هل نحن بعيدين عن امارة القرداحة وولاية قندهار ؟

بعد ان انتخب  الرئيس نفسه  , تحدث  بمناسبة ادلائه بصوته برفقة حرمه عن  القوة  السورية على الأرض وفي السماء ,  ومع اعترافه بشيئ من الوهن السماوي  , طمأن الشعب على أنه سينتصر على الأرض وفي السماء , ولا أظن على أن الرئيس قصد في كلامه شيئا معينا ..كلام بسيط   كشعار فارغ , ولو كان باستطاعة الرئيس التفكير  , لفكر  ولما قال هذا الكلام , الذي  يلخص ماقاله الثنائي طالب ابراهيم وخالد العبود , حيث  اعلن الأول  عن  عزم سوريا فرض حظر جوي  على الشرق الأوسط غرب وشرق المتوسط , أما الثاني  فقد اعلن على الملأ  تصويب فوهات الصواريخ السورسة  لارسالها الى العالم  لتدمير اعداء سوريا   من شمال تركيا الى جنوب السعودية  ومن غرب  ايران الى  مضيق طارق , واذا احتاج الاأمر فباستطاعة خالد العبود دك حصون الاستعمار من نيويورك الى برلين ولندن  وباريس, التي هي حقيقة مربط خيله ,هكذا يتخيل العبود !
يبدو وكأن النصر في السماء وعلى الأرض مصاب بشيئ من  الاعاقة , لأن المعركة الحامية التي انتقلت الى دمشق وحلب  , بعد ان شملت كافة المناطق السورية الأخرى , تظهر نوعا من الوهن العسكري , الجيش  يتداعى  تحت وطأة  الانشقاقات والاختطافات والضربات المؤلمة , وذلك بالرغم من استخدامه للممنوع والمسموح من الأسلحة  , وبالرغم  من ما يقال عن تفانيه, واستعانته بالشبابيح  وغيرهم من أهل فارس  ولبنان , بقيت الأرض السورية بمعظمها  عصية على الطاعة للأسد  , كل ذلك بالاضافة الى اصابة  حتى الأركان وأضيق الخلايا  بالاختراق والاحتراق , حيث ذهب ضحية هذه الرهموجة من العنف  القريب الحبيب  والغريب الصديق ..لانصر  هنا  ولا انتصار هناك  , وذلك  بالرغم من بركات البوطي  والمرشد العام للجمهورية الاسلامية ,وبالرغم من تأكيدات الله  والمهدي لهم بنصر مبين .
لاشك بأن  معركة الفضائيات  لاتقل أهمية عن معركة الدبابات , خسر الرئيس الأولى  , ومن يشاهد أشلاء الدبابات على مشارف المدن  يجب أن يشك  في انتصاره بالثانية  , هذا ناهيكم عن العزلة والعقوبات  وأسعار البنزين والمحرقات , وحرقة قلب الأم  على ولدها , الذي استلمته  في حالة الممات ..لاتحزني يا أم   عمر , الله أعطى , والأسد أخذ..لك وله طول العمر .
 وعن حرب الفضائيات , فالعبر تأتي من الجمهورية الليبية العظمى , حرب هذه الفضائيات كان  أشد وطأة على القذافي من حرب الطائرات والدبابات , ونتائج مشابهة يمكن استخلاصها من سوريا , حيث  تعاني السلطة من هذه الحرب بشكل واضح ,  الا أن من أهم اسباب الاستقطاب الاعلامي  ضد النظام  , هي سهولة  تجريح هذا النظام , ولهذه السهولة علاقة أساسية  بفشله  وبممارساته , الحل الأمني  هو الجرح الذي  يمكن لأعداء النظام ذر الملح به , كما أن قصة النظام ليست بتلك  البياض  بما يخص  احترامه لكرامة المواطن والاذلال والفساد   والدموية  والفوقية والطائفية والفشل  في مجمل الواجبات , وتوظيفه المنحط  للمقاومة والممانعة  واتجاره بقضية فلسطين .
الحرب الاعلامية  ونتائجها  لاتتعلق فقط مع الخصم ,وانما تتعلق أيضا  بوسائل الاعلام المؤيدة , الفاقدة للمهنية والصدق  والشفافية  والسجينة لتصور سوفييتي , وماذا ننتظر من نتائج  حرب اعلامية  يقودها  على الجانب الأسدي  أشخاص مثل طالب ابراهيم وشريف شحادة وخالد العبود  ومعد محمد من نتائج الا الهزيمة الصاعقة ؟ , اميون اعلاميا  ومقلسون اخلاقيا , ومقدراتهم محصورة ومحدودة بالسباب والشتائم  والممارسات الجنونية .
على الرغم من الهزائم  , ان كانت نسبية أو مطلقة , وعلى الرغم من أن رئاسة الرئيس ليست ملذة له في هذه الأوقات  , فلا يمكن توقع رحيله طوعا , حيث تنطبق عليه  نفس الاعتبارات القذافية  النفسية ..عناد ..تجاهل الواقع .. التيقن من الغيب ..عدم  ادراك وجود  فاصل بينه وبين الدولة ..الدولة هو , وهو الدولة , والاعتياد على  القدرة المطلقة  , ثم عدم امكانيته تصور  اي قوة  تخرج عن طاعته ..حتى الله !,  اضافة الى خروج السلطة الغير مسؤول عن الشرعية الدولية  , وعدم الاكتراث  بالقررات الدولية , ثم عدم الاحساس بها   لعدم تملكه  الحس السياسي ,  اذ لايستطيع تقييم  نتائج  المروق على القانون الدولي  ولا يستطيع  ادراك كارثية ذلك , وقد سبقه الى هذه الممارسة صدام حسين , حيث قيل ان صدام  لايعرف  العالم  الخارجي  لأنه لم يفارق العراق الا الى الحج وأداء العمرة , وأكبر الظن على أن  ثقافة الأسد  السياسية  شبيهة بثقافة صدام ,  وذلك على الرغم من العديد من الزيارات الى  الخارج  , التي انتهى معظمها   بما يشبه الفياسكو   , كزيارته الى ألمانيا, حيث تكلم كما يتكلم  في القرداحة  , مما أدى الى فشل الزيارة  في تحقيق  ماهو مطلوب منها  , وهو المساعدات  والتنمية , واذا  لم يهتم الأسد  بموضوع المساعدات  , لأنه  لايجوع ولا يبرد  ولايسكن خيمة , فان المواطن السوري مهتم بالمساعدات  , أكثر من اهتمامه  بريتورك شعارات  الأسد  حول  الممانعة والمقاومة  وغير ذلك من الكلام الأجوف والخالي من كل مضمون للمقاومة والممانعة .
الأسد  سيقاتل حتى النهاية  , وربما يدور في رأسه    شيئ حول الثورة  في ايران أو الجزائر , حيث تمكن الملالي في ايران من قمع الثورة  , وحيث كلف قمع الثورة في جزائر بو تفليقة  حياة 200000  مواطن مدني , ولو استطاع  الأسد  ممارسة التفكير  لعرف على أن الوضع السوري مختلف تماما , فالشعب السوري  لايتكون من 99% شيعة , وفي الجزائر  لم يناصر الثورة هناك أحد  خلال ثماني سنوات من الصراع احد من الخارج , وخاصة الخارج القوي سياسيا وعسكريا واقتصاديا .
الامكانية الوحيدة  التي بقيت  , هي امكانية  ازمان الحرب الأهلية  , حيث يبقى الأسد يكر ويفر  وينزف الوطن  , آملا  الوصول الى نهاية  عن طريق  تراجع  الثوار رأفة بالوطن ,  وهذه الامكانية   ضعيفة جدا  , لأن  حكم آل الأسد جرح المجتمع حتى العظم  خلال نصف قرن من الزمن , وكما أن الأسد لايهتم الا بالأسود   , كذلك  فان  الطرف الآخر لايهتم الا  بالتكبير  , وحتى الوطن بالنسبة  لهم  صغير , وهكذا فان سوريا آلت الى فكي كماشة  ,كلهم  يمارسون تخريبها , والنتيجة الحتمية  في هذه هي فشل سوريا كدولة ,  وولادة  امارة القرداحة وولاية قندهار !.  أجمل التهاني !

هل نحن بعيدين عن امارة القرداحة وولاية قندهار ؟” comment for

  1. شكرا على المقال , الا انه من غير المتوقع قيام ولاية القرداحة ولا امارة قندهار , وقد كنت أظن ذلك حتى قبل أيام .
    مايحدث الآن في القرداحة يتضمن رمزية ضخمة وموضوعية لاتقل ضخامة عن الرمزيةهناك تظاهرات وهناك حرب بين العائلات , وهناك خوف منطقي من جرجرت الطائفة العلوية الى مصير الأسد , لامصلحة لأكثرية هذه الطائفة في الحروب الطائفية التي أضرم الأسد نارها , لامصلحة لأحد في قتل الآخر ولا مصلحة لأحد في أن يقتل , وما حدث في القرداحة هو صورة عن الغليان العقلاني الذي أصاب العديد من المدن والقرى , التي عليها يوميا استقبال الجثث , يقول فؤاد حميري ان 20000 من الطائفة العلوية قتلوا في الأحداث , لماذا ؟ ومن أجل ماذا ؟
    من قتل من الطائفة ليس من اصحاب المليارات , وانما من الشعب الفقير , الذي لاناقة له ولا جمل في أفعال الأسد , يجب الكف عن شيطنة الطائفة وعن تجريمها ككل , فحمشو السني لايقل لصوصية عن رامي , وبشر اليازجي المسيحي لايقل اجراما عن محمد الأسد العلوي , يجب النظر الى النظام كسلطة متعددة الأقطاب وليست علوية بحتة , ومن يتعامل مع الطائفة العلوية مقتديا بمبدأ التعميم لايقل عن غيره اجراما .
    احداث القرداحة هي دلالة على بداية يقظة , كان لها أن تحدث منذ فترة , الا أنها حدثت الآن , وهذه اليقظة هي الدلالة الأكيدة على أن موضوع الامارات والولايات غير متوقع , ستصبح سوريا قريبا دولة مدنية , وسينتهي التطرف الكلامي الذي يمارسه بعض من الثوار ..كلام غريب عن الوجدان السوري , الذي ليس بتلك الانحطاط الذي يعبر عنه هذا الكلام

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *