السقوط اولا ..مستحيل بدونهم , وصعب معهم !

كلما تطورت الحالة السورية  ,تتوضح  بعض جوانبها أكثر  , بحيث يمكن القول على أن السلطة ساقطة في النهاية  ,  حتى ولو كلف ذلك حربا تطول الى خمسين سنة ,سقوط السلطة هو أحد الثوابت , ولا أظن على أن هناك  اختلاف حول هذه النقطة بين المؤيد والمعارض , السؤال كيف ؟ ومتى ؟ خاصة كيف سيكون الوضع بعد السقوط الحتمي ؟

سقوط السلطة الحتمي لايمكن ان يتم  بدون القوى الاسلامية  المؤهلة  للصراع العسكري  , الذي فرضته السلطة على الثورة  , السلطة ارادت عامدة متعمدة العسكرة , ظنا منها على أنها  تسطيع القضاء على الثورة المعسكرة بسهوله  ,اضافة الى كون القضاء  على الثورة السلمية  سهل جدا  , حيث تتم لملمة  السلميين  وزجهم  في السجون  , وبذلك ينتهي كل شيئ  وينعم الأسد  بولاية أو ولايات عديدة  , الا أن حساب البيدر  اختلف عن حساب الحقل , والسلطة الآن في ورطة كبيرة.

القوى الاسلامية موجودة على الأرض , وبقاء الأسد زاد من اسلمة  هذه القوى بشكل ملحوظ , ولما أصبح الصراع عسكري في معظمه , لذا فان  السقوط  لايمكن له ان يتم  الا  من خلال  القوى العسكرية , التي تأسلمت  بشكل أكبر , وهذا أيضا ثابت من الثوابت الذي لاجدل حوله , السؤال  في أي مرحلة من مراحل  ازدياد قوة  التيار المتأسلم  سيتم السقوط ,  هل يتم  في مرحلة  مبكرة  , حيث  يمكن التعامل مع التيار الاسلامي  بسهولة بعد السقوط  , أو يتم السقوط في مرحلة تكون بها قوة التيار الاسلامي في  أوجها , عندها يصبح التعامل مع هذا التيار أصعب بكثير , عندها سيفرض هذا التيار شروطا أعظم , وهذا منطقي بعض الشيئ , لأن التيار الاسلامي قدم الضحايا بشكل رئيسي ,وفي هذه الحالة  ليس من المؤكد على أن  الدولة السورية  ستبقىى قيد الوجود, هناك خطر كبير على الدولة من الاندثار  .

الرئاسة السورية , التي تدعي حرصها على الوطن  , لم تدرك الحقيقة التي تقول  على أن استمرار السلطة في الوجوديزيد من قوة التيار الاسلامي , ولو رحلت السلطة قبل عام ونصف لما كان هناك  أي خطر من تزايد الأسلمة  , ولبقي دور التيار الاسلامي هامشي , الا أن الأسد حقيقة غير مهتم بكل ذلك  , وهمهه الأساسي  هو البقاء  , حتى لو احترقت سوريا ..قيل ذلك بصراحة ووضوح , ثم ان الأسد لم يفعل شيئا  لاضعاف  التوجهات المذهبية في البلاد , على العكس  , اعطى الانطباع  بأن السلطة علوية  , مما قاد الى الارتكاس السني  والى الحرؤب الأهلية الطائفية  التي تدمر الوطن , أو دمرته بشكل رئيسي.

على الرغم من الاشكالية المنتظرة في التعامل مع التيار الاسلامي , يبقى مبدأ السقوط أولا قائم , ويبقى الاجماع على ذلك أيضا قائم , اذ أنه لايوجد أسوء من بقاء السلطة  بأي شكل ما , والتحالف مع الاسلاميين  في سياق اسقاط السلطة  يبقى الوسيلة الأقل ضررا من أي شيئ آخر , وذلك على الرغم من كون  هذا الحلف  يحل مشكلة  ويسبب مشكلة أخرى , فاضافة على  غربة التيار الاسلامي  عن معالم الحياة الحديثة  , لم  يسمح الأسد لهذا التيار أن  يجمع خبرات سياسية  في ظل المادة 49 من قانون العقوبات , التي  تعاقب مجرد العضوية  في جماعة الاخوان بالموت شنقا , الاخوان يتصرفون  وكأنهم جدد على السياسة بلا خبرة ,  وعلى هذه النقطة برهنت  اساليب عملهم  بما يخص اعلان دمشق عام 2005 , وما يخص حلفهم مع  رجل السلطة خدام عام 2006  ’, وتقلباتهم  التي لاتعرف حدودا  , العمل معهم مربك  , والعمل لاسقاط السلطة بدونهم مستحيل .

من أهم الأمور التي من الواجب التنبه اليها  , هي قضية الالتزام  بالديموقراطية , والتيار الاسلامي  يظهرقدرا كافيا نسبيا من الالتزام , فالديموقراطية  هي  الصخرة التي تتكسر عليها امواج  التيارات الغيبية الدينية المذهبية , تقتيل الاخوان في جو ديكتاتوري  وتشريدهم وسجنهم وشنقهم حسب المادة 49 لايؤدي الا الى تقويتهم , وهذه حقيقة أخرى  لم يدركها نظام  مدمن على العنف ولايفتقر على الغباء .

سوريا ستدفع  الكثير من الفواتير , لعلها تقوى على ذلك قبل أن تعلن افلاسها .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *