اعلن رئيس مكتب الاعلان في لجنة المصالحة الوطنية على أن عدد االمخطوفين بلغ أكثر من 7000 مخطوف , ومباشرة يجب القول على أن الكيان الذي تحدث في ظله اختطافات بهذ الكم لايمثل كيان دولة والسلطة لاتمثل حكومة والمنهج الذي يتم به هذا الاختطاف لايمثل نظاما , أي انه لاتوجد سلطة ولانظام ولادولة , والسؤال كيف يمكن تسمية الحالة السورية ؟ , الحالة السورية هي حالة عصابات مسلحة , وأكبر هذه العصابات هي عصابة الأسد .
الغريب في الأمر هو ان السيد رئيس مكتب الاعلان في لجنة المصالحة الوطنية المهندس قاسم خليل سليمان قال على أن الخطف ليس من ثقافة السوريين , بل هي من ثقافة الغرباء الذين دخلوا الى سوريا تحت مسمى “القاعدة” والارهاب ,وهذا ما أحدث شرخاً اجتماعياً في صفوف المجتمع السوري وكذلك حالة اجتماعية سيئة تحاول اللجنة قدر الإمكان أن تعالجها .
العلاج الصحيح يعتمد على التشخيص الصحيح , والقول بأن القاعدة هي المسبب لممارسة الاختطاف هو قول اتكالي ومنسجم مع العقلية الطفيلية البدوية القاصرة , التي تعتبر الآخر دائما مصدرا لكل سوء , اذن القاعدة مسؤولة عن تردي الاخلاق السورية , وقد يبلغ غياب العقل عند البعض درجة تسمح لهم بالقول , على أن القاعدة مسؤولة عن الفساد السوري وعن الديكتاتورية وعن الاستبداد وعن الطائفية وعن السرقات ثم عن لصوصية السلطة وعن المادة الثامنة ثم عن توقيف العمل بها نظريا ….الخ . الحقيقة هي أن القاعدة ليسنت مسؤولة عن كل هذا , وعندما بدأ الفساد في سوريا قبل نصف قرن لم تكن هناك “قاعدة” , وعندما بدأ الاغتصاب والاختطاف والاجرام من جهة السلطة في سوريا التعيسة لم تكن هناك قاعدة .
نفسيا ترتكز الدوافع لخطف انسان لاستبداله بالمال أو غير ذلك على قواعد عدة , من أهمها قاعدة احتقار الانسان , ثم قاعدة فقدان الحس أو الادراك الصحيح بما يخص العدالة ,ثم فقدان روادع استخدام العنف وممارسته , وعند اجتماع هذه الخصائص بانسان ما , بتحول هذا الى حيوان أي الى ذئب خاطف , وهل تعلم الانسان السوري خلال نصف القرن الماضي الا ممارسة الحيونة ؟.
فاحتقار الانسان او المواطن هو من صلب الممارسات الديكتاتورية , ولولاهذا الاحتقار لما سمح الديكتاتور لنفسه ان يسرق أو يخطف حرية الآخر , ولما سمح لنفسه أن يعتدي على الآخر بأشكال عدة , منها مثلا تزوير ارادة المواطن عن طريق تزوير الاستفتاء أو الانتخاب , الاعتداء على المواطن يتم عند فقدان تساوي الفرص , وعند فقدان العدالة الاجتماعية وعند ما يخطف رامي مخلوف المال العام والخاص ,وعندما يوضع رياض سيف بالسجن سنين لأنه سأل عن صحة دفاتر وحسابات مخلوف ..وأظن على أن القارئ الكريم يعرف الكثير عن مسألة احتقار السلطة للمواطن , ولا لزوم لتفاصيل أكثر .
والعامل الثاني يخص فقدان الادراك الصحيح للعدالة , وهل تثنى للمواطن السوري طوال نصف قرن ان يدرك ويستوعب قيم العدالة , وكيف يمكن لقيم العدالة أن تنموا في ادراك الانسان ووجدانه , عندما لايستطيع هذا الانسان الشعور بوجود العدالة , وكيف يشعر الانسان بالعدالة عندما لاتوجد عدالة , الانسان السوري تعلم من السلطة مايكفي في مجال دعس القانون بالصرماية , السلطة كانت أول من خرج عن القانون , والسلطة هي التي استبدلت القانون السوري بقانون الفساد , ومن هنا لم يتعلم الانسان السووري التفريق بين الحق والباطل , هذه الخاصة ضامرة عند الانسان السوري , لذا يسمح الانسان السوري لنفسه أن يختطف فلان من البشر وذلك لغاية في نفسه , السلطة اختطفت عشرات الألوف لغاية في نفسها , ومن المعلم يتعلم الانسان ,.
أما عن العنف ,فلاتمام عملية الاختطاف لابد من العنف , وسوريا مدرسة للعنف بامتياز , سورة مدرسة للخوف بامتياز ..جمهورية الخوف …جمهورية سلبت كل سوري حتى ادنى الحقوق , هل يستطيع انسان سوري ان ينام دون الخوف ؟, واذا اتت المخابرات وأخذت فلان من الناس الى القاووش ثم عذبته وابقته في السجن سنين , هل يمكن الاعتراض على ذلك ؟ وهل عوقب يوما ما فرد واحد من المخابرات لاستخدامه العنف ضد مواطن ؟, والكثير من المواطنين لاقوا حتفهم تحت التعذيب , هل فتحت السلطة يوما ما تحقيقا حول ملابسات موت السجناء .. أمور لاتؤهل الا الى تعلم العنف وممارسته .
بوجود سلطة تؤهل الانسان السوري لممارسة “الحيونة ” بهذا الشكل المهني لالزوم للقاعدة اطلاقا , وحتى القاعدة تستطيع التعلم من مناقب السلطة السورية وقيادتها الحكيمة .