.
سعادة و غبطة البطريرك الراعي ألم يكن دم المسيح الذي سال عزيزا ؟
ألم يكن المسيح بريئا؟
فكيف قدم دمه من أجل سعادة البشر؟
الم يكن المسيحيون الأوائل الذين أكلت لحمهم الأسود ابرياء؟ الشهادة كانت في ديننا منذ البدء و هذا الشعب لا يفعل سوى المضي على خطوات المسيح في بحثه عن السعادة ، ليس له فهو أصابه من الحزن ما لا يكفيه عمرا واحدا للخروج منه ، بل هو يفدي و يخلص الاجيال التي لم تولد بعد..اليست هذه هي المسيحية؟.. يبدو أن الأشياء تغيرت، فهنيئا لنا بالمسيحية الجديدة، مسيحية البطريرك الراعي.
سيدي البطريرك ،
نحن لا نبحث عن الدم ولا الموت و لكنه فرض علينا، و العنف لسنا من ابتكره بل عمره ٥٠ عاما ، مارسته السلطات بحق المواطن على مسامعكم و مسامع غيركم من رجال الدين .. و في الوقت الذي كان رجال الكنيسة يهللون للطاغية، كان أروع شباب هذا الوطن يزج بهم في السجون و ترتكب بحقهم الفظاعات.. لا يمكن لكم أن تجهلوا أن هذا النظام لم يكن شرعيا في يوم من الأيام، إلا اذا كنتم تسمون شرعية اقتلاع الأظافر شرعية و ارهاب الناس في لقمة عيشهم شرعية و أساليب المافيا شرعية.. .هذا الثورة كانت ستنفجر لا محالة إن لم يكن من سنتين لانفجرت اليوم أو بعد سنتين، هذا هو منطق العصر.. وهذه الثورة لم تأت من الخارج بل أتت من ٥٠ عام من الذل الذي تأتون اليوم لتدافعوا عنه بحديثكم عن قطرة الدم البريئة.. هذه الثورة حتمية و بطش النظام حتمي لأنه يعرف أن أي انفراج سياسي يعني زواله و لهذا تراجع عن وعوده و أغلق المنتديات في بداية عهده ونكل بالمطالبين بالديموقراطية السلميين, و عند اندلاع الثورة الحالية سقط الشهداء بالرصاص الحي قبل أن ترفع أي راية تطالب برحيل النظام. الثورة كانت حتمية و بطش النظام كان حتميا.. لكن ما ساعده على تدمير البلد هو حياد البعض و سكوت البعض و تبرير البعض باسم الأقليات المضطهدة ، و للأسف أنتم لستم بعيدين عن كل ذلك .. أما عن دور الخارج فهو يتلخص في دعم ايران و روسيا والعراق و حزب الله الغير محدود للنظام .أما حجم الدعم الخارجي للثورة فهو متواضع جدا و لا يرقى إلى ما يفترض القيام به لمساعدة شعب يباد..
أود أن أنهي بالقول ، يا سيدي البطريرك، أنا كمسيحي في سورية، لا يهمني كثيرا من اضطهد من في الماضي و لا أخاف مما قد يحدث اليوم في العراق أو ما حدث الأمس في لبنان ، فإخوتي المسلمين الذين عشت معهم لا علاقة لهم بذلك.. في الماضي غالبا كان الظالم نفسه يجور على المسلمين و المسيحيين، كما أن المسيحيين، أو من تحرك باسمهم لم يكونوا دائما من الحمائم. و للأسف هنا و هناك يرتكب رجال الدين ما تدفع الرعية ثمنه من أعمال انتقام سافرة. حين تستنجد بهم الشعوب لا يتحركون بحجة عدم التدخل في السياسة، ثم يهرعون فجأة للدفاع عن طاغية مثل مبارك أو صدام بالأمس و بشار الأسد اليوم…
لا أعرف ما حصة المسؤولية للكنيسة المارونية في الحرب “العبثية” اللبنانية، والأمر لا يهمني كثيرا.. لكن لا أريد لكم أن يكون لكم حصة في الحرب في سورية و أنتم اليوم لا تطفئون النار بل تشعلوها. فالقاتل لا يطلب أكثر من مساواته بالضحية و لكن أنتم اليوم تقدمون له أكثر من ذلك وتشجعوه.
اذا كنتم من محبي الكلام عن الاضطهاد في الماضي ، فلقد وقفتم و قداسة البابا في سبتمبر الماضي تحتفلون بزيارته للبنان ، احتفالا صادف ذكرى مجزرة العصر الحديث صبرا وشاتيلا، الم يكن من الأجدر بكم الاشارة ولو بكلمة لهذه المجزرة التي ارتكبها من هم من أبناء جلدتم ، الم تكن تلك فرصة رائعة لممارسة التسامح و عدم الانغلاق في الطائفة وكل تلك الدروس التي تتحفونا بها كل مرة ؟ أم أن دم الطفل الفلسطيني الأعزل لم يكن بريئا؟
نعم يا سيدي أنا في سورية لا يؤرقني ما يؤرقك . أنا لم أسمع في حياتي مسلما واحدا يحملني مسؤولية ما فعله الصليبيون في بلادنا و لا ما فعله مسيحيون اخرون في صبرا وشاتيلا و غيرها.. نحن يا سيدي لا نحتاج لدروس في التسامح و حب الوطن و سنعرف كيف نفصل الدين عما يقترف باسم الدين. أما التطرف فهو نتاج القمع و سينتهي مع زواله أو بعده بوقت.
جملة واحدة اتفق معك فيها يا سيادة البطريرك: لا أحد أدرى بشؤون البيت مثل أهله..
و أنت تطآ قدمك هذا البيت للمرة الأولى…