سقوط السلطة وسقوط المعارضة

 لم يعد سقوط السلطة في سوريا  غريبا عن التصور , وعدد من يرى هذاالسقوط امرا حتميا وواقعيا يزداد باضطراد , الأمر الذي يختلف حوله البعض  هو  الجواب على السؤال , متى ستسقط السلطة ؟ وبأي  ثمن ستسقط السلطة ؟ ومن سيأتي بعد سقوط السلطة ؟.

الجواب على “متى ستسقط السلطة” ؟ هو أمر صعب , الا أن ماتبقى للسلطة من  سوف لن يكون عقودا , والأرجح ليس سنين , والأكثر توقعا بضعة أشهر , والسلطة سوف لن ترحل طوعا, وسوف لن ترحل بعد حوار معها , انما سترحل مرغمة  عسكريا , ولهذا الرحيل القسري أسباب  نفسية  عند السيد بشار الأسد , الذي  يعاني من صعوبات  تصور رئيسا آخر لهذه الجمهورية , ولا شعوريا  لايقوى فتى القصور على  ممارسة الزهد أو الواقعية , لقد قال لأتباعه انه باق  لطالما بقي سوري واحد , وأتباعه قالوا له انه الأسد الى الأبد , انه أو لا أحد  , والأسد أو نحرق البلد , ومضامين هذه الشعارات  تجد تطبيقا  حرفيا لها في سوريا , ومن يريد التعرف على آلية تفكيره بهذا الخصوص يجب عليه  تحليل نفسية القذافي  الذي سبقه في مضمار  الانفصام عن الواقع وخاصة في مضمار الاحتقار للانسان  الجرذون .

أول من يلمح الى حتمية  السقوط  هي السلطة نفسها  , والأخبار الأخيرة تدل على  ان السلطة متأكدة  من سقوطها , والتأكيد جاء  من خلال  التفكير السلطوي باستخدام الكيماوي ضد الثوار , ولا يتطرف أي ديكتاتور  بهذا الشكل بدون أسباب , السبب هو ضيق الخناق على رقبة الديكتاتور , والكيماوي  هو آخر تقليعة له , حيث يحظى الديكتاتور   بتشجيع  الزبانية  الانتحارية  له على استخدام الكيماوي ,لأنه للكيماوي , حسب  الطائفي نزار نيوف , فوائد جمة , ومن هذه الفوائد الجمة كون الكيماوي  يقتل بشكل أفضل , والكيماوي لايخرب الأبنية  والمساكن , حيث تبق المساكن قائمة  , وسيان ان بقيت المساكن بدون سكان ,  أي بدون جراذين , هكذا تطور الفكر السلطوي, فقتل السوريين ليس تخريبا ,  وانما  انقاذا لسوريا من الحشرات ,ومشروع استخدام  الكيماوي موجود على الطاولةكما يدعي نزار نيوف , وكما يقول نزار نيوف  الضالع بالمخابرات  والعارف بأدق أمور السلطة  سيكون الخطوة التالية  في الحرب الأهلية السورية , وعلينا تصديق مايقوله المخبر نيوف في هذا الخصوص .

توجد دلالة أخرى على ضيق حال السلطة , فالسلطة  تري تصفية  المعارضة السجينة عندها  , فكل المساجين متهمين بالتجسس لاسرائيل , أي انه عليهم المثول أمام المحكمة العسكرية الميدانية, بدون محام  وبدون امكانية الاستئناف أو الاعتراض  وبمعزلة عن الرأي العام المحلي والعالمي  حيث ان المحكمة سرية , ولو كانت السلطة مرتاحة في حربها ضد الثورة   لما اضطرت  الى ممارسة التصفيات من خلال هيئة الاعدامات  العسكرية , التي تسمى زورا “محكمة “.

والسؤال حول الثمن هو سؤال مفجع , وقد أجاب على هذا السؤال  وزيرالاعلام  عمران الزعبي   ومن الجهة اللبنانية (المغاوير)  رئيس حزب الاتحاد المغوار  وئحرب طائفية بامتياز م وهاب , حيث  اجمع الوزير  مع  الأمير الدرزي    على أنه لاسقف للدفع وللثمن , وحتى مقتل مليون سوري من أجل الأسد ليس بالمشكلة , وتخريب البلد من أجل الأسد ليس بالمشكلة اطلاقا , فالزعبي  سيقوم ببناء البلد مجددا  , أما كيف للزعبي  أن  يبني البلد  فهذا سر من أسرار الطبيعة , ومن له مبلغ 150 مليار دولار ,  والزعبي  يستهين كثيرا بالشعب السوري  عندما  يريد قتل مليون من أجل واحد , ويكذب ويضلل عندما يقول على أنه سيبني الخربة السورية مجددا ,  ومن يراقب البضاعة السياسية السورية  من الزعبي  وغيره حتى  الحليف اللبناني ,لايعجب من خراب البلد , بلد يديرها الزعبي ووئام وهاب مع   القيادة الحكيمة مصيرها الخراب  الحتمي .

من سيأتي  بعد السقوط ؟, هذا الأمر من أوضح الأمور  , الذي سيأتي  هو من المجموعة   التي رأيناها في الدوحة ,  ولا وجود في هذه المجموعة   للعرعور وأشباهه  , كما انه لاوجود  لجبهة النصرة  وغيرها  من الحركات الأصولية , فسقوط السلطة  العسكرية   الأسدية , هو أمر موازي لسقوط المعارضة المعسكرة , وعندما يسقط الأسد  , تسقط المدافع  , ويسقط من يستعملها أيضا , فالمهمة كانت اسقاط  النظام , وهذا  لايمكن الوصول اليه سلميا , لذا تعسكر  جزء من المعارضة , ولعسكرة جزء من المعارضة  يجب القيام بالتعبئة  الشعبية , والتعبئة الشعبية لايمكن أن تتم الا على المحور  الديني  ,ذلك لأنه لايوجد في البلاد من يقتدر على التعبئة الشعبية غير المحور الديني  وذلك بالنسبة للسلطة  والمعارضة أيضا ,فالأسدية  هي التي قضت على المحاور السياسية المدنية , وهي التي فرضت العسكرة على المعارضة  , وهي التي أعلت من شأن  الحرب الأهلية  , وبذلك تصدر المحاربون   وجه المعارضة , التي لم تكن ترغب بذلك  , ولم يكن من مصلحتها ذلك , المحاربون تصدروا وجه السلطة أيضا , وحساباتهم بخصوص الحرب ونتائجها لم تكن دقيقة اطلاقا , لقد كان من الصعب تصور  سيطرة عسكرية على أجزاء كبيرة من سوريا  من قبل  مجموعات بدأت عسكريا  من الصفر قبل قبل حوالي عام من الزمن , والآن تهدد السلطة  تهديدا حقيقيا  , وترغمها على التفكير بالكيماوي ..آخر المطاف !

قلت على أن التعبئة  الشعبية  سارت على المحور الديني  بالنسبة  للسلطة وللمعارضة أيضا , وهنا لالزوم للتعجب  , فالسلطة هي  التي حجمت  أفراد السنة في الجيش , وهي التي  جندت الشبيحة العلوية , وهي التي  أتت بالاحتياطي  للجيش من الطائفة العلوية , وهي التي وضعت قيادة الجيش  الفاعلة ( وليست الشكلية ) بيد علوية ,وأكثر من 90%من ضباط الجيش الكبار هم من الطائفة العلوية , ومن يحارب من الجيش هو علوي حصرا , ولم نر على آلاف الأشرطة المسجلة جنديا أو ضابطا محاربا الا من تكلم اللهجة الساحلية , فالسلطة  هي التي بدأت بالحشد الطائفي  عسكريا , ولا عجب  أن يكون الارتكاس  طائفي أيضا , فهنا الطائفة العلوية  وهناك الطائفة السنية  والحرب الأهلية هي حرب طائفية بامتياز , وهذا لايعني عدم وجود اقليات  علوية  على الجانب السني , ولا يعني عدم وجود أقليات سنية على الجانب العلوي , وهذه الأقليات  ترى  في الثورة  انتفاضة ضد الظلم , وترى في السلطة ضمانا ضد الظلم  ,ومن الناحية النفسية  الاستراتيجية  يمكن اعتبار  هذه الأقليات عاملا ذو أهمية في نزع التطييف العسكري  عن السلطة وعن المعارضة بآن واحد , ولهؤلاء سيكون لهم وجود كبير  في قيادة سوريا الجديدة .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *