الرئيس الأسد يعاني من العزلة , ومن فراق أقدم الاصدقاء, والأصدقاء أنواع , ولكل مكانته واستعمالاته , فايران مثلا تمد بالمال والسلاح والرجال , وحزب الله يحارب على الأرض مع السلطة الأسدية , مبررا ذلك بحماية لبنانيين يقطنون في سوريا , وبحسب تصنيف نصر الله وفلسفته , يستحق الشيعي الدفاع عنه في سوريا , وما تبقى ليس من اهتمام أو اختصاص نصر الله .
لست الآن مبدئيا بصدد نصر الله وانما بصد الرئيس الأسد, الذي يبحث عن جهة فلسطينية تؤمن له متابعة الاتجار بالبضاعة الفلسطيسنية , وذلك بعد أن هجرته فتح قبل عشرات السنين ,وهجرته حماس مؤخرا , ومخيم اليرموك للاجئين أصبح بسوية الأرض بعد قصف الجيش السوري له , ويقال عن تدفق الفلسطينيين الى سوريا للقتال الى جانب الثورة السورية , كما أن معظم الفلسطينيين في الخارج يقفون الى جانب الثورة .. ولم يبق للأسد من الفلسطينيين أحد !
كيف العمل ؟ اذ أن وجود جهة فلسطينية ضروري جدا لكي تستمر حيوية طرح شعارات المقاومة والممانعة , بعد أن بدأت هذه الشعارات بالذبول وأصبحت جوفاء فارغة , لذا كان على حزب الله اختلاق جولة قتالية مع اسرائيل عن طريق استفزازها , لذا تم ارسال الطائرة بدون طيار , واسرائيل اكتفت باسقاط هذه الطائرة , دون ردود فعل اضافية ودون الاستجابة لمساعي نصر الله لتسخين الجبهة مع اسرائيل , حيث يؤمن هذا التسخين لفت النظر عن المسرح السوري , الذي يتم عليه ارتكاب المجازر بحق السوريين , وكذلك لفت النظر عن نشاط حزب الله الحربي في سوريا .
لم يتورع نصر في هذه المناسبة بمحاولة الضحك على الذقون …يفتخر بخرق الطائرة للمجال الجوي الاسرائيلي , وكل طائرة تستطيع خرق المجال الجوي لدولة أخرى , اذ اغنه لاتوجد جدران في السماء ولا نقطة حدود ولاجمارك ولا أمن , المسألة هي ليست مسألة “الخرق” وانما مسألة العودة الى قاعدتها سليمة وانهاء مهمتها بنجاح , طائرة نصر الله لم تعد , ونصر نصر الله على اسرائيل في هذه القضية هو وهم , واذا كان الهدف هو مجرد الاعلان عن امتلاك حزب الله لطائرة من هذا النوع , فقد نجح حزب الله في الوصول الى هذا الهدف , الا أنه وصل الى نتيجة أخرى , وهي طرح السؤال مجددا ماهونصر الله في لبنان ؟؟ وهل لنصر الله الحق في أن يوقع الدولة اللبنانية في مطب الحرب مع اسرائيل ؟؟, واذا انتقمت اسرائيل , فهل ستنتقم من حزب الله فقط , وانما من كامل لبنان ؟؟ .
قضية كون حزب الله دولة ضمن دولة هو أمر معروف , وعلى اللبنانيين تصحيح هذا الوضع الشاذ ..فنصر الله يتمرد على السلطة اللبنانية باتخاذه قرارات مصيرية تؤثر على كامل لبنان , شأنه شأن الثوار السوريين الذين تمردوا على السلطة الحاكمة , ويريدون اسقاطها , وهل يريد نصر الله اسقاط الحكومة التي هو شريك بها ؟؟
عودة الى بضاعة المقاومة والممانعة , فنصر الله لم ينجح باستفزاز اسرائيل , والسلطة السورية سوف لن تنجح في تصدير المشكلة السورية الى الخارج , واسرائيل سوف لن ترد على أي استفزاز أسدي , انها ترغب ببقاء الأسد الذي أمن الهدوء على الجولان أربعين عاما , وترغب ببقاء الأسد , الذي نجح في قذف سورية مئة سنة الى الوراء , امنية اسرائيل أن يتم تخريب سوريا , وهاهو مشروع التخريب يسير على قدم وساق , ومجمل الحروب مع اسرائيل لم تكلف سوريا أكثر من 5% من كلفة الحرب الأهلية الحالية ..قتلى , تخريب ,, مشروع تقسيم .. تأخر ..الخ , واذا كان هدف اسرائيل هو تدمير سوريا , فقد حقق الأسد لاسرائيل ما تتمناه .
بعد استهلاك كل الجهات الفلسطينية دعائيا في مجال الممانعة والمقاومة , يجري البحث الآن عن بضاعة فلسطينية جديدة , والبضاعة الجديدة هي حسب الأخبار مؤخرا حركة فتح ,فالأسد يسعى الآن عقد خطوبة مع فتح , وبعد الخطوبة الزواج الشرعي , والمقدم كان اعلان الأسد عن ندمه على الزندقة مع حماس , اما المؤخر فحسب التيسير , واذا أمد الله بحمكه فسوف لن يقصر !
بقي علينا معرفة جواب فتح , ولا أظن على أن فتح تقبل الزواج من جثة هامدة , وما هي مصلحة فتح الآن من التقرب من الأسد في حين ابتعد الجميع عنه , وهل يعقل ان تقبل فتح بعريس لاحول له ولا قوة الا قصف شعبه ببراميل الTNT وقنينات الغاز المليئة بالمتفجرات والسموم , ومؤخرا القاء القنابل العنقودية على المدن والقرى السورية , وذاكرة فتح ليست مثقوبة , ويمكن لفتح مقارنة وحشية اسرائيل بتوحش السلطة الأسدية , وعند المقارنة يصل الانسان الى نتيجة أخجل أن أفصح عنها ..لقد انتهى كل شيئ ياسيادة الرئيس !
ملاحظة من الادارة :كتب هذا المقال قبل أحداث غزة الأخيرة
لقد نجح نيتانياهو في لفت النظر عن الوضع السوري اسبوعا كاملا , وقد كانت هذه الفرصة ملائمة جدا لكي يصول الأسد ويجول كما يريد , الا أن هذا الأسبوع عرف هزائم اسدية عديدة منها فاجعة الفوج 46 ومنها السيطرة على كتائب صواريخ في الغوطة ومنها اطلاق قذائف على ابو رمانة وغير ذلك من الدلائل التي تشير على ضعف الأسد عسكريا وعدم مقدرة كتائب الأسد على مايريه البعض وهو الحسم النهائي
اذا كان ارتكاب المجازر في سوريا عمل وحشي , فان ارتكاب الجازر في غزة ليس أقل وحشية , ونتائج ممارسة التوحش في غزة قدم العديد من الدلائل عن الشبه الشديد مع ممارسة التوحش في سوريا ..من حيث منظر المباني المهدمة ..من حيث صور الأطفال القتلى ومن حيث التخريب وكذلك عدد القتلى من جراء القصف الجوي . ففي يوم من اسبوع القصف على غزة بلغ عدد القتلى حوالي المئة ضحية وهذا الرقم يعرف شبيها له في سوريا
بقي سؤال مهم عن الفوائد التي جنتها حماس من هذه العملية بشكل عام , وهل ربحت غزة أكثر مما خسرت ؟ أخشى ان يكون توازن الربح والخسارة ليس بالايجابي بالنسبة لغزة , واذا كان الأمر كذلك فيجب تصنيف العملية بكاملها على انها عمل اعتباطي كأعمال العرب الأخرى