ملاحظات حول اعادة تأهيل المجتمع السوري مابعد الأسد
ازمان الأسدية غير من ملامح الانسان السوري ومن طباعه وقيمه ونفسيته وممارساته للوطنية , يكفي التنويه الى الفساد ,الذي دسترته الأسدية ..الشاطر هو السارق ,والحمار هو الصادق والأمين ,ومن افرزات الأسدية السامة كان تطييف المجتمع ,بعد ان ألغت الأسدية السياسة ودمرت حزب البعث , الذي بدأ كحركة قومية عنصرية,ثم تحول الى فرقة من المطبلين المزمرين ,وبعد ذلك الى قطيع مبتذل من المخبرين ومرتزقة شخصية لدى المعلم ومعلم المعلم ,والآن لايمكن القول الآن على أنه يوجد “حزب” , حيث انتهى “الحزب” , الآن يوجد “تحزب” ذو قواعدد مذهبية , أي أن الاشكال المحتلفة للمذاهب حلت محل الأشكال المختلفة للأحزاب , ولا عجب هنا اطلاقا من اندلاع حرب أهلية , وذلك لأسباب عدة , من أهمها دوغماتيكية التفكير والمسلكية المبنبة على أساس غيبي عنصري, الذي قاد الى خلق جو من التناحر في المجتمع السوري ,الذي لايريد بكامل أطيافه أن يكون عروبيا أو عربيا , الأكراد أكراد وليسوا عرب ..الخ
الغاء السياسة ووحدانية الفكرة والخط والمسيرة , التي تقزمت لتصبح مسيرة الشخص وفكر وارادة ونزوة الفرد أحدث فراغا في المجتمع ,وهذاا الفراغ ملئ من قبل الطوائف ,, أي أن البنية السياسية تحولت الى بنية طائفية , الانتماء أصبح للطائفة بدلا أن يكون للحزب السياسي , وهذا التحول يعني بكلمة أخرى تحجر السياسة ووحدانية الاتجاه , حيث لا فرق نوعي بين وحدانية الاتجاه في ظل الاخوان المسلمين أو في ظل الاخوان الأسديين ,انها أصولية , ولافرق بين كارثية الأصوليات .
الوحدانية لاتستطيع التعامل مع غيرها الا عن طريق القمع , الذي يعني الظلم , وبالتالي يتطور الأمر خصام غير قابل للحل , وأخيرا الى حتمية الحروب الأهلية وحتمية خراب البلد, خراب له أسبابه ومسبباته في دوغماتيكية الاتجاه الذي هو بحد ذاته “أصولي”وهو الركن الأساسي للأصولية , التي ليست بالضرورة دائما غيبية وليست بالضرورة دينية , وقد تكون عنصرية (القومية العربية) أو شيوعية أو رأس مالية ..الخ
اننا في وضع أصولي أسدي , لذلك نحن في حرب أهلية , وآخر خطب الرئيس برهنت عن الموقف المتحجر الوصفي للأصوليات , لاحل وسط ولا مرونة أو ديناميكية ولا ادراك للفير ..اقصاء ..استبداد ..تملك ..عنف ..عنجهية ..فصام ..احتقار الشعوب ..الأسد أو لا أحد ! , أي أنه لايوجد بين ملايين السوريين من هو صالح ليكون رئيسا للجمهورية الا الرفيق الفريق الأول بشار الأسد , وفي ظل هذه الأصولية لايمكن لتطور ديموقراطي أن يحدث ولا يمكن صيانة الحريات وحماية الممتلكات ..الخ المهم هو الشخص ونزواته ومصالحه ثم مصالح مرتزقته .
كل تفكير بامكانية الأصولية الانتصار على ذاتها هو تفكير لايراعي الحقيقة التي تقول على أن الانتصار على الذات يعني الغاء الذات , وأين هي الأصولية الديكتاتورية الدوغماتيكية التي ألغت ذاتها طوعا , وتمكنت من أفرز ديموقراطية في هذا العالم , الديكتاتورية تقتات من ألم ووجع الآخر وتشرب الدم ولاتعرف الا العنف , وهل يعرف المواطن السوري خلا الأربعين سنة الماضية الا العنف والخوف في جمهورية الخوف ,
على من يريد التقدم ازالة عوامل التأخر , عندها يمكن البدء في تأهيل المجتمع السوري وتحويله الى مجتمع ناقد , ولا تقدم دون “نقد” ولا نقد دون” تعددية ” ولم تكن للأصولية الأسدية من مهمة الا مهمة الغاء التعددية السياسية والغاء النقد , وهاهو الخراب الذي يبرهن عن كل ماقيل.
لم تبق الأسدية مجرد انقلاب عسكري , وانما تحولت الى منظومة شوهت عن طريق ازمانها الانسان السوري , وحولته حضاريا الى فائض بشري خارج منظومة العدالة الاحتماعية , الانسان السوري أصبح بطبيعته فاسد , ومن يظن على أن تغيير منظومة الفساد في كيانه ووجدانه ستتم خلال ثلاثة أيام فقد أخطأ , تغيير طبائع الفرد السوري ستحتاج الى سنين من العمل الجاد والمضني , والذي سوف يتعثر احيانا وينجح احيانا أخرى ,والقضية السورية في هذا المجال هي اعقد بكثير من القضية المصرية أو القضية التونسية أو الليبية , فديكتاتوريات هذه البلدان لم تنجح في القضاء على الغريزة السياسية كما نجحت الديكتاتورية السورية , التي لامثيل لانحطاطها في العالم قطعا .