عن لسان فاروق الشرع : الرئيس يرغب بالحوار مع معارضيه السياسيين بعد “حسم الأمور عسكريا ” وتحقيق النصر النهائي على معارضيه المرشحين للحوار , هكذا وبكل وضوح , لذا يرجى من المطالبين بالحوار الكف عن هذه المطالبة , مايريده الأسد ليس الا “املاء” لشروطه , وليس الا تأكيدا على بقاء الأمور كما كانت , سوريا الأسد تبقى سوريا الأسد , والأسد لم يغير , بالرغم من الهزائم العسكرية والسياسية من موقفه قيد شعرة , يعيش في ظل المادة الثامنة الأسدية , ويا ليت المادة الثامنة البعثية بقيت , التعامل مع حزب دائما أفضل من التعامل مع شخص , والبعث ليس بتمك الجثة المتفسخة , التي لايمكن التعامل معها , حتى وان حوله الأسد مرحليا الى شبه جثة لاحراك لها ولا حياة فيها , البعث قابل للانعاش , ومن الخطأ القول على أن البعث هو الذي دمر البلاد , من دمر البلاد ودمر البعث معها هو الأسد وفرقة القتلة من العسكر الناهب السارق المستبد , لقد بدأت حملة الابادة على البعث قبل أن تبدأ على سوريا , هكذا أرى الأمر اليوم !.
الأسد لم يتعامل مع الحوار والحل السياسي الا من باب التضليل , وكما أفصح لحرمه في رسالة له قائلا “الاصلاح هراء ” أي أنه ضحك على الذقون , وما قاله بعض المعارضون في وصفهم للحوار بأن حوار مع الذات , صحيح 100% , لابل أسوء من الحوار مع الذات , انه نوع من التداول العسكري , ففي نهاية المعركة ينتصر فريق على الآخر , ثم يوقع الفريق المهزوم على بياض , هكذا يريد الأسد !.
بعد ان تطورت الأمور بشكلها العسكري , وبعد ان شملت المعارك سوريا من أقصاها الى أدناها , وبعد ان اكتشف المعارضة نوايا الأسد , التي لم يصيغها من منطلق الحيلة , لأن التحايل والمراوغة والمطبات السياسية تتطلب بعض الذكاء , الغير متوفر عند الرئيس ,فالرئيس مقتنع تماما على أنه سينتصر , وحتى في مجرور القمامة لم يدرك القذافي حالته , لقد ظن , حتى في تلك اللحظة, على أنه لايزال قائد الثورة وملك ملوك أفريقيا , والداري بعض الشيئ بعلم النفس يعرف الآلية العقلية والنفسية التي تكمن وراء اضطراب الادراك والبعد عن الواقع , أي الحالة الفصامية , التي يعاني منه الرئيس بشكل واضح , كما كان حال القذافي .
من يراقب الوضع عن كثب , ومن يجيد عملية الجمع والطرح بعض الشيئ , يصل الى النتيجة , التي تقول على أن الأسد يخسر يوميا قاعدة أو منطقة أوغير ذلك كتيبة ..لواء ..ثكنة ألخ , الأسد لايطرح ذلك من مجمل سيطرته على سوريا كما كان الحال 2010 , وانما يتعامل مع هذه الخسارة الواقعية من خلال ادراك مريض , فمرض الادراك يصور له الخسارة على أنها نصر , وبذلك يعتبر نفسه لحد الآن سيد البلاد من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب ..انه يرى الوضع فعلا كذلك , وضع كوضع عمى الألوان , الأعمى يرى فعلا الأبيض في الأسود أو الأزرق في الأحمر .
عمى البصر والبصيرة أوصل البلاد الى ماوصلت اليه , الى المهلكة , ولا ابالغ ان قلت “المهلكة” , وانطلاقا من هذا الوضع المحزن لايسعني الا أذرف الدمع على عشرات الألوف من الأبرياء , من الذين قتلهم الجنون الكلاسيكي , وعلى ملاين النازحين واللاجئين , ثم على من داهمهم الافقار وهدمت بيوتهم وقراهم وأحيائهم , على الباحثين عن ربطة الخبز أو قنينة المازوت , ولايسعني الا أن أذرف الدمع أيضا على مريض اسمه بشار الأسد , لاتحسدوا القاتل , فأكبر المذلات هي أن تكون قاتل , ولا تظنوا على أن المصاب بنوبات القهقهة سعيد , فلا قهقهات الأسد هي دلالة على سعادته , ولا قهقهات نيرون كانت دلالة على سعادته , انهم بؤساء.. والمسيح طلب لهم الغفران , ربي سامحهم لأنهم لايدرون ماذا يفعلون .